ولان المجلس العسكرى لا يعبر عن فكر كامل للقوات المسلحة فهم مجموعة من ضباط الجيش وجدوا انفسهم فجأة على سدة الحكم فهل لهم اخطاء ؟وهل لهم اطماع فى الحكم ؟هذا ما تفرزه الايام القادمة
كغيرهم من الجنود الذين وجدوا أنفسهم في السلطة، يصعب على اعضاء المجلس
العسكري المصري الاعتراف بالطبيعة الموقتة والانتقالية لدورهم ويخططون بكل
ما أوتوا من عزم على ادامة حكمهم الى ما بعد أيلول (سبتمبر) المقبل.
إلى جانب النزوع «الطبيعي» لدى كل عسكريي العالم الثالث إلى التعلق بالحكم
وميزاته وتوهّم قدرتهم على إنقاذ شعوبهم من مصائر بائسة ستحيق بالخلق ما لم
يتدخل أشاوس الجيش، تضاف - في حالة المجلس المصري - حقيقة إضافية هي انها
المرة الأولى منذ 1952 تبرز فيها فرصة حقيقية لإبعاد الجيش عن السياسة
وتحويله مؤسسة يتولى قيادتها العليا مدني منتخب ديموقراطياً. هذا في حال لم
تتدخل ظروف قاهرة، على شكل دبابات الجيش، لمنع الانتقال المنتظر.
ثمة إشارات كثيرة إلى الحدود الضيقة التي ينظر من خلالها عسكريو مصر الى
السلطة وإلى إدارة البلاد. منها ان قبولهم بمجيء عصام شرف رئيساً للوزراء
تحت ضغط الشارع، ترافق مع اثقالهم حكومة شرف الأولى بعدد من الشخصيات التي
لا توالي إلا صاحب النفوذ بغض النظر عن اسمه. مواقف الأمين العام للجامعة
العربية من الاحتجاجات السورية عيّنة على ما ذهبنا إليه. ذلك ان الرجل لم
يستطع النطق إلا بصوت محافظ ومعادٍ لمصلحة الشعب السوري، يترجم فيه رغبات
من عيّنه في منصبه.
في المقابل، أبدى المعتذرون عن تولي أي مناصب حكومية، خشية من الوقوع في
الشرك الذي وقع فيه نبيل العربي، وأعلنوا انهم لا يستطيعون تحمل الانتقادات
الشعبية عن سياسات يضعها عملياً المجلس العسكري فيما يتولون هم بالكاد
الإشراف على تنفيذها.
هنا، بالضبط، تبرز خطورة تصرف المجلس. انه يسعى إلى إدارة الدولة على طريقة
الدمى المتحركة. فيكتفي كبار الضباط بتسيير الدمى ويظلون في منأى عن
المساءلة القانونية ويتمتعون، في الوقت ذاته، بامتيازات الحكم. هذه هي
اللعبة التي تراود أذهان جميع العسكريين في دول العالم المتخلف.
لقد آن الأوان ان تنتهي هذه المهزلة في مصر وفي الدول العربية جميعاً.
لقد بات من الملح أن يدرك المسؤولون العسكريون العرب أن الثورات التي تندلع
في العالم العربي لم تقع ولم يسقط آلاف الشبان قتلى وجرحى من اجل استبدال
ديكتاتور جاء الى السلطة من المؤسسة العسكرية بآخر من الخلفية ذاتها. وان
تعقيد الموقف ما بعد سقوط نظام الاستبداد السابق لا يعطي الحق للجيش أو
لغيره من أجهزة القوة والقسر في التسلل الى دوائر الحكم والتسلق على معاناة
ملايين المصريين والتونسيين واليمنيين (حتى الآن)، للتربع على كراسي حكم
استبدادي اعتباطي.
هذا كان مضمون تظاهرة الجمعة الماضية في القاهرة. ولا يبدو ان الجيش قد
استوعب الرسالة تمام الاستيعاب بإصراره على تكرار الخطة ذاتها في كل مرة من
خلال التعيينات الوزارية المرتبكة والتباطؤ في نقل الرئيس حسني مبارك الى
مستشفى سجن طرة وتمييع مسألة المحاكمات العسكرية، وعموماً عبر اللجوء الى
تمييع الحدود بين سلطات المجلس العسكري وصلاحيات رئيس الوزراء وهو ما
يتيحه، على كل حال، الإعلان الدستوري الحالي.
ربما لم يلاحظ العسكريون المصريون الرفض الشعبي العارم لخطوات الالتفاف على
الثورة، واطمأنوا الى وجود قوة سياسية كبرى، هي «الأخوان المسلمون»، تسير
في ركبهم. لكن، في المقابل، يمكن الاعتقاد ان الجيش و «الاخوان» يرتكبون
خطأ فادحاً في الرهان على صبر المصريين.
كغيرهم من الجنود الذين وجدوا أنفسهم في السلطة، يصعب على اعضاء المجلس
العسكري المصري الاعتراف بالطبيعة الموقتة والانتقالية لدورهم ويخططون بكل
ما أوتوا من عزم على ادامة حكمهم الى ما بعد أيلول (سبتمبر) المقبل.
إلى جانب النزوع «الطبيعي» لدى كل عسكريي العالم الثالث إلى التعلق بالحكم
وميزاته وتوهّم قدرتهم على إنقاذ شعوبهم من مصائر بائسة ستحيق بالخلق ما لم
يتدخل أشاوس الجيش، تضاف - في حالة المجلس المصري - حقيقة إضافية هي انها
المرة الأولى منذ 1952 تبرز فيها فرصة حقيقية لإبعاد الجيش عن السياسة
وتحويله مؤسسة يتولى قيادتها العليا مدني منتخب ديموقراطياً. هذا في حال لم
تتدخل ظروف قاهرة، على شكل دبابات الجيش، لمنع الانتقال المنتظر.
ثمة إشارات كثيرة إلى الحدود الضيقة التي ينظر من خلالها عسكريو مصر الى
السلطة وإلى إدارة البلاد. منها ان قبولهم بمجيء عصام شرف رئيساً للوزراء
تحت ضغط الشارع، ترافق مع اثقالهم حكومة شرف الأولى بعدد من الشخصيات التي
لا توالي إلا صاحب النفوذ بغض النظر عن اسمه. مواقف الأمين العام للجامعة
العربية من الاحتجاجات السورية عيّنة على ما ذهبنا إليه. ذلك ان الرجل لم
يستطع النطق إلا بصوت محافظ ومعادٍ لمصلحة الشعب السوري، يترجم فيه رغبات
من عيّنه في منصبه.
في المقابل، أبدى المعتذرون عن تولي أي مناصب حكومية، خشية من الوقوع في
الشرك الذي وقع فيه نبيل العربي، وأعلنوا انهم لا يستطيعون تحمل الانتقادات
الشعبية عن سياسات يضعها عملياً المجلس العسكري فيما يتولون هم بالكاد
الإشراف على تنفيذها.
هنا، بالضبط، تبرز خطورة تصرف المجلس. انه يسعى إلى إدارة الدولة على طريقة
الدمى المتحركة. فيكتفي كبار الضباط بتسيير الدمى ويظلون في منأى عن
المساءلة القانونية ويتمتعون، في الوقت ذاته، بامتيازات الحكم. هذه هي
اللعبة التي تراود أذهان جميع العسكريين في دول العالم المتخلف.
لقد آن الأوان ان تنتهي هذه المهزلة في مصر وفي الدول العربية جميعاً.
لقد بات من الملح أن يدرك المسؤولون العسكريون العرب أن الثورات التي تندلع
في العالم العربي لم تقع ولم يسقط آلاف الشبان قتلى وجرحى من اجل استبدال
ديكتاتور جاء الى السلطة من المؤسسة العسكرية بآخر من الخلفية ذاتها. وان
تعقيد الموقف ما بعد سقوط نظام الاستبداد السابق لا يعطي الحق للجيش أو
لغيره من أجهزة القوة والقسر في التسلل الى دوائر الحكم والتسلق على معاناة
ملايين المصريين والتونسيين واليمنيين (حتى الآن)، للتربع على كراسي حكم
استبدادي اعتباطي.
هذا كان مضمون تظاهرة الجمعة الماضية في القاهرة. ولا يبدو ان الجيش قد
استوعب الرسالة تمام الاستيعاب بإصراره على تكرار الخطة ذاتها في كل مرة من
خلال التعيينات الوزارية المرتبكة والتباطؤ في نقل الرئيس حسني مبارك الى
مستشفى سجن طرة وتمييع مسألة المحاكمات العسكرية، وعموماً عبر اللجوء الى
تمييع الحدود بين سلطات المجلس العسكري وصلاحيات رئيس الوزراء وهو ما
يتيحه، على كل حال، الإعلان الدستوري الحالي.
ربما لم يلاحظ العسكريون المصريون الرفض الشعبي العارم لخطوات الالتفاف على
الثورة، واطمأنوا الى وجود قوة سياسية كبرى، هي «الأخوان المسلمون»، تسير
في ركبهم. لكن، في المقابل، يمكن الاعتقاد ان الجيش و «الاخوان» يرتكبون
خطأ فادحاً في الرهان على صبر المصريين.