والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإننا لا نعرف أحدا من أهل السنة المنسوبين إلى العلم يذكر عنه هذا القول،والله تعالى أخبر عن نفسه بأنه "غافر الذنب" واسمه تعالى: "الغفار".
وقال سبحانه: [إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ] (النساء: 116).
ولا شك أن الذنوب والمعاصي توجب سخط الله وعقابه، ولكن دلت نصوص الكتاب وانسنة على أن عقوبة الذنوب تزول عن العبد بنحو عشرة أسباب:
السبب الأول: التوبة، وهذا متفق عليه بين المسلمين.
قال تعالى: [قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ* وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ] (الزمر: 53-54)، وقال تعالى: [أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ] (التوبة: 104). وقال سبحانه: [وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ] (الشورى: 25).
السبب الثاني: الاستغفار، كما في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون ثم يستغفرون فيغفر الله لهم.
السبب الثالث: الأعمال الصالحة والحسنات الماحية، كما قال تعالى: [إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ] (هود: 114). وقال صلى الله عليه وسلم: الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر. وقال: من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. وقال: من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه. وقال: اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن.
السبب الرابع الدافع لعقاب الله: دعاء المؤمنين للمؤمن، مثل صلاتهم على جنازته، فعن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما من ميت يصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون إلا شفعوا فيه. وعن ابن عباس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئا إلا شفعهم الله فيه. رواهما مسلم.
السبب الخامس: ما يعمل للميت من أعمال البر كالصدقة ونحوها، فإن هذا ينتفع به بنصوص الكتاب والسنة الصحيحة واتفاق الأئمة، وكذلك العتق والحج، بل قد ثبت عنه في الصحيحين أنه قال: من مات وعليه صيام صام عنه وليه. وثبت مثل ذلك في الصحيح من صوم النذر من وجوه أخرى.
السبب السادس: شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم وغيره في أهل الذنوب يوم القيامة، كما قد تواترت عنه أحاديث الشفاعة، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: خيرت بين الشفاعة وبين أن يدخل نصف أمتي الجنة فاخترت الشفاعة.
السبب السابع: المصائب، وهي كل ما يؤلم من هم أوحزن أو أذى في مال أو عرض أو جسد أو غير ذلك، لكن ليس هذا من فعل العبد، وهذه المصائب يكفر الله بها في الدنيا، كما في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا هم ولا حزن ولا غم ولا أذى حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه. ولما نزل قوله تعالى: [مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ] (النساء: 123). قال أبو بكر: يا رسول الله: قد جاءت قاصمة الظهر، وأينا لم يعمل سوءا؟! فقال صلى الله عليه وسلم: يا أبا بكر: ألست تنصب؟ ألست تحزن؟ ألست تصيبك اللأوى؟ فذلك ما تجزون به.
السبب الثامن: ما يحصل في القبر من الفتنة والضغطة والروعة، فإن هذا مما تكفر به الخطايا.
السبب التاسع: أهوال يوم القيامة وكربها وشدائدها.
السبب العاشر: رحمة الله وعفوه ومغفرته بلا سبب من العباد، فالله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء سبحانه.
وما تقدم من مكفرات الذنوب متعلق بالذنوب المطلقة، ولكن هناك كفارات أخرى مقدرة، وهي الهدي والعتق والصدقة وصيام، كما يكفر المجامع في رمضان والمظاهر والمرتكب لبعض محظورات ا لحج أو تارك بعض واجباته أو قاتل الصيد.
ولمزيد بيان راجع كتاب "معرفة الخصال المكفرة للذنوب المتقدمة والمتأخرة" للإمام الحافظ ابن حجر.
وعلى هذا فلا تيأس، فإن اليأس ليس من صفات المؤمنين، قال تعالى: [إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ] (يوسف: 87). وقال سبحانه: [وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ] (الحجر: 56).
وأنصحك أن لا تأخذ العلم عامة والعقيدة خاصة إلا على أعلام أهل السنة والجماعة، وهناك كتاب مختصر وشامل للدكتور محمد نعيم ياسين اسمه: "الإيمان أركانه وحقيقته ونواقضه" فيه خير كثير.
والله أعلم.
فإننا لا نعرف أحدا من أهل السنة المنسوبين إلى العلم يذكر عنه هذا القول،والله تعالى أخبر عن نفسه بأنه "غافر الذنب" واسمه تعالى: "الغفار".
وقال سبحانه: [إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ] (النساء: 116).
ولا شك أن الذنوب والمعاصي توجب سخط الله وعقابه، ولكن دلت نصوص الكتاب وانسنة على أن عقوبة الذنوب تزول عن العبد بنحو عشرة أسباب:
السبب الأول: التوبة، وهذا متفق عليه بين المسلمين.
قال تعالى: [قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ* وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ] (الزمر: 53-54)، وقال تعالى: [أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ] (التوبة: 104). وقال سبحانه: [وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ] (الشورى: 25).
السبب الثاني: الاستغفار، كما في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون ثم يستغفرون فيغفر الله لهم.
السبب الثالث: الأعمال الصالحة والحسنات الماحية، كما قال تعالى: [إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ] (هود: 114). وقال صلى الله عليه وسلم: الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر. وقال: من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. وقال: من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه. وقال: اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن.
السبب الرابع الدافع لعقاب الله: دعاء المؤمنين للمؤمن، مثل صلاتهم على جنازته، فعن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما من ميت يصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون إلا شفعوا فيه. وعن ابن عباس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئا إلا شفعهم الله فيه. رواهما مسلم.
السبب الخامس: ما يعمل للميت من أعمال البر كالصدقة ونحوها، فإن هذا ينتفع به بنصوص الكتاب والسنة الصحيحة واتفاق الأئمة، وكذلك العتق والحج، بل قد ثبت عنه في الصحيحين أنه قال: من مات وعليه صيام صام عنه وليه. وثبت مثل ذلك في الصحيح من صوم النذر من وجوه أخرى.
السبب السادس: شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم وغيره في أهل الذنوب يوم القيامة، كما قد تواترت عنه أحاديث الشفاعة، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: خيرت بين الشفاعة وبين أن يدخل نصف أمتي الجنة فاخترت الشفاعة.
السبب السابع: المصائب، وهي كل ما يؤلم من هم أوحزن أو أذى في مال أو عرض أو جسد أو غير ذلك، لكن ليس هذا من فعل العبد، وهذه المصائب يكفر الله بها في الدنيا، كما في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا هم ولا حزن ولا غم ولا أذى حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه. ولما نزل قوله تعالى: [مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ] (النساء: 123). قال أبو بكر: يا رسول الله: قد جاءت قاصمة الظهر، وأينا لم يعمل سوءا؟! فقال صلى الله عليه وسلم: يا أبا بكر: ألست تنصب؟ ألست تحزن؟ ألست تصيبك اللأوى؟ فذلك ما تجزون به.
السبب الثامن: ما يحصل في القبر من الفتنة والضغطة والروعة، فإن هذا مما تكفر به الخطايا.
السبب التاسع: أهوال يوم القيامة وكربها وشدائدها.
السبب العاشر: رحمة الله وعفوه ومغفرته بلا سبب من العباد، فالله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء سبحانه.
وما تقدم من مكفرات الذنوب متعلق بالذنوب المطلقة، ولكن هناك كفارات أخرى مقدرة، وهي الهدي والعتق والصدقة وصيام، كما يكفر المجامع في رمضان والمظاهر والمرتكب لبعض محظورات ا لحج أو تارك بعض واجباته أو قاتل الصيد.
ولمزيد بيان راجع كتاب "معرفة الخصال المكفرة للذنوب المتقدمة والمتأخرة" للإمام الحافظ ابن حجر.
وعلى هذا فلا تيأس، فإن اليأس ليس من صفات المؤمنين، قال تعالى: [إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ] (يوسف: 87). وقال سبحانه: [وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ] (الحجر: 56).
وأنصحك أن لا تأخذ العلم عامة والعقيدة خاصة إلا على أعلام أهل السنة والجماعة، وهناك كتاب مختصر وشامل للدكتور محمد نعيم ياسين اسمه: "الإيمان أركانه وحقيقته ونواقضه" فيه خير كثير.
والله أعلم.