﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا
لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ
شَهِيدً ﴾
الوَسَط
اسمٌ لما بيْن طَرَفَي الشَّيء.
إِنَّ الوسطيَّةَ من خَصائصِ
هذه الأُمَّة وهي سببُ خَيْريَّتِها، ولا تزالُ الأُمَّةُ بخَيْرِ ما
حافَظَتْ على هذه الخَاصيَّةِ التي تتميَّزُ بها خاصية الوسطيَّةِ التي
تُمثِّلُ الاعتدالَ والاستقامةَ على صِراطِ اللهِ عزَّ وجلَّ، فإِذا خرَجتْ
عن الوسَطِ إلى أحَدِ جانِبَيْه ففرّطَتْ أو أَفْرَطَتْ فقد هلَكت، فإِنَّ
التَّطرُّف مَهْلَكة، التَّطرُّف لا يخْتَصُّ بالغُلُوِّ والإفْراط،
وإٍنَّما الغُلُّوُ والإفْرَاطُ تطرُّف، والتَّقْصِيرُ والتَّفرِيطُ
تَطرُّفٌ أيضاً، وكِلاَهُما مَهْلَكَةٌ للفَرْدِ والمُجْتَمع.
فالَّذِي يُفَرّط في حِقِّ اللهِ ويُقْصِّرُ في القِيَام به مُتَطَّرِّف .
كما أَنَّ الذي يتطَّرف إلى جِهَةِ الغُلُوِّ والتَّشدُّد والتَّزمُّت
يُوجِبُ ما لَيْس بواجب، ويُحَرِّم ما لَيْسَ بمحرَّم، ويكفِّر المسلمينَ
ويُفَسِّق الصَّالحين، فيسْتَحِلُّ دِماءَهم وأمْوالَهم، ويخرُج على
حُكَّامهم وأُمرائهم، فيثيرُ الفَوْضَى ويَسْعَى في الأرضِ فساداً ﴿ وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ﴾.
الوسطيـة فـي
الإسـلام
قال الله تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا
شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدً ﴾ [ البقرة:143] .
الوَسَط اسمٌ لما بيْن طَرَفَي الشَّيء، وقد يُطْلَقُ على ما لَه طرَفانِ
مَذْمُومانِ كالجُودِ بيْن البُخْل والسَّرَف.
وقد يُطْلَقُ على
ما لَه طَرفٌ محمودٌ وآخرُ مَذْموم كالجَوْدَة والرَّداءةِ، تقول في
الشَّيء: هذا وسَطٌ بيْن الحَسنِ والرَّديء.
فالوَسَطُ
الخِيَّار، فوَسَطُ الوادِي خَيْرُ مكانِ فيه، ويُقَالُ فُلانُ وسَطٌ في
قوْمِه، إذا كان أوْسَطَهم نسَباً وأرْفَعهم مَجْداً، وقد جاء فى صِفَةِ
نبِّينا - صلى الله عليه وسلم- أَنَّه كان من أوْسَطِ قَوْمِه أيْ خِيارهم،
وقد جعلَ اللهُ أُمَّته وسَطاً أي خِياراً.
والمقصود
بالتوسُّط أَنْ يتحرَّى المُسْلِمُ الاعتدالَ ويبْتَعِدَ عن التطرُّف في
الأقْوالِ والأفْعال بحيثُ لا يَغْلُو ولا يقصِّر، ولا يُفرْط ولا يُفرِّط «
(2).
فإِنَّ الإفْرَاطَ
والتَّفريطَ مذمُومانِ وقد نهىَ اللهُ عنهما وذمَّ أهلَهما، فقال تعالى: ﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلاَ
تَطْغَوْ ﴾[
هـود:112] .
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لِي رَسُولُ
اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غَدَاةَ الْعَقَبَةِ وَهُوَ عَلَى
رَاحِلَتِهِ ( هَاتِ الْقُطْ لِي )
فَلَقَطْتُ لَهُ حَصَيَاتٍ هُنَّ حَصَى الْخَذْفِ فَلَمَّا وَضَعْتُهُنَّ
فِي يَدِهِ قَالَ: ( أَمْثَالِ
هَؤُلاَءِ وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ
مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ).
وقال تعالى: ﴿ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا
بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا
يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ
أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَاءَ مَا يَزِرُونَ ﴾ [ الأنعام:31]
.
وقد نهى اللهُ تعالى عن طاعةِ هؤلاءِ وأمر بمخالفتهم فقال
تعالى:﴿ وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ
عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَ****هُ فُرُطً ﴾ [ الكهف:28] .
فمتى ابتعدَ الإنسانُ عن الإفْراطِ والتَّفريط
فقد اعتدلَ على أوْسَطَ الطريق واستقامَ على الصِراطِ المستقيم كما أمر
الله ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا
فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ
سَبِيلِهِ ﴾ [
الأنعام:153] .
وقد أمر اللهُ
تعالى عبادَه المؤمنينَ أَنْ يسألوه ﴿ اهْدِنَا
الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ
غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ﴾ [ الفاتحة6: 7] ،فالمغضوبُ
عليهم وهم اليهودُ فرّطوا وقصَّروا، والضَّالين وهم النَّصارى غَلَوْ
وأَفْرَطُوا وتشدَّدوا حتى ابْتدَعُوا، والصِّراطُ المستقيمُ الذي هدى
اللهُ إليه النبِّيين والصِّديقينَ َوالشُّهداءَ والصَّالحين هو العَمَلُ
بالعِلْم في غَيْرِ إفْرَاطٍ ولا تفريط، وقد أنعم الله على أمة محمدٍ - صلى
الله عليه وسلم- بالهدايةِ إلى هذا الصِّراطِ المستقيمِ فكانُوا بذلك
أُمَّةً وسطاً،
لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ
شَهِيدً ﴾
الوَسَط
اسمٌ لما بيْن طَرَفَي الشَّيء.
إِنَّ الوسطيَّةَ من خَصائصِ
هذه الأُمَّة وهي سببُ خَيْريَّتِها، ولا تزالُ الأُمَّةُ بخَيْرِ ما
حافَظَتْ على هذه الخَاصيَّةِ التي تتميَّزُ بها خاصية الوسطيَّةِ التي
تُمثِّلُ الاعتدالَ والاستقامةَ على صِراطِ اللهِ عزَّ وجلَّ، فإِذا خرَجتْ
عن الوسَطِ إلى أحَدِ جانِبَيْه ففرّطَتْ أو أَفْرَطَتْ فقد هلَكت، فإِنَّ
التَّطرُّف مَهْلَكة، التَّطرُّف لا يخْتَصُّ بالغُلُوِّ والإفْراط،
وإٍنَّما الغُلُّوُ والإفْرَاطُ تطرُّف، والتَّقْصِيرُ والتَّفرِيطُ
تَطرُّفٌ أيضاً، وكِلاَهُما مَهْلَكَةٌ للفَرْدِ والمُجْتَمع.
فالَّذِي يُفَرّط في حِقِّ اللهِ ويُقْصِّرُ في القِيَام به مُتَطَّرِّف .
كما أَنَّ الذي يتطَّرف إلى جِهَةِ الغُلُوِّ والتَّشدُّد والتَّزمُّت
يُوجِبُ ما لَيْس بواجب، ويُحَرِّم ما لَيْسَ بمحرَّم، ويكفِّر المسلمينَ
ويُفَسِّق الصَّالحين، فيسْتَحِلُّ دِماءَهم وأمْوالَهم، ويخرُج على
حُكَّامهم وأُمرائهم، فيثيرُ الفَوْضَى ويَسْعَى في الأرضِ فساداً ﴿ وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ﴾.
الوسطيـة فـي
الإسـلام
قال الله تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا
شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدً ﴾ [ البقرة:143] .
الوَسَط اسمٌ لما بيْن طَرَفَي الشَّيء، وقد يُطْلَقُ على ما لَه طرَفانِ
مَذْمُومانِ كالجُودِ بيْن البُخْل والسَّرَف.
وقد يُطْلَقُ على
ما لَه طَرفٌ محمودٌ وآخرُ مَذْموم كالجَوْدَة والرَّداءةِ، تقول في
الشَّيء: هذا وسَطٌ بيْن الحَسنِ والرَّديء.
فالوَسَطُ
الخِيَّار، فوَسَطُ الوادِي خَيْرُ مكانِ فيه، ويُقَالُ فُلانُ وسَطٌ في
قوْمِه، إذا كان أوْسَطَهم نسَباً وأرْفَعهم مَجْداً، وقد جاء فى صِفَةِ
نبِّينا - صلى الله عليه وسلم- أَنَّه كان من أوْسَطِ قَوْمِه أيْ خِيارهم،
وقد جعلَ اللهُ أُمَّته وسَطاً أي خِياراً.
والمقصود
بالتوسُّط أَنْ يتحرَّى المُسْلِمُ الاعتدالَ ويبْتَعِدَ عن التطرُّف في
الأقْوالِ والأفْعال بحيثُ لا يَغْلُو ولا يقصِّر، ولا يُفرْط ولا يُفرِّط «
(2).
فإِنَّ الإفْرَاطَ
والتَّفريطَ مذمُومانِ وقد نهىَ اللهُ عنهما وذمَّ أهلَهما، فقال تعالى: ﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلاَ
تَطْغَوْ ﴾[
هـود:112] .
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لِي رَسُولُ
اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غَدَاةَ الْعَقَبَةِ وَهُوَ عَلَى
رَاحِلَتِهِ ( هَاتِ الْقُطْ لِي )
فَلَقَطْتُ لَهُ حَصَيَاتٍ هُنَّ حَصَى الْخَذْفِ فَلَمَّا وَضَعْتُهُنَّ
فِي يَدِهِ قَالَ: ( أَمْثَالِ
هَؤُلاَءِ وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ
مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ).
وقال تعالى: ﴿ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا
بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا
يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ
أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَاءَ مَا يَزِرُونَ ﴾ [ الأنعام:31]
.
وقد نهى اللهُ تعالى عن طاعةِ هؤلاءِ وأمر بمخالفتهم فقال
تعالى:﴿ وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ
عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَ****هُ فُرُطً ﴾ [ الكهف:28] .
فمتى ابتعدَ الإنسانُ عن الإفْراطِ والتَّفريط
فقد اعتدلَ على أوْسَطَ الطريق واستقامَ على الصِراطِ المستقيم كما أمر
الله ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا
فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ
سَبِيلِهِ ﴾ [
الأنعام:153] .
وقد أمر اللهُ
تعالى عبادَه المؤمنينَ أَنْ يسألوه ﴿ اهْدِنَا
الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ
غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ﴾ [ الفاتحة6: 7] ،فالمغضوبُ
عليهم وهم اليهودُ فرّطوا وقصَّروا، والضَّالين وهم النَّصارى غَلَوْ
وأَفْرَطُوا وتشدَّدوا حتى ابْتدَعُوا، والصِّراطُ المستقيمُ الذي هدى
اللهُ إليه النبِّيين والصِّديقينَ َوالشُّهداءَ والصَّالحين هو العَمَلُ
بالعِلْم في غَيْرِ إفْرَاطٍ ولا تفريط، وقد أنعم الله على أمة محمدٍ - صلى
الله عليه وسلم- بالهدايةِ إلى هذا الصِّراطِ المستقيمِ فكانُوا بذلك
أُمَّةً وسطاً،