إن الحمد لله تعالى نحمده ونستعينه ونسغفره ونعوذ به من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا . والصلاة والسلام على حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم وبعد :
فلقد وقع تحت يدى كتاب أراه من بديع الكتب التى تحوى عددا من الفوائد الرائعة والتى أخرجها كالجواهر كل من العلمين الجبلين الجليلين :الشيخ الألبانى والشيخ بن عثيمين رحمهما الله من كتاب الإمام الحافظ العلامة النووى (رياض الصالحين) ذلك الكتاب الذى طاف مشارق الأرض ومغاربها .
ولقد قام الشيخ الفاضل /عبد العزيز بن عبد الله الحسينى جزاه الله خيرا بجمع واعداد هذه الفوائد للشيخين الجليلين فى كتاب واحد أسماه (فوائد على رياض الصالحين) من طبعة دار الأثير بالسعودية .
ولقد رأيت أن أكتب كل يوم فائدة واحدة بإذن الله وتوفيقه عسى أن يعم النفع والله الموفق والهادى والمستعان .
الفائدة الأولى :
متى يكون أجر النية كأجر العمل ؟
عن أبى عبد الله جابر بن عبد الله الأنصارى رضى الله عنهما قال : كنا مع النبى صلى الله عليه وسلم فى غزوة فقال :"إن بالمدينة لرجالا ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا الا كانوا معكم حبسهم العذر ".وفى رواية :"الا شركوكم فى الأجر ".(أخرجه مسلم ،كتاب الإمارة برقم1911)
قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – فى شرحه لهذا الحديث :
معنى الحديث أن الإنسان اذا نوى العمل الصالح ولكن حبسه عنه حابس فإنه يكتب له أجر ما نوى .
أما إذا كان يعمله فى حال عدم العذر ،أى لما كان قادرا كان يعمله ثم عجز عنه فيما بعد فإنه يكتب له أجر العمل كاملا ، لأن النبى صلى الله عليه وسلم قال :"إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحا مقيما "(أخرجه البخارى كتاب الجهاد والسير رقم 2996).
فالمتمنى للخير الحريص عليه ان كان من عادته أنه كان يعمله ولكنه حبسه عنه حابس كتب له أجره كاملا .
فمثلا : إذا كان الإنسان من عادته أن يصلى مع الجماعه فى المسجد ولكن حبسه حابس كنوم أو مرض أو ما أشبهه فإنه يكتب له أجر المصلى مع الجماعه تماما من غير نقص .
وكذلك إن كان من عادته أن يصلى تطوعا ولكن منعه منه مانع ولم يتمكن منه فإنه يكتب له أجره كاملا .
وغيره من الأمثلة كثير .
*أما إذا كان الإنسان ليس من عادته أن يفعله فإنه يكتب له أجر النية فقط دون أجر العمل .
ودليله :
أن فقراء الصحابه رضى الله عنهم قالوا يا رسول سبقنا أهل الدثور بالأجوروالنعيم المقيم – يعنى أهل الأموال سبقوهم بالصدقة والعتق فقال النبى صلى الله عليه وسلم : "ألا أخبركم بشئ إذا فعلتموه أدركتم من سبقكم ولم يدرككم أحد الا من عمل مثل ما عملتم ؟"!!فقال :"تسبحون وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين "ففعلوا فعلم الأغنياء بذلك ففعلوا مثل ما فعلوا !!
فجاء الفقراء الى الرسول صلى الله عليه وسلم وقالوا : يا رسول الله سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا ففعلوا مثله .
فقال النبى صلى الله عليه وسلم :"ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء"(البخارى ومسلم واللفظ لمسلم )
ولم يقل لهم النبى صلى الله عليه وسلم إنكم قد أدركتم أجر عملهم ولكن لا شك أن لهم أجر (نية) العمل .
ولهذا ذكر النبى عليه الصلاة والسلام فيمن آتاه الله مالا فجعل ينفقه فى سبل الخير وكان رجل فقير يقول لو أن لى مال فلان لعملت فيه عمل فلان ، قال صلى الله عليه وسلم : "فهو بنيته فهما فى الأجر سواء" (الترمذى وبن ماجه ).أى سواء فى أجر النية ،أما العمل فإنه لا يكتب له أجره الا أن كان من عادته أن يعمله . ا . هـ
وجزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم ونفعكم .