بعد يوم واحد من قرار محافظة جنوب سيناء بحظر عمليات الغوص، فى شرم الشيخ، لوّن الحزن المدينة التى تعتبر واحدة من أهم مراكز الغوص فى العالم، وظهرت شوارعها المشهورة مثل لوحة ألوان باهتة، فالسياح حزانى لضياع فرصة الغوص فى واحدة من أشهر أعماق البحار فى العالم، والعمال غاضبون لما رأوا أنه «قفل بيوت وتشريد أسر»، وأصحاب المراكز كاظمون الغيظ على ما وصفوه بـ«سوء تخطيط، سوف يؤدى لإغلاق كل المكاتب، ويهدم حركة السياحة فى المدينة المزدهرة»، والمحافظة ملتزمة بقرار الحظر لما ستتحمله من مسؤولية فى حالة وقوع هجمات جديدة.. قوى مختلفة تدفع فى اتجاهات متفرقة، وما بين محافظة، وأصحاب مراكز، وعاملين.. يبقى السياح هم الهدف، وعمق البحر هو المكان المرصود.
بعد يوم واحد من قرار الحظر، صدر قرار السماح، سماحاً مشروطاً لمن يملك خبرة كافية من السياح، يعطى المدينة السياحية بعض الـ«هواء»، ربما يكون بداية للصعود بها من أعماق بحر، خلا من السياح، وامتلأ بالقلق من «القرش»، وتوابع هجماته. قلق لوّن أولى رحلات الغوص بعد قرار السماح، وحذر بدا ظاهراً على السياح والمرشدين، ترصده «المصرى اليوم» فوق وتحت البحر.
فى نشاط بادٍ على خطواتهم، سارت مجموعة من عدة دول أجنبية فى شوارع خليج نعمة، البعض يحمل «عدة» الغطس فوق كتفيه، وآخرون تركوها لسيارة مركز الغوص لتسبقهم إلى المركب الذى ينتظرهم على شاطئ شرم الشيخ، الذى تعرض إلى ثلاث هجمات من سمكة أو أسماك قرش مختلفة فى فترة لم تتعد الأسبوعين.
فى الساعات الأولى للصباح، ساروا فى الشارع الأشهر فى المدينة السياحية المعروفة، متجهين إلى مركب «واسر» المنتظر على الشاطئ، فى واحدة من أولى رحلات الغطس التى نظمتها مراكز الغوص المنتشرة، بعد قرار محافظة جنوب سيناء بالسماح بالغوص فقط، ومنع السباحة والألعاب الترفيهية على الشواطئ التى تعرضت لثلاث هجمات من قرش أو أكثر خلال فترة لم تتعد الأسبوعين، كانت الخطى واثقة فى معظمها لم يشوبها إلا نظرات قلق هاربة من آن لآخر، وهمسات مكتومة عن هجمات «القرش»، حرصت معظم المجموعة التى تضم ١٠ بريطانيين، و٤ فرنسيات وإسبانيتين على تجاهلها.
فى عمق البحر وعند منطقة شهيرة لهواة الغوص تدعى «جولدن ريف»، بدأت «فيكى» مدربة الغوص فى شرح ما ستقابله المجموعة فى أعماق البحر، ودون أن تذكر كلمة قرش، حذرت المجموعة من الغوص بشكل منفرد، ونبهتهم إلى النظر إلى عمق البحر بشكل متواصل، وأن يخرجوا بشكل مزدوج من جهة الشعب المرجانية وليس من جهة العمق، وهو ما دفع المجموعة إلى تبادل نظرات قلقة، ودفع «الريس خميس» قائد المركب إلى الهمس «ربنا يسترها علينا، لو حصل حاجة تانى هتتقفل بيوتنا كلنا»، وبعد الشرح، أصرت «فيكى» على النزول إلى المياه أولاً والغوص لعمق بسيط، قبل أن تخرج برأسها، وتشير إلى بقية أفراد المجموعة للنزول.
يجلس «خميس» القادم من مركز المحمودية بمحافظة البحيرة، خلف مقود «اللانش الضخم»، يدخن سيجارة أجنبية باستمتاع، ويتمتم «اليوم الذى منعت فيه المحافظة رحلات الغوص خوّف الواحد، وجعله يدعو الله يسترها، عشان لو حدث هجوم جديد من قرش هتبقى كارثة علينا كلنا»، وأكمل العجوز الذى يعمل فى شرم الشيخ منذ ١٥ عاماً: «فى الأيام الطبيعية كان يوجد فى هذه المنطقة حوالى من ٢٥٠ إلى ٣٠٠ مركب، اليوم لم تخرج إلا ١٥ مركباً فقط، بسبب الخوف من هجمات القرش، ده وقف حال، والناس بتقول إنه بسبب الصيد طب ما يمنعوه، ما هو بيحصل لحد الآن»، وأشار بأصابعه المنحوتة إلى مركب صيد صغير يحمل ثلاثة شباب يصطادون فوق منطقة الشعب المرجانية، وقطع كلامه إشارة من أبو ربيع، العامل الآخر على ظهر المركب، ليتحرك فى اتجاه المجموعة التى بدأت رؤوسهم بعد ساعة من الغوص فى الظهور فوق سطح الماء.
فى المسافة التى قطعها «واسر» بين منطقة «جولدن ريف» ومنطقة «جاكسون» المسماة، على اسم أحد كولونيلات الجيش البريطانى وقت الاحتلال، جلست المجموعة، تتبادل الضحكات والقفشات، كانت الثقة قد عادت وبعض ما تبقى من خوف قد ذهب، لحظات وظهرت فى الجوار سفينة مجاورة تحمل فوق سطحها مذيعاً لقناة أجنبية، ويسجل جزءاً من برنامجه، حتى قطع «سام»، الذى زار شرم الشيخ من قبل خمس مرات حديثهم، وأشار إلى المذيع، وقال: «بالتأكيد يسجل عن هجمات سمكة القرش»، فاتحاً حديثاً طويلاً عن هجمات القرش، معظمه ذكريات لهجمات مختلفة رأتها أو سمعت عنها مجموعة الغواصين فى أماكن مختلفة فى دول العالم، فقالت «لايتسيا»: الهجمات تتكرر فى أماكن كثيرة، ولكن تكرار الحوادث فى نفس المنطقة هو ما يثير الخوف».
وهنا تدخل «ديفيد» ضابط البوليس فى مانشتسر وقال «عائلتى كلمتنى وطلبت منى عدم الغوص، وفكرت كثيرا فى تلبية طلبها، وفى النهاية قلت، بالتأكيد المرشدون يخافون على حياتهم مثلى، فلا داعى للقلق، وإلا لكانوا قد قلقوا على أنفسهم قبلنا»، وهنا يتدخل «خوان» مرشد الغوص الثانى على متن المركب ويقول مازحا «أسوأ ما فى شرم الشيخ هو انخفاض عدد القروش، فى (مرسى علم) الغوص متعة حقيقية، لأن كل أنواع القروش تحيط بك من كل مكان، ولكن هنا الأمر يقتصر على مناظر جميلة فقط، القرش مثل ال**** لن يهاجمك طالما لم تخف منه، ولم تعطه ظهرك، بالعكس يبدأ فى الخوف والهروب إذا تجرأت وحاولت الهجوم عليه، أو حاولت قذفه بأى شىء».
يروى الغواصون، فترة ترقبهم لقرار المحافظة بالسماح لهم بممارسة هوايتهم فى شرم الشيخ، وكيف كانوا ينتظرون الأخبار دقيقة بدقيقة، «أندريا» مرشد غوص إيطالى يرد على سؤال لأحد أفراد المجموعة «لا نعرف أى شىء ولا نعرف كيف تتعامل الحكومة المصرية مع الأزمة، فالسلطات منعت الغوص ثم عادت، وسمحت لنا به ولكن للغواصين الذين يملكون خبرة فقط، والحائزين على شهادة بأنهم غاصوا لأكثر من ٥٠ مرة، وحاليا ننتظر قراراً جديداً كل يوم، لا تسألونا عن الأسباب اسألوا السلطة المصرية».
للمرة الثانية تكرر «فيكى» خطتها للغوص فى منطقة «توماس» وسريعا هبطت مع المجموعة إلى الأعماق، فيما أنتظر البعض فوق سطح المركب بسبب إحساسهم بالإرهاق، وبدأ «أبوربيع» فى تحضير الطعام بالتعاون مع «حسن» الشاب القادم من البحيرة، وبلهجة خبير عمل فى شرم الشيخ لمدة ١٥ عاما، قال «معظم مراكز الغوص منتظرة تأثير هجمات القرش عليها، الغواصون الذين تواجدوا وقت الحادث مازالوا موجودين، مما يعنى أن الطلب مازال قائما، وننتظر الأسبوع المقبل لمعرفة تأثير الهجمات علينا، وحتى الآن لم يحدث أى إلغاءات» وبحماس يتدخل «حسن»: «إحنا سمعنا كلام بأن القروش دى وصلت من إسرائيل، بس المهم مش هى وصلت منين، دى رسالة من ربنا عشان البلد دى فيها ظلم كتير» ويصمت لبرهة قبل أن يستطرد مفيش صاحب شغل إلا وبيظلم الناس اللى شغالة معاه، حتى السمك بيظلموه، رغم إنه ممنوع الصيد هنا ولكن عادة ما نشاهد مراكب الصيد موجودة وتصطاد ولا يهمها مراكب المحميات، ولا التمساحة (سيارة الشرطة البحرية) وهنا ينهره «أبوربيع» ليعود إلى العمل، قبل أن تخرج المجموعة من أعماق البحر.
لحظات معدودة مرت بعد خروج «المجموعة»، قبل أن يبدأ بعدها «القرش» فى الظهور ثانية فى مجرى الحديث، عندما بدأت «أنجيليكا» الفرنسية فى تسجيل حوارات جانبية مع بعض أفراد المجموعة، لصالح إحدى القنوات الفرنسية، وبدأت تسألهم عن طبيعة الحياة فى شرم الشيخ، وكيف سيتعاملون فى حالة صدور قرار بمنع الغوص فى شرم الشيخ، وبالعدوى انتقل اهتمام القنوات العالمية إلى المجموعة التى بدأت تروى ذكريات جميلة لمعظمها فى المدينة السياحية، وقالت «ديبرا» الإنجليزية «ربما كان الاستمتاع هذه المرة أكثر مما كان يحدث عادة لأن الغوص فى شرم الشيخ، عكس أماكن كثيرة، يشبه إلى حد كبير الغوص فى مول تجارى، فالبعض فوقك والبعض تحتك وعن يمينك ويسارك، ويجب عليك تفادى الآخرين طوال الوقت،
ولكن هذه المرة، كانت الأعماق جميلة جدا، وهادئة وغير مزدحمة»، وقالت «ديبرا»: «فكرت أكثر من مرة فى رد فعلى عندما أرى قرشاً، ورغم أنى غواصة صاحبة خبرة، فإننى كنت خائف بسبب الهجمات التى سمعنا عنها»، وقالت «أنجيليكا» بابتسامة على وجهها: «كنت سعيدة بمتابعة الحركة تحت البحر، وكيف كانت بعض الحركات العصبية تفضح البعض» وهنا قطع «جارى» الإنجليزى، الحديث بحماس وقال «أنا شاهدت قرشا بالأمس»، والتقط خيط الحديث: «بالأمس كنا فى (رأس محمد)، وشاهدنا قرشا، فى البداية أشار لى أحد أفراد المجموعة التى كنت أغوص معها، بحركة عصبية خلفى، وعندما استدرت، وجدت سمكة قرش مشابهة للأوصاف التى تحدثوا عنها وقالوا إنها هاجمت شواطئ شرم الشيخ، فهى تملك زعنفة فاتحة اللون، وطولها ٢ متر، ومقدمتها مسحوبة»،
وهنا تدخلت مرشدة الغوص (فيكى) ودارت حولنا بهدوء شديد لتطمئن علينا، ثم أشارت إلينا بإشارة متفق عليها، للتكتل سويا والسباحة ببطء حتى نقترب بشدة من منطقة الريف (منطقة مليئة بالشعب المرجانية)، وبعد فترة بدأنا نشعر بالارتياح، والتقطنا صورا له، دون أن نشعر بأى خوف»، وهنا تدخل أحد أصدقائه ساخرا: «فى الحقيقة خفنا بشدة، ولكن لون الماء لم يتحول إلى الأحمر»، ثم عاد الحديث إلى «جارى» لينهيه مبتسماً وهو يعرض صور القرش التى التقطها: «للأسف، اليوم غصت مرتين، ولكننى لم أشاهد قرشا حتى الآن».
بعد يوم واحد من قرار الحظر، صدر قرار السماح، سماحاً مشروطاً لمن يملك خبرة كافية من السياح، يعطى المدينة السياحية بعض الـ«هواء»، ربما يكون بداية للصعود بها من أعماق بحر، خلا من السياح، وامتلأ بالقلق من «القرش»، وتوابع هجماته. قلق لوّن أولى رحلات الغوص بعد قرار السماح، وحذر بدا ظاهراً على السياح والمرشدين، ترصده «المصرى اليوم» فوق وتحت البحر.
فى نشاط بادٍ على خطواتهم، سارت مجموعة من عدة دول أجنبية فى شوارع خليج نعمة، البعض يحمل «عدة» الغطس فوق كتفيه، وآخرون تركوها لسيارة مركز الغوص لتسبقهم إلى المركب الذى ينتظرهم على شاطئ شرم الشيخ، الذى تعرض إلى ثلاث هجمات من سمكة أو أسماك قرش مختلفة فى فترة لم تتعد الأسبوعين.
فى الساعات الأولى للصباح، ساروا فى الشارع الأشهر فى المدينة السياحية المعروفة، متجهين إلى مركب «واسر» المنتظر على الشاطئ، فى واحدة من أولى رحلات الغطس التى نظمتها مراكز الغوص المنتشرة، بعد قرار محافظة جنوب سيناء بالسماح بالغوص فقط، ومنع السباحة والألعاب الترفيهية على الشواطئ التى تعرضت لثلاث هجمات من قرش أو أكثر خلال فترة لم تتعد الأسبوعين، كانت الخطى واثقة فى معظمها لم يشوبها إلا نظرات قلق هاربة من آن لآخر، وهمسات مكتومة عن هجمات «القرش»، حرصت معظم المجموعة التى تضم ١٠ بريطانيين، و٤ فرنسيات وإسبانيتين على تجاهلها.
فى عمق البحر وعند منطقة شهيرة لهواة الغوص تدعى «جولدن ريف»، بدأت «فيكى» مدربة الغوص فى شرح ما ستقابله المجموعة فى أعماق البحر، ودون أن تذكر كلمة قرش، حذرت المجموعة من الغوص بشكل منفرد، ونبهتهم إلى النظر إلى عمق البحر بشكل متواصل، وأن يخرجوا بشكل مزدوج من جهة الشعب المرجانية وليس من جهة العمق، وهو ما دفع المجموعة إلى تبادل نظرات قلقة، ودفع «الريس خميس» قائد المركب إلى الهمس «ربنا يسترها علينا، لو حصل حاجة تانى هتتقفل بيوتنا كلنا»، وبعد الشرح، أصرت «فيكى» على النزول إلى المياه أولاً والغوص لعمق بسيط، قبل أن تخرج برأسها، وتشير إلى بقية أفراد المجموعة للنزول.
يجلس «خميس» القادم من مركز المحمودية بمحافظة البحيرة، خلف مقود «اللانش الضخم»، يدخن سيجارة أجنبية باستمتاع، ويتمتم «اليوم الذى منعت فيه المحافظة رحلات الغوص خوّف الواحد، وجعله يدعو الله يسترها، عشان لو حدث هجوم جديد من قرش هتبقى كارثة علينا كلنا»، وأكمل العجوز الذى يعمل فى شرم الشيخ منذ ١٥ عاماً: «فى الأيام الطبيعية كان يوجد فى هذه المنطقة حوالى من ٢٥٠ إلى ٣٠٠ مركب، اليوم لم تخرج إلا ١٥ مركباً فقط، بسبب الخوف من هجمات القرش، ده وقف حال، والناس بتقول إنه بسبب الصيد طب ما يمنعوه، ما هو بيحصل لحد الآن»، وأشار بأصابعه المنحوتة إلى مركب صيد صغير يحمل ثلاثة شباب يصطادون فوق منطقة الشعب المرجانية، وقطع كلامه إشارة من أبو ربيع، العامل الآخر على ظهر المركب، ليتحرك فى اتجاه المجموعة التى بدأت رؤوسهم بعد ساعة من الغوص فى الظهور فوق سطح الماء.
فى المسافة التى قطعها «واسر» بين منطقة «جولدن ريف» ومنطقة «جاكسون» المسماة، على اسم أحد كولونيلات الجيش البريطانى وقت الاحتلال، جلست المجموعة، تتبادل الضحكات والقفشات، كانت الثقة قد عادت وبعض ما تبقى من خوف قد ذهب، لحظات وظهرت فى الجوار سفينة مجاورة تحمل فوق سطحها مذيعاً لقناة أجنبية، ويسجل جزءاً من برنامجه، حتى قطع «سام»، الذى زار شرم الشيخ من قبل خمس مرات حديثهم، وأشار إلى المذيع، وقال: «بالتأكيد يسجل عن هجمات سمكة القرش»، فاتحاً حديثاً طويلاً عن هجمات القرش، معظمه ذكريات لهجمات مختلفة رأتها أو سمعت عنها مجموعة الغواصين فى أماكن مختلفة فى دول العالم، فقالت «لايتسيا»: الهجمات تتكرر فى أماكن كثيرة، ولكن تكرار الحوادث فى نفس المنطقة هو ما يثير الخوف».
وهنا تدخل «ديفيد» ضابط البوليس فى مانشتسر وقال «عائلتى كلمتنى وطلبت منى عدم الغوص، وفكرت كثيرا فى تلبية طلبها، وفى النهاية قلت، بالتأكيد المرشدون يخافون على حياتهم مثلى، فلا داعى للقلق، وإلا لكانوا قد قلقوا على أنفسهم قبلنا»، وهنا يتدخل «خوان» مرشد الغوص الثانى على متن المركب ويقول مازحا «أسوأ ما فى شرم الشيخ هو انخفاض عدد القروش، فى (مرسى علم) الغوص متعة حقيقية، لأن كل أنواع القروش تحيط بك من كل مكان، ولكن هنا الأمر يقتصر على مناظر جميلة فقط، القرش مثل ال**** لن يهاجمك طالما لم تخف منه، ولم تعطه ظهرك، بالعكس يبدأ فى الخوف والهروب إذا تجرأت وحاولت الهجوم عليه، أو حاولت قذفه بأى شىء».
يروى الغواصون، فترة ترقبهم لقرار المحافظة بالسماح لهم بممارسة هوايتهم فى شرم الشيخ، وكيف كانوا ينتظرون الأخبار دقيقة بدقيقة، «أندريا» مرشد غوص إيطالى يرد على سؤال لأحد أفراد المجموعة «لا نعرف أى شىء ولا نعرف كيف تتعامل الحكومة المصرية مع الأزمة، فالسلطات منعت الغوص ثم عادت، وسمحت لنا به ولكن للغواصين الذين يملكون خبرة فقط، والحائزين على شهادة بأنهم غاصوا لأكثر من ٥٠ مرة، وحاليا ننتظر قراراً جديداً كل يوم، لا تسألونا عن الأسباب اسألوا السلطة المصرية».
للمرة الثانية تكرر «فيكى» خطتها للغوص فى منطقة «توماس» وسريعا هبطت مع المجموعة إلى الأعماق، فيما أنتظر البعض فوق سطح المركب بسبب إحساسهم بالإرهاق، وبدأ «أبوربيع» فى تحضير الطعام بالتعاون مع «حسن» الشاب القادم من البحيرة، وبلهجة خبير عمل فى شرم الشيخ لمدة ١٥ عاما، قال «معظم مراكز الغوص منتظرة تأثير هجمات القرش عليها، الغواصون الذين تواجدوا وقت الحادث مازالوا موجودين، مما يعنى أن الطلب مازال قائما، وننتظر الأسبوع المقبل لمعرفة تأثير الهجمات علينا، وحتى الآن لم يحدث أى إلغاءات» وبحماس يتدخل «حسن»: «إحنا سمعنا كلام بأن القروش دى وصلت من إسرائيل، بس المهم مش هى وصلت منين، دى رسالة من ربنا عشان البلد دى فيها ظلم كتير» ويصمت لبرهة قبل أن يستطرد مفيش صاحب شغل إلا وبيظلم الناس اللى شغالة معاه، حتى السمك بيظلموه، رغم إنه ممنوع الصيد هنا ولكن عادة ما نشاهد مراكب الصيد موجودة وتصطاد ولا يهمها مراكب المحميات، ولا التمساحة (سيارة الشرطة البحرية) وهنا ينهره «أبوربيع» ليعود إلى العمل، قبل أن تخرج المجموعة من أعماق البحر.
لحظات معدودة مرت بعد خروج «المجموعة»، قبل أن يبدأ بعدها «القرش» فى الظهور ثانية فى مجرى الحديث، عندما بدأت «أنجيليكا» الفرنسية فى تسجيل حوارات جانبية مع بعض أفراد المجموعة، لصالح إحدى القنوات الفرنسية، وبدأت تسألهم عن طبيعة الحياة فى شرم الشيخ، وكيف سيتعاملون فى حالة صدور قرار بمنع الغوص فى شرم الشيخ، وبالعدوى انتقل اهتمام القنوات العالمية إلى المجموعة التى بدأت تروى ذكريات جميلة لمعظمها فى المدينة السياحية، وقالت «ديبرا» الإنجليزية «ربما كان الاستمتاع هذه المرة أكثر مما كان يحدث عادة لأن الغوص فى شرم الشيخ، عكس أماكن كثيرة، يشبه إلى حد كبير الغوص فى مول تجارى، فالبعض فوقك والبعض تحتك وعن يمينك ويسارك، ويجب عليك تفادى الآخرين طوال الوقت،
ولكن هذه المرة، كانت الأعماق جميلة جدا، وهادئة وغير مزدحمة»، وقالت «ديبرا»: «فكرت أكثر من مرة فى رد فعلى عندما أرى قرشاً، ورغم أنى غواصة صاحبة خبرة، فإننى كنت خائف بسبب الهجمات التى سمعنا عنها»، وقالت «أنجيليكا» بابتسامة على وجهها: «كنت سعيدة بمتابعة الحركة تحت البحر، وكيف كانت بعض الحركات العصبية تفضح البعض» وهنا قطع «جارى» الإنجليزى، الحديث بحماس وقال «أنا شاهدت قرشا بالأمس»، والتقط خيط الحديث: «بالأمس كنا فى (رأس محمد)، وشاهدنا قرشا، فى البداية أشار لى أحد أفراد المجموعة التى كنت أغوص معها، بحركة عصبية خلفى، وعندما استدرت، وجدت سمكة قرش مشابهة للأوصاف التى تحدثوا عنها وقالوا إنها هاجمت شواطئ شرم الشيخ، فهى تملك زعنفة فاتحة اللون، وطولها ٢ متر، ومقدمتها مسحوبة»،
وهنا تدخلت مرشدة الغوص (فيكى) ودارت حولنا بهدوء شديد لتطمئن علينا، ثم أشارت إلينا بإشارة متفق عليها، للتكتل سويا والسباحة ببطء حتى نقترب بشدة من منطقة الريف (منطقة مليئة بالشعب المرجانية)، وبعد فترة بدأنا نشعر بالارتياح، والتقطنا صورا له، دون أن نشعر بأى خوف»، وهنا تدخل أحد أصدقائه ساخرا: «فى الحقيقة خفنا بشدة، ولكن لون الماء لم يتحول إلى الأحمر»، ثم عاد الحديث إلى «جارى» لينهيه مبتسماً وهو يعرض صور القرش التى التقطها: «للأسف، اليوم غصت مرتين، ولكننى لم أشاهد قرشا حتى الآن».