لست على يقين بحجم التواجد الإسرائيلى فى الجنوب السودانى الذى يخضع الآن
لمرحلة مخاض عسيرة، فى ظل تواصل توجه الجنوبيين إلى مراكز الاقتراع للتصويت
على استفتاء حق الجنوب فى تقرير مصيرهم، حيث لم تقم حتى الآن أى دلائل
رسمية على التواجد الإسرائيلى المخيف كما نتصوره دائما فى جنوب السودان،
اللهم إلا بعض التصريحات المنسوبة لقيادات فى الحركة الشعبية لتحرير
السودان التى تفيد وجود نوع من التنسيق بين الجنوبيين وتل أبيب، مع العلم
بأن هذه التصريحات جرى نفيها أو توضيحها فى وقت لاحق من المسئولين
الجنوبيين أنفسهم، ولكن أياً كان حجم التواجد الإسرائيلى فى جنوب السودان،
لكنه لا يقارن أبداً بالتواجد المصرى الذى يعتمد على أحداث التنمية فى
المجتمع الجنوبى، من خلال القوافل الطبية والدورات التدريبية لعدد كبير من
المسئولين الجنوبيين ممن يرتبطون على الأقل علميا بمصر، خاصة أن غالبية
قيادات الجنوب من خريجى الجامعات المصرية.
التواجد الإسرائيلى فى جنوب السودان هو أشبه بالبعبع الذى نريد أن نخيف به
أنفسنا قبل أن نخيف به الجنوبيين ذاتهم، ولا أدرى لمصلحة من تضخيم هذا
التواجد أو الدور الذى لم يقم أى دليل على وجوده، فى مقابل أدوار أخرى أكثر
تأثيراً من التواجد الإسرائيلى المزعوم، وأذكر هنا تحديداً أوغندا التى
طالما تحدثت عنها فى مقالات سابقة، ولم يصدق أحد ما قلته، أو حاول البعض
تتفيه هذا الدور رغم أنه موجود بقوة وباعتراف الأوغنديين أنفسهم، فمؤخرا
نشر أحد الكتاب الأوغنديين اسمه ريف تيتيس مقالا فى صحيفة "ديلى مونيتور"،
الأكثر انتشارا فى أوغندا تحدث فيه عن الدور الذى تلعبه بلاده من أجل
انفصال جنوب السودان فى دولة مستقلة، قال فيه "إن أوغندا دعمت استفتاء حق
الجنوب فى تقرير مصيره، حيث أقيمت مراكز الاقتراع فى كمبالا ومدن أخرى، كما
أن المعارضة فى أوغندا ستقف بجانب الرئيس موسيفينى – رئيس أوغندا لدعم شعب
جنوب السودان فى سعيهم لتحقيق الحرية".
الكاتب الأوغندى أضاف فى مقالته "أن هناك أملا كبيرا فى أن تشرق الشمس على
الأراضى السودانية الجنوبية، فشعب جنوب السودان سيركز فى هذه اللحظة
التاريخية التى ستحدد إلى الأبد هويتهم وجنسيتهم الحقيقية، فبدلا من وجودهم
فى الشتات، سيبحثون بشغف عن منازلهم القادمة، وأماكنهم التى ستضمن لهم
الأمن، فضلاً عن ممارسة الحرية السياسية والاجتماعية والاقتصادية".
ما ذكره الكاتب الأوغندى فى مقالته يشير إلى أن أوغندا هى الداعم القوى
للجنوبيين فى اتجاههم للانفصال، لعدة أسباب سياسية وأمنية تحدثت عنها
سابقا، وقد تكمن هذه الخطورة إذا ربطنا التوجه الأوغندى القوى نحو انفصال
الجنوب بالعلاقات الجيدة التى تربط بين أوغندا وتل أبيب، وهو ما يطرح
تساؤلات عن الدور المستقبلى الذى يمكن أن تقوم به كمبالا لتمرير التواجد
الإسرائيلى فى دولة جنوب السودان المستقبلية، خاصة أن لإسرائيل تواجدا قويا
فى أوغندا، منه على سبيل المثال العلاقات السياسية القوية التى تربط
البلدين، منذ أن كانت إسرائيل أحد الدول الأوائل التى اعترفت بقيام الدول
الأفريقية التى حصلت على استقلالها فى الخمسينات، وقام وزير الخارجية
الإسرائيلى أفيجدور ليبرمان بجولة أفريقية فى سبتمبر 2009 شملت إثيوبيا
وكينيا وأنجولا ونيجيريا وأوغندا "يومى 9 و10 سبتمبر"، وتعد هذه الزيارة هى
الأولى لوزير إسرائيلى لأوغندا، وقد رافقه مسئولون أمنيون ومخابراتيون،
وكذلك 20 من رجال الأعمال وممثلى الشركات الإسرائيلية وقد زار الوفد الأمنى
الإسرائيلى المرافق للوزير معسكر لتدريب كوادر عسكرية من العدل والمساواة
فى الشمال الغربى على الحدود مع الكونغو الديمقراطية، وخلال الزيارة قام
الجانب الإسرائيلى بطلب دعم أوغندا فى مجلس الأمن لفرض عقوبات على إيران
بسبب الملف النووى الإيرانى، ومحاولة تطويق دورها الأفريقى والدولى، وقد تم
التوقيع خلال الزيارة على (aidmemoir) بين الجانبين فى مجال المياه.
ويمتد التعاون بين كمبالا وتل أبيب إلى الجانب الزراعى والمائى، حيث قام
وفد من شركة المياه والرى الإسرائيلية بزيارة أوغندا فى الفترة من 2 إلى 9
سبتمبر 2009، بهدف تنمية ووضع خطة لنظم الرى فى أوغندا، لتقليل الاعتماد
على مياه الأمطار فى تلك المناطق، وبهدف رفع الإنتاجية الزراعية وتفادى
موجات الجفاف، وذلك رداً على زيارة وزيرة المياه والبيئة الأوغندية
لإسرائيل فى يوليو 2009، وشملت الزيارة بعض الزيارات الميدانية لكل من
إقليم كاراموجا ومنطقة راكاى فى الغرب، وسد نهر كيبالى وكذلك عدد من
المزارع من ضمنها مزرعة وزارة الدفاع الأوغندية، كما نجحت السفارة
الإسرائيلية فى تجميع 10 ملايين شلن، بما يعادل 5 آلاف دولار لمساعدة ضحايا
الانهيارات الأرضية فى (bududa) بشرق أوغندا والتى وقعت خلال شهر فبراير
2010، وتقدم إسرائيل الدعم لأوغندا فى مجال الزراعة، حيث قامت بإرسال بعض
المزارعين الأوغنديين المحليين إلى إسرائيل ليتبنوا أساليب زراعية تساعد
على زيادة إنتاج الغذاء فى أوغندا، ولتعلم الطرق الحديثة للزراعة، كما
ستقوم إسرائيل بالعمل على برنامج زراعى خاص فى منطقة الـ(karamoja)، وهى
منطقة القبائل الرعوية بشمال شرق أوغندا، كما يقوم مهندسون إسرائيليون
بتقييم الأضرار التى لحقت برصف طريق (kabala - kisoro) والذى تقوم بإنشائه
شركة إسرائيلية الذى من المفترض أن يربط أوغندا بالكونغو الديمقراطية عند
نقطة (bunagana) الحدودية، ورواندا عند نقطة (kyanika).
أنها أمثلة لنماذج عديدة من التعاون الإسرائيلى الأوغندى الذى قد يكون هو
الفاتحة لدخول الخبراء الإسرائيليين إلى الجنوب السودانى، فى ظل الروابط
القبلية والسياسية القوية بين قيادات جنوب السودان وأوغندا.
مقال اعجبنى
لمرحلة مخاض عسيرة، فى ظل تواصل توجه الجنوبيين إلى مراكز الاقتراع للتصويت
على استفتاء حق الجنوب فى تقرير مصيرهم، حيث لم تقم حتى الآن أى دلائل
رسمية على التواجد الإسرائيلى المخيف كما نتصوره دائما فى جنوب السودان،
اللهم إلا بعض التصريحات المنسوبة لقيادات فى الحركة الشعبية لتحرير
السودان التى تفيد وجود نوع من التنسيق بين الجنوبيين وتل أبيب، مع العلم
بأن هذه التصريحات جرى نفيها أو توضيحها فى وقت لاحق من المسئولين
الجنوبيين أنفسهم، ولكن أياً كان حجم التواجد الإسرائيلى فى جنوب السودان،
لكنه لا يقارن أبداً بالتواجد المصرى الذى يعتمد على أحداث التنمية فى
المجتمع الجنوبى، من خلال القوافل الطبية والدورات التدريبية لعدد كبير من
المسئولين الجنوبيين ممن يرتبطون على الأقل علميا بمصر، خاصة أن غالبية
قيادات الجنوب من خريجى الجامعات المصرية.
التواجد الإسرائيلى فى جنوب السودان هو أشبه بالبعبع الذى نريد أن نخيف به
أنفسنا قبل أن نخيف به الجنوبيين ذاتهم، ولا أدرى لمصلحة من تضخيم هذا
التواجد أو الدور الذى لم يقم أى دليل على وجوده، فى مقابل أدوار أخرى أكثر
تأثيراً من التواجد الإسرائيلى المزعوم، وأذكر هنا تحديداً أوغندا التى
طالما تحدثت عنها فى مقالات سابقة، ولم يصدق أحد ما قلته، أو حاول البعض
تتفيه هذا الدور رغم أنه موجود بقوة وباعتراف الأوغنديين أنفسهم، فمؤخرا
نشر أحد الكتاب الأوغنديين اسمه ريف تيتيس مقالا فى صحيفة "ديلى مونيتور"،
الأكثر انتشارا فى أوغندا تحدث فيه عن الدور الذى تلعبه بلاده من أجل
انفصال جنوب السودان فى دولة مستقلة، قال فيه "إن أوغندا دعمت استفتاء حق
الجنوب فى تقرير مصيره، حيث أقيمت مراكز الاقتراع فى كمبالا ومدن أخرى، كما
أن المعارضة فى أوغندا ستقف بجانب الرئيس موسيفينى – رئيس أوغندا لدعم شعب
جنوب السودان فى سعيهم لتحقيق الحرية".
الكاتب الأوغندى أضاف فى مقالته "أن هناك أملا كبيرا فى أن تشرق الشمس على
الأراضى السودانية الجنوبية، فشعب جنوب السودان سيركز فى هذه اللحظة
التاريخية التى ستحدد إلى الأبد هويتهم وجنسيتهم الحقيقية، فبدلا من وجودهم
فى الشتات، سيبحثون بشغف عن منازلهم القادمة، وأماكنهم التى ستضمن لهم
الأمن، فضلاً عن ممارسة الحرية السياسية والاجتماعية والاقتصادية".
ما ذكره الكاتب الأوغندى فى مقالته يشير إلى أن أوغندا هى الداعم القوى
للجنوبيين فى اتجاههم للانفصال، لعدة أسباب سياسية وأمنية تحدثت عنها
سابقا، وقد تكمن هذه الخطورة إذا ربطنا التوجه الأوغندى القوى نحو انفصال
الجنوب بالعلاقات الجيدة التى تربط بين أوغندا وتل أبيب، وهو ما يطرح
تساؤلات عن الدور المستقبلى الذى يمكن أن تقوم به كمبالا لتمرير التواجد
الإسرائيلى فى دولة جنوب السودان المستقبلية، خاصة أن لإسرائيل تواجدا قويا
فى أوغندا، منه على سبيل المثال العلاقات السياسية القوية التى تربط
البلدين، منذ أن كانت إسرائيل أحد الدول الأوائل التى اعترفت بقيام الدول
الأفريقية التى حصلت على استقلالها فى الخمسينات، وقام وزير الخارجية
الإسرائيلى أفيجدور ليبرمان بجولة أفريقية فى سبتمبر 2009 شملت إثيوبيا
وكينيا وأنجولا ونيجيريا وأوغندا "يومى 9 و10 سبتمبر"، وتعد هذه الزيارة هى
الأولى لوزير إسرائيلى لأوغندا، وقد رافقه مسئولون أمنيون ومخابراتيون،
وكذلك 20 من رجال الأعمال وممثلى الشركات الإسرائيلية وقد زار الوفد الأمنى
الإسرائيلى المرافق للوزير معسكر لتدريب كوادر عسكرية من العدل والمساواة
فى الشمال الغربى على الحدود مع الكونغو الديمقراطية، وخلال الزيارة قام
الجانب الإسرائيلى بطلب دعم أوغندا فى مجلس الأمن لفرض عقوبات على إيران
بسبب الملف النووى الإيرانى، ومحاولة تطويق دورها الأفريقى والدولى، وقد تم
التوقيع خلال الزيارة على (aidmemoir) بين الجانبين فى مجال المياه.
ويمتد التعاون بين كمبالا وتل أبيب إلى الجانب الزراعى والمائى، حيث قام
وفد من شركة المياه والرى الإسرائيلية بزيارة أوغندا فى الفترة من 2 إلى 9
سبتمبر 2009، بهدف تنمية ووضع خطة لنظم الرى فى أوغندا، لتقليل الاعتماد
على مياه الأمطار فى تلك المناطق، وبهدف رفع الإنتاجية الزراعية وتفادى
موجات الجفاف، وذلك رداً على زيارة وزيرة المياه والبيئة الأوغندية
لإسرائيل فى يوليو 2009، وشملت الزيارة بعض الزيارات الميدانية لكل من
إقليم كاراموجا ومنطقة راكاى فى الغرب، وسد نهر كيبالى وكذلك عدد من
المزارع من ضمنها مزرعة وزارة الدفاع الأوغندية، كما نجحت السفارة
الإسرائيلية فى تجميع 10 ملايين شلن، بما يعادل 5 آلاف دولار لمساعدة ضحايا
الانهيارات الأرضية فى (bududa) بشرق أوغندا والتى وقعت خلال شهر فبراير
2010، وتقدم إسرائيل الدعم لأوغندا فى مجال الزراعة، حيث قامت بإرسال بعض
المزارعين الأوغنديين المحليين إلى إسرائيل ليتبنوا أساليب زراعية تساعد
على زيادة إنتاج الغذاء فى أوغندا، ولتعلم الطرق الحديثة للزراعة، كما
ستقوم إسرائيل بالعمل على برنامج زراعى خاص فى منطقة الـ(karamoja)، وهى
منطقة القبائل الرعوية بشمال شرق أوغندا، كما يقوم مهندسون إسرائيليون
بتقييم الأضرار التى لحقت برصف طريق (kabala - kisoro) والذى تقوم بإنشائه
شركة إسرائيلية الذى من المفترض أن يربط أوغندا بالكونغو الديمقراطية عند
نقطة (bunagana) الحدودية، ورواندا عند نقطة (kyanika).
أنها أمثلة لنماذج عديدة من التعاون الإسرائيلى الأوغندى الذى قد يكون هو
الفاتحة لدخول الخبراء الإسرائيليين إلى الجنوب السودانى، فى ظل الروابط
القبلية والسياسية القوية بين قيادات جنوب السودان وأوغندا.
مقال اعجبنى