كم تجول أفكار وأفكار في أذهان كثير من الناس، حول أفعال الله في كونه في أرضه وسماءه، يقول أحدهم مستفهما: يا أولى الألباب هل عندكم من نبأ فتنبئونا عن الحكمة من خلق الشر والأضرار، والبلايا والمحن، ومن خلق إبليس شر البلبة وشر الخليقة، سؤال، عجيب غريب، كأن صاحبه يريد جنة في الأرض لا فيهما نصب ولا تعب، كجنة السماء، وهذا محال ولأمر الله وحكمته ورحمته مضاد، قال - تعالى -: (يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه)، وقال - سبحانه - لقد خلقنا الإنسان في كبد) فليس من الحكمة ولا من الرحمة أن يكون هذا الكون على وتيرة واحدة ليل بلا نهار أو حر بلا برد أو شبع بلا جوع، أو ولد بلا وطئ، أو عافية بلا مرض، إن هذه الدنيا ليس فيها أحد مستثنى من البلاء؛ لأنها امتحان عام للجميع يتميز الخبيث فيها من الطيب، والصابر من الشاكر؛ ليترتب على ذلك الفوز بمفتاح الجنة التي وعد الرحمن بها عباده قال تعالى: (تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا).
جنة السماء هي الجنة التي لا شر فيها ولا أذى، ولا حر فيها ولا برد، ولا ليل فيها ولا نهار، نورها من نور الحي القيوم، (الله نور السموات والأرض)، أما الدنيا ففيها المرض والصحة، والحر والبرد، وشياطين الإنس وشياطين الجن، والبراكين والأعاصير والزلازل، ومع ذلك كله فإن هذه البلايا محفوفة برحمة من الله.
فالصحة هي الغالب في الإنسان و أما المرض فعارض، والمرض يولد مناعة للإنسان بعد التعافي منه، ومن المرض يستخرج علماء الطب من بعض المكروبات في جسم الإنسان دواء لبعض الأمراض، ويستخرجون من فم الثعابين الدواء، ومن جلودها اللباس، ومن ميكروبات المجاري يستخرجون غازات ينيرون بها الكهرباء، ومن ميكروب الكوليرا والجدري والشلل يستخرجون لقاحات تحمي الآخرين من هذه الأمراض والجو المعتدل هو الغالب على الإنسان، والبرد والحر هما العارضان، واستقرار الأرض وذلولها هو الغالب للإنسان، والزلازل والأعاصير والبراكين هي العارضة، وفي حدوثها خير كبير، فالبراكين تخرج كنوز الأرض والزلازل تخفف الضغوط داخل الأرض وتعيدها للتوازن، والحر والبرد ينبه الشرايين، فهذه الشرور مبطنة بالخير من الحكم الخبير، فكل شر داخله خير باطن وهذه رحمة من الله بالعباد، ولله في خلقه شئون قال - تعالى -: (والله يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة)، يخلق بحكمة وعلم ورحمة: (إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون)، فكل دابة ليس في خلقها شر محض بل في خلقها من الخير ربما أضعاف ما فيها من الشر، والشدائد سبيل لتربية الإنسان على الجلد والصبر وقوة القلب والشفقة والرحمة على من يقع بهم الضرر، وتربية الإنسان على التضرع والدعاء والتعبد بأسماء الله الحسنى، ومناداته بها وطلب الرحمة والاستغاثة به، يا معين، يا غفور، يا رحيم، يا منتقم، يا لطيف، تلجأك الشدائد إلى الله بأن يحميك مما يؤذيك فتحقق عبودية الربوبية والألوهية والأسماء والصفات، قال - تعالى -: (فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعلمون) ومن رحمته - سبحانه - أن أعطى الإنسان العقل والعلم حتى يدفع عن نفسه كل ضرر ويتخذ كل إجراء في محاربة ما يؤذيه، يحارب الأمراض بالطب، ويحارب الشيطان بالاستعاذة منه، ويحارب الشرور بالذكر والتحصن، ويحارب الجهل بالعلم، ويقاوم الكوارث بما وهبه الله ومكنه من قدرة تجاه محاربتها، فالشر إذا سبب في توليد السعادة والراحة والفرح للإنسان فمتى تغلب الإنسان على الضرر ولد ذلك في قلبه متعة الانتصار والفرح، كحال الجائع الذي لا يجد متعة الأكل والتلذذ بها إلا بعد الجوع، ولولا الجوع لما شعر بلذة الأكل، ولو خلق الله الإنسان في دار خالية من الشر كل شيء ممهد ومهيأ له فيها، لم يصبح للإنسان قيمة ولا عقل ولا فكر ولا حرية ولا اختيار، وكان وجوده وفكره وعزيمته معطلة لا قيمة لها ولا أثر، ومن رحمة الله بنا أن جعل هذا البلاء وهذا الكبد محدود ومؤقت بآجال قصيرة فنحن بهذه الدار مسافرون لا ندري متى نستقر في دار المقامة الأبدي ودارنا هذه دار ممر لا دار مقر واللبيب من يتزود في سفره هذا ما يرفع مقامه في تلكم الجنة الخالدة الخالية من كل أذى وكل شر، نعم نحن نكابد في هذه الحياة ليل نهار صبح مساء لكن الحليم الرحيم يكتب لنا ذلك كله، ويضاعف لنا الأجور أعطانا الحسنة بعشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف مضاعفة، أما صبرنا على البلاء فتكفل به - سبحانه -، ووعد بعطاء خاص من عنده بغير حساب فقال - سبحانه -: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب)، وإذا كان العطاء من الله فنم قرير العين مطمئن البال، فما ادخره الله لك يوم أن تلقاه صابرا راضياً محتسباً فيه مالا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر؛ لأنه من رحيم كريم عليم حكيم، قال - تعالى -) :يا أيها الإنسان ماغرك برك الكريم)، وأي كرم أعظم من أن خلقك وهداك وكساك وآواك وأطعمك وسقاك، ثم يميتك ثم يحييك ثم يدخلك بعملك الصالح الجنة التي لا نصب فيها، ولا تعب، ولا ضرر ولا خطر، من تأمل هذا وفكر وتأمل وجد أنه لا بديل على هذه الأرض من الشر والخير، وأن وجودهما معا هو الخير كله وفقدان أحدهما هو الشر كله، ( والله يعلم وأنتم لا تعلمون)، قال - تعالى -: (ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهن)، إن لهذا الكون خالق حكيم رحيم عظيم. يقول أبو حامد الغزالي: "لولا اعوجاج القوس ما رمى، والألم في الإنسان رحمه، فبه يستدل الإنسان على مرضه، ولولا الألم لمات في مرضه قال - تعالى -: (هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه)".
يقول الإمام ابن القيم - رحمه الله -: "ومن الحكم في خلق الشياطين الكفار، أن يكمل لأنبيائه وأوليائه مراتب العبودية بمجاهدة عدو الله وحزبه، وإغاظته وإغاظة أوليائه، والاستعاذة به منه، والالتجاء إليه، أن يعيذهم من شره، وكيده فيترتب لهم على ذلك من المصالح الدنيوية والأخروية ما لم يخطر لهم ببال، وهذا هو المحك الذي امتحن الله به خلقه ليتبين به خبثهم من طيبهم قال - تعالى -: (ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب)، ولولا خلق القبيح لم تعرف فضيلة الجميل ولولا الفقر لم يعرف الغنى ولولا الشر لم يعرف الخير، والمحبة والإنابة والتوكل والصبر والرضا أحب العبودية إلى الله - سبحانه - تتحقق ببذل النفس لله وتقديم محبته على كل ما سواه، وهو - سبحانه - الخافض الرافع المعز المذل الحكم العدل المنتقم وهذه الأسماء تستدعي متعلقات يظهر فيها أحكامها كالإحسان والرزق والرحمة والثواب والعقاب والإكرام والإهانة والعدل والفضل والإعزاز والإذلال فلا بد من وجود ما يحقق هذا. فهو - سبحانه - لكمال محبته لأسمائه وصفاته اقتضى حمده وحكمته أن يخلق خلقا يظهر فيهم أحكامها وآثارها فلمحبته للعفو خلق من يحسن عنه، ولمحبته للمغفرة خلق من يغفر له ويحلم عنه ويصبر عليه ولا يعاجله، بل يكون يحب أمانه وإمهاله، ولمحبته لعدله وحكمته خلق من يظهر فيهم عدله وحكمته، ولمحبته للجود والإحسان والبر خلق من يعامله بالإساءة والعصيان وهو - سبحانه - يعامله بالمغفرة والإحسان، فلولا خلق من يجري على أيديهم أنواع المعاصي والمخالفات؛ لفاتت هذه الحكم والمصالح وأضعافها وأضعاف أضعافها فتبارك الله رب العالمين، وأحكم الحاكمين ذو الحكمة البالغة والنعم السابغة، الذي وصلت حكمته إلى حيث وصلت قدرته، وله في كل شيء حكمة باهرة كما أن له فيه قدرة قاهرة وهدايات إنما ذكرنا منه قطرة من بحر وإلا فعقول البشر أعجز وأضعف وأقصر من أن تحيط بكمال حكمته في شيء من خلقه، (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم).
جنة السماء هي الجنة التي لا شر فيها ولا أذى، ولا حر فيها ولا برد، ولا ليل فيها ولا نهار، نورها من نور الحي القيوم، (الله نور السموات والأرض)، أما الدنيا ففيها المرض والصحة، والحر والبرد، وشياطين الإنس وشياطين الجن، والبراكين والأعاصير والزلازل، ومع ذلك كله فإن هذه البلايا محفوفة برحمة من الله.
فالصحة هي الغالب في الإنسان و أما المرض فعارض، والمرض يولد مناعة للإنسان بعد التعافي منه، ومن المرض يستخرج علماء الطب من بعض المكروبات في جسم الإنسان دواء لبعض الأمراض، ويستخرجون من فم الثعابين الدواء، ومن جلودها اللباس، ومن ميكروبات المجاري يستخرجون غازات ينيرون بها الكهرباء، ومن ميكروب الكوليرا والجدري والشلل يستخرجون لقاحات تحمي الآخرين من هذه الأمراض والجو المعتدل هو الغالب على الإنسان، والبرد والحر هما العارضان، واستقرار الأرض وذلولها هو الغالب للإنسان، والزلازل والأعاصير والبراكين هي العارضة، وفي حدوثها خير كبير، فالبراكين تخرج كنوز الأرض والزلازل تخفف الضغوط داخل الأرض وتعيدها للتوازن، والحر والبرد ينبه الشرايين، فهذه الشرور مبطنة بالخير من الحكم الخبير، فكل شر داخله خير باطن وهذه رحمة من الله بالعباد، ولله في خلقه شئون قال - تعالى -: (والله يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة)، يخلق بحكمة وعلم ورحمة: (إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون)، فكل دابة ليس في خلقها شر محض بل في خلقها من الخير ربما أضعاف ما فيها من الشر، والشدائد سبيل لتربية الإنسان على الجلد والصبر وقوة القلب والشفقة والرحمة على من يقع بهم الضرر، وتربية الإنسان على التضرع والدعاء والتعبد بأسماء الله الحسنى، ومناداته بها وطلب الرحمة والاستغاثة به، يا معين، يا غفور، يا رحيم، يا منتقم، يا لطيف، تلجأك الشدائد إلى الله بأن يحميك مما يؤذيك فتحقق عبودية الربوبية والألوهية والأسماء والصفات، قال - تعالى -: (فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعلمون) ومن رحمته - سبحانه - أن أعطى الإنسان العقل والعلم حتى يدفع عن نفسه كل ضرر ويتخذ كل إجراء في محاربة ما يؤذيه، يحارب الأمراض بالطب، ويحارب الشيطان بالاستعاذة منه، ويحارب الشرور بالذكر والتحصن، ويحارب الجهل بالعلم، ويقاوم الكوارث بما وهبه الله ومكنه من قدرة تجاه محاربتها، فالشر إذا سبب في توليد السعادة والراحة والفرح للإنسان فمتى تغلب الإنسان على الضرر ولد ذلك في قلبه متعة الانتصار والفرح، كحال الجائع الذي لا يجد متعة الأكل والتلذذ بها إلا بعد الجوع، ولولا الجوع لما شعر بلذة الأكل، ولو خلق الله الإنسان في دار خالية من الشر كل شيء ممهد ومهيأ له فيها، لم يصبح للإنسان قيمة ولا عقل ولا فكر ولا حرية ولا اختيار، وكان وجوده وفكره وعزيمته معطلة لا قيمة لها ولا أثر، ومن رحمة الله بنا أن جعل هذا البلاء وهذا الكبد محدود ومؤقت بآجال قصيرة فنحن بهذه الدار مسافرون لا ندري متى نستقر في دار المقامة الأبدي ودارنا هذه دار ممر لا دار مقر واللبيب من يتزود في سفره هذا ما يرفع مقامه في تلكم الجنة الخالدة الخالية من كل أذى وكل شر، نعم نحن نكابد في هذه الحياة ليل نهار صبح مساء لكن الحليم الرحيم يكتب لنا ذلك كله، ويضاعف لنا الأجور أعطانا الحسنة بعشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف مضاعفة، أما صبرنا على البلاء فتكفل به - سبحانه -، ووعد بعطاء خاص من عنده بغير حساب فقال - سبحانه -: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب)، وإذا كان العطاء من الله فنم قرير العين مطمئن البال، فما ادخره الله لك يوم أن تلقاه صابرا راضياً محتسباً فيه مالا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر؛ لأنه من رحيم كريم عليم حكيم، قال - تعالى -) :يا أيها الإنسان ماغرك برك الكريم)، وأي كرم أعظم من أن خلقك وهداك وكساك وآواك وأطعمك وسقاك، ثم يميتك ثم يحييك ثم يدخلك بعملك الصالح الجنة التي لا نصب فيها، ولا تعب، ولا ضرر ولا خطر، من تأمل هذا وفكر وتأمل وجد أنه لا بديل على هذه الأرض من الشر والخير، وأن وجودهما معا هو الخير كله وفقدان أحدهما هو الشر كله، ( والله يعلم وأنتم لا تعلمون)، قال - تعالى -: (ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهن)، إن لهذا الكون خالق حكيم رحيم عظيم. يقول أبو حامد الغزالي: "لولا اعوجاج القوس ما رمى، والألم في الإنسان رحمه، فبه يستدل الإنسان على مرضه، ولولا الألم لمات في مرضه قال - تعالى -: (هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه)".
يقول الإمام ابن القيم - رحمه الله -: "ومن الحكم في خلق الشياطين الكفار، أن يكمل لأنبيائه وأوليائه مراتب العبودية بمجاهدة عدو الله وحزبه، وإغاظته وإغاظة أوليائه، والاستعاذة به منه، والالتجاء إليه، أن يعيذهم من شره، وكيده فيترتب لهم على ذلك من المصالح الدنيوية والأخروية ما لم يخطر لهم ببال، وهذا هو المحك الذي امتحن الله به خلقه ليتبين به خبثهم من طيبهم قال - تعالى -: (ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب)، ولولا خلق القبيح لم تعرف فضيلة الجميل ولولا الفقر لم يعرف الغنى ولولا الشر لم يعرف الخير، والمحبة والإنابة والتوكل والصبر والرضا أحب العبودية إلى الله - سبحانه - تتحقق ببذل النفس لله وتقديم محبته على كل ما سواه، وهو - سبحانه - الخافض الرافع المعز المذل الحكم العدل المنتقم وهذه الأسماء تستدعي متعلقات يظهر فيها أحكامها كالإحسان والرزق والرحمة والثواب والعقاب والإكرام والإهانة والعدل والفضل والإعزاز والإذلال فلا بد من وجود ما يحقق هذا. فهو - سبحانه - لكمال محبته لأسمائه وصفاته اقتضى حمده وحكمته أن يخلق خلقا يظهر فيهم أحكامها وآثارها فلمحبته للعفو خلق من يحسن عنه، ولمحبته للمغفرة خلق من يغفر له ويحلم عنه ويصبر عليه ولا يعاجله، بل يكون يحب أمانه وإمهاله، ولمحبته لعدله وحكمته خلق من يظهر فيهم عدله وحكمته، ولمحبته للجود والإحسان والبر خلق من يعامله بالإساءة والعصيان وهو - سبحانه - يعامله بالمغفرة والإحسان، فلولا خلق من يجري على أيديهم أنواع المعاصي والمخالفات؛ لفاتت هذه الحكم والمصالح وأضعافها وأضعاف أضعافها فتبارك الله رب العالمين، وأحكم الحاكمين ذو الحكمة البالغة والنعم السابغة، الذي وصلت حكمته إلى حيث وصلت قدرته، وله في كل شيء حكمة باهرة كما أن له فيه قدرة قاهرة وهدايات إنما ذكرنا منه قطرة من بحر وإلا فعقول البشر أعجز وأضعف وأقصر من أن تحيط بكمال حكمته في شيء من خلقه، (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم).