حسب نصيحة تشومسكى: المظاهرات وحدها لا تكفى
هناك الكثير من المشاكل، ماذا يسعنى أنا كفرد أن أفعل حيالها، هذا السؤال أحس أنه يتردد داخل كل واحد من شباب مصر المنتفضين الآن من أجل قضية التغيير فى مصر، وقد لفت نظرى أنه ليس سؤالا محلياً، بل هو سؤال مطروح فى أمريكا بالقدر نفسه الذى يطرحه شبابنا هنا فى مصر، وأنا أقلب صفحات كتاب (طموحات إمبريالية) الذى يتضمن تسع مقابلات أجراها ديفيد برساميان مع المفكر الأمريكى ناعوم تشومسكى، تركزت فى مجملها حول السياسة الخارجية للولايات المتحدة، كما تناولت بعض القضايا السياسية الفكرية داخل أمريكا، لفت نظرى فى الحوارات مع تشومسكى سؤال عن دور الفرد فى تغيير المجتمع، وهى قضية تكاد تكون مصرية قبل أن تكون أمريكية، أو هى بالأحرى تلامس قضية التغيير فى العالم كله.
يقول تشومسكى: بعد كل خطاب ألقيه فى الولايات المتحدة، يقترب منى بعض الأشخاص ويقولون: أريد أن أغير الأمور، ماذا يمكننى أن أفعل؟، ويجيبه تشومسكى: ليس هناك صعوبة فى العثور على المجموعات التى تعمل جاهدة فى القضايا التى تهمك، وما عليك إلا أن تنضم إليها، وتعمل معها من أجل تحقيق التغيير.
ومن كثرة تكرار السؤال وترداد الإجابة نفسها اكتشف تشومسكى أن الناس لا تريد منه هذه الإجابة، وبات يعتقد أن السؤال الحقيقى الذى يريدون طرحه هو: ماذا يمكننى أن أفعل لوضع حد لكل هذه المشاكل الضخمة، بشرط أن يكون المطلوب عمل سهل وسريع، ومضمون النتائج، يقول لك بعضهم: لقد شاركت فى مظاهرة ولم يتغير أى شىء، وخرج 25 مليون إلى الشوارع، ومع ذلك مضى بوش إلى الحرب، ثم يركنون إلى اليأس.
الطبيعى أن يشعر الناس باليأس إن توقعوا أن تحل مشاكلهم إذا هم تظاهروا مرة، أو سيروا المسيرات عدة مرات، فلو أن الأمور تمضى على هذه الشاكلة لما غلب أحد فى هذا العالم، الأمور لا تسير على هذا النحو، ولا هى بهذه البساطة،
يقول تشومسكى: إذا أردت أن تحدث تغييرات فى العالم، عليك أن تشارك يومياً فى العمل البسيط والدءوب، وربما الممل، من أجل اجتذاب أشخاص مهتمين بالقضية التى تهتم بها، وأن تبنى منظمة أكبر قليلاً، وتنتقل من خطوة إلى الخطوة التى تليها، وأن تواجه الإحباط فى كل مرحلة، ثم تصل إلى مكان ما فى النهاية، هكذا يتغير العالم، هكذا تتخلّص من العبودية، وهكذا تحصّل حقوق المرأة، وتحصل على حق التصويت، وهكذا يحمى العمّال حقوقهم، أو يتحصلون عليها، لقد تحقق كل مكسب كبير عن طريق هذا النوع من الجهد، لا من مشاركة الناس فى مظاهرة واحدة، والانسحاب عندما لا يحدث شىء، أو التصويت مرة واحدة كل عدة سنوات، ثم العودة إلى البيت.
وأقول: إن تراكم المشاكل، وطول بقاء الناس تحت وطأتها قد يكفى لتعظيم الرغبة فى التخلص من هذه المشاكل، ولكنه لا يكفى لتجاوزها، بل قد يغرى ببقاء الحال على ما هو عليه، وحده العمل الدءوب، وحده البقاء تحت الطلب من أجل التغيير، وحده الحرص الشديد على حشد الناس على الطريق إلى التغيير هو الذى يوصل الناس إلى الأمل فى حل مشاكلهم.
الإجابة السهلة، ولا أقول الساذجة، على سؤال التغيير فى مصر لا تفيد أحداً، ولا تفيد قضية التغيير نفسها، بل ربما تضر بأكثر مما تفيد، وإذا كانت المظاهرة لمرة واحدة لا تفيد، فإن التبليط فى الخط لن ينفع، كما لن يفيد شعب يريد التغيير أن ينتظر عند حافة النهر، ويضع قدميه فى الماء، آملا أن يأتيه التيار بجثة الذين ينتظر موتهم!
هناك الكثير من المشاكل، ماذا يسعنى أنا كفرد أن أفعل حيالها، هذا السؤال أحس أنه يتردد داخل كل واحد من شباب مصر المنتفضين الآن من أجل قضية التغيير فى مصر، وقد لفت نظرى أنه ليس سؤالا محلياً، بل هو سؤال مطروح فى أمريكا بالقدر نفسه الذى يطرحه شبابنا هنا فى مصر، وأنا أقلب صفحات كتاب (طموحات إمبريالية) الذى يتضمن تسع مقابلات أجراها ديفيد برساميان مع المفكر الأمريكى ناعوم تشومسكى، تركزت فى مجملها حول السياسة الخارجية للولايات المتحدة، كما تناولت بعض القضايا السياسية الفكرية داخل أمريكا، لفت نظرى فى الحوارات مع تشومسكى سؤال عن دور الفرد فى تغيير المجتمع، وهى قضية تكاد تكون مصرية قبل أن تكون أمريكية، أو هى بالأحرى تلامس قضية التغيير فى العالم كله.
يقول تشومسكى: بعد كل خطاب ألقيه فى الولايات المتحدة، يقترب منى بعض الأشخاص ويقولون: أريد أن أغير الأمور، ماذا يمكننى أن أفعل؟، ويجيبه تشومسكى: ليس هناك صعوبة فى العثور على المجموعات التى تعمل جاهدة فى القضايا التى تهمك، وما عليك إلا أن تنضم إليها، وتعمل معها من أجل تحقيق التغيير.
ومن كثرة تكرار السؤال وترداد الإجابة نفسها اكتشف تشومسكى أن الناس لا تريد منه هذه الإجابة، وبات يعتقد أن السؤال الحقيقى الذى يريدون طرحه هو: ماذا يمكننى أن أفعل لوضع حد لكل هذه المشاكل الضخمة، بشرط أن يكون المطلوب عمل سهل وسريع، ومضمون النتائج، يقول لك بعضهم: لقد شاركت فى مظاهرة ولم يتغير أى شىء، وخرج 25 مليون إلى الشوارع، ومع ذلك مضى بوش إلى الحرب، ثم يركنون إلى اليأس.
الطبيعى أن يشعر الناس باليأس إن توقعوا أن تحل مشاكلهم إذا هم تظاهروا مرة، أو سيروا المسيرات عدة مرات، فلو أن الأمور تمضى على هذه الشاكلة لما غلب أحد فى هذا العالم، الأمور لا تسير على هذا النحو، ولا هى بهذه البساطة،
يقول تشومسكى: إذا أردت أن تحدث تغييرات فى العالم، عليك أن تشارك يومياً فى العمل البسيط والدءوب، وربما الممل، من أجل اجتذاب أشخاص مهتمين بالقضية التى تهتم بها، وأن تبنى منظمة أكبر قليلاً، وتنتقل من خطوة إلى الخطوة التى تليها، وأن تواجه الإحباط فى كل مرحلة، ثم تصل إلى مكان ما فى النهاية، هكذا يتغير العالم، هكذا تتخلّص من العبودية، وهكذا تحصّل حقوق المرأة، وتحصل على حق التصويت، وهكذا يحمى العمّال حقوقهم، أو يتحصلون عليها، لقد تحقق كل مكسب كبير عن طريق هذا النوع من الجهد، لا من مشاركة الناس فى مظاهرة واحدة، والانسحاب عندما لا يحدث شىء، أو التصويت مرة واحدة كل عدة سنوات، ثم العودة إلى البيت.
وأقول: إن تراكم المشاكل، وطول بقاء الناس تحت وطأتها قد يكفى لتعظيم الرغبة فى التخلص من هذه المشاكل، ولكنه لا يكفى لتجاوزها، بل قد يغرى ببقاء الحال على ما هو عليه، وحده العمل الدءوب، وحده البقاء تحت الطلب من أجل التغيير، وحده الحرص الشديد على حشد الناس على الطريق إلى التغيير هو الذى يوصل الناس إلى الأمل فى حل مشاكلهم.
الإجابة السهلة، ولا أقول الساذجة، على سؤال التغيير فى مصر لا تفيد أحداً، ولا تفيد قضية التغيير نفسها، بل ربما تضر بأكثر مما تفيد، وإذا كانت المظاهرة لمرة واحدة لا تفيد، فإن التبليط فى الخط لن ينفع، كما لن يفيد شعب يريد التغيير أن ينتظر عند حافة النهر، ويضع قدميه فى الماء، آملا أن يأتيه التيار بجثة الذين ينتظر موتهم!