نوال السعداوي .. ومحاولة النيل من ثوابت الشريعة
إن من أشد ما ابتليت به أمتنا الإسلامية في العصر الحديث، ذلك الغزو الفكري سواءً كان من الغرب أنفسهم، أو كان من أذنابهم من مدعي الثقافة والفكر الذين تشـربوا بأفكارهم المسمومة، حتى صاروا لها داعين، وعليها موالين ومعادين، ومن أمثال هؤلاء الدكتورة نوال السعداوي.
المولد والنشأة:
ولدت نوال السعداوي في 27 من أكتوبر عام 1930م، بمنطقة العباسية في القاهرة، وكان أبوها أزهريًّا، تخرج من أكبر المعاهد الدينية الشرعية في وقته وهي: الأزهر والقضاء الشرعي وكلية دار العلوم، ولكنه كان كما تصفه بأنه متمرد على الفهم الخاطئ للدين، على حد زعمها.
ولكن يتضح من كلامها عنه أنه لم يكن متمردًا على الفهم الخاطئ للدين، بل كان متمردًا على مفاهيم الدين برمته، ومعترضًا على كثير من ثوابته، فهي تقول عنه في كتابها (المرأة والدين والأخلاق): (كان أبي ضد تعدد الزوجات) [المرأة والدين والأخلاق، نوال السعداوي، ص(50)].
بل إنها تكشف بقلمها النقاب عن العوامل التي أثرت في نشأتها، فتحكي عن نقاشات طالما دارت بين أبيها بفهمه المتمرد للدين الإسلامي، وأخيه ـ عمها ـ بفهمه الصحيح للدين، فتقول: (بينما كان يرى عمي الشيخ أن النص ثابت ومقدس، كان أبي يرى أن عبادة النص مناقضة للإيمان، وليس ذلك إلا أحد موروثات الوثنية ... هكذا فهمت الدين عن أبي) [المرأة والدين والأخلاق، نوال السعداوي، ص(50)].
إذًا هكذا كان خطوات السعداوي الأولى في عالم الخرافات الفكرية، فهي ترى في صورة أبيها المتمرد على ثوابت الشريعة صورة الفهم الصحيح للإسلام!
مراحل حياتها:
تخرجت السعداوي في كلية الطب جامعة القاهرة في ديسمبر 1954م، وحصلت على بكالوريوس الطب والجراحة وتخصصت في مجال الأمراض الصدرية.
وبعد تخرجها بعام، عملت كطبيب امتياز في مستشفى القصر العيني الجامعية بالقاهرة، ولكنها فصلت بعد صدور ست قرارات من وزارة الصحة المصرية؛ بسبب خرافتها وافتراءتها الفكرية.
تزوجت السعداوي من الطبيب والروائي المصري شريف حتاتة، وهو روائي ماركسي، يشترك معها في تلك الترهات الفكرية، تحقيقًا لمعنى الآية الكريمة: {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ} [النور:26].
وفي عام 1982م، قامت بإنشاء جمعية تضامن المرأة العربية، وهي المنظمة العربية النسائية الوحيدة التي نالت المركز الاستشاري لحساب المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة لعام 1985م.
وبالطبع لم تمنح الجمعية ذلك الاعتراف لجهودها الطيبة، وخطواتها المباركة؛ بل لأنها رفعت شعارًا علنيًّا مفاده: (رفع الحجاب عن عقل المرأة)، بينما كانت ممارساتها كلها تنبؤ بأن الشعار الحقيقي هو: (رفع الحياء والعفة عن المرأة).
ويكفي أن تعلم ـ عزيزي القارئ ـ أن الجمعية أصدرت جريدة نسوية شهرية اسمها (مجلة نون)، في عام 1990م والتي تم إغلاقها بعدها بعام، كما تم إغلاق الجمعية أيضًا، بتهمة مخالفة الأحكام والآداب العامة وتهديد السلم الاجتماعي، وتم نفيها خارج مصر، لتقضي خمس سنوات، عادت بعدها لتكمل مسيرة ازدائها للإسلام، ومحاولة النيل من ثوابت الشريعة.
خرافتها الفكرية:
وقد أصدرت نوال السعداوي حتى الآن ما جاوز الأربعين كتابًا، ولكن أشهر وأخطر مؤلفاتها كتاب (المرأة والدين والأخلاق 2000م)، وكتاب (سقوط الإمام 1987م)، وغيرها من الكتب والروايات التي تعج بأفكارها المنحرفة.
وسلسلة التخرصات والافتراءات الفكرية لنوال السعداوي لا تنتهي، فحياتها تعج بمثل هذه الخرافات، والتي سنذكر طرفًا منها، جمعناه من أشهر كتبها (المرأة والدين والأخلاق)، والتي جمعت فيه مجموعة من أخطر تلك الفريَّات، ومن بعض تصريحاتها وآرائها الهدامة، وذلك كما يلي:
v تطاولها على الذات الإلهية:
حيث تقول: (إذا كان الله هو العدل والحرية والمساواة والكرامة والحق والجمال فهو موجود، بل لابد أن يقف مع المظلومين من النساء والرجال، ولا يقف مع الظالمين والحكام الأقوياء عالميًّا ومحليًّا وداخل العائلة) [المرأة والدين والأخلاق، نوال السعداوي، ص(227-228)].
فهي تدعي بصراحة أن الله عز وجل يقف مع الظالمين، تعالى الله عما تقول علوًّا كبيرًا، وهو القائل: {وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [آل عمران:182].
وهذا ما رد الدكتور سيد العفاني عليه قائلًا: (نقول لنوال السعداوي زعيمة المستنيرات: تطلقين مفهوم الألوهية والله على مجموعة من القيم والمثل، هل تجهلين وأنت على مشارف الثمانين أن لله ذاتًا، لها صفات تليق بجلالها) [أعلام وأقزام في ميزان الإسلام، د.سيد العفاني، ص(457)].
ولا تكتفِ الدكتورة نوال بذلك الحد من التطاول وسوء الأدب مع الله، بل تتعداه لتدخل نفسها في جدلية عقيمة، بل يقطر منها محاولة الإهانة الصـريحة للذات الإلهية، حين تدعي أن المشكلة الرئيسية في الأديان أنها تجعل من الإله الذكر أصل الوجود، بينما تحتفي بالعقائد الفرعونية؛ لأنها كان بها آلهة إناث وكانت لهن مكانة عالية.
وفي ذلك المعنى القبيح تقول: (ويثبت التاريخ المصري القديم أن تعدد الإلهات الإناث والآلهة الذكور كان هو السائد، وأن الإلهات كانت لهن مكانة عالية تعلو أحيانًا على الآلهة الذكور) [المرأة والدين والأخلاق، نوال السعداوي، ص(20)].
وفي تعقيب الدكتورة هبة رؤوف عزت وردها على تلك الهرطقة الفكرية، تقول: (أنا لا أدري كيف تجهل د.نوال السعداوي رغم سنوات العمر الطويلة هذه أن الله في الإسلام {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]، وأنه ليس ذكرًا أو أنثى وأن هذا هو جوهر التوحيد في الإسلام والذي يميزه عن أيَّة عقيدة أخرى) [تعقيب د.هبة رؤوف عزت على كتاب المرأة والدين والأخلاق، ص(257)].
v وصفها لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالمتمرد:
فقد قالت السعداوي في برنامج "نلتقي"، والذي يذاع على قناة دبي الفضائية: (الدين الإسلامي فيه تمرد والرسول محمد كان متمردًا على قريش حتى أنهم حاولوا قتله، ونحن لا نريد أن نكون متمردين كمحمد) [الصواعق السماوية علي منكري آيات الكتاب وصحيح السنة النبوية، راشد عبد المعطي محفوظ، ص(8)].
وهذه كلمات لا يفهم منها سوى أنها محاولة خبيثة للنيل من خير البشر صلى الله عليه وسلم، وكيف يكون محمد صلى الله عليه وسلم متمردًا، وهو الذي أرسله الله رحمة للعالمين؟!
v إزدراؤها للأديان السماوية:
حيث تقول ما نصه: (إن مشكلة الأديان بما فيها الأديان السماوية الثلاثة، أنها نشأت في ظل مجتمعات عبودية، ولهذا انعكست هذه الفلسفة العبودية الفردية في الأديان) [المرأة والدين والأخلاق، نوال السعداوي، ص(217)].
بينما ترى في مقطع آخر أن الأديان ليست وحيًّا من عند الله، بل هي كما تقول نتاج اجتماعي، فتقول: (إن الدين جزء من المجتمع، وهو نتاج من نتاجات المجتمع البشـري فكرًا وممارسة، وهو نتيجة لتفاعل عوامل اجتماعية وسياسية دولية ومحلية) [المرأة والدين والأخلاق، نوال السعداوي، ص(79-80)].
بل إنها تجعل ماديات الحياة في المقام الأول قبل الدين والتزام الشرع، فتقول: (إن لقمة العيش تأتي قبل الدين في الحياة البشـرية في أي مكان وزمان، ولا يمكن أن يفكر الإنسان في الدين إلا بعد أن يأكل) [المرأة والدين والأخلاق، نوال السعداوي، ص(107)].
v وصفها الحج بأنه من بقايا الوثنية:
ثم تضيف حلقة في ذلك العقد غير الفريد لأكاذيبها، ففي منتدى أقامته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" بتاريخ 10 مارس 2007، أجابت نوال السعداوي على سؤال عن سبب رفضها لفريضة الحج ـ وكأن لها الحق في ذلك ـ قائلة: (كل طقوس الحج جاءت قبل ظهور الأديان، وهذا هو جزء من التاريخ؛ فالحج ليس عبادة إسلامية فقط، فالإسلام جاء ليمنع تقبيل الحجر الأسود) [موقع بي بي سي http://news.bbc.co.uk].
بل إنها وصفت الحج في مقابلة مع جريدة الميدان المصرية الأسبوعية في عددها الصادر في 6 مارس 2001م، أنه (من بقايا الوثنية) [موقع الجزيرة نت www.aljazeera.net].
v دعوتها الصريحة إلى العلمانية:
ففي منتدى هيئة الإذاعة البريطانية، قالت نوال السعداوي: (أنا أرفض قيام الدولة الدينية، وأطالب بفصل الدين عن الدولة، وإلغاء المادة الثانية من الدستور المصري التي تعتبر الإسلام مصدر التشريعات) [موقع بي بي سي العربية http://news.bbc.co.uk]، وهذه كلمات فيها تأييد وتبنٍ صريح منها للعلمانية، وعداء جليٌّ واضحٌ للشريعة الإسلامية.
آخر الحلقات:
وكانت آخر حلقات سلسلة الحياة المخزية ـ وربما لن تكون الأخيرة ـ هي هروبها من مصر إلى بروكسيل عاصمة بلجيكا في عام 2007م، ومنها إلى ولاية فرجينيا في الولايات المتحدة الأمريكية، لترتمي في أحضان الحضارة الغربية التي تربت على أفكارها المسمومة، حتى صارت معولًا من معاول الحضارة الغربية التي تحاول هدم الإسلام، وهيهات أن تصل إلى ذلك.