لقد عاشت أمة الإسلام منذ مبعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا، في صراع مع أهل الباطل والضلال، الذين حاولوا بشتى الطرق، أن يدسوا سمومهم في قلبها، وينالوا من أصولها وعقيدتها الغراء، فمكثوا يدبرون لها المكائد، ولكن هيهات هيهات، فهذا دين الله، وهذه أمة محمد، أيد العزيز لها من ينصرها ومن يسعى لعزها.
وكان جوهر الصقلي الشيعي الخائن من بين الذين دبروا المكائد لأمة الإسلام, وعزم هو الآخر على النيل من عقيدة أهل السنة وسفك دمها، فكان حقًا شيطانًا خبيثًا.
مولده ونشأته:
(ولد جوهر الصقلي عام 928م وكان مملوكًا من أصل كرواتي من إقليم باجانيا الذي كان يخضع للإمبراطورية الكرواتية) [الموسوعة الحرة ويكيبديا].
اسمه (أبو الحسن جوهر بن عبد الله، المعروف بالكاتب، الرومي؛ كان من موالي المعز بن المنصور بن الققائم بن المهدي صاحب إفريقية) [وفيات الأعيان، ابن خلكان، (1/375)].
مراحل حياته:
(أسر أثناء الحرب بين كرواتيا وفينيسيا وباعه تجار نورمانديون كعبد في صقلية التي ينتسب عليها اسمه إلى يومنا.
وبعد عدة سنوات باعه تجار رقيق إلى الخليفة المنصور بالله الفاطمي الذي كان يتخذ من مدينة المهدية في تونس عاصمة له، حيث قضى جوهر معظم سنوات حياته، أصبح بعد ذلك قائد القوات الفاطمية في عهد المعز لدين الله الذي أعتقه وجعله من المقربين إلى البلاط الفاطمي، وسرعان ما أثبت جوهر كفاءته بأن ضم مصر التي كانت تحت حكم الإخشيديين وسلطان العباسيين إلى سلطان الفاطميين.
أنشأ مدينة القاهرة عام 969م بأمر من الخليفة المعز لدين الله؛ بهدف جعلها عاصمة للدولة الفاطمية ومركزًا لنشر المذهب الإسماعيلي، ثم أمر ببناء الجامع الأزهر ليكون مركزا علميًا ودينيًا عالميًا.
حكم جوهر الصقلي مصر أربع سنوات نيابة عن الخليفة الفاطمي، وبعد وصول المعز إلى القاهرة لم يعهد إليه بمهمة جديدة حتى ظهور خطر القرامطة في بلاد الشام، فاستعان المعز لدين الله به سنة (364هـ= 974م) لقتالهم) [الموسوعة الحرة ويكيبديا].
معاداته للشريعة:
مساهمته في القضاء على الخلافة العباسية في مصر:
(بموت كافور الإخشيدي في سنة 355هـ اضطربت الديار المصرية، فاقتنص المعز الفرصة ولم يجعلها تمر مر السحاب، فعزم ودبر وأقدم على حفر الآبار والقصور فيما بين القيروان إلى حدود مصر، وحشد الجيوش العظيمة، وجمع الأموال الجزيلة، واختار جوهر الصقلي قائدًا لتلك الجيوش التي كانت تزيد على مائة ألف، وأمر المعز كل أمرائه أن يسمعوا ويطيعوا ويترجلوا في ركاب الصقلي، وتحركت الجيوش العبيدية لنقل المذهب الباطني إلى مصر ليتخلص من الأزمات والثورات والصراعات العنيفة التي قادها علماء السنة في خمسة عقود متتالية في الشمال الإفريقي، رافضين المذهب الإخشيدي التابع للدولة العباسية في مصر، فرمى بسهامه المسمومة إليها، ودفع إليها جيوشه المحمومة طالبًا من أعوانه وشياطينه أن يقضوا على الخلافة العباسية الأبية ذات التوجهات السنية) [صفحات من التاريخ الإسلامي - الدولة الفاطمية -، علي محمد محمد الصلابي، (1/ 64)].
(وفي جمادى الآخرة سنة 358هـ استطاعت جيوش المعز دخول مصر بقيادة خادمه جوهر الصقلي الذي لم يجد أي عناء في ضمها لأملاك العبيديين، وجوهر الصقلي هذا هو الذي بنى الأزهر سنة 361هـ ليكون منبرًا من منابر العبيديين الروافض في بث معتقداتهم الباطلة وأفكارهم الفاسدة) [صفحات من التاريخ الإسلامي - الدولة الفاطمية -، علي محمد محمد الصلابي، (1/ 65)].
كما ساهم في تأسيس جامع ابن طولون الذي كان منبرًا لنشر المذهب الشيعي الفاسد (وأُذَّن سنة تسع و خمسين في جامع ابن طولون بحي على خير العمل، وتحولت الدعوة بمصر للعلوية) [تاريخ ابن خلدون، (4 / 409)].
(وأمر جوهر بقطع الدعاء للخليفة العباسي, وبدأت الدعوة (للخليفة) الفاطمي) [مجلة الراصد، العدد الثالث، (3/12)].
مساعدته للصليبيين في احتلال القدس:
قام جوهر الصقلي بمساعدة الصليبيين على احتلال القدس فقد وقعت القدس تحت طائلة الحكم العبيدي في عهد الحاكم الفاطمي المعز لدين الله, حيث احتل قائده جوهر الصقلي فلسطين 969م فكان حكمهم لبلاد المسلمين آنذاك من الأسباب الرئيسية في النكبة الصليبية, حيث أقام الأوروبيون بالقدس مملكة نصرانية، حيث سارت كتلة الجيش الصليبي نحو إنطاكية فسقطت سنة 1098م. وتقدم الصليبيون نحو الجنوب دون أن يجدوا مقاومة تذكر نحو بيت المقدس واقتحموا أسوارها في سنة 1099م وأنزلوا بأهلها مذبحة قتل فيها سبعون ألفًا من سكانها، وعاثوا فيها فسادًا وخرابًا دونما اكتراث لقدسيتها, وحولوا المسجد الأقصى إلى كنيسة, ومكانًا لسكن خيولهم) [المسجد الأقصى وقفات وعبرات، عبد الحي يوسف، (1/ 23)].
خيانة عهده مع أهل مصر:
قبل أن يقوم الجيش الفاطمي باحتلال مصر، كانت هناك محاولات عديدة لاحتلال مصر، فقد (وجه الفاطميون أكثر من حملة للاستيلاء على مصر بدءًا من 301- وحتى 350هـ وفي سنة 358هـ عهد الخليفة الفاطمي إلى جوهر الصقلي كتابًا بالأمان وفيه:
"... أن يظل المصريون على مذهبهم أي لا يلزمون بالتحول إلى المذهب الشيعي، وأن يجري الأذان والصلاة وصيام شهر رمضان وفطره والزكاة والحج والجهاد على ما ورد في كتاب الله ورسوله".
ولم يكن كتاب جوهر لأهل مصر إلى مجرد مهادنة، وعندما وصل الخليفة المعز لدين الله الفاطمي إلى القاهرة في سنة 362هـ ركز اهتمامه في تحويل المصريين إلى المذهب الشيعي، واتبعت الخلافة الفاطمية في ذاك عدة طرق منها: إسناد المناصب العليا وخاصة القضاء إلى الشيعيين، واتخاذ المساجد الكبيرة مراكز للدعاية الفاطمية، كالجامع الأزهر وجامع عمرو ومسجد أحمد بن طولون، كذلك أمعن الشيعة الفاطميون في إظهارهم شعائرهم المخالفة لشعائر أهل السنة، الآذان بحي على خير العمل، والاحتفال بيوم العاشر من المحرم الذي قتل فيه الحسين بكربلاء.
وكان الفاطميون لا يقتصرون في تهييج أهل السنة على إقامة الشعائر الشيعية؛ بل كانوا يرغمون أهل السنة ويعتدون عليهم ليشاركوهم طقوسهم.قال المقريزي:
"وفي العاشر من المحرم سنة 363هـ سار جماعة من المصريين الشيعيين والمغاربة في موكبهم ينوحون ويبكون على الحسين، وصاروا يعتدون على كل من لم يشاركهم في مظاهر الأسى والحزن مما أدى إلى تعطيل حركة الأسواق وقيام القلاقل") [خيانات الشيعة وأثرها في هزائم الأمة الإسلامية، عماد علي عبد السميع حسين، (1/21-22)].
دعوته الصريحة للمذهب الشيعي:
(ولم يكتفِ جوهر بذلك إنما أمر بأن يقال في الخطبة: "اللهم صلِّ على محمد المصطفى، وعلى علي المرتضى، وعلى فاطمة البتول، وعلى الحسن والحسين سبطي الرسول، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وصلِّ على الأئمة الطاهرين آباء أمير المؤمنين المعز لدين الله". كما أضاف جوهر إلى الأذان عبارة "حي على خير العمل".
ثم صار الأزهر أشبه بخلية نحل، تنتشر فيه الحلقات والدروس التي تروج لمذهب الإسماعيليين، والتي كان يشرف عليها ويحضرها المعز الفاطمي وكبار رجالات الدولة، وصار يفد إلى الأزهر الطلاب من مختلف أنحاء العالم) [مجلة الراصد، العدد31، (58/37)].
موته:
ظل جوهر الصقلي يدعو لمذهبه الشيعي، لا يكل من معاداة الشريعة، حتى هلك في عام (992م) [الموسوعة الحرة ويكيبديا].