قبل أكثر من عامين وأثناء معرض الحديث عن توريث الحكم في أحد البرامج
الفضائية. قال الدكتور مصطفي الفقي، الذي كان قريباً من النظام السابق، أن
الرئيس القادم لخلافة مبارك. لابد أن يحظي برضا من أطراف إقليمية.
وأخري دولية في مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية. وقبل أن يصل
الرجل إلي منزله قامت الدنيا ولم تقعد لإجباره علي نفي ما قاله. لكن
بعيداً عن الشعارات البراقة التي تحمل معاني الزهو، وعدم قدرة الآخرين علي
التدخل في شئوننا. فإن ما قاله «الفقي» في مجمله دقيق وليس مجرد تصور أو
تحليل سياسي، توصل إليه بحكم درايته بتفاصيل ما يجري في كواليس السياسة
الدولية. باعتباره ان عدم الرضا له تداعياته التي ستترتب عليها علاقات
الخارج ، وتأثيرها علي الداخل. لكن الحديث عن الرضا ربما يتضاءل أمام ما
يجري علي أرض الواقع. فالمعلومات المرتبطة بالانتخابات الرئاسية. تشير إلي
وجود مساعٍ جادة ودءوبة من دولة «قطر».. وحكامها إلي دعم خيرت الشاطر في
انتخابات الرئاسة القادمة. فهي تلعب بكل ما لديها من ثقل مالي لصناعة دور
بارز وتوسيع دائرة تأثيرها الإقليمي سياسياً واقتصادياً.. فقد لوح حاكم
قطر بضخ الاستثمارات في شرايين الاقتصاد ووعد بالتوسع في الاسثمارات. ولم
يكن ذلك في إطار الإعلان عن مسابقة بين المرشحين.. لكن حكام قطر يعرفون
جيداً أين تكمن مصالحهم خاصة أنهم لعبوا دوراً مهماً في دعم الثورة التي
أطاحت بنظام مبارك.. جماعة الإخوان أيضا تعرف أين تكمن مصالحها ومآربها.
فعقب خروج خيرت الشاطر من السجن جري الحديث عن وجود اتجاه قوي داخل
الجماعة، بأن يقوم بتشكيل الحكومة باعتباره أبرز رجال الاقتصاد والذي أدار
شبكة عنكبوتية من الشركات وهو داخل السجن، وعلي أساس هذ الاتجاه التقي
السيناتور الأمريكي جون ماكين في مكتبه بمدينة نصر وساهم في حل أزمة
المتهمين الأمريكيين المعروفة إعلاميا بقضية التمويل الأجنبي، وبعد 9 أيام
فقط من انتهاء الأزمة حصل علي الشامل من المجلس العسكري فقد كانت
القضية التي تدخل فيها الإخوان، وراء عملية ابتزاز سياسي في تحقيق رغبات
الإخوان وعلي أثر ذلك سافر إلي دولة «قطر» والتقي حاكمها الشيخ «حمد»
وزوجته الشيخة «موزة» والشيخ يوسف القرضاوي أحد أبرز أقطاب الإخوان وجري
الحديث عن صفقات اقتصادية.. تمهد للشاطر رئاسة الحكومة باعتبار أن الإخوان
في طريقهم لان يحولوا النظام في مصر إلي «برلماني» بدعم من الأغلبية، خاصة
أن المشاورات التي جرت مع جون ماكين كانت تتعلق بالاكتفاء بما حصلت عليه
الجماعة «البرلمان والحكومة» وعدم الإقدام علي انتخابات الرئاسة،
المعلومات التي تحيط بسفر «الشاطر» إلي دولة قطر ذهبت إلي إرجاء أية
مساعدات أو قروض في الوقت الراهن. لحين إقالة حكومة الجنزوري بالتوافق مع
المجلس العسكري، أو سحب الثقة منه عن طريق «البرلمان». وامتدت الاتفاقات
إلي ضخ 30 مليار دولار أمريكي عن مشروعات يري الإخوان والشاطر أنها
عاجلة.. ظاهر هذه المشروعات استثمارياً لكنه يخفي مطامح ومطامع سياسية
للسيطرة علي صناعة القرار المصري، وتهدف أيضاً للسيطرة علي أهم موقع
استراتيجي وهو شريان قناة السويس. وتتلاقى هذه الرغبة القطرية مع التطلعات
الإسرائيلية التي تريد أن يكون لها وجود في مجري القناة، من خلال
الاستثمارات في مشروع جرى الإعلان عنه «تحويل منطقة القناة إلي منطقة حرة».
هذا المشروع اللغز، هي السبب الجوهرى للغضب من الجنزورى الذي دعموه
وأشادوا به، فور توليه رئاسة الحكومة. الشاطر عرض مشروع حكومة «قطر».
والجنزورى رفض بشدة لأنه يرتبط بالأمن القومي، ويمس السيادة المصرية..
معتبراً ذلك بأنه محاولة لإعادة القناة إلي ما قبل قرار تأميمها.
الغريب أن مشروع المنطقة الحرة تم عرضه قبل سنوات ورفضه مبارك، بعد تدخل
القوات المسلحة، والجهات الاستراتيجية. وعاد مرة أخري بعد الثورة، عندما
حضر وفد قطري رفيع المستوى، للقاء المشير محمد حسين طنطاوى. وعلي خلفية
الزيارة قام عصام شرف رئيس الحكومة قبل الجنزورى بالسفر إلي الدوحة، وعرض
وزير التعاون الدولي علي الوفد المصرى ملف المشروع مرة أخرى باعتباره يحقق
2 مليون فرصة عمل.. في منطقة شرق بورسعيد، فضلاً عن إنشاء ترسانات لإصلاح
السفن وتطوير الموانى لكن تم رفضه.
قطر المعروفة بعلاقاتها الوثيقة مع إسرائيل من النواحى السياسية والتجارية
لا تتوقف عن التوسع من نفوذها الإقليمي، ووجدت ضالتها في الإخوان.. وهم
بدورهم يسعون للسيطرة علي مقاليد الحكم، وفي حاجة لضخ استثمارات حتي يشعر
المواطن بالرضا.. المصالح متبادلة إذن بين الطرفين مصلحة جماعة تسعي
لتحقيق أهدافها، ومصلحة دولة صغيرة تريد أن يكون لها تأثير في صناعة
القرار المصرى، وما بين هذا وذاك ظلت المصلحة العليا للبلاد، بعيدة عن
العيون. ولذلك تدخلت «قطر» عبر الشيخ يوسف القرضاوى لكي يخرج الإخوان من
أزمتهم بترشيح الشاطر رئيساً لمصر.. وفي هذه الحالة سيكون مصير مشروعها
الرامى لخدمة إسرائيل، في حيز التنفيذ بعد خروج المجلس العسكرى من المشهد
السياسي في مصر.