تكلمنا فى الدروس السابقة عن مفسدات الاخوة
وما هى واسبابها
فالمحبة بين المؤمنين والتآلف والتآخي شأن عظيم وخطر جليل
فقد جعل الله عز وجل الأخوة سمة المؤمنين في الدنيا والآخرة
قال تعالى:
]إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ[
[الحجرات: 10]
وقال جل وعلا:
]وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ
إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ[
[الحجر:47].
المفسدة الأولى
الطَمعُ في الدّنيَا أوْ فيما عند الناس
وهل من علاقة بين المحبة بين اثنين وطمع أحدهما أو كليهما في الدنيا؟
والجواب ـ بلا تردد ـ
نعم
إذا وجد الطمع في الدنيا والنظر إلى ما بأيدي الناس
كان أكبر طارد لمحبة الناس
كما قال رسول الله :
((ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس))
().
وقال تعالى:
]وَلا تَمُدَّنَ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ
أَزْوَاجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ
وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى[
[طـه:131].
فكم من أخوين كانا متحابين متصافيين
يصعب على كل منهما فراق الآخر
تغيرت نفوسهما بعدما تعرضا للدنيا وتنافسا في النيل منها...
المفسدة الثانية
التّفْريط في الطّاعَاتِ والوقوع في المخالفات الشّرْعيَّة
فبقدر ما ترى في أخيك من تقى وصلاح بقدر ما تصفو له وتحبه...
وبقدر ما يملأ جو الصداقة أو الصحبة
ويعطره من ذكر وعبادة وتذكر للآخرة واهتمام بطاعة الله والدعوة إليه،
بقدر ما تقوى وتدوم هذه الصحبة ويزداد حب الصاحبين كل منهما للآخر...
أما إذا نضبت ساعات الصحبة من الذكر أو العبادة
أو التناصح والتذكير بالآخرة والتحميس للدعوة
فإن الجفاف يحل في هذه العلاقة ويجد اللغو والجدل فيها مرتعًا.
وكذا تحل قسوة القلب والملل، وينفتح باللغو أبواب للشرور واختلاف القلوب...
ثم تأتي الذنوب لتكون الحاجز الذي يفصم عرى الأخوة
ويفرق بين الصاحبين، ففي الحديث الصحيح: (
(ما تواد اثنان في الله فيفرق بينهما إلا بذنب يحدثه أحدهما))
().
المفسدة الثالثة
الحدة وعلو الصوت في مخاطبتك لأخيك
أو
مناقشتك معه والكلام الخشن
وهذا باب واسع يدخل الشيطان منه لإيقاع التنافر والتباغض بين الإخوان
وأول هذا الأمر أن يعتقد البعض أن شدة قربه من أخيه
تبيح له ترك مراعاة الأدب في الحديث ويسمى ذلك خطأ: رفع الكلفة
ولا يمكن أن يكون المراد برفع الكلفة رفع الأدب والحياء
وإنما رفع الكلفة بانبساط النفس
والسهولة في التعامل مع بقاء الأدب والحياء
والمحافظة على كل ما يرشد إليه الشرع من خلق أو سلوك.
ومن المظاهر التي يتمثل فيها الإخلال بأدب الحديث
والتي تفسد المحبة والعلاقة بين الأصحاب:
الحدة وعلو الصوت في مخاطبتك لأخيك أو مناقشتك معه والكلام الخشن:
فإن ذلك يشعر أخاك بتغير قلبك نحوه كما يشعره بالإهانة
مع كونه مخالفًا للسمت العام الذي ينبغي أن يكون عليه المسلم
وقد قص الله علينا وصايا لقمان وهو يؤدب ولده ويعظه لنستفيد منها فقال:
]وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ
إِنَّ أَنْكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ[
[لقمان: 19].
المفسدة الرابعة
بُــرُودُ العَاطِفَةِ
فإن أخوة بلا عاطفة وبلا شوق أو حنين من القلب إلى الصاحب
هي أخوة قاصرة يوشك أن تختل أو يعتريها الفتور
ويشعر كل من الصاحبين فيها بثقل الحقوق
فإن الشوق وحنين القلب والعاطفة الجياشة كل ذلك
وقود يديم الأخوة ويعمل على تساميها ورفعتها
ويخفف على النفس القيام بحقوقها بل يجعل كلاً من الصاحبين
يتلذذ بالقيام بحقوق الأخوة...
ومثل هذه الأخوة التي لها مرتكزاتها في القلب أو العاطفة مع مرتكزاتها
في العقل أيضًا تجعل للحياة طعمًا آخر ولذة لا يدركها إلا من ذاقها
هذا بأختصار ما تكلمنا عنه
بالدروس الثلاثة الماضية
ونكمل بمشيئة الله وعونه
انتظرونا