يتوقع "علاقات باردة" لمصر الثورة مع "إسرائيل"
اللواء طلعت مسلم: نكسة يونيو أعادت لمصر قدرتها العسكرية آخر
1/1
أكد الخبير الاستراتيجي اللواء طلعت مسلم أن مرحلة ما بعد النكسة كانت إحياء لقدرات العسكرية المصرية، والتي تمثلت في استعادة قدرات الجيش المصري على مختلف النواحي، وإحداث حالة من الثقة داخله . ووصف اللواء مسلم في حديثه ل”الخليج” هذه الفترة بأنها كانت من الفترات الأكثر خصوبة في التاريخ المصري الحديث من حيث القدرات العسكرية . لافتاً إلى أن العقلية العسكري بعد 67 نجحت في تحقيق أهدافها، ما أسهم في استعادة الثقة بالمؤسسة العسكرية، والتغلب على آثار الهزيمة . وتناول مسلم المراحل التي استتبعت نكسة ،67 إلى أن وصلت إلى المرحلة الراهنة بقيام ثورة 25 يناير، وما شهدته من مكاسب، والتي كان لها دور كبير في دعم القضية الفلسطينية، وإعادة مصر لمكانتها، وهو ما تحقق إلى الآن بفتح معبر رفح بشكل نهائي من ناحية، وتحقيق المصالحة بين الفصائل الفلسطينية من ناحية أخرى، وتالياً تفاصيل ما دار:
كيف ترصد تطورات المشهد العسكري لمرحلة ما بعد نكسة ،67 وما صاحبها من تطورات على قدرات الجيش المصري؟
بداية، أرى أن الفترة التي تفصلنا عن نكسة 67 فاصل كبير، شهدت خلاله هذه الفترة تحولات عدة من نظام إلى آخر، ويمكن تقسيمها إلى مراحل عدة . المرحلة الأولى التي استتبعت النكسة، ثم المرحلة الثانية والتي كانت بوفاة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، وتولي الرئيس الراحل أنور السادات رئاسة البلاد، ثم المرحلة الثالثة والتي تولى فيها الرئيس السابق حسني مبارك مقاليد الحكم في مصر، إلى أن أصبحنا أمام المرحلة الرابعة وهي الحالية بقيام ثورة 25 يناير .
من هنا يمكن القول إن مرحلة ما بعد نكسة 67 كانت إحياءً حقيقياً للقدرات العسكرية للجيش المصري، وهو ما كانت له انعكاساته السياسية والاقتصادية، وحتى على مستوى الانعكاسات الاجتماعية، ولذلك كانت هذه الفترة بحق فترة رائعة، وتوصف بالثراء المصري في مختلف النواحي السياسية والعسكرية والاقتصادية .
برأيك، ما ملامح هذا الثراء في الجانبين العسكري والسياسي؟
في الجانب السياسي ظهرت حالة كبيرة من النضج لم يكن معهوداً من قبل، ما كان له دور إيجابي في المجتمع المصري، كما كانت له أيضاً انعكاسات على الوطن العربي، حيث أصبحنا أمام قدر من الجدية، بشكل يفوق ما قبل النكسة ذاتها، والذي كان يتسم بقدر من الاندفاع، فضلاً عن أنه يمكن رصد حالة من التمسك بالمبادئ والإصرار عليها، بعد النكسة، والسعي إلى إزالة آثار الهزيمة، بإحداث قدر من التوازن النفسي داخل المجتمع . أما في الجانب العسكري، فيمكن القول إنه في إطار استعادة قدرات الجيش المصري على مختلف النواحي، وإحداث حالة من الثقة داخله، فقد كانت هذه الفترة من فترات الجيش المصري الأكثر خصوبة في التاريخ المصري الحديث من الناحية العسكرية .
وهل تعتقد أن هذا الجانب العسكري نجح في تحقيق أهدافه، بما كان تأهيلا للجيش المصري في استعادة الثقة، والتغلب على آثار الهزيمة كما ذكرت، إيذاناً بالإعداد لانتصار العسكرية المصرية؟
بالطبع، القدرة العسكرية المصرية نجحت في ذلك إلى حد كبير، فكما أشرت فإن هذه الفترة “بعد النكسة” كانت من أخصب فترات العسكرية المصرية، وكانت لها انعكاساتها على مختلف جوانب الحياة المصرية . وخلال هذه الفترة، كانت هناك جدية في العمل العسكري، فما حدث من تطورات في قدرات الجيش المصري العسكري بعد 67 لم يحدث في أي جيش آخر بالعالم، من حيث حجم العمل، الذي لم يكن يستطيع أي جيش آخر أن يتحمله . إلا أن العمل العسكري المصري تحمل ذلك بالفعل، ولذلك كانت هذه الفترة من أخصب فترات العسكرية المصرية .
مشهد ما بعد النكسة
وما توصيفك لنتيجة هذا التطور الناجح للقدرة العسكرية المصرية بعد عام 67؟
كان من محصلة هذا النجاح المصري في قدرات الجيش العسكرية أن تحققت انتصارات أكتوبر، ولذلك كانت انتصارات 73 نتيجة طبيعية لما تم من إعداد وتسليح للجيش المصري بعد عام ،67 وذلك لأن الفترة ما بين 67 و73 كانت أكثر إنتاجاً سواء من الناحية العسكرية أو الاقتصادية على نحو ما سبق أن أشرت . ومن خلال هذه الفترة حدث تحقيق لكثافة العمل العسكري، خاصة في عمليات التدريب تحت شعار أو هدف “استعادة قدرات الجيش المصري”، ولذلك تم توفير المعدات، وعدم استهلاكها في الوقت نفسه، وتحقيق أعلى مستوى من التدريب على الأداء والعمل العسكري .
ومن ناحية أخرى، كان هناك اهتمام بفكرة اعتماد القوات المسلحة على إمكانياتها، ولكن توسعت في ما بعد هذه الفكرة بأن دخلت القوات المسلحة ساحة الإنتاج المدني، بالاتجاه لمزارع الثروة السمكية، وتربية الدواجن والحيوانات، إلى غيرها، ما كانت له اتجاهاته وانعكاساته .
وفي إطار حديثك السابق عن المراحل التي استتبعت الفترة ما بين 67 و،1970 كيف ترصد ما بعد هذه الفترة من الناحية العسكرية؟
هذه الفترة (بعد عام 1970)، ظهر فيها الاتجاه إلى الانفتاح الشديد، وما تبعه من فساد وتأثيراته في النظام السياسي أو الاقتصادي، وهو ما أدى إلى وقوع الكثير من الجوانب السلبية، والتي كانت لها انعكاساتها بالطبع على الحالة العامة في الدولة، وظهرت آثارها العديدة بعد انتصارات أكتوبر 73 .
وكيف تنظر إلى تطورات المشهد العسكري لمرحلة ما بعد عام 1981 وما قبل 25 يناير 2011؟
المشهد كان امتداداً للمشهد الذي سبقه، حيث تغلغل الفساد في الحياة المصرية، وهو ما كانت له تأثيراته السلبية وانعكاساته الخطيرة على المجتمع المصري، حيث تم إهدار قدرات مصر وطاقاتها في مختلف المجالات، طوال فترة حكم نظام الرئيس السابق حسني مبارك، حتى أصبحنا وقتها أمام مشهد يدفع إلى “التوهان” دون أن تكون هناك آليات لمواجهة الفساد، أو حتى الحد منه .
والآن، في ظل حالة الزخم الثوري الذي تعيشه مصر، ما توصيفك لتعاطي المؤسسة العسكرية في مصر مع ثورة 25 يناير؟
كان تعاملاً إيجابياً وراقياً للغاية، فقد تصرف الجيش المصري بمثالية كبيرة، ما أسهم بشكل مباشر وكبير في نجاح ثورة 25 يناير وحمايتها، وهو الدور الذي لا يزال الجيش يضطلع به حتى الآن لحماية هذه الثورة، والدفاع عن مكتسباتها .
وبتحليل الأمر فإن المجلس العسكري الذي تسلم شؤون البلاد، نجده يديرها ولا يحكمها، عكس ما يتخيل البعض، فالمجلس يوافق على ما توافق عليه الحكومة، ويقر ما تراه، وهو يعلم أن هناك حكومة في مصر، وأنها اكتسبت شرعيتها من ميدان التحرير، حيث ساحة الثوار في ثورة 25 يناير .
وما رؤيتك لتعامل المجلس العسكري مع التباينات الحاصلة حالياً في المشهد المصري؟
يتعامل معها بذكاء تام، حيث يقف على مسافة واحدة بين جميع المصريين، فلا يميز بين فصيل أو تيار على حساب آخر، ويؤكد أنه يدير شؤون البلاد لفترة محددة، لحين تسليمها إلى “برلمان” ورئيس منتخبين ولذلك فلا نية لديه لحكم البلاد، أو الاستمرار في الفترة الانتقالية التي سبق أن صرح بها ووردت في الإعلان الدستوري .
لكن تبقى المشكلة في حجم الخلافات القائمة بين القوى السياسية المختلفة، وتعدد وتنوع المتحدثين من شباب الثورة، وما يحملونه من توصيفات عديدة، حتى أصبحنا إزاء خلافات تشير إلى حالة من التشويش في الرؤية، فما تعليقك؟
نعم . . أتفق مع ذلك، وهذا التشويش أسهم في تزايد حالات النقد للمجلس العسكري من جانب البعض، متناسين أن هناك حكومة تقود البلاد، وتصدر قرارات، ولا يتدخل المجلس العسكري إزاء توجيه أي منها .
علاوة على ذلك، فإن ما حدث من تباينات يسهم في تشتيت الرؤية وعدم وضوحها عموماً، في ظل محاولة إدخالنا في اتجاهات متفاوتة، لكوننا أصبحنا أسرى رؤى وتباينات عديدة .
الثورة والقضية
وكيف تنظر إلى هذا المشهد في مصر من انعكاسات على القضية الفلسطينية؟
هناك لا شك تغير كبير في السياسة الخارجية المصرية تجاه الكثير من دول العالم، إقليمياً ودولياً، فنجد تقدماً كبيراً في السياسة الخارجية لمصر إزاء القضية الفلسطينية، ونجاحها في التئام الانقسام الفلسطيني، بتحقيق تاريخي للمصالحة، وهو ما كان يعجز عنه النظام السابق، لأنه لم يكن يقف على مسافة واحدة بين جميع الفلسطينيين . ومن التحسن الواضح في شأن هذه السياسة إعادة فتح معبر رفح بشكل دائم، ما يعد تطوراً وتفاعلاً من الدبلوماسية المصرية تجاه المعاناة التي يعانيها الفلسطينيون جراء إغلاق هذا المعبر، وما كان يمارسه النظام السابق من تعنت بهذا الشأن . هذا بالطبع يدفعنا إلى تأكيد أن النظام السابق كان يدفع بسلبية تجاه الأوضاع الإنسانية للشعب الفلسطيني المحاصر في غزة .
وفي هذا السياق، ما تقييميك لانعكاسات الثورة وهذا الدعم من ثورة 25 يناير للقضية على التصريحات العسكرية “الإسرائيلية”، والتي تنتقد ما آل إليه نظام الرئيس السابق؟
“إسرائيل” لا تصدر قرارات بمفردها، فالولايات المتحدة الأمريكية تقف وراءها وتدعمها، وتحظى القرارات “الإسرائيلية” برعاية أمريكية، ولذلك كان طبيعياً أن تنتقد وتتحسر كل المؤسسات في “إسرائيل” على سقوط النظام المصري السابق .
وما قراءتك لمستقبل العلاقة بين مصر و”إسرائيل” بعد ثورة 25 يناير؟
أتصور أن العلاقة بينهما سوف تستمر ولكن هذا مرهون بحفاظ مصر الثورة على ثوابتها، وعدم العودة إلى ما كانت عليه دبلوماسيتها إبان النظام السابق، فاستمرار هذه العلاقة مرهون باستقرار الأوضاع في مصر، وانتخاب “البرلمان” المقبل وبعده الرئيس القادم للبلاد .
وهل تعتقد أن علاقات مصر الخارجية يمكن أن تشهد مزيداً من التغيرات عقب الثورة؟
كما ذكرت، الأمر مرتبط بالشأن الداخلي ومدى استقراره على الرغم من حجم الضغوط الهائلة التي قد يمارسها البعض على مصر، إلا أن كل ذلك مرهون باستقرار الأوضاع في البلاد .
وإذا كانت العلاقات المصرية “الإسرائيلية” سوف تستمر بعد الثورة كما أوضحت، إلا أنها سوف تتسم على ما يبدو بما يوصف بالبرود، كما أنها ستكون علاقات غير استراتيجية، ولكن في المقابل سيكون الدعم المصري للشعب الفلسطيني واضحاً للغاية، استناداً إلى موقف الشعب المصري الداعم لأشقائه الفلسطينيين من ناحية، ولتحقيق مكتسبات ثورة 25 يناير من ناحية أخرى، الداعية إلى الحرية، ومنها حرية الأشقاء في فلسطين، وتحقيق العدالة الاجتماعية لهم .
اللواء طلعت مسلم: نكسة يونيو أعادت لمصر قدرتها العسكرية آخر
1/1
أكد الخبير الاستراتيجي اللواء طلعت مسلم أن مرحلة ما بعد النكسة كانت إحياء لقدرات العسكرية المصرية، والتي تمثلت في استعادة قدرات الجيش المصري على مختلف النواحي، وإحداث حالة من الثقة داخله . ووصف اللواء مسلم في حديثه ل”الخليج” هذه الفترة بأنها كانت من الفترات الأكثر خصوبة في التاريخ المصري الحديث من حيث القدرات العسكرية . لافتاً إلى أن العقلية العسكري بعد 67 نجحت في تحقيق أهدافها، ما أسهم في استعادة الثقة بالمؤسسة العسكرية، والتغلب على آثار الهزيمة . وتناول مسلم المراحل التي استتبعت نكسة ،67 إلى أن وصلت إلى المرحلة الراهنة بقيام ثورة 25 يناير، وما شهدته من مكاسب، والتي كان لها دور كبير في دعم القضية الفلسطينية، وإعادة مصر لمكانتها، وهو ما تحقق إلى الآن بفتح معبر رفح بشكل نهائي من ناحية، وتحقيق المصالحة بين الفصائل الفلسطينية من ناحية أخرى، وتالياً تفاصيل ما دار:
كيف ترصد تطورات المشهد العسكري لمرحلة ما بعد نكسة ،67 وما صاحبها من تطورات على قدرات الجيش المصري؟
بداية، أرى أن الفترة التي تفصلنا عن نكسة 67 فاصل كبير، شهدت خلاله هذه الفترة تحولات عدة من نظام إلى آخر، ويمكن تقسيمها إلى مراحل عدة . المرحلة الأولى التي استتبعت النكسة، ثم المرحلة الثانية والتي كانت بوفاة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، وتولي الرئيس الراحل أنور السادات رئاسة البلاد، ثم المرحلة الثالثة والتي تولى فيها الرئيس السابق حسني مبارك مقاليد الحكم في مصر، إلى أن أصبحنا أمام المرحلة الرابعة وهي الحالية بقيام ثورة 25 يناير .
من هنا يمكن القول إن مرحلة ما بعد نكسة 67 كانت إحياءً حقيقياً للقدرات العسكرية للجيش المصري، وهو ما كانت له انعكاساته السياسية والاقتصادية، وحتى على مستوى الانعكاسات الاجتماعية، ولذلك كانت هذه الفترة بحق فترة رائعة، وتوصف بالثراء المصري في مختلف النواحي السياسية والعسكرية والاقتصادية .
برأيك، ما ملامح هذا الثراء في الجانبين العسكري والسياسي؟
في الجانب السياسي ظهرت حالة كبيرة من النضج لم يكن معهوداً من قبل، ما كان له دور إيجابي في المجتمع المصري، كما كانت له أيضاً انعكاسات على الوطن العربي، حيث أصبحنا أمام قدر من الجدية، بشكل يفوق ما قبل النكسة ذاتها، والذي كان يتسم بقدر من الاندفاع، فضلاً عن أنه يمكن رصد حالة من التمسك بالمبادئ والإصرار عليها، بعد النكسة، والسعي إلى إزالة آثار الهزيمة، بإحداث قدر من التوازن النفسي داخل المجتمع . أما في الجانب العسكري، فيمكن القول إنه في إطار استعادة قدرات الجيش المصري على مختلف النواحي، وإحداث حالة من الثقة داخله، فقد كانت هذه الفترة من فترات الجيش المصري الأكثر خصوبة في التاريخ المصري الحديث من الناحية العسكرية .
وهل تعتقد أن هذا الجانب العسكري نجح في تحقيق أهدافه، بما كان تأهيلا للجيش المصري في استعادة الثقة، والتغلب على آثار الهزيمة كما ذكرت، إيذاناً بالإعداد لانتصار العسكرية المصرية؟
بالطبع، القدرة العسكرية المصرية نجحت في ذلك إلى حد كبير، فكما أشرت فإن هذه الفترة “بعد النكسة” كانت من أخصب فترات العسكرية المصرية، وكانت لها انعكاساتها على مختلف جوانب الحياة المصرية . وخلال هذه الفترة، كانت هناك جدية في العمل العسكري، فما حدث من تطورات في قدرات الجيش المصري العسكري بعد 67 لم يحدث في أي جيش آخر بالعالم، من حيث حجم العمل، الذي لم يكن يستطيع أي جيش آخر أن يتحمله . إلا أن العمل العسكري المصري تحمل ذلك بالفعل، ولذلك كانت هذه الفترة من أخصب فترات العسكرية المصرية .
مشهد ما بعد النكسة
وما توصيفك لنتيجة هذا التطور الناجح للقدرة العسكرية المصرية بعد عام 67؟
كان من محصلة هذا النجاح المصري في قدرات الجيش العسكرية أن تحققت انتصارات أكتوبر، ولذلك كانت انتصارات 73 نتيجة طبيعية لما تم من إعداد وتسليح للجيش المصري بعد عام ،67 وذلك لأن الفترة ما بين 67 و73 كانت أكثر إنتاجاً سواء من الناحية العسكرية أو الاقتصادية على نحو ما سبق أن أشرت . ومن خلال هذه الفترة حدث تحقيق لكثافة العمل العسكري، خاصة في عمليات التدريب تحت شعار أو هدف “استعادة قدرات الجيش المصري”، ولذلك تم توفير المعدات، وعدم استهلاكها في الوقت نفسه، وتحقيق أعلى مستوى من التدريب على الأداء والعمل العسكري .
ومن ناحية أخرى، كان هناك اهتمام بفكرة اعتماد القوات المسلحة على إمكانياتها، ولكن توسعت في ما بعد هذه الفكرة بأن دخلت القوات المسلحة ساحة الإنتاج المدني، بالاتجاه لمزارع الثروة السمكية، وتربية الدواجن والحيوانات، إلى غيرها، ما كانت له اتجاهاته وانعكاساته .
وفي إطار حديثك السابق عن المراحل التي استتبعت الفترة ما بين 67 و،1970 كيف ترصد ما بعد هذه الفترة من الناحية العسكرية؟
هذه الفترة (بعد عام 1970)، ظهر فيها الاتجاه إلى الانفتاح الشديد، وما تبعه من فساد وتأثيراته في النظام السياسي أو الاقتصادي، وهو ما أدى إلى وقوع الكثير من الجوانب السلبية، والتي كانت لها انعكاساتها بالطبع على الحالة العامة في الدولة، وظهرت آثارها العديدة بعد انتصارات أكتوبر 73 .
وكيف تنظر إلى تطورات المشهد العسكري لمرحلة ما بعد عام 1981 وما قبل 25 يناير 2011؟
المشهد كان امتداداً للمشهد الذي سبقه، حيث تغلغل الفساد في الحياة المصرية، وهو ما كانت له تأثيراته السلبية وانعكاساته الخطيرة على المجتمع المصري، حيث تم إهدار قدرات مصر وطاقاتها في مختلف المجالات، طوال فترة حكم نظام الرئيس السابق حسني مبارك، حتى أصبحنا وقتها أمام مشهد يدفع إلى “التوهان” دون أن تكون هناك آليات لمواجهة الفساد، أو حتى الحد منه .
والآن، في ظل حالة الزخم الثوري الذي تعيشه مصر، ما توصيفك لتعاطي المؤسسة العسكرية في مصر مع ثورة 25 يناير؟
كان تعاملاً إيجابياً وراقياً للغاية، فقد تصرف الجيش المصري بمثالية كبيرة، ما أسهم بشكل مباشر وكبير في نجاح ثورة 25 يناير وحمايتها، وهو الدور الذي لا يزال الجيش يضطلع به حتى الآن لحماية هذه الثورة، والدفاع عن مكتسباتها .
وبتحليل الأمر فإن المجلس العسكري الذي تسلم شؤون البلاد، نجده يديرها ولا يحكمها، عكس ما يتخيل البعض، فالمجلس يوافق على ما توافق عليه الحكومة، ويقر ما تراه، وهو يعلم أن هناك حكومة في مصر، وأنها اكتسبت شرعيتها من ميدان التحرير، حيث ساحة الثوار في ثورة 25 يناير .
وما رؤيتك لتعامل المجلس العسكري مع التباينات الحاصلة حالياً في المشهد المصري؟
يتعامل معها بذكاء تام، حيث يقف على مسافة واحدة بين جميع المصريين، فلا يميز بين فصيل أو تيار على حساب آخر، ويؤكد أنه يدير شؤون البلاد لفترة محددة، لحين تسليمها إلى “برلمان” ورئيس منتخبين ولذلك فلا نية لديه لحكم البلاد، أو الاستمرار في الفترة الانتقالية التي سبق أن صرح بها ووردت في الإعلان الدستوري .
لكن تبقى المشكلة في حجم الخلافات القائمة بين القوى السياسية المختلفة، وتعدد وتنوع المتحدثين من شباب الثورة، وما يحملونه من توصيفات عديدة، حتى أصبحنا إزاء خلافات تشير إلى حالة من التشويش في الرؤية، فما تعليقك؟
نعم . . أتفق مع ذلك، وهذا التشويش أسهم في تزايد حالات النقد للمجلس العسكري من جانب البعض، متناسين أن هناك حكومة تقود البلاد، وتصدر قرارات، ولا يتدخل المجلس العسكري إزاء توجيه أي منها .
علاوة على ذلك، فإن ما حدث من تباينات يسهم في تشتيت الرؤية وعدم وضوحها عموماً، في ظل محاولة إدخالنا في اتجاهات متفاوتة، لكوننا أصبحنا أسرى رؤى وتباينات عديدة .
الثورة والقضية
وكيف تنظر إلى هذا المشهد في مصر من انعكاسات على القضية الفلسطينية؟
هناك لا شك تغير كبير في السياسة الخارجية المصرية تجاه الكثير من دول العالم، إقليمياً ودولياً، فنجد تقدماً كبيراً في السياسة الخارجية لمصر إزاء القضية الفلسطينية، ونجاحها في التئام الانقسام الفلسطيني، بتحقيق تاريخي للمصالحة، وهو ما كان يعجز عنه النظام السابق، لأنه لم يكن يقف على مسافة واحدة بين جميع الفلسطينيين . ومن التحسن الواضح في شأن هذه السياسة إعادة فتح معبر رفح بشكل دائم، ما يعد تطوراً وتفاعلاً من الدبلوماسية المصرية تجاه المعاناة التي يعانيها الفلسطينيون جراء إغلاق هذا المعبر، وما كان يمارسه النظام السابق من تعنت بهذا الشأن . هذا بالطبع يدفعنا إلى تأكيد أن النظام السابق كان يدفع بسلبية تجاه الأوضاع الإنسانية للشعب الفلسطيني المحاصر في غزة .
وفي هذا السياق، ما تقييميك لانعكاسات الثورة وهذا الدعم من ثورة 25 يناير للقضية على التصريحات العسكرية “الإسرائيلية”، والتي تنتقد ما آل إليه نظام الرئيس السابق؟
“إسرائيل” لا تصدر قرارات بمفردها، فالولايات المتحدة الأمريكية تقف وراءها وتدعمها، وتحظى القرارات “الإسرائيلية” برعاية أمريكية، ولذلك كان طبيعياً أن تنتقد وتتحسر كل المؤسسات في “إسرائيل” على سقوط النظام المصري السابق .
وما قراءتك لمستقبل العلاقة بين مصر و”إسرائيل” بعد ثورة 25 يناير؟
أتصور أن العلاقة بينهما سوف تستمر ولكن هذا مرهون بحفاظ مصر الثورة على ثوابتها، وعدم العودة إلى ما كانت عليه دبلوماسيتها إبان النظام السابق، فاستمرار هذه العلاقة مرهون باستقرار الأوضاع في مصر، وانتخاب “البرلمان” المقبل وبعده الرئيس القادم للبلاد .
وهل تعتقد أن علاقات مصر الخارجية يمكن أن تشهد مزيداً من التغيرات عقب الثورة؟
كما ذكرت، الأمر مرتبط بالشأن الداخلي ومدى استقراره على الرغم من حجم الضغوط الهائلة التي قد يمارسها البعض على مصر، إلا أن كل ذلك مرهون باستقرار الأوضاع في البلاد .
وإذا كانت العلاقات المصرية “الإسرائيلية” سوف تستمر بعد الثورة كما أوضحت، إلا أنها سوف تتسم على ما يبدو بما يوصف بالبرود، كما أنها ستكون علاقات غير استراتيجية، ولكن في المقابل سيكون الدعم المصري للشعب الفلسطيني واضحاً للغاية، استناداً إلى موقف الشعب المصري الداعم لأشقائه الفلسطينيين من ناحية، ولتحقيق مكتسبات ثورة 25 يناير من ناحية أخرى، الداعية إلى الحرية، ومنها حرية الأشقاء في فلسطين، وتحقيق العدالة الاجتماعية لهم .