من أين يبدأ الاصلاح.. من النظام أم الانسان؟
--------------------------------------------------------------------------------
أإذا كان الانسان هو الهدف فمن أين يبدأ الاصلاح؟ من النظام أو الانسان؟
إصلاح النظام من خلال الانسان أم اصلاح الانسان من خلال النظام؟
إن الانسان يغلف ويتلهى عن مشاكله الروحية بالمشاكل الخارجية.. بمشكلة السكن والزواج والمال والبيت والنظام والسلطة والسيطرة والسيارة والرصيد في البنوك والشهادة العالية والمركز الوظيفي والاجتماعي..
فإذا تحقق له كل ذلك شعر أن هناك نقصاً في شخصيته ووجوده وكينونته وأنه يبحث عن شيء آخر.. يبحث عن قيم تملأ وجوده, أعمق وأثرى من كل ذلك..
عن علاقاته بأخيه الانسان, وعن مصيره ومستقبله, ومعنى حياته وموته, وعن قيمه الروحية والانسانية..
إنه حينئذ يبحث بصدق عن الله والدين فلا يجد نفسه إلا غارقاً في الشرنقة المادية, مكبلاً بها, لاهثاً خلفها..
قد خسر أثرى مساحة في شخصيته ووجوده وهو الجانب الروحي والانساني.
لهذا كله نقول :إن اصلاح النظام يساعد على إصلاح الانسان, وإصلاح الانسان يساعد على إصلاح النظام, وأن هناك تفاعلاً متبادلاً بينهما ولكن بشكلين متفاوتين..
إنسان يحمل مسؤولية التغيير.. انسان ملتزم بالتغيير..
مارس التغيير الروحي قبل أن يجسده عملاً في الخارج.
إن عملية التغيير لابد أن يقودها الانسان, فالانسان هو المحور.
إن فائدة التغيير الخارجي تزول إذا لم يكن هناك انسان أمين على منجزات التغيير الخارجي, إذا لم يكن هناك إنسان يحمل القيم الداخلية التي تضمن استمرارية التغيير الخارجي, صحته وصدقه وأمانته.. إنسان يمتلك قيم التغيير في داخل نفسيته وشخصيته ومفاهيمه الوجودية.
إن التغيير يجب أن يمارسه الانسان في المحتوى النفسي, فيطور وينمي ذاته باتجاه الأفضل, ثم يجسد محتواه النفسي تغييراً خارجياً, ويحوله الى ممارسة وتطبيق وتحقيق, لأن احوال الناس وأوضاعها الاجتماعية من الفساد أو الخير لاتتغير إلا إذا تغير محتوى الانسان وما هو عليه من الحق أو الباطل.
هذا هو منطق القرآن والحياة:
(إن الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) (الرعد/11).
لكي ترسي نظاماً لابد أن تهيء له إنساناً أولاً.
فلابد من البدء بالانسان..
إذا طورنا النظام ومفاهيمه دون الانسان ومفاهيمه فسرعان مايتسرب الفساد من الانسان الى النظام فيقوضه أكثر مما يتسرب الاصلاح من النظام الى الانسان فيصلحه..
لأن الأنانية والجشع الداخلي وحب الذات والنرجسية والحاجات والغرائز الحيوانية أقوى من نصوص القوانين والأنظمة مالم تهذبها التربية الداخلية العميقة والأخلاق الكريمة.
والانسان المشوه المتخلف إذا اعطي قانوناً متحضراً متطوراً فسوف يكبو في حمل مسؤوليته وينوء تحت وطأته, وسرعان مايدس من خلاله تفسيراته المشوهة واهواءه السيئة ويسقط عليه أنانياته المنحرفة, فيحرفه شكلاً ومضموناً أو تطبيقاً.
الانسان المشوه روحياً, البعيد عن القيم الكريمة..
الانسان غير الملتزم التزاماً كاملاً بالأيمان وتقوى الله, سرعان مايشوه عدالة القانون والمبادىء, وصدق التقدم, ونقاء المؤسسات وطهرها.. ويحور كل ذلك, ويتلاعب عليه أو يتهرب منه في العلن, ويركله في السر, ويتجاوزه عند أول فرصة سانحة.
إن قانوناً وتقدماً خارجياً لإنسان مذعور روحياً يعاني أزمة قيم أخلاقية داخلياً, لايحل كل المشكلة إذا لم نبادر الى تربية الانسان منذ نعومة أظفاره, وخلق أشواق روحية للحب والخير فيه..
أشواق مبرأة من الشوائب والعصبيات والأحقاد السيئة التي يرفضها الدين نفسه.
إن بناء الانسان روحياً وأخلاقياً لايقل خطورة عن بناء الحضارة الخارجية إن لم يكن هو الجزاء الأساس في بناء الحضارة بمعناها الأشمل والأعمق.
الأولوية إذاً لاصلاح الانسان باصلاح مفاهيمه.
المحور إذاً هو الانسان ثم النظام , والأولوية له قبل النظام وقبل القوة ووسائل الانتاج, لأن القوة الأساسية لاتكمن في وسائل الانتاج والاعتدة العسكرية فقط, بل في الانسان قبل كل شيء.. في إرادته وتصميمه وإيمانه ومفاهيمه وفكره ووعيه, وقدرته على السيطرة على كل ذلك.
ولكن كيف يتم اصلاح الانسان بالانماء الروحي أو بالانماء الاقتصادي؟
يتم باصلاح قيمه الاخلاقية ,ونظرته الى الله والناس والمجتمع والحياة والكون والوجود والمصير والحياة الأخرى..
وتغيير مفاهيمه الكونية والوجودية والانسانية والروحية حول الحرية والعدالة والحياة والموت والانسان, ومفاهيمه في معنى الربح والخسارة والتعاون والايثار والقوة والشجاعة والتضحية والغنى والحق والخير والجمال والفن والمتعة...
من أين يبدأ الاصلاح؟
بالعمارات والأبنية وتزفيت الطرقات وتعبيدها؟
باصلاح الاقتصاد والإدارات والسياسات؟
باصلاح المؤسسات؟
فلماذا تعاني شعوب الدول الغنية البؤس الانساني والفقر الروحي والضياع والقلق والتمزق؟.
إن الخراب الاجتماعي والمدني يعالج باصلاح الدستور والإدارة والمؤسسات, والتربية المدنية, وتطبيق العدالة الاجتماعية, وتحقيق الاصلاحات...
أما الخراب الروحي فلا يعالج بالنقود والاقتصاد والرفاه فقط, ولا بالعدالة الاجتماعية وتغيير الدستور والنصوص وهما لايغيران ما في النفوس.
الخراب الروحي, بالإضافة الى حاجته الى الاصلاحات المذكورة ولكن بالدرجة اللاحقة أو الموازية, فإنه لايعالج إلا بالدين وبالتغيير الداخلي العميق.. و(ماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه).
لابد من تحقيق الاصلاحين:
الروحي على مستوى غرس والتزام القيم الروحية والإنسانية والتربي عليها من خلال أعمق وسيلة وهي الدين.
والاجتماعي على مستوى تطبيق العدالة الاجتماعية وإصلاح النظام والاقتصاد ووسائل الانتاج.[size=24][/size]
--------------------------------------------------------------------------------
أإذا كان الانسان هو الهدف فمن أين يبدأ الاصلاح؟ من النظام أو الانسان؟
إصلاح النظام من خلال الانسان أم اصلاح الانسان من خلال النظام؟
إن الانسان يغلف ويتلهى عن مشاكله الروحية بالمشاكل الخارجية.. بمشكلة السكن والزواج والمال والبيت والنظام والسلطة والسيطرة والسيارة والرصيد في البنوك والشهادة العالية والمركز الوظيفي والاجتماعي..
فإذا تحقق له كل ذلك شعر أن هناك نقصاً في شخصيته ووجوده وكينونته وأنه يبحث عن شيء آخر.. يبحث عن قيم تملأ وجوده, أعمق وأثرى من كل ذلك..
عن علاقاته بأخيه الانسان, وعن مصيره ومستقبله, ومعنى حياته وموته, وعن قيمه الروحية والانسانية..
إنه حينئذ يبحث بصدق عن الله والدين فلا يجد نفسه إلا غارقاً في الشرنقة المادية, مكبلاً بها, لاهثاً خلفها..
قد خسر أثرى مساحة في شخصيته ووجوده وهو الجانب الروحي والانساني.
لهذا كله نقول :إن اصلاح النظام يساعد على إصلاح الانسان, وإصلاح الانسان يساعد على إصلاح النظام, وأن هناك تفاعلاً متبادلاً بينهما ولكن بشكلين متفاوتين..
إنسان يحمل مسؤولية التغيير.. انسان ملتزم بالتغيير..
مارس التغيير الروحي قبل أن يجسده عملاً في الخارج.
إن عملية التغيير لابد أن يقودها الانسان, فالانسان هو المحور.
إن فائدة التغيير الخارجي تزول إذا لم يكن هناك انسان أمين على منجزات التغيير الخارجي, إذا لم يكن هناك إنسان يحمل القيم الداخلية التي تضمن استمرارية التغيير الخارجي, صحته وصدقه وأمانته.. إنسان يمتلك قيم التغيير في داخل نفسيته وشخصيته ومفاهيمه الوجودية.
إن التغيير يجب أن يمارسه الانسان في المحتوى النفسي, فيطور وينمي ذاته باتجاه الأفضل, ثم يجسد محتواه النفسي تغييراً خارجياً, ويحوله الى ممارسة وتطبيق وتحقيق, لأن احوال الناس وأوضاعها الاجتماعية من الفساد أو الخير لاتتغير إلا إذا تغير محتوى الانسان وما هو عليه من الحق أو الباطل.
هذا هو منطق القرآن والحياة:
(إن الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) (الرعد/11).
لكي ترسي نظاماً لابد أن تهيء له إنساناً أولاً.
فلابد من البدء بالانسان..
إذا طورنا النظام ومفاهيمه دون الانسان ومفاهيمه فسرعان مايتسرب الفساد من الانسان الى النظام فيقوضه أكثر مما يتسرب الاصلاح من النظام الى الانسان فيصلحه..
لأن الأنانية والجشع الداخلي وحب الذات والنرجسية والحاجات والغرائز الحيوانية أقوى من نصوص القوانين والأنظمة مالم تهذبها التربية الداخلية العميقة والأخلاق الكريمة.
والانسان المشوه المتخلف إذا اعطي قانوناً متحضراً متطوراً فسوف يكبو في حمل مسؤوليته وينوء تحت وطأته, وسرعان مايدس من خلاله تفسيراته المشوهة واهواءه السيئة ويسقط عليه أنانياته المنحرفة, فيحرفه شكلاً ومضموناً أو تطبيقاً.
الانسان المشوه روحياً, البعيد عن القيم الكريمة..
الانسان غير الملتزم التزاماً كاملاً بالأيمان وتقوى الله, سرعان مايشوه عدالة القانون والمبادىء, وصدق التقدم, ونقاء المؤسسات وطهرها.. ويحور كل ذلك, ويتلاعب عليه أو يتهرب منه في العلن, ويركله في السر, ويتجاوزه عند أول فرصة سانحة.
إن قانوناً وتقدماً خارجياً لإنسان مذعور روحياً يعاني أزمة قيم أخلاقية داخلياً, لايحل كل المشكلة إذا لم نبادر الى تربية الانسان منذ نعومة أظفاره, وخلق أشواق روحية للحب والخير فيه..
أشواق مبرأة من الشوائب والعصبيات والأحقاد السيئة التي يرفضها الدين نفسه.
إن بناء الانسان روحياً وأخلاقياً لايقل خطورة عن بناء الحضارة الخارجية إن لم يكن هو الجزاء الأساس في بناء الحضارة بمعناها الأشمل والأعمق.
الأولوية إذاً لاصلاح الانسان باصلاح مفاهيمه.
المحور إذاً هو الانسان ثم النظام , والأولوية له قبل النظام وقبل القوة ووسائل الانتاج, لأن القوة الأساسية لاتكمن في وسائل الانتاج والاعتدة العسكرية فقط, بل في الانسان قبل كل شيء.. في إرادته وتصميمه وإيمانه ومفاهيمه وفكره ووعيه, وقدرته على السيطرة على كل ذلك.
ولكن كيف يتم اصلاح الانسان بالانماء الروحي أو بالانماء الاقتصادي؟
يتم باصلاح قيمه الاخلاقية ,ونظرته الى الله والناس والمجتمع والحياة والكون والوجود والمصير والحياة الأخرى..
وتغيير مفاهيمه الكونية والوجودية والانسانية والروحية حول الحرية والعدالة والحياة والموت والانسان, ومفاهيمه في معنى الربح والخسارة والتعاون والايثار والقوة والشجاعة والتضحية والغنى والحق والخير والجمال والفن والمتعة...
من أين يبدأ الاصلاح؟
بالعمارات والأبنية وتزفيت الطرقات وتعبيدها؟
باصلاح الاقتصاد والإدارات والسياسات؟
باصلاح المؤسسات؟
فلماذا تعاني شعوب الدول الغنية البؤس الانساني والفقر الروحي والضياع والقلق والتمزق؟.
إن الخراب الاجتماعي والمدني يعالج باصلاح الدستور والإدارة والمؤسسات, والتربية المدنية, وتطبيق العدالة الاجتماعية, وتحقيق الاصلاحات...
أما الخراب الروحي فلا يعالج بالنقود والاقتصاد والرفاه فقط, ولا بالعدالة الاجتماعية وتغيير الدستور والنصوص وهما لايغيران ما في النفوس.
الخراب الروحي, بالإضافة الى حاجته الى الاصلاحات المذكورة ولكن بالدرجة اللاحقة أو الموازية, فإنه لايعالج إلا بالدين وبالتغيير الداخلي العميق.. و(ماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه).
لابد من تحقيق الاصلاحين:
الروحي على مستوى غرس والتزام القيم الروحية والإنسانية والتربي عليها من خلال أعمق وسيلة وهي الدين.
والاجتماعي على مستوى تطبيق العدالة الاجتماعية وإصلاح النظام والاقتصاد ووسائل الانتاج.[size=24][/size]