مِنْ حِفْظِ الله تعالى لعباده المؤمنين، وتثبيته لإيمانهم، وزيادة يقينهم بدينهم أنه سبحانه وتعالى يريهم من آيات عظمته وقدرته، ويظهر لهم من إعجاز كتابه المنزل عليهم ما يربط على قلوبهم، ويدفع الشبه عنهم (وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى) [مريم:76] ولما ذكر سبحانه وتعالى ملائكة النار عليهم السلام وتقَّالَهم المشركون واستخفوا بعددهم علل سبحانه ذلك بقوله عز وجل: (لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آَمَنُوا إِيمَانًا) [المدَّثر:31].
وكتاب الله تعالى فيه من البيان والإعجاز ما يقطع بصدق النبي صلى الله عليه وسلم وأنه جاء بالحق من ربه تبارك وتعالى، ولا يبقى أمام المنكرين إلا الاستكبار والعناد ليس غير!!
هل تعلمون -يا أيها المسلمون- أن تحريم الخنزير في القرآن من أبين البراهين وأقوى الأدلة على نبوة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وعلى عالمية الإسلام، وعلى التحدي به لأقوى الأديان والأفكار إلى آخر الزمان، وليس هذا الكلام من باب المبالغة، أو لأننا ندين بالإسلام، كلا.. بل كل عاقل منصف ولو لم يدن بالإسلام لا يملك إلا أن يقول ذلك حين يعلم مكانة الخنزير عند العرب، مع علمه بآيات تحريمه.
لقد جاء تحريم الخنزير نصاً في القرآن (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ المَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ الله) [البقرة:173] وكُرر هذا التشديدُ فيه في سور المائدة والأنعام والنحل، ومعلوم أن تحريمه لما نزل لم تفتح بعد بلاد الروم ولا العجم، وليس في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على أنه يعرف الخنزير أو رآه، فيحتمل أنه رآه لما هاجر إلى الشام في شبابه، ويحتمل أنه لم يره، وأما هجرته للمدينة فإن اليهود يحرمونه فلا يوجد عندهم.
وأما أمة العرب في الجاهلية فكانوا لا يأكلونه؛ استقذارا له، أو هو مما بقي تحريمُه فيهم من دين الخليل عليه السلام؛ لأن الحنفاء فيهم كانوا يحرمونه اتباعاً لإبراهيم عليه السلام، ولم يكن في شِعر العرب ولا نثرهم ولا تاريخهم ذكرٌ له كما ذُكر غيره من بهيمة الأنعام، إلا أن نصارى العرب ومنهم تغلب كانوا يأكلونه، وكانت العرب تُعيرهم بذلك، كما هجا جريرٌ الأخطل بأنه يشم قفا الخنزير.. وأمة العرب كانوا يأكلون السباع إن وقعت في أيديهم واحتاجوا إليها، ويركبون الحمر الأهلية ويأكلونها إن احتاجوا بدليل أن تحريمها كان في خيبر.
ومع كل ذلك لا يأتي في القرآن نصٌ واحد على تحريم الحُمُر ولا كل ذي ناب من السباع، ولا كل ذي مخلب من الطير مع انتشار الحمر في العرب، وصيدهم لبعض السباع والطير، ويأتي تحريم الخنزير وهم لا يربونه ولا يستخدمونه بل كان أكثرهم لا يسمعون به ولا يعرفونه.. أليس هذا غريبا؟!
لكن الغرابة تزول حين نعلم أن الخنزير الآن هو الطعام الأكثر لأهل الأرض عدا المسلمين واليهود، وهم لا يزيدون على خمس الناس، فأربعةُ أخماس البشر يأكلون الخنزير.
أليس من أبين علامات النبوة أن يُبلغ النبي صلى الله عليه وسلم قرآناً يتكرر فيه أربع مرات تحريمُ حيوان لا يأكله العرب، وأكثرهم لا يعرفونه، ويحتمل أن المبلِّغ بتحريمه رآه ويحتمل أنه لم يره، ولا يأتي تحريم غيره من الحيوانات التي يعرفونها إلا في السنة النبوية؟! ثم يتبين بعد أربعة عشر قرناً أن تجارة الخنازير لا يكاد يضاهيها تجارة أخرى من سائر أنواع الحيوان.
إنها علامة بينه من علامات النبوة، وإنها لمن أكبر الأدلة على عالمية الإسلام، وأن الناس مخاطبون به في كل مكان إلى آخر الزمان، كما أنها آية عظيمة على أن القرآن ذكرٌ للعالمين، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم رحمة للناس أجمعين؛ ففي القرآن تحريم ما يضرهم، وهو كما قال الله تعالى (وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ) [القلم:52] وفي آية أخرى (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ) [الأنعام:90] والنبي صلى الله عليه وسلم أنصح الناس للناس (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) [الأنبياء:107] وفي آية أخرى (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) [سبأ:28].
إنها عالمية الإسلام التي تجاوزت حدود مكة وجزيرة العرب لتصل إلى أكلة الخنازير في كل مكان بالتحريم والبيان والإرشاد (أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ) [الأنعام:145] وتتخطى به حدود زمن الرسالة أو الفتوح أو عزِّ المسلمين؛ لتظهر حقيقة ذلك في زمن كان فيه أهلُ الخنزير وأكلتُه أقوى الأمم وأغناها، وكان المُصِّرون على تحريمه من المسلمين أضعف الأمم وأفقرها، فهل هذا إلا تثبيت من الله تعالى للمؤمنين أمام غزو الأعادي في الداخل والخارج؛ ليعلموا أن دين الله تعالى حق فيستمسكوا به، ويزدادوا إيمانا مع إيمانهم؟! (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ) [الرُّوم:60] وهل هو إلا كسر لحضارة العلو والاستكبار التي رضيت أن يكون أخبث مخلوق وأحطه وأقذره هو شعارها؟!
وإن العجبَ كلَّ العجب ليتملك قلب المؤمن حين ينظر لحضارة الخنازير وهو يقرأ وصف الأمة النصرانية بالضلال في كل ركعة يصليها.. إنها حضارة بلغت من العلم ما بلغت حتى حلقت مركباتها في السماء، وبلغت غواصاتها قعر المحيطات، واكتشفوا بأبحاثهم كثيراً من الأمراض الفتاكة في الخنازير، وهم من أحرص الشعوب على صحة أبدانهم وقوتها والعناية بها، ومع ذلك يأكلون ما يفتك بهم ويهلكهم بعلم وإصرار، فأي ضلال أعظم من هذا الضلال؟! ولقد صار الخنزير شعاراً لهذه الأمة الضالة يقتله المسيح عليه السلام إذا نزل في آخر الزمان ردَّاً عليهم لما أحلوه وقد حرمه الله تعالى، وإبطالاً لدينهم المحرف.
لقد كان في آيات تحريم الخنزير تحدياً لأرباب الحضارة المعاصرة وصُناعها وتُجارها، وكان هذا التحدي قبل أربعة عشر قرناً؛ ذلك أن الله تعالى حرَّم الخنزير تحريما قاطعا، وكان تحريمه في كل الشرائع الربانية السابقة بما فيها النصرانية التي حرفها بولس فأحلَّ الخنزير الذي حرمه عيسى عليه السلام، وبيان وجه هذا التحدي أن تجارة الخنزير من أعظم التجارات الرابحة؛ لسرعة نموه؛ ولتغذيه على كل شيء، ولاكتنازه باللحم والشحم، ولاستخدام جميع أجزائه فلا يرمى منه شيء حتى دمه الخبيث، إضافة إلى أن أنثاه تضع سبعة إلى عشرين في الحمل الواحد، ولا يوجد في بهيمة الأنعام مثل ذلك؛ مما أغرى أصحاب الحضارة المعاصرة -وهي حضارة مادية- بتربية الخنازير وأكلها مع علمهم بأضرارها، وكثرة أمراضها، بل بلغ من استكبارهم وعنايتهم بها أنهم يُصدرون مجلات دورية عالمية متخصصة في تربيتها، وكيفية اتقاء أمراضها المتكررة.
وكان فعلهم هذا تحدياً لله تعالى في شرائعه المنزلة التي حرمت الخنزير على لسان الرسل عليهم السلام؛ ليرتدوا الآن على خنازيرهم بالذبح والإفناء، وعزلها عن الناس، والبحث عن علاج لفيروسها الجديد الذي بدأ يفتك بالناس، وتحمِّل خسائر عظيمة من جراء ذلك، لم ينج من هذه الخسائر إلا من عملوا بشريعة الله تعالى فلم يجاوزوا ما أحل سبحانه لهم إلى ما حرم عز وجل عليهم، مع ابتلائهم بالخنازير في رخص أسعارها، وتوفر لحومها وشحومها، ولا سيما في البلاد التي تسمح بها، فكان ذلك من الابتلاء للمؤمنين؛ فمن ذا الذي يتحدى القوي القهار العزيز الجبار إلا من أهلك نفسه وأهلك من اتبعه في ضلاله وعتوه.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللهُ الوَاحِدُ القَهَّارُ * رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا العَزِيزُ الغَفَّارُ) [ص:66] بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم
وكتاب الله تعالى فيه من البيان والإعجاز ما يقطع بصدق النبي صلى الله عليه وسلم وأنه جاء بالحق من ربه تبارك وتعالى، ولا يبقى أمام المنكرين إلا الاستكبار والعناد ليس غير!!
هل تعلمون -يا أيها المسلمون- أن تحريم الخنزير في القرآن من أبين البراهين وأقوى الأدلة على نبوة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وعلى عالمية الإسلام، وعلى التحدي به لأقوى الأديان والأفكار إلى آخر الزمان، وليس هذا الكلام من باب المبالغة، أو لأننا ندين بالإسلام، كلا.. بل كل عاقل منصف ولو لم يدن بالإسلام لا يملك إلا أن يقول ذلك حين يعلم مكانة الخنزير عند العرب، مع علمه بآيات تحريمه.
لقد جاء تحريم الخنزير نصاً في القرآن (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ المَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ الله) [البقرة:173] وكُرر هذا التشديدُ فيه في سور المائدة والأنعام والنحل، ومعلوم أن تحريمه لما نزل لم تفتح بعد بلاد الروم ولا العجم، وليس في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على أنه يعرف الخنزير أو رآه، فيحتمل أنه رآه لما هاجر إلى الشام في شبابه، ويحتمل أنه لم يره، وأما هجرته للمدينة فإن اليهود يحرمونه فلا يوجد عندهم.
وأما أمة العرب في الجاهلية فكانوا لا يأكلونه؛ استقذارا له، أو هو مما بقي تحريمُه فيهم من دين الخليل عليه السلام؛ لأن الحنفاء فيهم كانوا يحرمونه اتباعاً لإبراهيم عليه السلام، ولم يكن في شِعر العرب ولا نثرهم ولا تاريخهم ذكرٌ له كما ذُكر غيره من بهيمة الأنعام، إلا أن نصارى العرب ومنهم تغلب كانوا يأكلونه، وكانت العرب تُعيرهم بذلك، كما هجا جريرٌ الأخطل بأنه يشم قفا الخنزير.. وأمة العرب كانوا يأكلون السباع إن وقعت في أيديهم واحتاجوا إليها، ويركبون الحمر الأهلية ويأكلونها إن احتاجوا بدليل أن تحريمها كان في خيبر.
ومع كل ذلك لا يأتي في القرآن نصٌ واحد على تحريم الحُمُر ولا كل ذي ناب من السباع، ولا كل ذي مخلب من الطير مع انتشار الحمر في العرب، وصيدهم لبعض السباع والطير، ويأتي تحريم الخنزير وهم لا يربونه ولا يستخدمونه بل كان أكثرهم لا يسمعون به ولا يعرفونه.. أليس هذا غريبا؟!
لكن الغرابة تزول حين نعلم أن الخنزير الآن هو الطعام الأكثر لأهل الأرض عدا المسلمين واليهود، وهم لا يزيدون على خمس الناس، فأربعةُ أخماس البشر يأكلون الخنزير.
أليس من أبين علامات النبوة أن يُبلغ النبي صلى الله عليه وسلم قرآناً يتكرر فيه أربع مرات تحريمُ حيوان لا يأكله العرب، وأكثرهم لا يعرفونه، ويحتمل أن المبلِّغ بتحريمه رآه ويحتمل أنه لم يره، ولا يأتي تحريم غيره من الحيوانات التي يعرفونها إلا في السنة النبوية؟! ثم يتبين بعد أربعة عشر قرناً أن تجارة الخنازير لا يكاد يضاهيها تجارة أخرى من سائر أنواع الحيوان.
إنها علامة بينه من علامات النبوة، وإنها لمن أكبر الأدلة على عالمية الإسلام، وأن الناس مخاطبون به في كل مكان إلى آخر الزمان، كما أنها آية عظيمة على أن القرآن ذكرٌ للعالمين، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم رحمة للناس أجمعين؛ ففي القرآن تحريم ما يضرهم، وهو كما قال الله تعالى (وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ) [القلم:52] وفي آية أخرى (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ) [الأنعام:90] والنبي صلى الله عليه وسلم أنصح الناس للناس (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) [الأنبياء:107] وفي آية أخرى (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) [سبأ:28].
إنها عالمية الإسلام التي تجاوزت حدود مكة وجزيرة العرب لتصل إلى أكلة الخنازير في كل مكان بالتحريم والبيان والإرشاد (أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ) [الأنعام:145] وتتخطى به حدود زمن الرسالة أو الفتوح أو عزِّ المسلمين؛ لتظهر حقيقة ذلك في زمن كان فيه أهلُ الخنزير وأكلتُه أقوى الأمم وأغناها، وكان المُصِّرون على تحريمه من المسلمين أضعف الأمم وأفقرها، فهل هذا إلا تثبيت من الله تعالى للمؤمنين أمام غزو الأعادي في الداخل والخارج؛ ليعلموا أن دين الله تعالى حق فيستمسكوا به، ويزدادوا إيمانا مع إيمانهم؟! (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ) [الرُّوم:60] وهل هو إلا كسر لحضارة العلو والاستكبار التي رضيت أن يكون أخبث مخلوق وأحطه وأقذره هو شعارها؟!
وإن العجبَ كلَّ العجب ليتملك قلب المؤمن حين ينظر لحضارة الخنازير وهو يقرأ وصف الأمة النصرانية بالضلال في كل ركعة يصليها.. إنها حضارة بلغت من العلم ما بلغت حتى حلقت مركباتها في السماء، وبلغت غواصاتها قعر المحيطات، واكتشفوا بأبحاثهم كثيراً من الأمراض الفتاكة في الخنازير، وهم من أحرص الشعوب على صحة أبدانهم وقوتها والعناية بها، ومع ذلك يأكلون ما يفتك بهم ويهلكهم بعلم وإصرار، فأي ضلال أعظم من هذا الضلال؟! ولقد صار الخنزير شعاراً لهذه الأمة الضالة يقتله المسيح عليه السلام إذا نزل في آخر الزمان ردَّاً عليهم لما أحلوه وقد حرمه الله تعالى، وإبطالاً لدينهم المحرف.
لقد كان في آيات تحريم الخنزير تحدياً لأرباب الحضارة المعاصرة وصُناعها وتُجارها، وكان هذا التحدي قبل أربعة عشر قرناً؛ ذلك أن الله تعالى حرَّم الخنزير تحريما قاطعا، وكان تحريمه في كل الشرائع الربانية السابقة بما فيها النصرانية التي حرفها بولس فأحلَّ الخنزير الذي حرمه عيسى عليه السلام، وبيان وجه هذا التحدي أن تجارة الخنزير من أعظم التجارات الرابحة؛ لسرعة نموه؛ ولتغذيه على كل شيء، ولاكتنازه باللحم والشحم، ولاستخدام جميع أجزائه فلا يرمى منه شيء حتى دمه الخبيث، إضافة إلى أن أنثاه تضع سبعة إلى عشرين في الحمل الواحد، ولا يوجد في بهيمة الأنعام مثل ذلك؛ مما أغرى أصحاب الحضارة المعاصرة -وهي حضارة مادية- بتربية الخنازير وأكلها مع علمهم بأضرارها، وكثرة أمراضها، بل بلغ من استكبارهم وعنايتهم بها أنهم يُصدرون مجلات دورية عالمية متخصصة في تربيتها، وكيفية اتقاء أمراضها المتكررة.
وكان فعلهم هذا تحدياً لله تعالى في شرائعه المنزلة التي حرمت الخنزير على لسان الرسل عليهم السلام؛ ليرتدوا الآن على خنازيرهم بالذبح والإفناء، وعزلها عن الناس، والبحث عن علاج لفيروسها الجديد الذي بدأ يفتك بالناس، وتحمِّل خسائر عظيمة من جراء ذلك، لم ينج من هذه الخسائر إلا من عملوا بشريعة الله تعالى فلم يجاوزوا ما أحل سبحانه لهم إلى ما حرم عز وجل عليهم، مع ابتلائهم بالخنازير في رخص أسعارها، وتوفر لحومها وشحومها، ولا سيما في البلاد التي تسمح بها، فكان ذلك من الابتلاء للمؤمنين؛ فمن ذا الذي يتحدى القوي القهار العزيز الجبار إلا من أهلك نفسه وأهلك من اتبعه في ضلاله وعتوه.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللهُ الوَاحِدُ القَهَّارُ * رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا العَزِيزُ الغَفَّارُ) [ص:66] بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم