ديمقراطية اليوم مرتع لولادة دكتاتورية جديدة .. فحذار !!
أخطامن ظن أن نجم الثورة قد افل .. وهو واهم .. فها
نحن على ابواب التغييرالثوري .. أكتب اليوم
أفكار للفائدة ,, وحتى لاتتحول الثورات وعمليات التغيير و الديمقراطية التيننشدها مرتعا لولادة ديكتاتوريات جديدة .. أجد
من واجب جميع المثقفين انيوعوا شراح المجتمع
بالديمقراطية ومقوماتها الصحيحة
....
الديمقراطيةهو مصطلح ذو أصل يوناني يعني ( حكم الشعب ) وحيث
كان المقصود به مشاركة كلالمواطنين وليس جزءا
منهم في عملية صنع القرار .
يعرف شكل الحكم هذا فيالفكر السياسي المعاصر بإسم الديمقراطية
المباشرة .. أما في وقتنا الحاليفإن هذا المفهوم يستخدم
للدلالة على نظم الحكم التي تتمتع بقدر ملحوظالشعبية وكذلك تستخدم للإشارة الى نظم الحكم الجمهورية
والدستورية .. ونأتيعلى أراء بعض الفلاسفة ..
فأفلاطون إعتبر هذه النظم هي بإختصار نظم فاسدةيتولد عنها الطغيان كأكثر أشكال الحكم فسادا .. وذلك
نتيجة للمثاليةالمتعددة .. أما أرسطو
فتحدث عن نظم الحكم هذه في تصنيفه السداسي لنظمالحكم .. مميزا بين ما سماه ( Polity ) وهي ما يمكن اعتباره نوعا من أنواعالديمقراطية الدستورية أو المعتدلة وبين الديماغوجية او
ديمقراطية الغوغاءاي المتسيبة .. وهنا
نقول لعل السبب الرئيسي في تخوف الكثير من الفلاسفة منالديمقراطية هو إدراك أن الشعوب تضم بالضرورة الأميين
وغير الأكفاء .. ولذا ينظر للديمقراطية أحيانا كحكم الغوغاء
لا حكم الشعب .. لأن من السفاهةالقول بأن أي شخص يصلح
لتولي لأي منصب .. لأن إختلاف النزعات والقدراتالذهنية أمر لا يمكن تجاهله ومن ثم فإن النظام
الديمقراطي الذي يتيح الفرصةللجميع بالاشتراك في
الحكم هو نظام معيب يمكن الجهلاء غير الأكفاء منممارسة مهام هم غير مؤهلين لها بالطبيعة .. كما أن النظم
الديمقراطية التيتستقطب إليها أيا كان من
العقلاء والجهلاء .. فهي ديمقراطية توازي التطرفوالتي هي أحد أسباب عدم الاستقرار السياسي .. وحيث أن
الديمقراطية تكفلالحرية بشتى أنواعها ..
.. هنا توجب أن نميز بين المعنى السلبي للحريةوالمعنى الايجابي للحرية .. فالمعنى السلبي يتجلى بغياب
المحددات والمحجماتوالتدخل عند إتخاذ
القرار .. أما المعنى الايجابي للحرية تبرز معنى القدرة .. فالشخص
يكون حرا عندما تتوافر لديه الإمكانيات التي تساعده على أن يوظفقدراته على المبادرة والاختيار لأقصى درجة
ممكنة بتوفر وسائل تحقيق مايريد .. فغياب الوسائل
يتوزاى مع غياب الحرية ذاتها .
ومن طرحنا لوجهتيالنظر السلبية والايجابية للحرية .. نجد أن
فكرة إنعدام القهر عند إتخاذالقرار يعتبر مكونا
أساسيا .. ففي المجتمعات المعاصرة ومع التقدم الكبير فيوسائل الدعاية فإن أصحاب الأموال والنفوذ يمتلكون
السيطرة على وسائلالاتصال بالشعب وهذا
يمكنهم من أن يستغلوا ذلك في حجب أراء المعارضةوالجهات التي تطرح بدائل أخرى لعملية صنع القرار .. هذه
الحالة بإختصار هيعملية دعاية غير أمينة
تشوه بعض الخيارات المتاحة للشعب ومن ثم فهي تؤثربطريقة غير مباشرة في قدرة الشعب على الاختيار الحر
السليم وهذا يرقى الىالقهر والضغط المباشر .
إذن طالما أن
الديمقراطية تضمن الحرية .. والحرية هي قدرة الفرد على أن يختار لنفسه ..
فإن إستغلال والتلاعب بهذهالقدرة على الاختيار
ترقى الى مستوى قهر هذه القدرة بالوسائل المباشرة .. فالفرد
الذي يضحى مناطا بالدعاية الى حد الذي لا يعدو أن يكون بوقا لحاكمهأو من هو في سلطة أعلى لا يمكن أن يكون
أنسانا حرا.
إذن من طرحنانستنتج أن الديمقراطية التي ستفرزها الثورات
معيبة في ظل وجود القهر والضغطوالتلاعب بقدرات الشعب
في إتخاذ ما يريد .. إذن فإن إمكانية الاختيارتشترط بدروها زوال القهر وهذا الأخير لا يزول إلا إذا
كانت البدائل مطروحةعلى الساحة مع امتلاك
الوسائل والقدرات على تحقيق التفضيلات والخيارات لكنهذا لا يعني بالضرورة أن تكون البدائل كلها مطروحة بصورة
غير مشوهة وغيرمبتورة .. ولكن يعني أن
الفرد في ظل العملية الديمقراطية يجب أن يكون قادراعلى فهم طبيعة البدائل المطروحة وان يدرك النتائج
المترتبة عليها ولذا فإنالتعليم و محاربة الجهل
شرط أساسي لبناء الحرية والديمقراطية الصحيحة .
لكنمع ضرورة زوال العوائق والقهر .. هناك ضرورة
أخرى وهي لابد من وجود القيودلتغذية مفهوم الحرية .. فالإنسان
بطبيعته لا يقدر معنى الحرية و لا يسعىوراء الحفاظ عليها إلا إذا علم القيود التي يمكن أن توضع
عليها .. لأن هناكحدا إذا ما تجاوزته
الحرية صارت ضارة ومحطمة .. فتظهر لنا الحاجة الى وجودقيود ومحجمات .
إذن حرية الفرد والمجتمع
لابد ان تحدها فكرة .. حتى لاتكون ممارسة هذه الحرية
ضارة بمصالح الاخرين .. فإذا لم يكن الشعب مستعداومؤهلا لأن يضع على نفسه القيود طواعية .. فلابد ولابد
أن يجبر على أنيحترم ذلك الالتزام وإلا
سادت أجواء عدم الاستقرار السياسي والفوضى فيالمجتمع .
وهنا تظهر أهمية و ضرورة
القانون !!
هنا يقول جونستيوارت مل إن قدر الحرية الذي يتمتع بها
الأفراد يقاس بمدى ضيق مجالاتالحياة الفردية التي
يمكن للقانون - الذي يمثل سلطة الدولة - أن يتدخل فيها .. ذلك
انه ليس للقانون أن يتدخل الا اذا أساء الفرد التصرف مع الآخرين .
كماانه لمل مقولة أخرى تقول أن الفرد يكون حرا
بالقدر الذي يؤكد ذاته من خلالمواجهة الدولة وسلطاتها
المتمثلة بنظامها القانوني .. لذا ينظر وننظرللحرية وفق هذا الرأي نظرة التشكيك متخوفين ومتوجسين
خيفة من النتائجالسياسية الخطيرة التي
قد تترتب عليها إذا ما اطلق العنان في المجتمع دونما محجم قانوني قوي .
وهنا نعود لأفلاطون .. فلعله
هو أول من قدم دفاعا - من وجهة نظر الفلسفة السياسية - عن هذا الرأي
.. حيث جعل الحرية هي الغايةالتي تهدف إليها النظم
الديمقراطية - احد نظم الحكم الفاسدة عنده - و أكدالتمسك الشديد بالحرية في هذه النظم والذي يصل الى حد
الاسراف ليصبح مرتعالولادة ديكاتورية جديدة
من خلال القضاء على النظام نفسه .. لأن الحريةالمفرطة تؤدي الى حدوث فوضى تامة فيزول اي انضباط وكل
سيطرة على الشعب .. فيتحول الغوغاء والمصطادين بالماء العكر
الذين سيسيطرون على النظامالديمقراطي وعملية
التغيير الثوري الى طغاة يمارسون اقصى انواع السلطة حكماواستبدادا .. وتتحول الديمقراطية الى بلوتوقراطية وطغيان .
لذا يبرز لنا ضرورة
تكريس سلطة الدولة والقانون .. لأن الشعب إذا ما منح الحرية المطلقة فكأنما أطلقنا
نمرا مفترسا من قفصه !!
وهنانقف لنقول نحن لا ندعم تقييد الحرية لأبعد
الحدود .. ولكن ندعو الى الخضوعللقوانين والخضوع
للارادة العامة .. ونعني بالارادة العامة الخضوع لدساتيرالدولة وقوانينها التي شاركوا هم بوضعها .. فإذا ما
انتهك الفرد القانونفلابد ان يجبر على طاعته
بواسطة سلطات الدولة التنفيذية .. وهذا الإجبارعلى طاعة القانون هو إجبار لأن يظل الفرد حرا .
خلاصة طرحنا تبرز لنامفهوم الديمقراطية الدستورية ليس كشكل لنظام
حكم !! و انما هو معيار الذيينبغي ان يقام على اساسه
الحكم .. والذي يكفل القطاع العام والمساواة وفرصالعمل والحريات السياسية والحقوق المدنية والحياة
البرلمانية الممثلة للشعبوالمراقبة للدولة .. بشرط
أن يتدخل القانون في حالة الإساءة للمجتمعوالمصلحة العامة .
لكن يبقى هناك سؤالا .. من
سيحكم في النظام القائم على الديمقراطية الدستورية .. أهو الشعب ؟؟ أم دعاة
الديمقراطية الدستورية ؟؟فإذاكان الشعب في مجمله جاهلا وغير قادر على أن
يحكم نفسه بحكمة .. فهل سنسحبمنه حق المشاركة في صنع
القرار والعودة بالديمقراطية الى ديكتاتورية ؟هنانقول اذا كان الشعب لا يمتلك القدرات اللازمة
لأي أسباب كانت .. فالعلاجيكمن في ان نثقفه وننوره
بالمقومات السليمة للديمقراطية التي ننشدها والتيتتضمن مصحة الوطن ككل .
ومن تلك المقومات التي
ممكن ان نطرحها بإيجاز لعامة الناس والمهتمين بقضايا الوطن :
اولا :- الموضوعية/ ان فهم الواقع او أي ازمة ودراسة جوانبه بشكل
دقيق ودراسةجميع المؤثرات سواء منها
الداخلية او الخارجية بموجب منهج جدلي يسبر أعماقالظاهرة او الحالة المراد التصدي لها .. لا النظر اليها
من زاوية ضيقة وبرؤية خطابية سطحية
تعتمد على النهج الشكلي .. وانما بموجب الاعتماد علىمنهج العلاقات الضرورية بين الاشياء وتأثيراتها
المتبادلة ليتسنى التناولبشكل صحيح للظاهرة .
ثانيا :- النقد البناء /
إن تناول أي ظاهرة سواءكانت ايجابية أو سلبية
بأسلوب بناء يستوفي الدقة في التعبير ويقصد هوالأساس بالنقد – وليس الديمقراطية تتيح للمتصيدين
والمتربصين الذين يعتبرونالأخطاء التي تحصل هي
غاية ما ينشدون ليتهجموا على الآخرين لكن هاجسهم فيذلك هو الاستغلال الخطأ أو الهفوة للنيل من الآخرين او
ربما يستخدمونالتأويل الخاطئ الذي فيه
يستثمرون أحيانا – مفردات رنانة للتأثير على أفكاروأراء الناس و لاسيما السواد الأعظم الذي كما هو معروف
يتأثر بسرعة بآراءالآخرين والتي توظف
أحيانا للتأثير سلبا بما يسئ للبناء .. إذ يلجأ بعضالأشخاص إلى استغلال عواطف الناس لأجل التأثير عليهم .. والتصدي
في الماءالعكر .. وإذا ما رأوا
من فتيل فتنة ينفخون لعله يتقد وهذا اسلوب هدام وغيرمسؤول – فلا يصح و لا يجوز نقد و تصنيف ظاهرة أو حالة
نقدا حادا لااستثناء فيه حسب المبدأ
القائل ( من لم يكن معنا كان ضدنا ) فهذا لا يصح فيتصوير الواقع والبناء والتقويم والمصلحة الوطنيةبالتالي .. فالإشارة الىظاهرة مراد نقدها بالحجة الواضحة بعيدا من
التأثيرات العاطفية هي الأسلوبالأنجع للابتعاد عن
المهاترات .. لان النهج وفق منطق مبني على الشعاراتالصاخبة هو أسلوب ضعاف الحجة وخصوصا من تستهويهم
الأسبقيات والمسمياتلحيلولة دخول عملية
النقد في خدمة استكمال العملية الثورية .
ثالثا:- المصلحة الوطنية / ان المصلحة الوطنية تقتضي بالدرجة
الأساس التوقف عندها .. حيث يتم تعاطي الديمقراطية لا الركون الى
المصالح الشخصية الأنانية اوالانفرادية الضيقة
وتنحية الخسارات الشخصية والمهاترات الحزبية والاختلافاتالفئوية والطبقية والشوفينة لأجل المصلحة الوطنية العليا
– التي تتمثل فياستكمال العملية الثورية
وتعزيز روح الديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالةوالمواطنة – والتي هي هاجس كل وطني مبدأي اعتمادا على
مبدأ نكران الذاتسواء للفرد او لمجموعة
معينة والنحو بهذا الاتجاه يزكي المتناول ويشير بشكلواضح الى وطنيته وحرصه الصحيح.
رابعا :- الاحياد
الايجابي/ علىالأيديولوجي والسياسي ان
يكون حياديا ايجابيا أي ناظرا الى الأزمات ليستبطريقة تأملية وإنما بطريقة ملموسة معتمدا على مبدأ
الاشتراك الفعال الىجانب القوى الوطنية
الديمقراطية في رسم صورة واعية عن واقع أي أزمة والظروفالمحيطة بها وتسمية القوى المتصارعة وماهيتها والتناقضات
القائمة .. ثمالتحاور معها نقديا
وبموضوعية وتسمية الأمور بمسمياتها وفق ما تقتضيهالمصلحة الوطنية ( أي معتمدا على الأسس الثلاث المذكورة
أنفا ) مرتفعا عنمحيطه الضيق وقادرا على
التحرر من القواقع الفكرية وروابط أي انتماء ومن ثمالارتفاع بها الى الاتجاهات الممكنة لحل الأزمة .. أي
موقف الحيادالايجابي هو ليس موقف
اللامبالاة وعدم الاكتراث موقف الحياد السلبي .. فليسمن المصلحة تبني هذا الموقف في خضم أزمة خطيرة تقع بين
فريقين متصارعينفهذا سيكون كالذي يقف
محايدا بين السارق والمسروق أو بين الظالم و المظلوم– ولا نقصد حرفيا وجوب جاني ومجني عليه في كل أزمة فقد يكون هناك خلاف علىسبيل المثال في تطبيق هدف معين وليس خلافا في
جوهر الهدف – وهو بذلك يساهمفي عرقلة التقدم
والعملية الثورية بدلا من المساهمة فيها .
نؤكد إنالديمقراطية التي ننشدها اليوم هي تلك
المبينة على مبدأ المساواة والعدالةالاجتماعية والتعددية الحزبية ومبدأ حرية الرأي والتعبير
ومبدأ التداولوتداور السلطة المؤمِنة
لتحسين الاداء في المسؤولية ومبدأ احترام حقوقالانسان .. كما ان هذه الديمقراطية تتطلب فهما لطبيعة
المجتمعات .. عليهفإن صمام امان عملية
التغيير في هي الديمقراطية الدستورية تلك المبنية علىدولة القانون والمواطنة .. أي ان الديمقراطية الدستورية
تستند الى الدولةالمنظمة للمجتمع
بدساتيرها وقوانينها وسلطاتها التنفيذية التي من واجبهاتحجيم الحريات بشتى أنواعها وفق القانون الذي يتفق عليه
الشعب .. ومن ثمللمواطن المراقب والمهذب
لأداء الدولة .. فإن غاب أحدهما أصبحت الديمقراطيةالتي ننشدها عرجاء .. وستكون مرتعا أكيدا لولادة
ديكتاتورية جديدة وإرهابجديد ولو بعد حين .
لذا لكل الديمقراطيون
الليبراليون وكل المفكرين .. نحن نحمل رسالة إنسانية تتجاوز حدود ما يعرف
بمنطقة او فئة لتصل الى الهمالانساني ككل .. وهنا
ممكن ان نعد الازمات جزءا من الازمة الكبيرة التيتعيشها أوطاننا ونعيش لأجلها .. ان ثبات دوركم وثباتكم
في الساحة رغمالعراقيل والصعوبات التي
تواجه عمليات التغيير .. حينها سنجسد تفاعلناالصميمي مع الاحداث ومحركاتها .. فدورنا دور تنويري
يتجاوز الانفعال السطحيبالحدث وهذا دورنا ..ولعل
الطريق الذي نسير به للوصول بأوطاننا الى مانصبو اليه سيجيب على اسئلة كثيرة ولو بعد حين.