سمر عبد الله المقرن صحافية وكاتبة واديبة
سعودية، صدرت روايتها "نساء المنكر" عن دار الساقي، عام 2008م، في العاصمة
اللبنانية بيروت، تقل عدد صفحات الرواية عن المائة صفحة، من القطع
المتوسط. وسمر، اعلامية وصحفية ناشطة جدا، تكتب أربع زوايا أسبوعية: زاوية
بعنوان" ضوء"، في صحيفة أوان الكويتية، وزاوية بعنوان "مطر الكلمات"، في
صحيفة الجزيرة، وزاوية بعنوان "حلو الكلام"، في مجلة (هيا) إم بي سي، وتكتب
في صحيفة البلاد البحرينية، وفي صحيفة العرب القطرية، وعملت في وظيفة
رئيسة قسم المجتمع، بصحيفة الوطن السعودية، وهي أول امرأة سعودية، ترأس قسم
يومي في صحيفة سعودية، خارج الأقسام النسائية، وعملت معدة لبرنامج " امرأة
وأكثر " لقناة LBC والخاص بقضايا المرأة السعودية، حاصلة على شهادة
بكالوريوس تربية، من جامعة الملك سعود في العام 2000/2001م، تقوم حاليا
بدراسة الماجستير في الصحافة والإعلام، في مملكة البحرين.
تعتبر سمر
المقرن اعلامية واديبة وكاتبة وصحفية، وهي من اكثر الناشطات السعوديات
المبدعات والجريئات والشجاعات جدا، وقد حصلت على الكثير من الشهادات
والدورات العلمية والتعليمية، وحضرت عشرات ورش العمل والمؤتمرات الدولية،
المتعلقة بحقوق وشؤون المراة بشكل عام، وفي الكثير من القضايا المتعلقة
بالصحافة والاعلام والقضايا القانونية والتشريعية وخلافه، وحقيقة، فان
سيرتها الذاتية مفعمة جدا بالنشاطات والدراسات والأنشطة في ميادين شتى، مما
جعلها مشهورة اعلاميا على الصعيد السعودي والعربي وحتى الدولي، لذا تحارب
سعوديا من معشر الرجال، بشكل عام، وبشكل منقطع النظير، كباقي نساء السعودية
الناجحات والمبدعات والجريئات، كونها امرأة ناجحة ومثابرة وحرة، وتحمل
افكارا انسانية جريئة وحضارية، متقدمة في هذا على الرجل السعودي بشكل عام،
وهذا ما يثير بها الرجل، ملكت زمام امورها بنفسها، ونفضت عن نفسها غبار
السنين، كامرأة متفتحة محبة للحياة، ولروح الانسانية السمحة، وحاولت
الانطلاق والانفلات من قيودها المكبلة بها، مع اخواتها نساء السعودية،
كونها امرأة سعودية، لجرأتها وشجاعتها ونقدها اللاذع للمجتمع، وللرجل
السعودي المغلق والمتحجر عقليا وفكريا وروحيا وعاطفيا، والذي يحمل ثقافة
ذكورية، موغلة في القدم والتخلف، ضد حقوق وانسانية المرأة، وحقها بالحرية
والحياة كأنسانة، لها حقوق انسانية كباقي البشر.
تمتعك سمر المقرن، منذ
بداية اول كلمة بروايتها، باسلوبها الشيق والعذب والصريح والواضح، تكلمك
عن بطلة قصتها سارة، وكأنها تكلمك عن نفسها وشخصيتها، فتحتار حقا في
التفكير، هل انت تقرأ جزء من سيرتها الذاتية؟ ام تقرأ حقا لبطلة من بطلات
روايتها؟؟؟ فانت لا تصدق، انك تقرأ لكاتبة سعودية هذا الكلام الوردي
والعسلي والشيق والممتع والعذب، بكل هذه الصراحة والسلاسة والانسياب،
والموسيقى الهادئة التي تصاحبه، قد لا تستهجن أو تستغرب، لو قرأت مثل هذا
الكتاب، وبمثل هذه الكلمات، لاي كاتبة أو اديبة عربية من المحيط الى
الخليج، اما ان تقرأه من خلال كتاب، كاتبة واديبة سعودية، فهذا من سابع
المستحيلات، فلم نتعود كقراء عرب، ان نقرأ كلاما بهذا الشكل، وبكل هذه
الصراحة والمتعة، لكاتبة سعودية، لطبيعة الأفكار المأخوذة والمتداولة عن
المجتمع السعودي القاسي والمتحجر، خاصة بكل ما يتعلق بالمرأة السعودية
نفسها، فالمرأة السعودية، ليست كباقي نساء العالم، هم فقط كباقي نساء
التكفيريين، فجسمها عورة، وصوتها عورة، وحتى اسمها عورة، وهن ناقصات عقل
ودين، وخلقن من ضلع آدم الأعوج، وثلثي اهل النار من النساء، وهن والشيطان
رضعا من ثدي واحد، وهن مصدر لفتنة الرجل السعودي، من هنا فالقاريء العربي،
عندما يسمع بمثل هذا الكلام، فانه يكون بشوق كبير، لأن يسمع من المرأة
السعودية نفسها بأي شيء، يتعلق بها، باحساسها وعواطفها وشعورها، واحلامها
وامنياتها، وموقفها من الآخرين.
تقول سمر في روايتها مخاطبة الرجال،
ودفاعا عن المرأةيا لكم من جبناء، تنعتونها بالضعيفة، وما من ضعيف سواكم،
تخشون المرأة، وتهابون لقاءها، وتعجزون عن كبح غرائزكم عنها، في حضرتها،
تفخرون بقوة العضلات، وتتلاشى هيبة اللحى والشنبات، فايماءة منها، تحرككم
في كل اتجاه، ولن تكونوا حتى كلعبة الشطرنج، لأنها للأذكياء، الرجال
الضعفاء، اقل حتىمن لعبة طفل لم يبلغ العامين، مصنوعة من اردأ الخامات).
هنا توضح سمر المقرن بشكل غير مباشر، ان الرجل رغم قوته الجسدية وعضلاته
المفتولة التي يتباهى بها امام المرأة، ويثيرها ويخيفها بها، فهو كالأرنب،
امام المرأة وانوثتها، فهي تستطيع ان تحركه كما تشاء، وتلعب به كالعجينة،
خلف الأبواب المغلقة، وعلى سرير الزوجية، أو سرير عابر سبيل، بحيث لا
يستطيع مقاومة اغراءاتها وفنونها الأنثوية والجنسية، فلا اللحى دليل
الوقارة، ولا الشنبات المفتولة دليل الرجولة، بقادرة على الصمود، امام
انوثتها ودلعها وجاذبيتها.
نساء المنكر، في مجملها، عبارة عن تحقيق صحفي
من داخل احدى سجون المملكة السعودية، بأسلوب شيق وممتع وسلس، يدين السلطة
الدينية، والمتمثلة بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتي تحمل
الفكر الوهابي المتزمت والمتحجر، هذه الهيئة الارهابية، والتي تلاحق
الأزواج وزوجاتهم في كل مكان، وفي المواقع العامة، وحتى في داخل بيوتهم،
وتسمعهم اقبح الألفاظ البذيئة والمستهجنة، ككلمات مثل الساقطة والعاهرة
والشرموطة والمومس وخلافها، بدون ذنب لم يقتروفوه بعد، وتكيل لهم الضرب
المبرح، والعذاب والاذلال غير المسبوق، من خلال الفعل القاسي الذي يقوم به
أفرادها، مستغلين الدين، لتبرير سلوكهم القمعي والارهابي، في استبداد غير
واعي، وغير منصف وظالم، يتم معه تجاوز القانون، ودور الحكومة في سن الأنظمة
والتشريعات، التي معها نتجاوز عصور الظلام، ونواكب الحاضر ومتطلباته0
الكاتبة
سمر المقرن، في روايتها المبدعة والجريئة والشجاعة، توجه نقدا لاذعا
للمجتمع السعودي المتحجر، عبر سردها لصور واحداث، تتعلق بالحب والعشق
واللقاءات، في معظمها قضايا شخصية وخاصة جدا تتعلق بحرية الانسان، وبحقه
الأدنى من حقوقه كأنسان، وقعت لمجموعة من النساء السعوديات، معروفات
باسمائهن، وهن سارة واسيل وغادة وخولة وسميرة ونورة، عبرن عن شعورهن بكل
صراحة وصدق وحرية، لما عانينه من الظلم والاجحاف الواقع عليهن، وفي حقهن من
قبل المنظمة الارهابية المعروفة بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
ونتيجة لصراحتها وشجاعتها بنقد بعض الظواهر الشاذة في المجتمع السعودي،
والجانب المتعلق منه خاصة بالمرأة السعودية، تلقت الكاتبة والأديبة سمر
المقرن تهديدا لحياتها بالقتل.
في روايتها، تساوي الكاتبة سمر المقرن-مع
الأسف الشديد-بين العلمانيين وبين رجال الهيئة الأرهابيين، مع انهما على
طرفي نقيض تماما، ولا تميز بينهم، وهذا في حقيقته، مناف ومجاف للواقع، وقد
تكون الكاتبة، بهذا ارادت، ان تكون متوازنة في ادانتها للتكفريين
وللعلمانيين، حتى لا تعتقل أو تنتقد بشكل او بآخر، كما يفعل الساسة
الأوروبيين، عند محاولة ادانتهم للاجرام الصهيوني ضد الفلسطينيين، فيبحثوا
عن اي موقف سلبي يتعلق بالفلسطينيين، مهما كان تافها أو غير موجودا، كي
يصدروا بيانا يدينوا به الجهتين, وهي كما تدعي، فان الاسلاميين واللبراليين
نموذج واحد، فالاسلاميين يغطوا " المرأة " بكل ما أوتوا من أردية، حتى لا
يؤجج هذا الوعاء الجنسي، غرائز الرجال، والثاني يريد أن يكشفها أمام الكل،
ليري الآخرين، حجم فحولتهم ووعاء شهوتهم. لنقرأ المقطع التالي من قصة سمر
المقرن:
(صباح الجمعة، كان واضحاً من بدايته. كانت السماء ملبدة
بالغبار، والنفوس تزدحم بالجروح والآلام، عندما سمعت صوت الجرس الخارجي
شعرت بشيء ما، يجثم فجأة على صدري، كان صوت أمي يناديني من بعيد، تعالي يا
سارة، شوفي صديقتك غادة)
حتى صوت أمي وهي تنادي، كان واضحاً، أنه يصدر
عن حنجرة تغصّ بالبكاء، لم أتعرف على غادة من ملامحها، ولكن من أنفاسها
واختناقات صدرها وأنا أضمها:ما الذي فعل بكِ هذا؟ وقبل أن أستمع للرد، صرخت
منادية:هاتوا العباية، أمسكت غادة بيدي، طلبت مني الصعود لحجرتي فنهرتها،
يجب أن نذهب عاجلاً للمستشفى، رفضت، وأومأت لي برأسها بحركة مثقلة، أنها
تريد الحديث لي وحدي. أمي مازالت تبكي وتريد أن تعرف ما الذي فعل بغادة
هذا، عين مربوطة والأخرى متورمة، ولا يظهر من الازرقاق المحيط بها، إلا
مساحة صغيرة حمراء. هدأت من روع أمي، ووعدتها بعد منحي قليلاً من الوقت، أن
أشرح لها القصة.
غادة الإنسانة الوحيدة التي استمر العهد بيننا منذ
أيام المراهقة، عندما جمعنا فصل دراسي واحد، واجتهاد متوازٍ في صفوف
الدراسة، بمستوى قريب من بعضنا البعض، وشقاوة واحدة. وبرغم شقاوتنا المزعجة
للمعلمات، إلا أننا كنا الأقرب إليهن دائماً، ما من مصيبة تحدث بالمدرسة،
إلا ويكون وراءها سارة وغادة.
في نهاية يوم الأربعاء من كل شهر، تقام
بالمدرسة مباراة لكرة السلة بين طالبات القسم العربي والقسم الإنكليزي،
تتميز طالبات القسم الإنكليزي عنا بالطول والعرض. في حين، أن طالبات القسم
العربي الأكثرية منهن قصيرات، وتغلب عليهن السمنة والاكتناز، وهذا نتيجة
حتمية لأكل «الشاورما والهامبورجر». أنا وغادة لم نكن نهوى كرة السلة،
إضافة إلى أن مقوماتنا الجسدية، لا تصلح للعبها، لذا، فإننا في كل مرة،
نقود صفوف التشجيع، وفي المباراة النهائية، للفصل الدراسي، كان من الصعب أن
نتقبل الهزيمة، وعندما اقتربت المباراة من نهايتها، ومشجعات القسم
الإنكليزي يتفنن في إغاظتنا، رأت غادة أنه لا بد من إنهاء المباراة، قبل
إعلان الهزيمة، مع تلقين تلك المشجعات المتغطرسات درساً. فوقفنا على طرف
الملعب الترابي، وبدأنا نقذف لاعبات القسم الإنكليزي بالحصى والتراب، وما
هي إلا ثوانٍ، وعجت الأجواء بالغبار والتراب خصوصاً، وقد جاءت هجمات مرتدة
من اللاعبات والمشجعات. عندها جرينا أنا وغادة واختبأنا في الفصل، نشاهد
المنظر من النافذة في الطابق الثاني، ونضحك بخبث ونشوة، على ما أحدثنا من
فوضى. صحيح، أننا كنا حزينتين جراء بعض الإصابات، إلا أن الأهم من وجهة
نظرنا، أن الخطة نجحت والمباراة أوقفت دون نتيجة).
يبقى ان ننوه لأسلوب
الأديبة والكاتبة والاعلامية سمر المقرن، بانه اسلوب بسيط وشيق وممتع، اوصل
رسالة نقدية لأولي الأمر، وللباحثين عن الحقيقة، باسلوب غير مباشر، عبر
سرد قصص قصيرة جدا، لحالات وقعت لنساء سعوديات في مواقع عامة، وكيف تعامل
معهن رجالات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بأسلوب وحشي ومتخلف، وغير
حضاري، بقضايا تخصهن شخصيا، تتعلق بالحرية والعلاقات الانسانية والعاطفية،
حيث يسجن عدة سنوات، ويجلدن مئات الجلدات، بشكل وحشي مقزز، ومخالف لكل
القيم الانسانية والحضارية المتعارف عليها دوليا. يبقى ان نحيي الكاتبة
والأديبة والاعلامية والصحفية الرائعة والمبدعة والمتألقة سمر المقرن، على
كتابها هذا، وكافة كتاباتها الجريئة والشجاعة والصريحة، في انتقاداتها
ودفاعها المستميت، عن المرأة السعودية وحريتها الشخصية، وعلى تألقها دائما
اعلاميا وادبيا وصحفيا.
سعودية، صدرت روايتها "نساء المنكر" عن دار الساقي، عام 2008م، في العاصمة
اللبنانية بيروت، تقل عدد صفحات الرواية عن المائة صفحة، من القطع
المتوسط. وسمر، اعلامية وصحفية ناشطة جدا، تكتب أربع زوايا أسبوعية: زاوية
بعنوان" ضوء"، في صحيفة أوان الكويتية، وزاوية بعنوان "مطر الكلمات"، في
صحيفة الجزيرة، وزاوية بعنوان "حلو الكلام"، في مجلة (هيا) إم بي سي، وتكتب
في صحيفة البلاد البحرينية، وفي صحيفة العرب القطرية، وعملت في وظيفة
رئيسة قسم المجتمع، بصحيفة الوطن السعودية، وهي أول امرأة سعودية، ترأس قسم
يومي في صحيفة سعودية، خارج الأقسام النسائية، وعملت معدة لبرنامج " امرأة
وأكثر " لقناة LBC والخاص بقضايا المرأة السعودية، حاصلة على شهادة
بكالوريوس تربية، من جامعة الملك سعود في العام 2000/2001م، تقوم حاليا
بدراسة الماجستير في الصحافة والإعلام، في مملكة البحرين.
تعتبر سمر
المقرن اعلامية واديبة وكاتبة وصحفية، وهي من اكثر الناشطات السعوديات
المبدعات والجريئات والشجاعات جدا، وقد حصلت على الكثير من الشهادات
والدورات العلمية والتعليمية، وحضرت عشرات ورش العمل والمؤتمرات الدولية،
المتعلقة بحقوق وشؤون المراة بشكل عام، وفي الكثير من القضايا المتعلقة
بالصحافة والاعلام والقضايا القانونية والتشريعية وخلافه، وحقيقة، فان
سيرتها الذاتية مفعمة جدا بالنشاطات والدراسات والأنشطة في ميادين شتى، مما
جعلها مشهورة اعلاميا على الصعيد السعودي والعربي وحتى الدولي، لذا تحارب
سعوديا من معشر الرجال، بشكل عام، وبشكل منقطع النظير، كباقي نساء السعودية
الناجحات والمبدعات والجريئات، كونها امرأة ناجحة ومثابرة وحرة، وتحمل
افكارا انسانية جريئة وحضارية، متقدمة في هذا على الرجل السعودي بشكل عام،
وهذا ما يثير بها الرجل، ملكت زمام امورها بنفسها، ونفضت عن نفسها غبار
السنين، كامرأة متفتحة محبة للحياة، ولروح الانسانية السمحة، وحاولت
الانطلاق والانفلات من قيودها المكبلة بها، مع اخواتها نساء السعودية،
كونها امرأة سعودية، لجرأتها وشجاعتها ونقدها اللاذع للمجتمع، وللرجل
السعودي المغلق والمتحجر عقليا وفكريا وروحيا وعاطفيا، والذي يحمل ثقافة
ذكورية، موغلة في القدم والتخلف، ضد حقوق وانسانية المرأة، وحقها بالحرية
والحياة كأنسانة، لها حقوق انسانية كباقي البشر.
تمتعك سمر المقرن، منذ
بداية اول كلمة بروايتها، باسلوبها الشيق والعذب والصريح والواضح، تكلمك
عن بطلة قصتها سارة، وكأنها تكلمك عن نفسها وشخصيتها، فتحتار حقا في
التفكير، هل انت تقرأ جزء من سيرتها الذاتية؟ ام تقرأ حقا لبطلة من بطلات
روايتها؟؟؟ فانت لا تصدق، انك تقرأ لكاتبة سعودية هذا الكلام الوردي
والعسلي والشيق والممتع والعذب، بكل هذه الصراحة والسلاسة والانسياب،
والموسيقى الهادئة التي تصاحبه، قد لا تستهجن أو تستغرب، لو قرأت مثل هذا
الكتاب، وبمثل هذه الكلمات، لاي كاتبة أو اديبة عربية من المحيط الى
الخليج، اما ان تقرأه من خلال كتاب، كاتبة واديبة سعودية، فهذا من سابع
المستحيلات، فلم نتعود كقراء عرب، ان نقرأ كلاما بهذا الشكل، وبكل هذه
الصراحة والمتعة، لكاتبة سعودية، لطبيعة الأفكار المأخوذة والمتداولة عن
المجتمع السعودي القاسي والمتحجر، خاصة بكل ما يتعلق بالمرأة السعودية
نفسها، فالمرأة السعودية، ليست كباقي نساء العالم، هم فقط كباقي نساء
التكفيريين، فجسمها عورة، وصوتها عورة، وحتى اسمها عورة، وهن ناقصات عقل
ودين، وخلقن من ضلع آدم الأعوج، وثلثي اهل النار من النساء، وهن والشيطان
رضعا من ثدي واحد، وهن مصدر لفتنة الرجل السعودي، من هنا فالقاريء العربي،
عندما يسمع بمثل هذا الكلام، فانه يكون بشوق كبير، لأن يسمع من المرأة
السعودية نفسها بأي شيء، يتعلق بها، باحساسها وعواطفها وشعورها، واحلامها
وامنياتها، وموقفها من الآخرين.
تقول سمر في روايتها مخاطبة الرجال،
ودفاعا عن المرأةيا لكم من جبناء، تنعتونها بالضعيفة، وما من ضعيف سواكم،
تخشون المرأة، وتهابون لقاءها، وتعجزون عن كبح غرائزكم عنها، في حضرتها،
تفخرون بقوة العضلات، وتتلاشى هيبة اللحى والشنبات، فايماءة منها، تحرككم
في كل اتجاه، ولن تكونوا حتى كلعبة الشطرنج، لأنها للأذكياء، الرجال
الضعفاء، اقل حتىمن لعبة طفل لم يبلغ العامين، مصنوعة من اردأ الخامات).
هنا توضح سمر المقرن بشكل غير مباشر، ان الرجل رغم قوته الجسدية وعضلاته
المفتولة التي يتباهى بها امام المرأة، ويثيرها ويخيفها بها، فهو كالأرنب،
امام المرأة وانوثتها، فهي تستطيع ان تحركه كما تشاء، وتلعب به كالعجينة،
خلف الأبواب المغلقة، وعلى سرير الزوجية، أو سرير عابر سبيل، بحيث لا
يستطيع مقاومة اغراءاتها وفنونها الأنثوية والجنسية، فلا اللحى دليل
الوقارة، ولا الشنبات المفتولة دليل الرجولة، بقادرة على الصمود، امام
انوثتها ودلعها وجاذبيتها.
نساء المنكر، في مجملها، عبارة عن تحقيق صحفي
من داخل احدى سجون المملكة السعودية، بأسلوب شيق وممتع وسلس، يدين السلطة
الدينية، والمتمثلة بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتي تحمل
الفكر الوهابي المتزمت والمتحجر، هذه الهيئة الارهابية، والتي تلاحق
الأزواج وزوجاتهم في كل مكان، وفي المواقع العامة، وحتى في داخل بيوتهم،
وتسمعهم اقبح الألفاظ البذيئة والمستهجنة، ككلمات مثل الساقطة والعاهرة
والشرموطة والمومس وخلافها، بدون ذنب لم يقتروفوه بعد، وتكيل لهم الضرب
المبرح، والعذاب والاذلال غير المسبوق، من خلال الفعل القاسي الذي يقوم به
أفرادها، مستغلين الدين، لتبرير سلوكهم القمعي والارهابي، في استبداد غير
واعي، وغير منصف وظالم، يتم معه تجاوز القانون، ودور الحكومة في سن الأنظمة
والتشريعات، التي معها نتجاوز عصور الظلام، ونواكب الحاضر ومتطلباته0
الكاتبة
سمر المقرن، في روايتها المبدعة والجريئة والشجاعة، توجه نقدا لاذعا
للمجتمع السعودي المتحجر، عبر سردها لصور واحداث، تتعلق بالحب والعشق
واللقاءات، في معظمها قضايا شخصية وخاصة جدا تتعلق بحرية الانسان، وبحقه
الأدنى من حقوقه كأنسان، وقعت لمجموعة من النساء السعوديات، معروفات
باسمائهن، وهن سارة واسيل وغادة وخولة وسميرة ونورة، عبرن عن شعورهن بكل
صراحة وصدق وحرية، لما عانينه من الظلم والاجحاف الواقع عليهن، وفي حقهن من
قبل المنظمة الارهابية المعروفة بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
ونتيجة لصراحتها وشجاعتها بنقد بعض الظواهر الشاذة في المجتمع السعودي،
والجانب المتعلق منه خاصة بالمرأة السعودية، تلقت الكاتبة والأديبة سمر
المقرن تهديدا لحياتها بالقتل.
في روايتها، تساوي الكاتبة سمر المقرن-مع
الأسف الشديد-بين العلمانيين وبين رجال الهيئة الأرهابيين، مع انهما على
طرفي نقيض تماما، ولا تميز بينهم، وهذا في حقيقته، مناف ومجاف للواقع، وقد
تكون الكاتبة، بهذا ارادت، ان تكون متوازنة في ادانتها للتكفريين
وللعلمانيين، حتى لا تعتقل أو تنتقد بشكل او بآخر، كما يفعل الساسة
الأوروبيين، عند محاولة ادانتهم للاجرام الصهيوني ضد الفلسطينيين، فيبحثوا
عن اي موقف سلبي يتعلق بالفلسطينيين، مهما كان تافها أو غير موجودا، كي
يصدروا بيانا يدينوا به الجهتين, وهي كما تدعي، فان الاسلاميين واللبراليين
نموذج واحد، فالاسلاميين يغطوا " المرأة " بكل ما أوتوا من أردية، حتى لا
يؤجج هذا الوعاء الجنسي، غرائز الرجال، والثاني يريد أن يكشفها أمام الكل،
ليري الآخرين، حجم فحولتهم ووعاء شهوتهم. لنقرأ المقطع التالي من قصة سمر
المقرن:
(صباح الجمعة، كان واضحاً من بدايته. كانت السماء ملبدة
بالغبار، والنفوس تزدحم بالجروح والآلام، عندما سمعت صوت الجرس الخارجي
شعرت بشيء ما، يجثم فجأة على صدري، كان صوت أمي يناديني من بعيد، تعالي يا
سارة، شوفي صديقتك غادة)
حتى صوت أمي وهي تنادي، كان واضحاً، أنه يصدر
عن حنجرة تغصّ بالبكاء، لم أتعرف على غادة من ملامحها، ولكن من أنفاسها
واختناقات صدرها وأنا أضمها:ما الذي فعل بكِ هذا؟ وقبل أن أستمع للرد، صرخت
منادية:هاتوا العباية، أمسكت غادة بيدي، طلبت مني الصعود لحجرتي فنهرتها،
يجب أن نذهب عاجلاً للمستشفى، رفضت، وأومأت لي برأسها بحركة مثقلة، أنها
تريد الحديث لي وحدي. أمي مازالت تبكي وتريد أن تعرف ما الذي فعل بغادة
هذا، عين مربوطة والأخرى متورمة، ولا يظهر من الازرقاق المحيط بها، إلا
مساحة صغيرة حمراء. هدأت من روع أمي، ووعدتها بعد منحي قليلاً من الوقت، أن
أشرح لها القصة.
غادة الإنسانة الوحيدة التي استمر العهد بيننا منذ
أيام المراهقة، عندما جمعنا فصل دراسي واحد، واجتهاد متوازٍ في صفوف
الدراسة، بمستوى قريب من بعضنا البعض، وشقاوة واحدة. وبرغم شقاوتنا المزعجة
للمعلمات، إلا أننا كنا الأقرب إليهن دائماً، ما من مصيبة تحدث بالمدرسة،
إلا ويكون وراءها سارة وغادة.
في نهاية يوم الأربعاء من كل شهر، تقام
بالمدرسة مباراة لكرة السلة بين طالبات القسم العربي والقسم الإنكليزي،
تتميز طالبات القسم الإنكليزي عنا بالطول والعرض. في حين، أن طالبات القسم
العربي الأكثرية منهن قصيرات، وتغلب عليهن السمنة والاكتناز، وهذا نتيجة
حتمية لأكل «الشاورما والهامبورجر». أنا وغادة لم نكن نهوى كرة السلة،
إضافة إلى أن مقوماتنا الجسدية، لا تصلح للعبها، لذا، فإننا في كل مرة،
نقود صفوف التشجيع، وفي المباراة النهائية، للفصل الدراسي، كان من الصعب أن
نتقبل الهزيمة، وعندما اقتربت المباراة من نهايتها، ومشجعات القسم
الإنكليزي يتفنن في إغاظتنا، رأت غادة أنه لا بد من إنهاء المباراة، قبل
إعلان الهزيمة، مع تلقين تلك المشجعات المتغطرسات درساً. فوقفنا على طرف
الملعب الترابي، وبدأنا نقذف لاعبات القسم الإنكليزي بالحصى والتراب، وما
هي إلا ثوانٍ، وعجت الأجواء بالغبار والتراب خصوصاً، وقد جاءت هجمات مرتدة
من اللاعبات والمشجعات. عندها جرينا أنا وغادة واختبأنا في الفصل، نشاهد
المنظر من النافذة في الطابق الثاني، ونضحك بخبث ونشوة، على ما أحدثنا من
فوضى. صحيح، أننا كنا حزينتين جراء بعض الإصابات، إلا أن الأهم من وجهة
نظرنا، أن الخطة نجحت والمباراة أوقفت دون نتيجة).
يبقى ان ننوه لأسلوب
الأديبة والكاتبة والاعلامية سمر المقرن، بانه اسلوب بسيط وشيق وممتع، اوصل
رسالة نقدية لأولي الأمر، وللباحثين عن الحقيقة، باسلوب غير مباشر، عبر
سرد قصص قصيرة جدا، لحالات وقعت لنساء سعوديات في مواقع عامة، وكيف تعامل
معهن رجالات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بأسلوب وحشي ومتخلف، وغير
حضاري، بقضايا تخصهن شخصيا، تتعلق بالحرية والعلاقات الانسانية والعاطفية،
حيث يسجن عدة سنوات، ويجلدن مئات الجلدات، بشكل وحشي مقزز، ومخالف لكل
القيم الانسانية والحضارية المتعارف عليها دوليا. يبقى ان نحيي الكاتبة
والأديبة والاعلامية والصحفية الرائعة والمبدعة والمتألقة سمر المقرن، على
كتابها هذا، وكافة كتاباتها الجريئة والشجاعة والصريحة، في انتقاداتها
ودفاعها المستميت، عن المرأة السعودية وحريتها الشخصية، وعلى تألقها دائما
اعلاميا وادبيا وصحفيا.