منتدي شباب إمياي

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدي شباب إمياي

مجلس الحكماء

التسجيل السريع

:الأســـــم
:كلمة السـر
 تذكرنــي؟
 
مفسدَاتُ الأُخوَّةِ::: الدرس الثالث:::  Support


    مفسدَاتُ الأُخوَّةِ::: الدرس الثالث:::

    أبو مصعب
    أبو مصعب
    صاحب مكان
    صاحب مكان


    النوع : ذكر
    عدد المشاركات : 1004
    العمر : 45
    تاريخ التسجيل : 28/05/2010
    البلد : مفسدَاتُ الأُخوَّةِ::: الدرس الثالث:::  3dflag23
    الهواية : مفسدَاتُ الأُخوَّةِ::: الدرس الثالث:::  Readin10
    مزاجي النهاردة : مفسدَاتُ الأُخوَّةِ::: الدرس الثالث:::  Pi-ca-20

    مفسدَاتُ الأُخوَّةِ::: الدرس الثالث:::  Empty مفسدَاتُ الأُخوَّةِ::: الدرس الثالث:::

    مُساهمة من طرف أبو مصعب 6/4/2011, 7:34 pm

    نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة







    المفسدة الثالثة

    نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة



    وهذا باب واسع يدخل الشيطان منه لإيقاع التنافر والتباغض بين الإخوان

    وأول هذا الأمر

    أن يعتقد البعض أن شدة قربه من أخيه تبيح له ترك مراعاة الأدب في الحديث

    ويسمى ذلك خطأ:

    رفع الكلفة

    ولا يمكن أن يكون المراد برفع الكلفة رفع الأدب والحياء

    وإنما رفع الكلفة بانبساط النفس والسهولة في التعامل مع بقاء الأدب والحياء

    والمحافظة على كل ما يرشد إليه الشرع من خلق أو سلوك.

    ومن المظاهر التي يتمثل فيها الإخلال بأدب الحديث

    والتي تفسد المحبة والعلاقة بين الأصحاب:

    الحدة وعلو الصوت في مخاطبتك لأخيك أو مناقشتك معه والكلام الخشن:


    فإن ذلك يشعر أخاك بتغير قلبك نحوه كما يشعره بالإهانة

    مع كونه مخالفًا للسمت العام

    الذي ينبغي أن يكون عليه المسلم

    وقد قص الله علينا وصايا لقمان وهو يؤدب ولده ويعظه

    لنستفيد منها فقال:

    ]وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ

    إِنَّ أَنْكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِي
    رِ[

    [لقمان: 19].

    ومما ينبغي للأخ مع أخيه في الحديث

    أن يلزم الكلمة الطيبة اللينة اللطيفة العفيفة

    ويحذر من الكلام الخشن والكلام الذي يستحيا منه

    أو ينفر منه أصحاب المروءة

    وقد قال صلى الله عليه وسلم

    : ((أطيبوا الكلام))

    ()

    وفي الحديث الصحيح():

    ((لم يكن رسول الله فاحشًا ولا متفحشًا))

    ولنا فيه أسوة حسنة

    وقال علي رضي الله عنه:

    "من لانت كلمته وجبت محبته"

    ().

    عدم الإصغاء إليه

    وعدم الإقبال عليه بوجهك إذا سلم عليك أو حدثك

    أو عدم تقديره واحترامه والاهتمام به:

    نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

    ومن عدم الإصغاء وعدم الإقبال أن تقطع حديثه أو تتلفت

    وتتشاغل عنه وهو يكلمك.

    قال بعض السلف :

    "إن الرجل ليحدثني بالحديث أعرفه قبل أن تلده أمه

    فيحملني حسن الأدب على الاستماع إليه حتى يفرغ"


    ().

    قال أحدهم:



    وتراه يصغي للحديثِ بسمعهِ

    وبِقلبه ولعَله أدْرَى به



    وتأمل الخلق العظيم للنبى

    وهو يسمع عتبة وهو مشرك فلا يقاطعه

    حتى إذا سكت قال له :

    ((أقد فرغت يا أبا الوليد))

    ().

    ومن عدم الأدب في الحديث

    أن تستهلك الوقت كله لتتحدث عن نفسك أو لتقول ما تريد

    وتريد من صاحبك أن يصغي إليك في الوقت

    الذي لا تدع له فرصة كهذه ولا تهتم بالإصغاء إلى ما يقول.

    ومما ينبغي أن نتفطن له دائمًا أن لكل إنسان مهما كان مستواه الاجتماعي

    ومهما كان عمره بحاجة أن يشعر باحترام الآخرين وتقديرهم له

    حتى الصغير.

    وحين يشعر الإنسان بتقدير الآخرين له

    ويطمئن إلى أنهم يحترمونه حينئذ لا يشعر بأدنى حساسية

    ولا يجد غضاضة حتى من العمل والخدمة لهم ليل نهار

    ما دام قد اطمأن إلى وجود التقدير والاحترام وانتفاء الإهمال والاحتقار.

    وبعض المغرورين لا يحسن احترام الآخرين بحجة الخوف عليهم من الغرور

    ونحن ما طلبنا منه إطراءهم أو المبالغة في مدحهم

    لكن مجرد التقدير والاحترام الذي يجعلك أنت أولاً مهذبًا محترمًا.

    ولكي تكون دمث الأخلاق مع غيرك محترمًا لهم

    تأمل في جوانب الحسن والإيجابية فيهم

    فكلما عرفت الصفات الحسنة في الشخص ازداد حبك وتقديرك واحترامك له.

    إن مجرد مناداة أخ بكلمة

    (يا أخ فلان)

    بدلاً من (يا فلان)


    تشعره بهذا الاحترام والتقدير والعاطفة الحية

    والود وإن لم يكن فيها شئ من الإطراء أو ما يوجب الغرور

    فتأمل!

    كذلك يشعر من تحدثه بالتقدير والود حين تناديه بكنيته

    أو بأحب الأسماء إليه كبيرًا كان أو صغيرًا

    وقد كنى رسول الله

    بعض الصبيان كما في قوله:

    ((يا أبا عمير ما فعل النغير))()

    وكما قال بعض السلف:

    إن مما يصفي لك ود أخيك أن تبدأه السلام إذا لقيته

    وتوسع له في المجلس وتناديه بأحب أسمائه إليه().

    ومن الأشياء ذات الأثر الإيجابي على الناس أن تحفظ أسماءهم

    وإن نسيتها أو جهلتها لا تتحرج أن تسألهم عنها

    بأسلوب التعارف المهذب لا بأسلوب التحقيق المريب

    فإن سؤالك عنها يدل على اهتمامك بهم

    وذلك خير من أن تترك سؤالهم عنها حياءً فيكون له أثر سلبي عليهم

    إذ قد يفسرونه بعدم الاهتمام.

    ومن تقديرك لمحدثك أن لا تسفهه إذا أشار بأمر بل اطلب رأيه

    في بعض الأمور فربما انفتح لك باب من التفكير

    أو على الأقل تكون قد أشعرته بالتقدير والاحترام

    إن لم يكن رأيه محلاً للقبول

    ().

    وسيأتي مزيد من ذلك مع بيان هديه في الإصغاء لأصحابه

    وإعطائهم الفرصة لبسط الحديث().

    الاجتراء عليه في المُزاح

    ():

    فإذا كان المزاح اليسير في أدب وبالحق

    يضفي على العلاقة بين الأخوين مزيدًا من العذوبة والمحبة والأنس

    فإن المزاح الثقيل

    وتجاوز حد الأدب فيه من أسرع ما يفسد العلاقة بين اثنين.



    الرفقُ يمْنٌ وخير القولِ أصدَقُه

    وكثرةُ المزحِ مفتاحُ العداواتِ()




    نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة



    ومن صور ذلك أن تجترئ على أخيك في المزاح بضربة مهينة

    أو كلمة نابية أو تتعرض لما يكره التعرض له من حاله

    وخصوصياته وأهل بيته ونحو ذلك

    أو أن تناديه بغير ما يحب, وتظن ذلك من رفع الكلفة

    ورفع الكلفة لا يعني هجران الآداب الشرعية والتوجيهات النبوية.

    فعليك بالاقتصاد في المزاح

    والحذر من الإسراف ومن سيئ المزاح الذي يجافي الطيب من القول

    ويجلب الخصومة وتغير القلب

    فإن المزاح إذا خرج عن حد الآداب والاقتصاد

    كما يذهب بهيبتك فإنه يجلب لصاحبك الهم والغم والغيظ والنفور.

    كما أن المزاح أو مجرد الكلام

    إذا كان فيه تهاون في تقدير الصاحب واحترامه

    فإنه يجرح قلبه ويؤلم نفسه فيندم على صحبته لك.

    وربما كان مزاحك الثقيل سببًا لسماعك ما تكره

    أو سببًا لكره الآخرين أو احتقارهم لك

    وقد قال بعضهم:

    إياك وكثرة المزاح فإن السفيه يجترئ عليك، واللبيب يحقد عليك.

    كذلك ينبغي للصاحب أن لا يتعجل في المزاح مع صاحبه

    ولو كان مزاحًا مقبولاً

    ولا يكثر في الكلام قبل أن تكشف طبيعة صاحبه

    ويعرف أبعاده النفسية فالبعض قد يأتي المزاح معه بآثار سلبية..

    والبعض يكره المزاح جملة وينفر منه...

    والبعض يناسبه لون ما من المزاح ولا يناسبه لون آخر...

    وهكذا.

    المراء أو الجدل و كثرة المعارضة له:

    نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

    مع ما يصحب ذلك من الاعتداد بالرأي أو كثرة النقد أو التعالم فيه

    أو استخدام العبارات اللاذعة التي تجرحه في فهمه أو تفكيره واستيعابه

    فإن (من أشد الأسباب إثارة للحقد والحسد بين الإخوان المماراة)

    ()

    التي تجنح بالطرفين بعيدًا عن الإخلاص في طلب الحق وأداء الواجب

    أو التي تجنح بهما إلى ما غمض، ولا يتوفر فيه أدلة واضحة

    أو التي تجنح بأحدهما إلى الإصرار على الحديث

    بعدما بدا له أن لا نتيجة إلا زيادة الشر وتغير القلوب.

    ولا يبعث على المماراة في هذه الصور

    (إلا إظهار التميز بزيادة الفضل والعقل واحتقار المردود عليه

    ومن مارى أخاه فقد نسبه إلى الجهل والحمق

    أو الغفلة والسهو عن فهم الشيء على ما هو عليه

    وكل ذلك استحقار وهو يوغر الصدر

    ويوجب العداوة وهو ضد الأخوة
    )

    ().

    وكان يقال:

    لا تمار حليمًا ولا سفيهًا فإن الحليم يقليك، وإن السفيه يؤذيك

    ().

    والمسلم لا يستطيع الانضباط في هذه القضية إلا إذا ملك لسانه

    وسيطر على زمامه بقوة فكبحه حيث يجب الصمت

    وضبطه حين يريد المقال

    أما الذين تقودهم ألسنتهم فإنما تقودهم إلى مصارعهم.

    والإنسان نهي عن الجدل والمماراة في القرآن وأمور الدين

    ()

    وأولى كذلك أن يترك الجدل في أمور الدنيا وتوافه الأمور

    التي لا يترتب على سكوته عنها حدوث منكر.

    (ذلك أن هناك أحوالاً تستبد بالنفس وتغري بالمغالبة

    وتجعل المرء يناوش غيره بالحديث ويصيد الشبهات

    التي تَدْعم جانبه والعبارات التي تروج حجته

    فيكون حب الانتصار عنده أهم من إظهار الحق

    وتبرز طبائع العناد والأثرة في صورة منكرة

    لا يبقى معها مكان لتبين أو طمأنينة

    والإسلام يُنَفِّرُ من هذه الأحوال

    ويعدها خطرًا على الدين والفضيلة.

    وهناك أناس أوتوا بسطة في ألسنتهم تغريهم بالاشتباك مع العالم والجاهل

    وتجعل الكلام لديهم شهوة غالبة، فهم لا يملونه أبدًا.

    وهذا الصنف إذا سلط ذلاقته على شئون الناس أساء

    وإذا سلطها على حقائق الدين شوه جمالها وأضاع هيبتها.

    وقد سخط الإسلام أشد السخط على هذا الفريق الثرثار المتقعر

    قال النبي

    : ((إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم))

    ()

    وقال:

    ((ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل))

    ().

    هذا الصنف لا يقف ببسطة لسانه عند حد، إنه يريد الكلام فحسب

    يريد أن يباهي به ويستطيل

    إن الألفاظ تأتي في المرتبة الأولى، والمعاني في المرتبة الثانية

    أما الغرض النبيل فربما كان له موضع أخير

    ورما عزّ له موضع وسط هذا الصخب...

    والجدال في الدين, والجدال في السياسة

    والجدال في العلوم والآداب، عندما يتصدى له هذا النفر من الأدعياء البلغاء

    يفسد به الدين، وتفسد به السياسة والعلوم والآداب

    ولعل السبب في الانهيار العمراني والتحزب الفقهي

    والانقسام الطائفي وغير ذلك

    مما أصاب الأمة الإسلامية هو هذا الجدل في حقائق الدين وشئون الحياة.

    والجدل أبعد شيء عن البحث النزيه والاستدلال الموفق)().

    لكل ذلك قال صلى الله عليه وسلم:

    ((أنا زعيم بيت في ربض الجنة لمن ترك المراء ولو كان محقًا))

    ()

    فالجدل حول كل صغيرة وكبيرة

    يؤدي لاختلاف القلوب.


    ولذا فعليك أخا الإسلام

    إذا لاحظت أن الحديث قد اتجه للجدل أن تنسحب منه بلطف

    وعليك أيضًا إذا حدثت أحدًا أن لا تستفزه لمجادلتك

    فلا تحرجه أمام الناس

    ولا تهدده بأنك ستعرّفه كيف أنه لا يعلم شيئًا

    ونحو ذلك من الكلمات

    بل استخرج الكوامن الطيبة التي في نفسه كأن تقول له:

    أنا أعرف أنك لو تبين لك الحق في المسألة فلن تتركه

    أو لعل كلامك يوضح لي أمرًا أنا غافل عنه

    وسأكون سعيدًا بمعرفة خطئي ورجوعي للصواب

    ...إلخ

    فأنت تفتح بذلك بابًا له ولك للخروج من مأزق الجدل والمكابرة

    ()

    وتسد باب التمادي في الخطأ رغم وضوحه.

    نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة



    وبعض الناس للأسف يؤثر الجدل والتمادي في الخطأ على الرجوع للحق

    وذلك مما يفسد العلاقة مع الآخرين

    وليس عيبًا بل شجاعة أن تعود للصواب

    وتشكر من وضح لك خطأك

    ولا تطيل الذيل في الحديث بغية التبرير رغم وضوح الخطأ

    فهذا مما ينقصك عند الناس

    ويرونك حينئذ في أقبح صورة ويفقدون الثقة بكل ما تقول بعد ذلك

    وعليك أن تتفادى الخطأ من البداية

    فقل:

    لا أدري، إن كنت لا تدري.

    وهذا عالم كبير معروف على مستوى الأمة

    وهو الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله

    مع علمه ومكانته يقول في بعض المواقف:

    (سأنظر ـ سأبحث المسألة)

    ولا يحط ذلك من قدره

    وقد يتسرع من هو دونه في الفتيا والحديث فيخطئ

    فإذا اعْتُرِضَ عليه لجّ في الجدل والمكابرة

    نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

    واعلم أن النقاش مع صاحبك إذا تطور لكثرة الجدل والمراء

    فإنه كما يذهب بهيبتك فإنه يجلب لك ولصاحبك الهم والغم

    ونفس المحب تتأثر بأدنى قدر من المراء فإذا كثر ندم على صحبته لك.



    النقد اللاذع الجارح للمشاعر:

    فمما يفسد جو الحديث ويفسد الأخوة النقد اللاذع والتعالم في النقد

    كقولك لأخيك:

    كل ما قلته ساقط لا أصل له من الصحة

    أو أنت في وادٍ آخر

    ...إلخ.

    وحسن الأدب كان ينبغي أن يحملك على أن تقول له:

    ولكن ما قلته يحتاج إلى وقفة وتأمل في بعض النقاط

    أو في ذهني شيء آخر

    أو عندي رأي آخر أود أن تسمعه وتبدي لي ملاحظتك

    أو نحو ذلك.

    يقول الدكتور عبد الله الخاطر رحمه الله:

    (الناس يحبون من يصحح الخطأ دون أن يجرح المشاعر)

    ويضرب مثلاً في ذلك في أحد الكتب

    (أن شخصًا ألقى خطابًا "محاضرة" في عدد كبير

    ولكنها كانت طويلة وفيها تفصيل ملَّ الناس

    فجاء إلى زوجته فقال: ما رأيك في المحاضرة؟

    قالت: هذا الموضوع يصلح مقالة رصينة في مجلة علمية متخصصة

    وقد فهم منه ذلك المحاضر أن الموضوع لا يصلح للمحاضرة.

    وهذا أسلوب طيب يبرز جوانب إيجابية

    يقدم بها لمسألة النقد

    فرجل جاء يستشيرك في أن يعمل في التجارة تقول له:

    أنت رجل ذو قلم وفكر ولا تدع ذلك المجال

    إذا رأيت أنه لا يصلح للتجارة وهو مبرز في ذلك المجال

    وهكذا فلا تطرح القضية بأسلوب

    "أنت ما تصلح لكذا"

    ولكن بأسلوب

    "أنت تصلح لغير ذلك".

    ويحدث في المجالس أن يتكلم أحد الناس بأسلوب طيب جدًا

    ثم يخطئ خطأ في نهاية الحديث

    فنجد البعض يتوقف عند الخطأ ويأمره بالتوقف عن الكلام.

    ولكن الأسلوب الصحيح أن يقدم من يريد النقد الإيجابيات

    فيقول: أنا أوافق المتحدث في كذا وكذا

    ولكن النقطة الأخيرة لي عليها ملاحظات

    فيبدأ بالإيجابيات

    ثم يصحح فيكون ذلك أدعى أن يتقبل المتحدث الملاحظات

    دون الدخول في جدل لا طائل من ورائه.

    وكذلك نطبق القاعدة:

    "نبدأ بالقضايا المتفق عليها"

    ثم بعد ذلك نناقش القضايا الأخرى)

    ().

    نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة





    مازال للدرس بقيه



    نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


    أبو مصعب
    أبو مصعب
    صاحب مكان
    صاحب مكان


    النوع : ذكر
    عدد المشاركات : 1004
    العمر : 45
    تاريخ التسجيل : 28/05/2010
    البلد : مفسدَاتُ الأُخوَّةِ::: الدرس الثالث:::  3dflag23
    الهواية : مفسدَاتُ الأُخوَّةِ::: الدرس الثالث:::  Readin10
    مزاجي النهاردة : مفسدَاتُ الأُخوَّةِ::: الدرس الثالث:::  Pi-ca-20

    مفسدَاتُ الأُخوَّةِ::: الدرس الثالث:::  Empty رد: مفسدَاتُ الأُخوَّةِ::: الدرس الثالث:::

    مُساهمة من طرف أبو مصعب 6/4/2011, 7:43 pm



    المفسدة الرابعة

    بــرُودُ العَاطفةِ

    نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة



    نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة



    فإن أخوة بلا عاطفة وبلا شوق أو حنين من القلب

    إلى الصاحب هي أخوة قاصرة يوشك أن تختل أو يعتريها الفتور

    ويشعر كل من الصاحبين فيها بثقل الحقوق

    فإن الشوق وحنين القلب والعاطفة الجياشة كل ذلك

    وقود يديم الأخوة ويعمل على تساميها ورفعتها

    ويخفف على النفس القيام بحقوقها بل يجعل كلاً من الصاحبين

    يتلذذ بالقيام بحقوق الأخوة...

    ومثل هذه الأخوة التي لها مرتكزاتها في القلب

    أو العاطفة مع مرتكزاتها في العقل أيضًا تجعل للحياة طعمًا آخر

    ولذة لا يدركها إلا من ذاقها...

    وبعض الناس يميل إلى إلغاء هذه الجوانب العاطفية

    والقلبية من معاني الأخوة بحجة أن المحبة

    هي القيام بالحقوق والواجبات المعروفة من طريق الشرع

    ولا ينبغي أن يشغل الصاحب نفسه بتلك العواطف

    تجاه صاحبه ما دام قائمًا بالحقوق التي يعرفها تجاه أخيه.



    فلِلكثافَةِ أقوامٌ لها خُلِقُوا

    وللمحبَّةِ أكبادٌ وأجْفَانٌ


    ()



    ومثل هذا الفريق من الناس يحلو له أن يفسر أي محبة تفسيرًا ي

    بعدها عن العاطفة...

    بما في ذلك محبة العبد لربه عز وجل أو لنبيه مكتفيًا بترديد قول القائل

    ():



    لو كان حبّك صادِقًا لأطعْتَه

    إن المحبَّ لمن يُحِبُّ مُطِع




    وهو قول صحيح ولكن المستدل به

    في هذا الموطن يرتب عليه أشياء غير صحيحة

    حيث ينفي ما سوى الطاعة من معاني المحبة فيحصر المحبة في الطاعة فحسب

    ولا يعظم أمر العاطفة القلبية التي هي محبة أيضًا

    وعرفت من طريق الشرع كذلك كالحقوق والواجبات.

    فلا شك أن العاطفة القلبية تجاه المحبوب جزء من المحبة الشرعية

    كما قال صلى الله عليه وسلم ـ

    لما أتى برجل يشرب الخمر فلعنه رجل من القوم ـ

    : ((لا تلعنوه فوالله ما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله))

    ().

    وعرف التاريخ

    من يشرب الخمر ثم يصر على الخروج للقتال في سبيل الله

    لأنه يحب الله ورسوله

    ()

    وقد أنصف شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله

    حين تحدث عن بدعة المولد فنبه إلى أن أولئك المبتدعة

    قد يحصل لهم ثواب

    لا على بدعتهم تلك لكن على ما في قلوبهم من الحب أو التعظيم للرسول



    ، يعني إذا كان ذلك هو الدافع الحقيقي لهم

    ويحاسبون مع ذلك على بدعتهم إذا كانوا عالمين بما فيها من المخالفة

    ولا ينتفي عنهم الخطأ.

    إذن هناك عاطفة خاصة في القلب تمثل ركنًا في المحبة

    عاطفة تجعل المحب يشتاق لرؤية محبوبه ومجالسته

    وسماع حديثه ويأنس به ويفرح بلقائه فتعلوا وجهه البشاشة والتبسم والبشر...

    في الحديث الصحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت:

    جاء رجل من الأنصار إلى النبي فقال:

    يا رسول الله إنك أحب إليّ من نفسي

    وأحب إليَّ من أهلي، وأحب إليَّ من ولدي

    وإني لأكون في البيت فأذكرك فما أصبر حتى آتيك فأنظر إليك

    وإذا ذكرت موتي وموتك عرفت أنك

    إذا دخلتَ الجنة رفعت مع النبيين

    وإن دخلتُ الجنة خشيتُ أن لا أراك

    ().

    نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

    ولو كان كل ما يربط هذا الرجل بالرسول

    صلى الله عليه وسلم

    من معاني المحبة طاعته، فذلك ينتهي بانتهاء الدنيا إذ لا تكليف في الجنة.

    .. ولكن كان في قلب هذا الرجل عاطفة وشوق لرسوله

    صلى الله عليه وسلم

    وذلك لا ينقطع ولا يزول بانتهاء التكليف.

    وفي رواية أنه جاء إلى رسول الله
    صلى الله عليه وسلم

    وهو محزون فقال له صلى الله عليه وسلم

    : ((يا فلان مالي أراك محزونًا؟))

    فقال :

    يا نبي الله, شئ فكرت فيه. فقال: ((ما هو؟))

    قال: نحن نغدو عليك ونروح, ننظر إلى وجهك

    ونجالسك, وغدًا ترفع مع النبيين فلا نصل إليك...

    فلم يرد عليه النبي
    صلى الله عليه وسلم

    شيئًا حتى أتاه جبريل بهذه الآية: ]

    وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ

    فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ

    وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ

    وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً
    [

    [النساء:69]

    فبشره

    ().

    فتأمل ما يشغل قلب هذا الصحابي بعد دخوله الجنة وفوزه بنعيمها

    يشغله عدم رؤيته للرسول
    صلى الله عليه وسلم

    ... محبة قلبية عظيمة وعاطفة صادقة جياشة...

    تلك العاطفة التي تجعل الصحابة رضوان الله عليهم

    كما يشتاقون لرؤيته
    صلى الله عليه وسلم

    يشتاق بعضهم لرؤية بعض...

    تلك العاطفة التي تجعل رجلاً عظيمًا كعمر بن الخطاب رضي الله عنه

    يذكر بعض أصحابه في الليل فيشتاق لرؤياه

    ولقائه فيعد الساعات إلى الصباح فإذا أصبح انطلق ليلقاه...

    روى الإمام أحمد في الزهد وابن أبي الدنيا في الإخوان

    أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه

    كان يذكر الأخ من إخوانه بالليل

    فيقول: ما أطولها من ليلة

    فإذا صلى الغداة غدا إليه فإذا لقيه التزمه أو اعتنقه

    ().

    نعم...

    تلك العاطفة التي تجعل الأخ يشتاق إلى أخيه والصاحب إلى صاحبه...

    حتى يود لو لم يفارقه في حياة ولا موت...

    وما أجمل قول القائل:



    يا ليتني أحيا بقربهمُ

    فَتَكونُ داري بين دُورِهِم

    فإذا فقدتُّهم انقضى عمري

    ويكون بين قُبُورِهمْ قَبْرِي




    وهذا آخر يقول:



    وما تبدلت مذ فارَقْتُ قربكم

    هل يُسَرُّ بسكنى دارِه أحد

    إلا همومًا أعانِيهَا وأحزانًا

    وليس أحبابه للدارِ جيرَانًا


    ()



    وثالث يقول:



    كنا نزوركم والدار جَامِعة

    صِرْنا نقدِرُ وقتًا في زيارتكم

    في كلَّ حال فلمَّا شَطت الدار

    وليس للشَّوقِ في الأحْشَاء مقدارُ




    ويقول آخر:



    ومن عَجَبٍ أني أحِنُّ إليهم

    وتطلبُهُم عَيْنِي وهُمْ في سَوَادِها

    وأسأل عنهم مَنْ لقيتُ وهم مَعِي

    ويشْتاقُهُم قَلْبِي وهُمْ بين أضلعي

    ()




    ومن أجمل قول بعضهم:



    فإن يَكُ عن لقَائك غابَ وجْهي

    ولم يَغِبِ الثّنَاءُ عليك منَّي

    وما زالتْ تَتَوقَّ إليكَ نفْسي

    فلَمْ تَغِبْ المودَّةُ والإِخَاءُ

    بظهْرِ الغيبِ يَتْبَعُه الدعَاءُ

    على الحالاتِ يَحدُوهَا الوَفَاءُ




    وتأمل قول أحدهم ـ

    وهو يعبر عن فرح قلبه بإخوانه وشوقه إليهم

    ـ:



    متى شمَّ المحب لكمْ نَسِيمًا

    ففي فسح القُلوبِ لكم ديارٌ

    أتُسْعِدُنا بقرْبِكم الليَالي

    أحبتنا... وحفظُ الودَّ دَيْنٌ

    تلت عيْنَاه آيَ المرسلات

    وذا معْنَى القلوبِ العَامِراتِ

    وصبح الوصل يمحو القاطعات

    ونحن على العهودِ السَّالفَاتِ






    نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة



    ولا شك أن صدق العاطفة يورث الفرحة بلقاء الأحبة...

    كما أن إظهار الفرح باللقاء ينمي العاطفة

    وكذلك البشاشة والتبسم وحسن الاستقبال والسلام

    كل ذلك يقرب القلوب ويعطف بعضها على بعض...

    ولذلك قال رسول الله
    صلى الله عليه وسلم:

    ((لا تحقرن من المعروف شيئًا ولو أن تلق أخاك بوجه طلق))

    وقال أيضًا:

    ((تبسمك في وجه أخيك لك صدقة))

    ()

    وقال
    صلى الله عليه وسلم:

    ((لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولن تؤمنوا حتى تحابوا

    أو لا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم
    ))

    ().

    وصدق عمر رضي الله عنه إذ يقول: لقاء الإخوان جلاء الأحزان().

    وسئل سفيان: ما هناء العيش؟ قال: لقاء الإخوان()...

    وقد أصاب رحمه الله... فإن إخوان الصدق ـ كما قيل

    ()

    ـ زينة في الرخاء وعصمة في البلاء

    وإن رؤيتهم تفرح القلب وتريح النفس وتزيل الغم.

    والعاطفة الصادقة هي التي تجعل المحب

    يؤثر أحبابه على نفسه ولو بما به قوام الحياة...

    ويخاف عليهم كما يخاف على نفسه أو أشد

    ويشق عليه أدنى كدر أو أذى يصيبهم.

    قال بعض السلف:

    إن الذباب ليقع على صديقي فيشق عليّ.

    والمؤمن الصادق في حبه لأخيه يضحي براحته

    ليريح أخاه ويضحي بماله ليمنح أخاه

    بل قد بلغ إيثاره لأخيه وخوفه عليه أن يعرض حياته للخطر من أجله

    والأمثلة في هذا وغيره كثيرة مشهورة

    حفلت بها حياة الصحابة الكرام وسلفنا الصالح

    فمنها:

    ذلك اللقاء التاريخي الحافل بين المهاجرين والأنصار

    وليس يربطهم قرابة نسب ولا دم

    وإنما ربطتهم قرابة العقيدة وأخوة الإيمان..

    الأنصار في المدينة بكل مشاعر الحب، بكل مشاعر الإخاء،...

    كلهم يتسابق في إيواء المهاجرين ومشاطرتهم المال والمتاع

    فكان الأنصاري يطلق من نسائه ليجد المهاجري امرأة يتزوجها

    ()

    ويترك أحب ماله هبة لأخيه حتى أن الواقدي يذكر أن الرسول

    صلى الله عليه وسلم

    لما تحول من بني عمرو بن عوف في قباء إلى المدينة

    تحول أصحابه من المهاجرين فتنافست فيهم الأنصار

    أن ينزلوا عليهم حتى اقترعوا فيهم بالسهمان

    فما نزل أحد منهم على أحد إلا بقرعة سهم

    )...)().

    هكذا مزج هذا الدين بن أرواح أصحابه بهذه الصورة العجيبة

    ]لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا

    مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ
    [

    [الأنفال: 63]

    ...

    إنه أعظم لقاء أذن الله به لصفحات التاريخ لتسجله عبر سطور الزمان

    وتفخر به على مر السنين والأيام...

    إنه لقاء الحب وتضحية العقيدة والإيمان...

    ]وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ

    يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ

    وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً

    مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ

    وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ

    فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
    [

    [الحشر:9].

    ترى أي عاطفة حية قامت بقلب كل واحد منهم تجاه أخيه

    وأي شفقة جعلتهم يرتقون إلى هذا المستوى السامق من الإيثار والتضحية

    ()...

    ترى لو بردت هذه العاطفة وخمدت المحبة التي في القلب

    هل كانوا يقوون على هذا المستوى من الإيثار والتضحية؟

    إن المحبة القلبية هي التي تحرك الإنسان لأشياء كثيرة

    وقلب المحب دليل لصاحبه إلى التفاني في خدمة محبوبه...

    وحين تكون هذه المحبة محبة إيمانية فإنها تقود إلى العجائب...

    وتأمل قوله تعالى وهو يذكر إيثار الأنصار للمهاجرين فيقدم لذلك بقوله:

    ]وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ

    يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ
    ...[

    [الحشر:9].

    فذكر جل وعلا محبتهم لإخوانهم وأن ذلك ظهر في إيثارهم لهم

    ولم يقل جل وعلا: إن إيثارهم لإخوانهم كان ـ مثلاً ـ

    تلبية مجردة لأمر من رسول الله
    صلى الله عليه وسلم

    لا علاقة لها بالعواطف ومحبة القلوب... كلا ...

    فتلك ليست الصورة المثلى للعلاقة بين الإخوان أو الأحبة

    وإنما يصنع المحب ما يصنع تجاه أخيه مدفوعًا بالدافعين معًا:

    دافع المحبة القلبية والعاطفة الصادقة

    ودافع التخلق بآداب الشرع وأحكامه...

    وكل ذلك مما أتى به الشرع وكان عليه الصحابة الكرام والسلف الصالح

    ... وحين نفرط في آداب الشرع

    أو حين تبرد العاطفة تتعرض الأخوة للذبول والفساد.

    وتأمل تلك العاطفة الكامنة وراء خوف الصاحب على صاحبه

    وحرصه على راحته وإيثاره له فيما رواه

    مصعب بن أحمد بن مصعب

    قال: قدم أبو محمد المروزي إلى بغداد يريد مكة

    وكنت أحب أن أصحبه، فأتيته واستأذنته في الصحبة

    فلم يأذن لي في تلك السنة.

    ثم قدم سنة ثانية وثالثة فأتيته فسلمت عليه وسألته

    فقال:

    اعزم على شرط: يكون أحدنا الأمير لا يخالفه الآخر

    فقلت: أنت الأمير. فقال: لا بل أنت

    فقلت: أنت أسن وأولى. فقال: لا تعصني.

    فقلت: نعم ـ

    وما درى مصعب أن المروزي قبل الإدارة لخدمة أخيه لا لاستخدامه

    وليعلِّم كل أمير قوم أن يكون خادمًا ومحبًا لهم

    وعطوفًا عليهم ورحيمًا بهم ـ

    قال مصعب:

    فخرجت معه

    وكان إذا حضر الطعام يؤثرني فإذا عارضته بشيء

    قال: ألم أشرط عليك أن لا تخالفني!

    فكان هذا دأبنا حتى ندمت على صحبته لما يُلحق نفسه من الضرر.

    فأصابنا في بعض الأيام مطر شديد ونحن نسير فقال لي:

    يا أبا أحمد اطلب الميل().

    ثم قال لي: اقعد في أصله، فأقعدني في أصله

    وجعل يديه على الميل وهو قائم قد حنا عليَّ

    وعليه كساء قد تجلل به يظلني من المطر

    حتى تمنيت أني لم أخرج معه لما يلحق نفسه من الضرر.

    فلم يزل هذا دأبه حتى دخل مكة رحمة الله عليه

    نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

    وإن العاطفة الصادقة الحية هي التي تجعل الأخ يدعو لمحبوبه بظهر الغيب...

    ويذكره في الأوقات الفاضلة...

    وقد كان الإمام أحمد رحمه الله يدعو لنفر من إخوانه في السحر بأسمائهم..

    وقد رغبنا رسول الله في ذلك وما ترك شيئًا

    يكمل الأخوة والمحبة بين المسلمين إلا علمنا إياه

    فقال
    صلى الله عليه وسلم

    : ((دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة))

    ().

    وقل أن يتذكر الإنسان إخوانه والمبتلين من المسلمين

    إذا تجرد قلبه عن العاطفة والشفقة...

    ومن ثم يندر أن يدعو لأحد بظهر الغيب...

    اللهم إلا لو كان له مصلحة عند أخيه أو له مراد ما في منازعة

    جرت بينهما فيدعو لأخيه أن يلين قلبه وينصلح حاله

    وهذا يعني من وجهة نظره أن يقتنع أخوه بوجهة نظره ويترك منازعته

    ويتجمل بهذا الدعاء في المجالس

    فيقول: إن فلانًا الذي تظنون أنني أعاديه

    أحبه وأدعو له بظهر الغيب، فإذا قيل له:

    بم تدعو له بظهر الغيب؟

    قال: أدعو له بالهداية والرجوع إلى الحق.

    ونحو ذلك.

    وليس هذا بالضرورة علامة محبة

    بل قد يكون أقرب إلى السب من الحب

    يجعل الدعاء متنفسًا له ينتقص فيه أخاه ويضعه موضع الضال المقصر

    والمنحرف الجاهلي وغير ذلك...

    ولذا لا تجده مثلاً يدعو له مع ذلك بأن يسكنه الله الفردوس الأعلى

    أو أن يقر عينه بماله وولده وأهله ويبارك له في عمره

    ويرزقه السعادة التامة وعلو الشأن في الدارين إلى آخره

    من دعاء المحبين لإخوانهم...

    وإن العاطفة الحية هي التي تجعل المحب يقوم بسائر حقوق الأخوة

    تجاه أخيه قبل أن يعاتبه أخوه أو يذكره بها أحد، فتراه يدافع عنه في غيبته

    ويخف إلى مساعدته في أموره وإنجاز حوائجه

    ويحب له ما يحب لنفسه، ويفرح بالنعمة التي تصيبه

    كما لو كانت قد أصابته هو

    فقلبه طاهر من الغل والحقد والحسد والمكر واللؤم

    فقلبه صافٍ لأحبابه وإخوانه صفاء أفئدة الطير...

    وكل هذه المعاني يدفعنا إليها رسولنا
    صلى الله عليه وسلم

    دفعًا ليعيننا على تطهير قلوبنا ويرغبنا أعظم ترغيب ويحذرنا أقوى تحذير...

    فهو القائل صلوات الله وسلامه عليه:

    ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه))

    ()،

    وهو القائل
    صلى الله عليه وسلم

    : ((يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير))

    ()، وهو القائل صلوات الله وسلامه عليه:

    ((علام يقتل أحدكم أخاه ـ يعني بالعين أو الحسد ـ

    إذا رأى أحدكم من أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة
    ))

    ().

    والعاطفة الصادقة هي التي تجعل المحب يسارع إلى تبشير المحبوب

    بما يسره ويحرص على أن يكون أسبق الناس إلى ذلك

    لما يجده من السرور والسعادة حين يجد أخاه مسرورًا...

    وكذلك يسارع إلى تهنئته بما يتحقق له من نعمة...

    ولدينا نموذج لذلك في قصة توبة كعب بن مالك رضي الله عنه كما سيأتي().

    والعاطفة الصادقة هي التي تجعل المحب يريد ما يريده أخوه

    ويحب ما يحبه، قال أحدهم:



    روحه روحي وروحي روحُه

    إن يشأ شئتُ وإن شئتُ يشأ


    نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة



    والعاطفة الصادقة هي التي تجعل المحب

    يشعر بفقد أخيه إذا غاب ويتألم لفراقه

    هذا الشعور الذي يعبر عنه قول أحد الشعراء وهو يرثي صاحبه:



    فلما تفرقنا كأني ومالكًا

    لطولِ اجتماعٍ لم نبت ليلة معًا




    أو الذي يعبر عنه آخر حين يقول:



    أنا المهاجِرُ ذو نفْسَين، واحِدة

    تسِير بها نَفْسِي وأخرى رهن إخوان




    أو الذي يعبر عنه ثالث فيقول:



    وجدتُ مصيبات الزمانِ جميعها

    سِوَى فرقة الأحباب هيَّنَة الخطْب




    وما أرق وداع المحبين لأحبابهم في أسفارهم وفي مواطن افتراقهم...

    يقول أحدهم:



    ودَعِ الصبرَ محب ودعك

    يقرع السنَّ على أن لم يكنْ

    ذائع من سرّه ما اسْتَودَعك

    زادَ في تلكَ الخُطَى إذا شيَّعَك




    ويقول آخر:



    أبا بكر لئن صرفتك عنا

    فلم نرْحَلْ بأنفُسِنا ولكن

    فقدتُ بفقْدِك الودَّ المصفَّى

    أشَيعُه إلى سفر كأني

    وما ودعتُه إلا ونفسي

    ولا أتبعْتُه باللّحْظ إلا

    وكان الشهْرُ قبْل اليومِ يومًا

    تصاريفُ الحوادثِ والدُّهُورِ

    بمحضِ الشوقِ عن مُهَجِ الصدورِ

    وأخلاقًا تكشِفُ عن بُدور

    أشيع والديَّ إلى القبور

    تودعني بتَوْديع السرُورِ

    رددت اللحظ عن طرفٍ حسير

    فصَارَ اليومُ بعدَكَ كالشُّهْور




    وإن العاطفة الصادقة هي التي تجعل المحب يدرك قيمة إخوانه

    ويعد فقدانهم أعظم خسارة وأشد غربة.

    قال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه لابنه الحسن:

    يا بني، الغريب من ليس له حبيب

    ().

    وقال ابن المعتز:

    من اتخذ إخوانًا كانوا له أعوانًا().

    وقال خالد بن صفوان: إن أعجز الناس من قصّر في طلب الإخوان

    وأعجز منه من ضيّع من ظفر به منهم().

    وقال بعض الأدباء:

    أفضل الذخائر أخ وفيّ

    ().

    وقال بعض البلغاء:

    صديق مساعد عضد وساعد().

    وقال بعض الشعراء:



    هموم رجالٍ في أمورٍ كثيرةٍ

    نكونُ كروحٍ بين جسمين قُسَّمَت

    وهمَّي من الدنيا صديقٌ مساعِدُ

    فجسماهما جسمان، والروح واحد()




    وقال الكندي:

    الصديق إنسان هو أنت إلا أنه غيرك().

    وقال أيوب السختياني:

    إذا بلغني موت أخٍ لي فكأنما سقط عضو مني().

    وقال بعض الحكماء:

    من لم يرغب في الإخوان بلي بالعدواة والخذلان().

    ولعمري إن إخوان الصدق من أنفس الذخائَر

    وأفضل العدد؛ لأنهم سهمان النفوس ـ أي نصيبها ـ وأولياء النوائب().

    وقد قالت الحكماء:

    رب صديق أود من شقيق().

    وقيل لمعاوية:

    أيما أحب إليك؟ قال: صديق يحببني إلى الناس().

    وقال ابن المعتز:

    القريب بعداوته بعيد، والبعيد بمودته قريب().

    وقال الشاعر:



    يَخُونك ذو القرْبَى مِرارًا وربما

    وَفّى لك عندَ العهْدِ من لا تُناسِبُه()




    والعاطفة الصادقة هي التي تجعل المحب حريصًا على صاحبه

    وإن قصر معه صاحبه

    ومن المحبين من يحرص على القرب من أحبابه

    وإن تباعدوا عنه ولا ينسى الدعاء لهم

    وهذا قمة المحبة والإخلاص والحرص على الأحباب.

    قال بعضهم:



    مَا ودَّني أحدٌ إلا بذلت له

    ولا جفَانِي وإن كنتُ المحبَّ له

    صفو المودةِ مِني آخرَ الأبَدِ

    إلا دعوْتُ له الرحمنَ بالرشَدِ()




    (وقال الشاطبي:



    وقد قيل كُنْ كال****ِ يقْصِيه أهلُه

    وما يأتلي في نصحِهم متبذلا




    وذلك أن ال**** يضرب ويجفى ويُقصى

    ولا يزداد إلى قربًا ودنوًا من أصحابه

    وفي قصة أصحاب الكهف وشأن ****هم معهم ذكرى وعبرة)().

    ولبعض المحبين ملحظ آخر وذلك

    أنهم تباعدوا أو بتعبير أدق باعدوا أنفسهم عن أحبابهم

    مع ما في ذلك من المشقة على نفوسهم لما رأوهم يحبون ذلك

    إدخالاً للسرور عليهم وحرصًا على راحتهم لا غضبًا أو بغضًا.

    قال أحدهم:



    رأيتك لا تختارُ إلا تباعُدِي

    فبعدك يؤذيني وقربي لكم أذى

    فباعدتُ نفسي لاتبَاع هوَاكا

    فكيف احتيالي يا من جعلتُ فِدَاكا




    وهذا يقودنا إلى مسألة التفاوت بين حب كل من الصاحبين لصاحبه

    وهي مسألة مؤثرة في النفس،

    أعني حين تشعر أن صاحبك لا يحبك مثل ذاك الحب الشديد

    الذي تجده في نفسك تجاهه

    ولكن يهون ذلك عليك ويخففه تلك البشرى العظيمة

    التي بشر بها المصطفى
    صلى الله عليه وسلم المحبين حين قال:

    ((ما من رجلين تحابا في الله بظهر الغيب

    إلا كان أحبهما إلى الله

    أشدهما حبًا لصاحبه)
    )

    نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة



    والبعض تتألم نفسه حين يجد أن صاحبه لا يبادله المحبة بنفس القدر أو المستوى

    وفي الحقيقة هذه مسألة ينبغي أن يكون الإنسان فيها أكثر مرونة

    وأن يتقبلها أو يضعها في حجمها الطبيعي

    فالغالب في المتحابين أن حبهم لبعضهم لا يتساوى

    ويقل أن تجد متحابين يتساوى قدر حب كل واحد منهما للآخر تمامًا...

    ومن طريف ما روي عن رجل صادق في محبته لصاحبه

    شديد الشوق إليه

    ما رواه قدامة بن جعفر أن رجلاً كتب إلى آخر:

    إن رأيت أن تحدد لي موعدًا لزيارتك أتوقته إلى وقت

    فيؤنسني إلى حين فافعل.

    فأجابه الآخر:

    أخاف أن أعدك وعدًا يعرض دون الوفاء به ما لا أملك دفعه

    فتكون الحسرة أعظم من الفرقة.

    فأجابه: إنما أسر بموعدك وأكون جذلاً بانتظارك

    فإن عاق عائق عن إنجاز وعدك كنت قد ربحت السرور لما أحبه

    وأصبت أجري على الحسرة بما حرمته.

    ولا يخلو صاحبك الذي لا تشعر منه بنفس القدر

    أو المستوى من المحبة الذي تتجه به إليه من أحد حالين:

    إما أنه لا يحب مصاحبتك أصلاً

    وإما أنه يحب صحبتك ومؤاخاتك ولكن حبك له أكثر.

    أما الحالة الأخيرة فيسيرة، ولتحتسب فيها الأجر والثواب

    واعذر فيها صاحبك، وهي نعمة وفضل من الله عليك

    وكفاك في ذلك ما سبق في الحديث الصحيح:

    ((ما تحاب رجلان في الله تعالى إلا كان أفضلهما أشدُهما حبًا لصاحبه))

    ().

    وأما إن كان صاحبك لا يحب مصاحبتك أصلاً

    ولا يرعاك إلا تكلفًا أو على كره

    فاترك صحبته ولا تفرض عليه أخوة خاصة

    ومن الخير أن تبقى العلاقة معبر في إطار محبة الإسلام العامة وكفى.

    يروى عن الشافعي رحمه الله():



    إذا المرءُ لا يرعَاك إلا تكلفًا

    ففِي الناسِ أبدالٌ وفي الترك راحةٌ

    فما كل من تهْواه يهواك قلبُه

    إذا لم يكن صفوُ الوداد طبيعة

    ولا خير في خِلّ يخُون خليله

    وينكرُ عيشًا قد تّقَادم عهدُه

    سلامٌ على الدنيَا إذا لم يكن بها

    فدَعْه ولا تُكثِرْ عليه التَّأسُّفَا

    وفي القلب صبر للحبيب ولو جفا

    ولا كلُ منْ صافيته لكَ قد صَفَا

    فلا خيرَ في ودّ يجيء تكلفَا

    ويلقَاه مِن بعدِ المودةِ بالجَفَا

    ويُظهرُ سرًا كان بالأمس في خَفَا

    صديق صدوق صادقُ الوعدِ منصَفَا


    نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

    انتهى الدرس الثالث

    اتمنى ان اكون افدتكم

    والى لقاء اخر

    لو سمحتم لى بذلك

    والله المستعان

    انتظرونا




    نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة




      الوقت/التاريخ الآن هو 26/11/2024, 6:10 am