السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
____________
:: القول الراجح في التحلل من ( الغيبة )
للعلامة ابن عثيمين رحمه الله ::
__________________
يقول الشيخ ابن عثيمين عليه رحمة الله في الحديث عن شروط
التوبة
” الرابع : أن يكون الحق غيبة , يعني أنك تكلمت به في غيبته
وقدحت فيه عند الناس وهو غائب
فهذه اختلف فيها العلماء فمنهم من قال لابد أن تذهب إليه وتقول
له يا فلان إني تكلمت فيك عند الناس فأرجوك أن تسمح عني
وتحللني ,
وقال بعض العلماء : لا تذهب إليه بل فيه تفصيل ! إن كان
علم بهذه الغيبة فلا بد أن تذهب إليه وتستحله .
وإن لم يكن علم فلا تذهب إليه واستغفر له وتحدث بمحاسنه في
المجالس التي كنت تغتابه فيها فإن الحسنات يذهبن السيئات
وهذا القول أصح وهو أن الغيبة إذا كان صاحبها لا يعلم بأنك
اغتبته فإنه يكفي أن تذكره بمحاسنه في المجالس التي اغتبته
فيها وأن تستغفر له تقول ” اللهم اغفر له ” كما جاء في الحديث
” كفارة من اغتبته أن تستغفر له “
انتهى
” من شرحه لرياض الصالحين ـ مقدمة باب التوبة ـ شروط التوبة ”
المرجع بكل دقة
شرح رياض الصالحين ـ للشيخ العلامةابن عثيمين عليه رحمة الله
المجلد الأول
ص 59 ـ 60
طباعة شركة مكتبة جرير
الطبعة الأولى 1424 هـ ـ 2003 م
اللهم طهر ألسنتنا من الغيبة واشغلنا بعيوبنا عن عيوب غيرنا
السؤال:
ما هو مدى صحة ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنَّ
كفارة الغيبة أن تستغفر لمن اغتبته؛ تقول: اللهم اغفر لنا وله؟
وما هو معنى الغيبة ؟
المفتي: صالح بن فوزان الفوزان
الإجابة:
أمَّا الحديث؛ فلا يحضُرُني الآن حوله شيء، ولا أدري عنه.
وأمَّا الغيبة في حدّ ذاتها؛ فهي محرَّمة وكبيرة من
كبائر الذُّنوب، وقد نهى الله سبحانه وتعالى عباده عن
فعلها؛ قال تعالى
{وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ
أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ
تَوَّابٌ رَّحِيمٌ } [الحجرات: 12.]، وقال النبي صلى الله
عليه وسلم: "كل المؤمنِ على المؤمنِ حرامٌ؛ دمُه،
ومالُه، وعِرضُهُ " [رواه الإمام مسلم في "صحيحه" (
4/1986) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه؛
بلفظ: "كل المسلم على المسلم".]؛
فالغيبة محرَّمة وكبيرة من كبائر الذُّنوب وشنيعةٌ.
وأمَّا ما هي الغيبة؟ فقد بيَّن النبي صلى الله عليه
وسلم معناها لمَّا سُئِلَ عنها، فقال " الغيبةُ: ذِكرُكَ
أخاكَ بما يَكرَهُ ".
قيل: أرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال"إن كان فيه
ما تقول؛ فقد اغتبتَهُ، وإن لم يكن فيه ما تقولُ؛ فقد
بَهَتَّهُ " [رواه الإمام مسلم في "صحيحه" (4/2001)
من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.].
والغيبة هي الكلام في عرض الغائب كما بيَّن النبيُّ
صلى الله عليه وسلم؛
" أنها ذكرك أخاك بما يكره "؛
فإذا كان أخوك غائبًا، وأنت وقعت في عرضه
ووصفته بما يكره؛ فقد اغتبتَهُ، وأثمت في ذلك إثمًا
عظيمًا، وإذا ندمت وتُبتَ إلى الله سبحانه وتعالى؛ فإن
باب التوبة مفتوح، ولكن هذا حقُّ مخلوق، ومن
شروط التوبة فيه أن تستبيح صاحبه؛ فعليك أن تتَّصل
بأخيك، وأن تذكُرَ له ذلك، وتطلُب منه المسامحة؛ إلا
إذا خشيت من إخباره أن يترتَّب على ذلك مفسدة
أعظم؛ فإنَّه يكفي أن تستغفر له، وأن تُثني عليه
وتمدحه بما فيه، لعلَّ الله سبحانه وتعالى أن يغفر لك.
المصدر /
طريق الاسلام
قال العلامة ابن قيم الجوزية في " الوابل الصَّيِّب " (219) :
" يذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أن كفارة الغيبة أن تستغفر لمن اغتبته تقول : " اللهم أغفر لنا وله " ذكره البيهقي في " الدعوات الكبير " ، وقال : في إسناده ضعف . وهذه
المسألة فيها قولان للعلماء ـ هما روايتان عن الإمام أحمد ـ
وهما : هل يكفي في التوبة من الغيبة الاستغفار للمغتاب ، أم لا بد من إعلامه وتحليله ؟
والصحيح أنه لا يحتاج إلى إعلامه ، بل يكفيه الاستغفار وذكره بمحاسن ما فيه في المواطن التي اغتابه فيها .
وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره .
والذين قالوا لا بد من إعلامه جعلوا الغيبة كالحقوق المالية .
والفرق بينهما ظاهر ، فإن الحقوق المالية ينتفع المظلوم بعود
نظير مظلمته إليه ، فإن شاء أخذها وإن شاء تصدق بها .
وأما في الغيبة فلا يمكن ذلك ولا يحصل له بإعلامه إلا عكس
مقصود الشارع صلى الله عليه وسلم فإنه يوغر صدره ويؤذيه
إذا سمع ما رمى به ، ولعله يهيج عداوته ولا يصفوا له أبداً ،
وما كان هذا سبيله فإن الشارع الحكيم صلى الله عليه وسلم لا
يبيحه ولا يجوّزه فضلاً عن أن يوجبه ويأمر به .
ومدار الشريعة على تعطيل المفاسد وتقليلها
لا على تحصيلها
وتكميلها
. والله تعالى أعلم "