منتدي شباب إمياي

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدي شباب إمياي

مجلس الحكماء

التسجيل السريع

:الأســـــم
:كلمة السـر
 تذكرنــي؟
 
حاجة أهل الباطل إلى سند شرعي Support


2 مشترك

    حاجة أهل الباطل إلى سند شرعي

    ابو انس
    ابو انس
    صاحب مكان
    صاحب مكان


    النوع : ذكر
    عدد المشاركات : 2689
    العمر : 57
    تاريخ التسجيل : 17/01/2010
    مزاجي النهاردة : حاجة أهل الباطل إلى سند شرعي Pi-ca-10

    حاجة أهل الباطل إلى سند شرعي Empty حاجة أهل الباطل إلى سند شرعي

    مُساهمة من طرف ابو انس 18/5/2010, 6:49 pm

    عناصر الموضوع:



    1. فضل العلم والعلماء.
    2. ترويج الضلال عبر واجهة دينية ونماذج على ذلك.


    • بولس وتحريف الإنجيل.
    • قصة اليهود مع قريش لتشويه دين الإسلام.
    • المنافقون ومسجد الضرار.
    • الاستعانة بأهل الضلال في فتنة القول بخلق القرآن.
    • ابن تيمية والتتار.
    • استعانة الفاطميين بأهل الضلال.
    • حملة نابليون وتلاميذ الاستعمار.


    1. أساليب أهل الضلال في هذا الزمان.
    2. الفرق بين زلة العالم وضلال العالم.

     


    الخطبة الأولى:


    إن Cool، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:


    فضل العلم والعلماء


    فإن الله -سبحانه وتعالى- قد مدح العلم وأهله، وحثَّ على النهل منه، ولم يأمر نبيه بالاستزادة من شيء إلا بأن يدعوَ الله أن يزيده من شيء إلا من العلم فقال: (وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا) (114) سورة طـه؛ لأن العلم سبب حصول الخير، ((ومن يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)).


    وهو قائد إلى تقوى الله تعالى، ولا درجة بعد النبوة أفضل من درجة العلم، والعلماء السادة في الدنيا والآخرة، والمخبرون عن الحق من الحق تعالى رفع الله مكانتهم، ورعى حقوقهم، وجعلهم مرجعاً للناس فقال لأهل الإسلام (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) (43) سورة النحل، وشدد الله على أهل العلم بقول الحق ونبذ الباطل، فقال تعالى: (وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ) (187) سورة آل عمران، وقال تعالى: (وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ) (42) سورة البقرة، وقال: (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) (36) سورة الإسراء.


    ترويج الضلال عبر واجهة دينية ونماذج على ذلك


    وأهل الضلال في كل زمان ومكان يحاربون العلم وأهله، ويريدون أن يطفئوا نور الله، ويريدون هدمَ صرح هذا الدين، ويسعون إلى ذلك بكل سبيل، ويأتون بكل وسيلة، ومن ذلك أنهم يحتاجون في هدم الدين إلى واجهة من الدين، وذلك أنهم لا يقوون على هدم الدين في نفوس الناس بكلام يأتون به من قِبَلهم، فما الذي سيجعل الناس يثقون بهؤلاء، وإنما هم أهل فساد وانحراف وزندقة وضلال، ولذلك شعر أهل الباطل على مر العصور والدهور بالحاجة إلى واجهة من الدين، وقبل ذلك كانوا يشعرون بحاجة إلى واجهة من الخوارق، فاحتاج فرعون إلى السحرة في مواجهة الآيات البينات التي أتى بها موسى عليها السلام، وأحتاج كبير أصحاب الأخدود إلى ساحر يكون معه في تثبيت أمره فلما كبر قال ائتني بغلام أعلمه السحر ليتبوأ مكانه ويأخذ منصبه حتى يستعين به في المستقبل.


    وحيث إن الضلال لا يروج إلا إذا روَّجه بعض من ينتسب إلى الدين كان في ذلك وسيلة واضحة لأهل الباطل ليصطادوا من المنتسبين إلى الدين ما يحققون به هدفهم ويروِّجون به باطلهم، وذلك ليكون أقبل عند الناس، فشعر المحتلون لبلاد المسلمين في عهود الاستعمار الماضية بالحاجة إلى عمامة أو لحية فهكذا كانوا يفعلون في بلاد الشام وأرض الكنانة وشمال إفريقية ونحو ذلك -لا تقطع رأس الدين إلا بسيف منه- والله -سبحانه وتعالى- قد أخبرنا عمن يتطوع في مثل هذا الأمر بأنه من المنسلخين من دينه فقال -عز وجل-: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ) (175) سورة الأعراف، فآتاه الله آياته فحفظ وفهم ولكنه انسلخ فلم يعمل بما أنزل الله، انسلاخاً وابتعاداً وتركاً، انسلاخاً فيه التحلل من هذا الدين بعد أن صار عنده منه شعبة، لقد حفظ ما يمكن أن يتفوه به فيوهم، وفهم ما يمكن أن يستعمله فيلبّس.


    (آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا)، لم يكن لإبليس مثل هذا، هذه الفرصة السانحة العظيمة لكي يستعمله في الإضلال، فلم يكن ليكتفي إبليس بأن يضل هذا فقط حتى يجعله مضلاً لغيره، ومثل هذا فرصة سانحة لأهل الباطل لامتطائه واستعماله في التلبيس على العامة وترويج الباطل.


    بولس وتحريف الإنجيل


    وقد كان لرجل الدين بولُس شاؤول اليد الطولى في تحريف دين النصرانية، وقد لعب هذا الرجل دوراً كبيراً في تحريف الإنجيل، وتبديل كلام الله تعالى، وكان لمجمع نيقية الكنسي دور مهم في اعتماد الأناجيل المحرفة بعد ذلك.


    وأما الأحبار من بني إسرائيل فقد كان لكثير منهم دور في نشر الباطل، فيستعين زعماء اليهود بأحبارهم في الفتاوى الضالة لتسويغ ما يريدونه من الهوى وحمل الناس عليه، ويأخذ الأحبار في مقابل ذلك مالاً، والله -عز وجل- قال: (إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ) (34) سورة التوبة، فالأحبار والرهبان هم رجال الدين، الذين يأكلون الدنيا بالدين، ويتسببون في إضلال الناس ويصدون عن سبيل الله.


    قصة اليهود مع قريش لتشويه دين الإسلام


    وقد احتاجت قريش الوثنية لهؤلاء الأحبار اليهود في التصدي لدعوة النبي -صلى الله عليه وسلم-، واحتاج اليهود في المدنية إلى قوة قريش العسكرية في مواجهة دعوة النبي -صلى الله عليه وسلم- فتروي كتب السير قصة خروج اليهود إلى مكة لدعوة قريش إلى حرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في عام الخندق، وقد وجد صناديد مكة الفرصة سانحة بهذه الزيارة اليهودية لإضفاء الشرعية على عبادة الأصنام وتشويه دعوة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولذلك قاموا بسؤالهم هذا السؤال المعد مسبقاً وهو سؤال خطير جداً: أديننا خير أم دينه؟ وقد جاء في سيرة ابن هشام والمعجم الكبير للطبراني تلك الرواية التي قال فيها صناديد قريش: يا معشر يهود إنكم أهل الكتاب الأول والعلم بما أصبحنا نختلف فيه نحن ومحمد، أفديننا خير أم دينه؟ فقال زعماء اليهود وعلماء بني إسرائيل من الأحبار الكذابين: بل دينكم خير من دينه، وأنتم أولى بالحق، فلما قالوا ذلك لقريش سرَّهم ونشطوا لحرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقال الله -عز وجل- معقباً على ما حصل: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ) "قريش" (هَؤُلاء) يعني الكفار الوثنيين (أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً* أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللّهُ وَمَن يَلْعَنِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا) (51-52) سورة النساء، فسجَّل القرآن هذه المعرة اليهودية والمشهد المخزي للذين خانوا الشرائع ودلسوا الأمانة، وشهدوا بالزور، ونطقوا بالكذب.


    المنافقون ومسجد الضرار


    واحتاج المنافقون في المدينة إلى واجهة دينية فاتخذوا مسجد الضرار، وقال الله -سبحانه وتعالى-: (وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفَنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى وَاللّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ) (107) سورة التوبة، فمسجد الضرار أنشئ لكي يحتمي فيه هؤلاء المنافقون ويضروا المسلمين بتفريق جماعتهم، ويكون هذا المكان موئلاً يتآمر فيه من أراد أن يحارب الله ورسوله، فهم اتخذوا مسجداً ضراراً وكفراً، فكان هذا مسجد ينخدع كثير من الناس بمنظره فإنه دار عبادة، وهذه المساجد تُبنى لطاعة الله، اتخذوا مسجداً ضراراً وكفراً وتفريقاً بين المؤمنين وإرصاداً لمن حارب الله ورسوله من قبل، وحلفوا على ذلك، حلفوا أنهم أرادوا الحسنى، فأمر الله نبيه بتخريبه وتحريقه فصيّره الصحابة مزبلة، وقال الله لنبيه: (لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا) (108) سورة التوبة.


    الاستعانة بأهل الضلال في فتنة القول بخلق القرآن


    يريد الباطل دائماً أن يرتكز إلى شيء من الدين؛ لأنه لا يروج بدونه يعني بدون مسحة دينية أو واجهة دينية، لابد من شيء يظهره ليلبس به على الناس وعلى العامة، والفلاسفة أصحاب علم الكلام الباطل والمنطق اليوناني الرديء المخالف للكتاب والسنة لما أرادوا الدخول في العالم الإسلامي وأن يروج باطلهم على المسلمين ما كان يمكن لهم ذلك بدون عمامة أو لحية، فوقع في هذا الخائن ابن أبي دؤاد الذي مهد الطريق وأراد أن يلبّس على الناس وكان قاضياً فلما أُقنع الخليفة بذلك ظهر ابن أبي دؤاد ومن معه بمظهر السند العلمي الشرعي للقول بخلق القرآن، وجعل يأخذ من الآيات ما يلبس به على الناس، إنا جعلناه قرآناً عربياً، فرد الإمام أحمد يعني صيرناه، وذلك أن جعل ليست بمعنى خلق دائماً فقد تأتي بمعنى خلق وتأتي بمعنى صيّر، وتلا عليه قوله تعالى: (فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ) (5) سورة الفيل، وقال: يا ابن أبي دؤاد معناها فخلقهم؟ فسكت.


    ابن تيمية والتتار


    وهكذا تبنى علماء السوء أقوالاً يساندون بها الباطل على مرِّ العصر وكرِّ الدهور، ولما أراد التتار اقتحام بلاد المسلمين وخربوا ما خربوا، فلما جاءت موجة من الموجات التي بعدها وقد وضع لهم جنكيز خان كتاب الياسق، الذي فيه أشياء من القرآن والتوراة والإنجيل وكلام من عنده، جاء قازان عندما أراد اقتحام دمشق ومعه جيشه التتري وإمام وقاضي ومؤذن، وصار لبس عند الناس، كيف نقاتل قوماً يقولون: لا إله إلا الله، والتتار قد دخل عليهم من التأثر في الدين في بعض موجاتهم الهجومية ولكن لا زال دخولهم ناقصاً ولا زالوا خارج الدين وتجميع أشياء في كتاب من القرآن والتوراة والإنجيل لا يصيّر صاحبه مسلماً بل يبقى كافراً، فقام شيخ الإسلام -رحمه الله- يبين للناس أن هؤلاء التتار وإن كان معهم شيء من القرآن وعندهم إمام ومؤذن أنهم ليسوا ممن يُترَكون، فقال للناس: هؤلاء من جنس الخوارج يزعمون أنهم أحق من المسلمين وهم متلبسون بالمعاصي والظلم، وتفطن كثير من الناس لذلك، وقال شيخ الإسلام للناس: إذا رأيتموني في ذلك الجانب يعني عند المعركة أميل إلى جانب التتار وعلى رأسي مصحف فاقتلوني، فتشجع الناس لقتال التتار وقويت قلوبهم.


    استعانة الفاطميين بأهل الضلال


    ولما أراد العبيديون الباطنيون الكفرة ومعهم المعز الذي يسمي نفسه المعز لدين الله الفاطمي -وفاطمة منهم بريئة، وهم كذابون منتحلون للنسب الشريف متطاولون على دين الله، قتلوا العلماء والقضاة- لما أرادوا إزالة دين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من بلاد الإسلام عقد المعز العبيدي صفقة مع النعمان بن محمد المنصور، وكان فقيهاً، درس في مذهب مالك، وكانت الصفقة أن يتحول من مذهبه إلى مذهب أهل الرفض وأن يوليه القضاء ويصنف له التصانيف في نصرة مذهبه الباطل، قال ابن حجر عن هذا الرجل: "في تصانيفه ما يدل على انحلاله" وهذا يدل على أن الحاجة إلى عمامة مهمة في الاقتحام.


    ولما رأى مؤسس الدولة الصفوية الباطنية إسماعيل أنه من العسير أن يدعو الناس في البلد التي تغلب عليها إلى معتقده الباطني الباطل استحضر سبعاً وتسعين ممن يدعي العلم من جبل عامل في لبنان لمساندته في التلبيس على بدعته.


    حملة نابليون وتلاميذ الاستعمار


    وهكذا الغرب لما احتل بلاد الإسلام احتاج نابليون إلى بعض العمائم من الأزهر، واحتاج كرومر إلى محمد عبده، واحتاج كذلك من تلاميذهم -يعني تلاميذ الاستعمار- من بعض البشوات الذين أرادوا أن يسيروا بسيرة الاستعمار والانحلال عن الإسلام إلى رفاعة الطهطاوي الأزهري لكي يفتن الناس بما رآه في باريس، ويعود بعد أن كان حافظاً للقرآن متفقهاً في الأزهر يرجع إفرنجياً ويؤلف لهم تلخيص إبريز في ما رآه وشاهد من المناقب والفضائل في باريز.


    وهكذا نجد هذا الدور يتكرر ويستمر ويساند الكفرة ممن يدعي العلم حتى قال قائلهم:لو طلب مني نبينا أن أكفر بالمسيحية أو اليهودية لكفرت بمحمد.


    نسأل الله الثبات، ونعوذ به من الخذلان، اللهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، يا سميع الدعاء، واجعلنا هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضلين، واغفر لنا ذنوبنا أجمعين.


    أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.


     


    الخطبة الثانية:


    Cool الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولداً، أشهد أن لا إله إلا هو الحي القيوم، أوحده ولا أشرك به أحداً، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، الداعي إلى سبيله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.


    اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد حبيبنا وإمامنا وقدوتنا وأسوتنا، اللهم صلِّ وسلم عليه صلاة وسلاماً دائمين إلى يوم الدين.


    عباد الله:


    أساليب أهل الضلال في هذا الزمان


    ولا زال أهل الباطل يحتاجون إلى بعض من عنده لسان ديني للتلبيس على الناس سواء في قضايا تتعلق بالاعتقاد، ويكون هؤلاء من الذين حذرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث حذرنا من كل منافق عليم اللسان، وحذرنا من دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها.


    وفي هذا الزمان أراد أعداؤنا إفساد دين الناس بنشر الانحلال في الأحكام وتخريب الفقه والحلال والحرام، فعمدوا إلى أناس قد يكون لبعضهم خلفية شرعية من دراسة في معهد أو كلية، أو شكل من عمامة أو بقية لحية ونحو ذلك للفتاوى الشاذة، والمشاغبة على ما استقر عند الناس من الأحكام، سواء فيما يتعلق في المرأة بحجابها أو حكم مصافحتها والاختلاط بها، أو فيما يتعلق بأنواع أخرى من الفقه والحلال والحرام، فيطلبون منهم إعداد أبحاث شرعية لمساندتهم في أقوالهم المنحلة التي ينادون بها، وينشرونها ويروِّجونها وواضحٌ المقصد منها، وهو نشر الفساد في الناس، ولذلك لا ترى منافقاً يستعين بمثل هذا يطرح موضوع النزول على اليدين أو على الركبتين في السجود مثلاً، ولا ترى من المنافقين الذين يريدون الاستعانة بأبحاث شرعية يطرحون في مقالاتهم الصحفية مسألة قراءة الفاتحة للمأموم خلف الإمام، هل هي واجبة أم لا؟ ولكن يطرحون الحجاب، الاختلاط، المصافحة، يعني يطرحون أشياء تتعلق بنشر الشهوات، ويريدون القول الآخر تحديداً الذي هو لا بأس، لا حرج، يجوز، وهكذا يستعان بمن انحرف لتشريع الضلال وتسويغ الحرام، وتطبيع الباطل.


    دخل رجل على ربيعة بن عبد الرحمن فوجده يبكي فارتاع لبكائه وقال: ما يبكيك؟ قال استُفتي من لا علم له، وظهر في الإسلام أمر عظيم، وقال ربيعة: ولبعض من يفتي هاهنا أحق بالسجن من السرَّاق.


    يهدم الإسلام زلة عالم وجدال منافق بالقرآن، وأئمة مضلون، كما قال عمر -رضي الله عنه- فيما رواه الدارمي في كتابه -رحمه الله-.


    والله -سبحانه وتعالى- قد نهانا عن التلبيس فقال: (وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ) (42) سورة البقرة، ونهى عن كتمان الحق، ولذلك يجب علينا أن نوضح الحق وأن نبين الأمر وأن نرد على المضلين.


    مسيلمة الكذاب -يا عباد الله- لما خرج بدعوته في اليمامة وادَّعى النبوة احتاج إلى رجل دين ممن يظهر منه العلم، فعقد حلفه مع الرحَّال ابن عنفوه، واسمه نهار، وكان هذا الرجل قد أسلم وتعلم شيئاً من القرآن، وتفقه في بعض أمور الدين، فارتدَّ مع مسيلمة وشهد له زوراً أنه رسول الله، وأنه أشركه معه في الأمر، يعني مع محمد -صلى الله عليه وسلم-، وألقى إليه شيئاً مما كان يحفظه من القرآن فادَّعاه مسيلمة لنفسه وحصلت فتنة عظيمة بين قوم فيهم جهل كبير.


    قال ابن الأثير، فكان أعظم فتنة على بني حنيفة من مسيلمة، يعني هذا الذي انتكس ودخل مع مسيلمة في الحلف كان أعظم فتنة على بني حنيفة من مسيلمة حيث شهد أن محمد -صلى الله عليه وسلم- يقول: إن مسيلمة قد أُشرك معه، فصدقوه واستجابوا له، ولذلك فإن كثير من المعاصي لم تنتشر بين الناس إلا بشيء من سند علمي مزعوم.


    قال ابن تيمية -رحمه الله-: "ولا يشتبه على الناس الباطل المحض بل لا بد أن يُشاب بشيء من الحق" حتى يلتبس وإلا يصبح مفضوحاً مكشوفاً.


    ومن مآرب هؤلاء المنافقين –بزعمهم- نقل المعركة لتكون بين الشيوخ وطلبة العلم أنفسهم لينشغلوا عن الرد عنهم وفضحهم.


    والتعاون بين أهل الضلال على أية حال أمر تاريخي قديم، ووعي أهل الإسلام هو الذي يبطله وهو الذي يفسد على أهل الشر ما أرادوه.


    الفرق بين زلة العالم وضلال العالم


    والواجب الحرص على أهل الفتيا الموثوقين ممن يخشى الله أولاً، وعنده الفقه   في الكتاب والسنة، وهؤلاء الراسخون لا بد أن يوجد منهم في الأرض؛ فإن الله تعالى لا يخلي أرضه من هؤلاء، ((لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورين لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى تقوم الساعة)).


    فإن قال قائل: ما هو الفرق بين زلة العالم وضلال العالم؟ فالجواب أنه ما من عالم إلا له زلة، لأنه بشر، ويكون هذا خطأ في مسألة في مسألتين في ثلاث لكن من التزم خطاً ومنهجاً منحرفاً فهذا لا يقال عنها زلة، وإنما يقال عنه ضلال، فالذين يتجهون اليوم إلى منهج تقديم المصالح على النصوص، ويقولون هذا فيه مصلحة إذاً هذا جائز ولو خالف النص -مصالح يتصورونها بزعمهم- فمنهجهم منهج ضلالي، والذين يقدمون عقولهم على الكتاب والسنة، هؤلاء منهجهم ضلالي وليست زلة عالم، ومثلهم الذين ينتهجون منهج الأخذ بالأسهل فيقولون: أي مسألة فيها خلاف خذ الذي يقول: إنه جائز، والذين ينتهجون مسلك تتبع الرخص هذا ليس زلة عالم، هذا منهج ضلال، ولذلك نحن نغتفر للعالم زلته، لأنه ما من عالم إلا يزل، وأهل الفقه الراسخين زلاتهم نادرة وكثيراً ما يتراجعون عنها لكن لا يمكن أن نغتفر لأهل الضلال مسالكهم؛ لأن هذا مسلك ضلالي على طول الخط، وهؤلاء ناس منحرفون على طول الخط، ولذلك يجب البراءة منهم وفضح مسلكهم، (وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرًا) (77) سورة المائدة.


    وبعض الناس يشكل عليه أن يعذر داعية أو طالب علم في زلة ويقول: لا تثقلوا عليه لا تكثروا عليه، دعوه ارحموه اصبروا عليه، لكن هذه ليست زلة، هذا مسلك ضلالي ومنهج منحرف ولذلك تراه يطّرد في المسائل التي يُسأل عنها نجد أجوبته على طول الخط اتباع الرخص، فهذا منهج ضلال ومثل هذا لا يُعذر ولا يقال زلة استروا عليه، لا، هذا ضلال، هذا شيخ ضلالة وإمام مضل، قال –صلى الله عليه وسلم-: ((أخوف ما أخاف على أمتي الأئمة المضلون)).


    محاولات حرف بعض من ينتسب إلى الدين، ليكون سنداً وموافقاً لأهل الضلال والزائغين والمنافقين، هذه محاولات قديمة، فإذا كانت قريش قد فعلتها مع النبي -عليه الصلاة والسلام- حتى قال الله لنبيه على إثر تلك المحاولات: (وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً) (73) سورة الإسراء، فإنك ترى من عنده مسح الدين يصاحب المنافقين خليل لهم.


    قال تعالى: (وَإِذًا لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً* وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً* إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا) (73-75) سورة الإسراء.


    إذاً الآيات توعي المسلمين وتبين للمسلمين وتقول لهم: انتبهوا، استيقظوا، احذروا، ليكن عندكم وعي، لا تنساقوا لا تلتبس الأمور عليكم، استمروا على منهج الكتاب والسنة على فهم السلف، الأفهام الجديدة المخالفة مرفوضة، ولا يصلح هذه الأمة إلا ما صلح به أولها.


    النماذج المشرقة مهمة في القديم والحديث، كان الشيخ محمد الخضر الحسين من شيوخ الأزهر السابقين القدماء إذا تولى منصباً كتب استقالته في نسختين وائتمن على إحداهما رجلاً صالحاً ليقدمها متى وجده انحرف عن الحق، وترك عنده النسخة الثانية ليقدمها بنفسه إذا احتاج، وإن فقيهاً واحداً متورعاً أشد على الشيطان من ألف عابد.


    عباد الله:


    في زمن الظلمات وأيام الفتن المدلهمة يكون من يقوم لله بالحق عند الله بمكان عظيم، والمواقف التي فيها نصرة الحق والدين في وقت الغربة والمحنة والشدة والكربة توزن عند الله بمقدار عظيم، والله يحب الأوفياء لدينه، ولذلك يجب علينا أن نقول الحق وأن نأخذ به وأن ندافع عن أهله وأن نلتفَّ حول العلماء الصادقين.


    نسأل الله أن يفقهنا في دينه، وأن يرزقنا اتباع سنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-، وأن يحيينا مؤمنين، ويتوفانا مسلمين ويلحقنا بالصالحين، غير خزايا ولا مفتونين، وأن يغفر لنا ذنوبنا أجمعين، وأن يقضي عنا ديوننا، ويشفي مرضانا ويرحم موتانا ويهديَ ضالنا، ويجمع كلمتنا وأن يوحدنا على الحق.

    سلامه سيف
    سلامه سيف
    مشرف الصالون الأدبي
    مشرف الصالون الأدبي


    النوع : ذكر
    عدد المشاركات : 705
    العمر : 41
    تاريخ التسجيل : 19/09/2009
    مزاجي النهاردة : حاجة أهل الباطل إلى سند شرعي Pi-ca-53

    حاجة أهل الباطل إلى سند شرعي Empty رد: حاجة أهل الباطل إلى سند شرعي

    مُساهمة من طرف سلامه سيف 18/5/2010, 10:37 pm

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    أخى ابو انس أُشهد الله أنى أحبك فى الله

    جزاك الله خيرا على الافادة العظيمة

    وما ظهرت البدع الا لأن من يتبنون منهج البدع يدّعون الاسلام

    واذا اردت الاستزاده فاقرأ كتاب الاعتصام للامام الشاطبى رحمه الله

    دُمت بحفظ الرحمن وبارك الله فيك ورزقك رضاه وجنته

      الوقت/التاريخ الآن هو 22/11/2024, 7:54 am