قلت: هل الفاشلون حقاً ... غير ناجحين؟ قالت: سؤال تصعب إجابته علىً ... بحكم عمري الصغير... ولكن ماهي إجابتك وانت الأكبر عمرا وخبرة؟. قلت: لم أجد إجابة،
ولذا أسألك.
قالت: أوكيه.
اعتدلت في جلستها لتواجهني كأنها دخلت معركة،
وقالت: بشرط ... لا زعل ... ولا حبس للحريات.
قلت: موافق.
قالت مبتسمة: سؤالك خطأ، المفترض أن تبدأ مناقشتك بسؤال آخر، وهو: ماهو تعريف الفاشلين حالياً والناجحين حالياً؟
قلت: بداية رائعة... عندك حق.
قالت: ومن خلال تجربتي وتجربة جيلي وبعيداً عن النظريات والمثاليات،
لم تدع لي فرصة الرد وبدون توقف وفي غضب كأنها تخرج بركان بداخلها ولا تريده أن يتوقف،
قالت: الفاشلون اليوم أصبحوا هم: الطالب الناجح الذي لم يحصل على مجموع كبير يفوق 95%، الفاشلون اليوم هم الطبيب الذي تخرج ولم يجد وظيفة أو لم يحقق 4 عين(عيادة، عروسة، عزبة، عربية)، الفاشلون اليوم المرأة التي لم تتزوج وأصبحت عانس، أو الشاب الذي لا يذاكر برغم نبوغه لأنه مقتنع أنه لا فائدة من المذاكرة لأنه لن يجد وظيفة بعد التخرج، أو.... .
قاطعتها وقلت: كفى، لقد حولتي النقاش إلى ساحة اختلط فيها الفاشل والناجح. فكل الأمثلة التي قلتيها هم ناجحون.
قالت بسخرية: هذه مشكلتكم انتم الاجيال السابقة، مازلتم تحكمون علي الأمور بعقولكم "المتخلــ....."
سكتت استحياءاً.
قلت مبتسما: ماعليكي اكملي كلامك.. مفهوم ماقصديه...
قالت في أسف: اعذرني ، لم أقصد.
قلت: لن اغضب، ولنكن موضوعيين، توقفنا عندما قلت" المتخلــــ...".
.ابتسمت وقالت: قصدت أن أقول أن في ايامنا هذه تغيرت التعريفات، فالناجح لدينا غير الناجح لديكم، والفاشل لدينا غير الفاشل لديكم.
سكتت برهة، وهي تحك رأسها، ثم قالت: انظر حولك، وفي داخل أسرتك، وبين أبناء اصحابك، وفكر فيمن تراهم،... فكر في مشاعرهم وافكارهم، قد يكونوا حاصلين على أعلى الشهادات، ولديهم مهارات عالية، ولكن انظر في أعينهم لترى إن كانوا فاشلين أم ناجحين؟
نظرت إليها كأني أراها لأول مرة، فعمرها لا يتجاوز 23 عاماً، وهي في مرحلة التخرج الأخيرة من جامعتها المرموقة.
بعد فترة قلت: وانت ماذا تقولين عن نفسك؟
قالت ببرود: لا أدري.... فهل أنا أعتبر من الناجحين أم الفاشلين؟
واستطردت حينما رأت نظرات الدهشة في عيني وقالت: الإجابة سوف أعرفها بعد النجاح والحصول على الليسانس، وقد انتظر فترة أطول لأعرف من أكون؟.
قلت في غضب: اسالك عن رأيك الآن... هل انت ناجحة أم فاشلة، من أي الفريقين انت؟
قالت: تسألني بعقلية .....، مازلت نفكر بعقلية ماقبل الخمسين.
قلت: انها أمور لا يختلف فيها أثنان، النجاح والفشل... حقائق واقعية ملموسة وثابتة،
قالت: في هذه الايام لم تعد هناك حقائق واقعية ملموسة وثابتة ، فناجح اليوم قد يكون فاشل الغد، وفاشل اليوم قد يكون ناجح الغد.
قلت: كيف؟
قالت في ضيق كأنها تكلم من لا يفهم: سأعيد كلامي: ما رأيك في ناجح الثانوية الذي حصل على 90 % واعتبره اهله فاشلاً حتى أنهم لم يقولوا له "" والمسكين لم يشعر بحلاوة نجاحه.... هل تتوقع منه أن يحس أو يعرف أنه ناجح. والطبيب أو المهندس الذي دخل اعلى الجامعات سمعة وشهرة وتعب وسهر، وأخيرا تخرج ولم يجد إلا وظيفة براتب لا يكفيه لآخر الشهر وأصبح يحمل حقيبته ويدور 24 ساعة على المستوصفات والبيوت ليجمع مايكفيه... هل اذا سألته سيقول لك أنني ناجح؟ ... ما ذا ستقول عن طوابير العاطلين الذين يجلسون على المقاهي أو الكازينوهات هل نطلق عليهم لفظ الفاشلون؟
.قلت: ولكن...
بانفعال استمرت: وماذا تقول عن الآخرين الذين اصبحوا أغلبية وملأت سياراتهم الشوارع، وامتلأت سياراتهم بكروشهم المنتفخة من الكسب غير المشروع، أو العمل في الممنوع، وتسيدوا الناس لا بعلمهم أو بعملهم الشريف ، ولكن بالبلطجة والواسطة والرشوة والاتجار غير المشروع.
لذت بالصمت، ولم أجد إجابة.
قالت: هل نقول عنهم ... هم الناجحون؟!!!
لذت مرة أخرى بصمت أطول،،،
قالت في غضب: الإجابة أنه ... لا إجابة !!!!!
تركتها بدون استئذان، فمازالت صغيرتي منفعلة ، وأنا أصبحت أكثر حيرة... سرت بعيداً، وأنا مازلت أبحث عن وصف للناجحين والفاشلين !!!!!!!!!
منقووووول