رموز وقمم مصرية
عمر مكرم ... قائد العمامة..
ولد "عمر مكرم" أو الذي يطلق عليه قائد العمامة في مدينه أسيوط 1755م - وكان من أسرة ينتهي نسبها عند رسول الله كما هو مؤكد من وثائق حجتى وقف له ، ودرس بالأزهر الشريف و لكنه لم يعمل مدرسا به رغبة منه فى التفرغ للعمل العام.
شكلت العصور الأربعة التي عاشها عمر مكرم نمط حياته حيث نشأ فى العصر العثمانى المملوكى، ودفعته هذه الظروف لأن يكون قائداً للمقاومة ضد الإحتلالين الفرنسى والإنجليزى وشهدت حياته الصراع المعتاد على السلطة بين المماليك بعد خروج الحمله الفرنسية وتولي محمد على حكم مصر.
كان أول ظهور له في الحياة السياسية عام ١٧٩١بعد رحيل الحملة التأديبيه لإبراهيم و مراد بك أميري مصرعلى يد حيسن باشا الجزائرلى 1786 ، وبعد فرارهما إلى الصعيد لجأوأ إلي السيد عمر مكرم ليكون الوسيط لدى الحكومه لإعادة مشاركتهم فى حكم البلاد فكوفئ بتعيينه نقيبًا لأشراف مصر عام 1793م ، وكانت نهاية صلته بالحياة السياسيه بعد تمكينه لمحمد على حكم مصر بعد ثورة 1805 وخلع خورشيد باشا والى مصر.
وتدل هذه المناسبتين على دور القائد الذي يري في الآخرين صلاح الرعية مؤثراً على نفسه الحكم لو أراد. ففى الظهور الأول ساعد الأميرين للعوده إلى الحكم لصالح الشعب فكان من وجهة نظرالسيد الشريف عمر مكرم أن أسلوب حكمهما سوف يعتريه التغيير بعد ما مر بهما من محن.
وفي المناسبة الثانية كان يستطيع السيد عمر مكرم زعيم ثورة 1805حكم مصر ولكن وجهة نظره التي توافقت مع ما درج المجتمع عليه آنذاك في عدم الخروج على خليفة المسلمين الشرعي بالرغم من تعنت ولاته دفعته إلي اختيار محمد على حاكماً لمصر بعد موافقة السلطان.
وبرغم كل مافعله السيد عمر مكرم لتدعيم محمد على إلا أن الأخير علم مدى قوة السيد عمر مكرم فعمل على عزله من نقابة الأشراف و كذلك خيره بين النفى إلى دمياط أو الأسكندريه فاختار دمياط التي رحل إليها فى عام 1809 لمدة ثلاث سنوات ثم أعيد نفيه مرة أخرى إلى مدينة طنطا فى 1812. وفي عام 1822 خرج العامة للطرقات معترضين على ضرائب العقارات المفروضه مرددين إسم السيد عمر مكرم و برغم الخلاف و الإختلاف بين الحاكم و الزعيم لم يستغل الزعيم الحدث لخلع الحاكم أو الوقوف ضده .
وما بين الظهور والإعتزال كان الشيخ عمر مكرم زعيما فى مقاومة الحمله الفرنسية وعاملاً أساسيا فى حشد العامة للقضاء عليها فكان قائداً لثوراتها الأولى والثانيه، ومعيناً لقوى الشعب التي استقوت به بعد خروج الحملة ونشوب الصراع بين المماليك. كما كان أحد المحركين الأساسيين للقضاء على الحملة الإنجليزية.
آمن الشيخ في حياته بثقافة الإختلاف وقبول الآخر التي تورث القائد الثقل السياسي، وتجعله قادراً على التحليل الجيد للأحداث حتى وإن لم تنتهي إلي ما يرضى، والتزم بتقديم الصالح العام على الصالح الشخصى في إطار الإيمان بصالح المواطنين والوطن .
رحم الله شيخنا الذي توفي في 15 إبريل 1822 عن عمر يناهز السبعين عاما ودفن فى مقابر المجاورين بالقاهرة ، والذي يظل جامعه بمديان التحرير ذكرى عطرة لزعيم شعبي قلما يجود الزمان بمثله.