نظرة المجتمع للفتاة الجامعية
تدخل الفتاة إلى الجامعة والآمال تحف بها والأحلام ترفرف بها، وتحس بمشاعر تختلف عن مشاعرها السابقة فهي تمر بمرحلة جديدة في حياتها، تختلف عن المراحل السابقة فهي على الأقل ستتحرر نسبياً من منظومة الأوامر والنواهي التي تسمعها في الثانوية، وغالبية المجتمع ينظرون إلى الفتاة الجامعة نظرة احترام وتقدير تعكس الإنجاز العلمي الذي حققته، وكثير من الأمهات تذكر ذلك لصديقاتها في سياق الاعتزاز والافتخار...
إننا نجد في عصرنا ظاهرة الإلحاح على قضية المرأة وإثارتها في الأدبيات المطروحة... لاسيما في العالم الغربي الذي يحرص على إثارة موضوع المرأة في الإسلام في مناسبات شتى...
إن كثرة الحديث عن المرأة وقضاياها جعل بعض المثقفين يسمى عصرنا هذا بعصر (الجنس اللطيف)، وهذه الظاهرة تدفعنا إلى التساؤل: هل المرأة في عالمنا الإسلامي تمثل مشكلة؟ وهل تعاني في مجتمعاتنا من أزمات؟
في صدد الجواب عن هذا التساؤل يجب أن نفرق بين المرأة في التصوّر الإسلامي، و المرأة في واقعنا اليوم، ونحن لا نشك في أن الإسلام حدّد مكانة المرأة، وأعطاها حقوقها الشرعية اللائقة بخصوصياتها الطبيعية و النفسية و العضوية.
ولكننا لا ننكر في الوقت نفسه أن المرأة في بعض مجتمعاتنا تعاني من جملة من الأزمات والمواقف السلبية، ولكننا لا نشك أيضاً بأن كثيراً من هذه الأزمات يتحمل العالم الغربي مسؤوليتها من خلال حرصه على نشر نمط الحياة الغربية من التحلل الأخلاقي والتفلت الديني.
وليست المرأة المسلمة هي الوحيدة التي تعاني من الأزمات بل المرأة الغربية نفسها تعاني من أزمات أكثر، وإن حصّلت على بعض المظاهر الشكلية للحرية!! و إلا فما سرّ زيادة عدد النساء الأوروبيات الداخلات في الإسلام على عدد الرجال، أليس ذلك دليلاً على معاناة المرأة في العالم الغربي، وأنها أحوج ما تكون إلى قيم الإسلام وأخلاقياته وعواطفه!!
نوعية الحديث عن المرأة:
نحن بحاجة إلى الحديث عن المرأة حديثاً عقلياً هادئاً نخاطب فيه عقل المرأة وعواطفها النبيلة في مقابل الحديث الغريزي العقلاني الذي يتكلم به أصحاب المؤتمرات الدولية المتعلقة بالمرأة والحركات النسوية في العالم العربي التي تهدف إلى تحريض المرأة المسلمة على تحطيم الثوابت الدينية والأخلاقية، وتصوير العلاقة بينها وبين الرجال بأنها علاقة صراع أو متعة جنسية!! وليست علاقة تكامل وخصوصية.
والسواد الأعظم من المواقع والمجلات تعنى بالجانب الشكلي المادي للمرأة فهي تتحدث عن الموضات الجديدة وعن الجديد في عالم (الإتكيت) كيف تقفين؟ وكيف تمسكين الجوال؟ وكيف تجلسين؟ تحدثوا عن عين المرأة وشعرها وبشرتها ويدها وظفرها وكأن المرأة ليست شيئاً سوى المظاهر والشكليات!!
تحديات جديدة أمام الفتيات:
والمقصود من ذكر التحديات هو إيجاد الوعي الكامل الذي يتيح للمرأة إدراك الواقع المرير حولها، و يبين لها طريق النجاة والسلامة من الأخطار التي تحيط بها.
وتتولد للناس تحديات جديدة بحسب كل عصر، وهذا يشمل ميدان المرأة أيضاً فهناك تحديات جديدة أفرزتها المدنية المعاصرة وثورة الاتصالات والمعلومات ولاسيما في دائرة الفتيات، من ذلك:
1- الحب الإلكتروني وبنــات الشات:
كم من الفتيات الطاهرات اللاتي وقعن ضحية لغرف الدردشة الالكترونية المسماة بالشات، وفقدن أخلاقهن وطهارتهن بسبب الاستعمال السيئ للإنترنت دون رقابة أسرية، وتوعية تربوية، وكثيراً ما كانت صديقات السوء سبباً قوياً لهذه المأساة.
وقد اكتشف المصريون قريباً شبكة يهودية لاصطياد البنات المسلمات من خلال غرف الدردشة، وفي الذاكرة قصص مأساوية عديدة لا تمثل سوى الجزء الأقل من الواقع كجبل الجليد لا يظهر منه إلا الجزء الأصغر أما الجزء الأكبر فيختفي في الأعماق.
2- مكالمات الجوال:
لقد تحول هذا الجوال إلى وسيلة انفصال بدل وسيلة اتصال، كما تحول عند كثير من الشباب والشابات إلى مظهر وموضة تفتخر بها الفتاة على زميلاتها... كما تحول أيضاً إلى شبكة لاصطياد الفتيات البريئات وخداعهن بكلام معسول يحمل حباً معلباً جاهزاً، حباً سريعاً لكنه مخادع لا يلبث حتى يكشف عن وجهه القبيح بعد قضاء الأرب.
كم فتاة طيبة ضاع شرفها وضاعت سمعتها الاجتماعية وهدم بيتها برسائل الجوال الغرامية الكاذبة.... امرأة فارقت زوجها اغتراراً بسراب هذه الرسائل، فلما أرادت الزواج من صاحب رسائل الحب قال لها: ((يا غبية أتظنين أنني سأتزوج من امرأة خانت زوجها))!!
يقول الأديب الرافعي: (إن بعض كلمات الثعلب هي أنياب الثعلب، ولو كان العار في بئر عميقة لقلبها الشيطان مئذنة ووقف يؤذن عليها).
3- عالم الفضائيات.
في هذا العالم عُرض كل شيء من الظواهر والبواطن، ولم يبق في قاموس الفضائيات شيء ممنوع في الحياة، وشعار كثير منها " حياة بلا ممنوعات "، ملايين الصور الفاضحة التي تغتال الدين والأخلاق والحياء في نفوس فتياتنا ولا يكاد يسلم منهن إلا الندرة القليلة.
وقد ثبت بالبراهين أن بعض هذه القنوات تهدف من خلال هذه البرامج الفاضحة إلى تغيير الفتيان والفتيات في الدول العربية والإسلامية، فاحذري يا بنت الأصول.
4- عولمة النموذج الغربي للمرأة:
تحاول عدد من الهيئات العالمية تعميم النموذج الغربي للمرأة تحت شعار " يوم المرأة العالمي " أو " تحرير المرأة " أو "حقوق المرأة " مع أن هذه الشعارات والمؤتمرات تتجاهل خصوصيات المرأة في مجتمعنا الإسلامي وتدعوا إلى الخروج على الثوابت الدينية، كما في مؤتمر السكان والتنمية حيث أحصي في وثيقتها أربعون فقرة تخالف الأديان من أمثال الحرية الجنسية والإجهاض والسحاق..
إن هذه الشعارات تعكس أزمات تعيشها المرأة في الغرب وليس بالضرورة أن تكون أزمة للمرأة في جميع أنحاء العالم.
إننا نرفض النموذج الغربي للمرأة والرجل، ونرفض الارتماء في أحضان الغرب دون وعي، والذوبان في الثقافات الأخرى، و لكننا لا نرفض الانفتاح الواعي المنضبط الذي يفيد المرأة والمجتمع.
هموم الفتاة الجامعية:
كثير من الفتيات تظن أن همومها تنتهي بمجرد القبول في إحدى الكليات وحصولها على لقب (فتاة جامعية) ولكن الواقع أن هناك هموماً تطاردها وتقلقها، ومنها:
1- همّ الأناقة والمظاهر:
الجمال نعمة والميل إليه فطري ولاسيما عند المرأة كما قال - تعالى -(أومن ينشؤ في الحلية وهو في الخصام غير مبين) وقال النبي - عليه الصلاة والسلام -: (إن الله جميل يحب الجمال) ولكن هل من المعقول والمشروع أن تجلس المرأة أمام المرآة الساعات الطوال، وتجعل من نفسها مسرحاً للتجارب والألوان!!
2- همّ الزواج:
مع بداية الحياة الجامعية تفكر كثير من الفتيات في مسألة الزواج، وينتابها القلق، وتسأل نفسها متى يأتي الزوج المناسب؟ وما هي مواصفاته؟ وهل أترك الدراسة عند مجيء فارس الأحلام؟
والواقع أن الجمع بين الدراسة والزواج أمر ممكن عندما تتوفر العزيمة والتنظيم للوقت، وفكرة ترك الزواج من أجل الدراسة فكرة غير صحيحة، والأفضل للفتاة الجامعية ألا تشغل فكرها بهذه المسألة، وتجتهد في دراستها إلى أن يجيء الوقت المناسب.
3- هم الحب الزائف:
إن بعض الفتيات الجامعيات يحملن هذا الهم، بل يبحثن عن فارس الأحلام من خلال الهاتف وغرف الدردشة، لينقذها من مشكلاتها العاطفية والنفسية فتقع فريسة سهلة لذئاب الحب.
ويلعب ضعف الوازع الديني، وضعف الرقابة الأسرية دوراً كبيراً في سرعة الانحراف.
لا تصدّقي يا بنت الأصول أن زواجاً ناجحاً يمكن أن يتم من خلال الجوال... ولا تظني أن رجلاً شريفاً سوف يرتبط بفتاة أقامت معه علاقة غرامية بعيدة عن أعين الأسرة.
احذري أيتها العاقلة من السقوط فإن سقوط المرأة فيه ثلاث مصائب مصيبة سقوطها، ومصيبة سقوط من أوجدوها، ومصيبة سقوط من توجدهم، كل نوائب الأسرة قد يسترها البيت إلا عار المرأة كما يقول الأديب الرافعي.
4- همّ المذاكرة والدراسة:
كثير من فتيات الجامعة تعيش قي قلق دائم بسبب هم المذاكرة والدراسة دون أن يكون لديها نظام زمني وبرنامج عملي لدراستها وتحصيلها ثم تلقي اللوم على صعوبة الأسئلة أو ظلم الأساتذة!!
فغياب التنظيم للوقت - وربما بعض المشكلات الأسرية- يعوقها عن التحصيل والدراسة.
إن الخطوة الأولى في علاج هذه المشكلة هي معرفة السبب ثم وضع الحلول المناسبة، فالتنظيم بدل الفوضى، والمذاكرة الفورية بدل التأجيل إلى أيام الامتحان، ولاشك أن اللجوء إلى الله - تعالى -له دور كبير في تيسير الصعوبات.
5- همّ الوظيفة بعد التخرج:
هذا الهمّ يكبر في السنة الأخيرة من الجامعة فتبدأ الطالبة تتسـاءل: هل أجد وظيفة؟ وهل الوظيفة مناسبة؟ وأين ستكون الوظيفة؟ وإذا لم أجد وظيفة فماذا أفعل؟ وعلاج هذا الهمّ هو في أمور:
أ- تصحيح النية من الدراسة حتى لا يفوتها النفع في الدنيا والأجر في الآخرة.
ب- التفكير في الحاضر والاجتهاد في الاستفادة منه والتوكل على الله في تدبير المستقبل ((ومن يتوكل على الله فهو حسبه)).
ج- أن تفهم أن هناك وظائف أخرى خلقت لها المرأة، كوظيفة العبادة والاستخلاف، ووظيفة إنشاء البيت المسلم، وتربية الأجيال... بل إن مجرد الثبات على الإيمان والعمل الصالح من أعظم الوظائف الأساسية في الحياة.
أسلحة الفتــاة الجامعية لمعركة الحاضر و المستقبل:
السلاح الأول: الإيمان والثبات.
إن أعظم قيم الوجود هو الإيمان بالله - تعالى -، وليس الإيمان مجرد معلومات مجردة عن الأصول الستة يختزنها المسلم في ذاكرته.. ولكنه قوة دافعة للتغيير والثبات.. إن الإيمان حين يتمكن في القلب يحدث في كيان الإنسان زلزالاً يعيد صياغة شخصيته وأهدافه وسلوكه كما نلاحظ هذا في قصة سحرة فرعون الذين انحصرت أهدافهم في مكاسب مادية رخيصة، ولكنهم تغيروا بمجرد دخول الإيمان في قلوبهم ليتحول طموحهم أخروياً يتجاوز الحياة الدنيا ((فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا . إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر... ))
من خلال الإيمان يكتشف المسلم قيمته الحقيقية فتعظم ذاته وتهون كل الأشياء الأخرى حتى الحياة نفسها... وفي نفس الوقت يكتشف الإنسان ضآلته أمام ربه فيتخلص من مشاعر العجْب والكبر، وهكذا ندرك أن الإيمان من أقوى الأسلحة التي يواجه بها الإنسان معركة الحياة، ويزوده بالقوة والطمأنينة و السكينة أمام الأزمات.
وعلى سبيل المثال: قام فريق طبي في عيادات أكبر بمدينة ((بنما)) بولاية فلوريدا بأبحاث للتعرف على أثر القرآن في النفس، واستخدموا أجهزة معقدة لقياس التغيرات النفسية والجسدية، فاختاروا مجموعة من الناس منهم المسلم وغير المسلم، والعربي وغير العربي وقسموهم إلى ثلاث مجموعات.
المجموعة الأولى: يتلى عليها القرآن.
المجموعة الثانية: تقرأ عليها نصوص عربية غير قرآنية ولكن بنفس المعاني.
المجموعة الثالثة: لا يقرأ عليها شيء.
تم عمل هذه التجربة 85 مرة لكل مجموعة في نفس المكان والظروف والجلسة المريحة فكانت النتيجة مذهلة:
المجموعة الأولى لاحظوا عليها: تغيرات في التيار الكهربائي للعضلات، وتغيرات في الدورة الدموية وتغيرات في ضربات القلب وحرارة الجلد ونشاطاً في جهاز المناعة كما لاحظوا أثراً نفسياً مهدئاً في الجهاز العصبي بشكل عجيب حتى عند الذين لا يفهمون لغة القرآن.
وصدق الله إذ يقول: ((وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين))
إن الثبات على مبدأ الإيمان الحق من أهم المطالب في معركة الحياة، فالحياة ابتلاء لا تصفوا أيامها لأحد ولكن بالثبات يستطيع الإنسان أن يحقق كثيراً من أهدافه، بل يستطيع تغيير الآخرين بثباته على المبادئ الحقة، أما سمعتن أن طالبة أمريكية مسلمة كانت سبباً في إسلام ثلاثة من أساتذة الجامعة، وأربعة من زملائها الطلاب، بسبب ثباتها على مبدأ الحجاب رغم إيذاء بعض الأساتذة لها!!.
والأديبة المسلمة البوسنوية مليكة صالح بك أحبت الإسلام بلاحدود، وابتليت بسبب دينها وحجابها وفصلت من التدريس في الجامعة وسجنت في يوغوسلافيا الشيوعية سنتين ونصف... ولم يزدها كل ذلك إلا ثباتاً ويقيناً.
السلاح الثاني: التفاؤل والعزيمة.
لقد اكتشف الأطباء أن الدماغ ينتج بعض المواد التي تساعد على تسكين الآلام وتقوية الجهاز المناعي مثل الاندروفين والجاماجلوبين... وهذه المواد القابعة في الدماغ تعتمد جزئياً على أفكارك ومشاعرك وتوقعاتك، فالتفاؤل وحسن الظن بالله يحفز الدماغ على فرز كميات جيدة من هذه المواد بخلاف التشاؤم والإحباط فإنه يجعل الدماغ لا يفرز كمية كافية من هذه المواد.
فالأشخاص الذين يتمتعون بمشاعر إيجابية تفاؤلية يتمتعون بصحة جيدة بخلاف غيرهم، فالتفاؤل مصدر رائع وسبب قوي من أسباب الشفاء!! وتغيير توقعاتك من الاتجاه السلبي إلى الاتجاه الإيجابي يعزز من قدرات الإنسان النفسية والجسدية.
قال الشاعر:
أيّ هــذا الشـــاكي وما بك داءٌ
كن جميلا ترى الحياة جميلاً
وهذا التفاؤل كان من ملامح الشخصية النبوية فقد كان - صلى الله عليه وسلم - ((يعجبه الفأل الحسن)) وفي رواية الإمام أحمد: ((كان رسول الله عليه وسلم يتفاءل ولا يتطير)).
ولا يصلح للفتاة المسلمة أن تستسلم للشعور بالنقص أو التقصير، بل يجب أن يكون الشعر بالذنب والتقصير دافعاً لها للكمال والعزم على التغيير نحو الأفضل.
السلاح الثالث: العلم والثقافة.
في بعض الاستبانات أن ما تقرأه معظم فتيات الجامعة (95 %) لا يبلغ ثلاث صفحات يومياً تقريباً، وأكثرهن يقرأن في الصحف والمجلات والروايات فقط!! هذه كارثة ثقافية... لأنها تدلنا على المستوى الثقافي والعلمي لفتيات المستقبل ومربيات الجيل القادم!!
قال أحمد شوقي:
وإذا النساء نشأن في أمية *** رضع الرجال جهالةً وخمولاً
نحن في عصر العلم والمعلومات، ويمثل العلم سلاحاً فعالاً في قوة الأمم وصلاح المجتمعات، فكيف ننافس الأمم ونحقق طموحات الأمة بأناس أشبه بالأميين لا يقرؤون، وإذا قرؤوا فإنما يقرؤون الصحف والمجلات فقط.
يجب أن تحرص فتاة الجامعة على العلم والمعرفة، ويجب أن تدرك أن هذه الفترة الجامعية فرصة ذهبية لها لتقرأ وتتعلم، وربما لن تتاح لها الفرصة الكافية في المستقبل عندما تتزوج وتنشغل بتربية أطفالها وإدارة بيتها.
إن كثيراً من فتيات الجامعة يعانين من الأمية!! وليس المقصود الأمية الأبجدية التي وصلت في بعض البلاد العربية إلى 60 % و إنما المقصود الأمية الثقافية والفكرية التي من علاماتها ضعف المعلومات وكراهة القراءة وعدم القدرة على التفكير الموضوعي والحوار العلمي... إن أمة اقرأ لا تقرأ كما قال أحدهم: ((ما فائدة معرفة القراءة والكتابة لشخص لا يفتح كتاباً ولا يمسك قلماً)).
السلاح الرابع: الوعي بأهمية الوقت والحياة.
إن الفتاة التي لا تدرك أهمية الحياة، ولا تعرف قيمة الوقت، وتجهل أن الوقت هو الحياة، لا يمكن أن تنجح في مواجهة التحديات ولا يمكن أن تصنع لنفسها المستقبل المشرق.
وعند تأمل واقع فتيات الجامعة من خلال البرنامج اليومي لهن ندرك مدى الغبن الكبير الذي يعيشه بعض الفتيات كما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - في وصف مثل هذه الحالات: ((نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ)) فالمسألة مسألة غبن وهو أن يدفع الإنسان ماله ولا يأخذ شيئاً يساويه في المقابل.
إن عقارب الساعة لا ترجع إلى الوراء، وما ذهب من الزمن لا يعود ولو بذل صاحبه كنوز قارون في سبيل ذلك، ورحم لله الحسن البصري عندما قال: ((يا ابن آدم إنما أنت أيام كلما ذهب يوم ذهب بعضك)) ولو أردنا أن نكون أكثر تفصيلاً لقلنا: ((إنما أنت ثوان كلما ذهبت ثانية ذهب بعضك))
السلاح الخامس: الرفقـة الصالحة.
إن الرفقة من أشد العوامل تأثيراً في سلوك فتيات الجامعة، وكم من فتاة صالحة جادة صارت فتاة طالحة ومستهترة بالحياة، ومهملة لرسالة العلم، بسبب صديقاتها السيئات، وكم من فتاة ضعيفة الدين سيئة الخلق أصلحها الله وجعلها من المتميزات بسبب صديقة صالحة.
فإذا أردت أن تعرفي من تكونين في الحاضر والمستقبل فانظري إلى جلسائك وصديقاتك فإن الصاحب ساحب والمرء على دين خليله.
وأخيرا: مفهوم النجاح في الحياة: ((الأحلام لا تتحقق بالأحلام))
إن تحقيق الأهداف الكبيرة، والأحلام العريضة يحتاج إلى كل هذه الأسباب بالإضافة إلى الصبر وعنصر الوقت... وليس من سنن الله - تعالى - في المجتمع أن تتحقق المقاصد الكبرى خلال زمن يسير، ولكن وسائل الإعلام وبعض مراكز التربية تحاول أن تزرع في أجيالنا فكرة ((النجاح السريع)) في عالم الماديات فقط فتربي الناس على فكرة ((كيف تضع الثروة بسرعة)) ((اذهب للبحث عن الذهب)) و ((اربح المليون)) و ((وزنك ذهب)) فلم يعد الجيل المعاصر يحتمل مشواراً طويلاً بطيئاً فهو يريد بدل الدراسة الطويلة دورات سريعة ليدخل عالم الوظائف والأموال والأعمال والثروات، والنموذج الذي يراوده هو نموذج ((بيل غيتس)) ولهذا متى عجز عن تحقيق هذا النجاح السريع أصيب بالإحباط والشعور بالنقص وأعلن الحداد على موت أحلامه!!
وليس النجاح هو تحقيق أي هدف في الحياة و إلا لكان زعيم العصابة ناجحاً ولكان مهرب المخدرات ناجحاً.. ولكن من مفهوم النجاح وضروراته أن يكون الهدف صحيحاً نافعاً للنفس والمجتمع....
يجب أن تكون أهداف الفتاة الجامعية طموحة وعالية كطموح أم حرام بنت ملحان - رضي الله عنها - فإنها لم تحلم بالقصور الفخمة أو المراكب الفارهة أو الأرصدة المالية ولكنها رغبت في نصرة الإسلام ونشر رسالته في العالم بركوب البحار قال أنس - رضي الله عنه -: ((نام رسول الله عند أم حرام ثم استيقظ وهو يضحك فقالت: ما يضحكك يا رسول الله؟ قال: ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر ملوكاً على الأسرة قالت: فقلت: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم فدعا لها.. فركبت أم حرام البحر في زمن عثمان مع زوجها عبادة بن الصامت لفتح قبرص في خلافة عثمان فسقطت عن دابتها وماتت ودفنت هناك)).
فهل تدرك فتاة الجامعة أن الرسالة عظيمة والأمانة كبيرة وأنه لا مكان اليوم إلا لأصحاب الهمم العالية والطموحات البعيدة.
و رب العالمين
تدخل الفتاة إلى الجامعة والآمال تحف بها والأحلام ترفرف بها، وتحس بمشاعر تختلف عن مشاعرها السابقة فهي تمر بمرحلة جديدة في حياتها، تختلف عن المراحل السابقة فهي على الأقل ستتحرر نسبياً من منظومة الأوامر والنواهي التي تسمعها في الثانوية، وغالبية المجتمع ينظرون إلى الفتاة الجامعة نظرة احترام وتقدير تعكس الإنجاز العلمي الذي حققته، وكثير من الأمهات تذكر ذلك لصديقاتها في سياق الاعتزاز والافتخار...
إننا نجد في عصرنا ظاهرة الإلحاح على قضية المرأة وإثارتها في الأدبيات المطروحة... لاسيما في العالم الغربي الذي يحرص على إثارة موضوع المرأة في الإسلام في مناسبات شتى...
إن كثرة الحديث عن المرأة وقضاياها جعل بعض المثقفين يسمى عصرنا هذا بعصر (الجنس اللطيف)، وهذه الظاهرة تدفعنا إلى التساؤل: هل المرأة في عالمنا الإسلامي تمثل مشكلة؟ وهل تعاني في مجتمعاتنا من أزمات؟
في صدد الجواب عن هذا التساؤل يجب أن نفرق بين المرأة في التصوّر الإسلامي، و المرأة في واقعنا اليوم، ونحن لا نشك في أن الإسلام حدّد مكانة المرأة، وأعطاها حقوقها الشرعية اللائقة بخصوصياتها الطبيعية و النفسية و العضوية.
ولكننا لا ننكر في الوقت نفسه أن المرأة في بعض مجتمعاتنا تعاني من جملة من الأزمات والمواقف السلبية، ولكننا لا نشك أيضاً بأن كثيراً من هذه الأزمات يتحمل العالم الغربي مسؤوليتها من خلال حرصه على نشر نمط الحياة الغربية من التحلل الأخلاقي والتفلت الديني.
وليست المرأة المسلمة هي الوحيدة التي تعاني من الأزمات بل المرأة الغربية نفسها تعاني من أزمات أكثر، وإن حصّلت على بعض المظاهر الشكلية للحرية!! و إلا فما سرّ زيادة عدد النساء الأوروبيات الداخلات في الإسلام على عدد الرجال، أليس ذلك دليلاً على معاناة المرأة في العالم الغربي، وأنها أحوج ما تكون إلى قيم الإسلام وأخلاقياته وعواطفه!!
نوعية الحديث عن المرأة:
نحن بحاجة إلى الحديث عن المرأة حديثاً عقلياً هادئاً نخاطب فيه عقل المرأة وعواطفها النبيلة في مقابل الحديث الغريزي العقلاني الذي يتكلم به أصحاب المؤتمرات الدولية المتعلقة بالمرأة والحركات النسوية في العالم العربي التي تهدف إلى تحريض المرأة المسلمة على تحطيم الثوابت الدينية والأخلاقية، وتصوير العلاقة بينها وبين الرجال بأنها علاقة صراع أو متعة جنسية!! وليست علاقة تكامل وخصوصية.
والسواد الأعظم من المواقع والمجلات تعنى بالجانب الشكلي المادي للمرأة فهي تتحدث عن الموضات الجديدة وعن الجديد في عالم (الإتكيت) كيف تقفين؟ وكيف تمسكين الجوال؟ وكيف تجلسين؟ تحدثوا عن عين المرأة وشعرها وبشرتها ويدها وظفرها وكأن المرأة ليست شيئاً سوى المظاهر والشكليات!!
تحديات جديدة أمام الفتيات:
والمقصود من ذكر التحديات هو إيجاد الوعي الكامل الذي يتيح للمرأة إدراك الواقع المرير حولها، و يبين لها طريق النجاة والسلامة من الأخطار التي تحيط بها.
وتتولد للناس تحديات جديدة بحسب كل عصر، وهذا يشمل ميدان المرأة أيضاً فهناك تحديات جديدة أفرزتها المدنية المعاصرة وثورة الاتصالات والمعلومات ولاسيما في دائرة الفتيات، من ذلك:
1- الحب الإلكتروني وبنــات الشات:
كم من الفتيات الطاهرات اللاتي وقعن ضحية لغرف الدردشة الالكترونية المسماة بالشات، وفقدن أخلاقهن وطهارتهن بسبب الاستعمال السيئ للإنترنت دون رقابة أسرية، وتوعية تربوية، وكثيراً ما كانت صديقات السوء سبباً قوياً لهذه المأساة.
وقد اكتشف المصريون قريباً شبكة يهودية لاصطياد البنات المسلمات من خلال غرف الدردشة، وفي الذاكرة قصص مأساوية عديدة لا تمثل سوى الجزء الأقل من الواقع كجبل الجليد لا يظهر منه إلا الجزء الأصغر أما الجزء الأكبر فيختفي في الأعماق.
2- مكالمات الجوال:
لقد تحول هذا الجوال إلى وسيلة انفصال بدل وسيلة اتصال، كما تحول عند كثير من الشباب والشابات إلى مظهر وموضة تفتخر بها الفتاة على زميلاتها... كما تحول أيضاً إلى شبكة لاصطياد الفتيات البريئات وخداعهن بكلام معسول يحمل حباً معلباً جاهزاً، حباً سريعاً لكنه مخادع لا يلبث حتى يكشف عن وجهه القبيح بعد قضاء الأرب.
كم فتاة طيبة ضاع شرفها وضاعت سمعتها الاجتماعية وهدم بيتها برسائل الجوال الغرامية الكاذبة.... امرأة فارقت زوجها اغتراراً بسراب هذه الرسائل، فلما أرادت الزواج من صاحب رسائل الحب قال لها: ((يا غبية أتظنين أنني سأتزوج من امرأة خانت زوجها))!!
يقول الأديب الرافعي: (إن بعض كلمات الثعلب هي أنياب الثعلب، ولو كان العار في بئر عميقة لقلبها الشيطان مئذنة ووقف يؤذن عليها).
3- عالم الفضائيات.
في هذا العالم عُرض كل شيء من الظواهر والبواطن، ولم يبق في قاموس الفضائيات شيء ممنوع في الحياة، وشعار كثير منها " حياة بلا ممنوعات "، ملايين الصور الفاضحة التي تغتال الدين والأخلاق والحياء في نفوس فتياتنا ولا يكاد يسلم منهن إلا الندرة القليلة.
وقد ثبت بالبراهين أن بعض هذه القنوات تهدف من خلال هذه البرامج الفاضحة إلى تغيير الفتيان والفتيات في الدول العربية والإسلامية، فاحذري يا بنت الأصول.
4- عولمة النموذج الغربي للمرأة:
تحاول عدد من الهيئات العالمية تعميم النموذج الغربي للمرأة تحت شعار " يوم المرأة العالمي " أو " تحرير المرأة " أو "حقوق المرأة " مع أن هذه الشعارات والمؤتمرات تتجاهل خصوصيات المرأة في مجتمعنا الإسلامي وتدعوا إلى الخروج على الثوابت الدينية، كما في مؤتمر السكان والتنمية حيث أحصي في وثيقتها أربعون فقرة تخالف الأديان من أمثال الحرية الجنسية والإجهاض والسحاق..
إن هذه الشعارات تعكس أزمات تعيشها المرأة في الغرب وليس بالضرورة أن تكون أزمة للمرأة في جميع أنحاء العالم.
إننا نرفض النموذج الغربي للمرأة والرجل، ونرفض الارتماء في أحضان الغرب دون وعي، والذوبان في الثقافات الأخرى، و لكننا لا نرفض الانفتاح الواعي المنضبط الذي يفيد المرأة والمجتمع.
هموم الفتاة الجامعية:
كثير من الفتيات تظن أن همومها تنتهي بمجرد القبول في إحدى الكليات وحصولها على لقب (فتاة جامعية) ولكن الواقع أن هناك هموماً تطاردها وتقلقها، ومنها:
1- همّ الأناقة والمظاهر:
الجمال نعمة والميل إليه فطري ولاسيما عند المرأة كما قال - تعالى -(أومن ينشؤ في الحلية وهو في الخصام غير مبين) وقال النبي - عليه الصلاة والسلام -: (إن الله جميل يحب الجمال) ولكن هل من المعقول والمشروع أن تجلس المرأة أمام المرآة الساعات الطوال، وتجعل من نفسها مسرحاً للتجارب والألوان!!
2- همّ الزواج:
مع بداية الحياة الجامعية تفكر كثير من الفتيات في مسألة الزواج، وينتابها القلق، وتسأل نفسها متى يأتي الزوج المناسب؟ وما هي مواصفاته؟ وهل أترك الدراسة عند مجيء فارس الأحلام؟
والواقع أن الجمع بين الدراسة والزواج أمر ممكن عندما تتوفر العزيمة والتنظيم للوقت، وفكرة ترك الزواج من أجل الدراسة فكرة غير صحيحة، والأفضل للفتاة الجامعية ألا تشغل فكرها بهذه المسألة، وتجتهد في دراستها إلى أن يجيء الوقت المناسب.
3- هم الحب الزائف:
إن بعض الفتيات الجامعيات يحملن هذا الهم، بل يبحثن عن فارس الأحلام من خلال الهاتف وغرف الدردشة، لينقذها من مشكلاتها العاطفية والنفسية فتقع فريسة سهلة لذئاب الحب.
ويلعب ضعف الوازع الديني، وضعف الرقابة الأسرية دوراً كبيراً في سرعة الانحراف.
لا تصدّقي يا بنت الأصول أن زواجاً ناجحاً يمكن أن يتم من خلال الجوال... ولا تظني أن رجلاً شريفاً سوف يرتبط بفتاة أقامت معه علاقة غرامية بعيدة عن أعين الأسرة.
احذري أيتها العاقلة من السقوط فإن سقوط المرأة فيه ثلاث مصائب مصيبة سقوطها، ومصيبة سقوط من أوجدوها، ومصيبة سقوط من توجدهم، كل نوائب الأسرة قد يسترها البيت إلا عار المرأة كما يقول الأديب الرافعي.
4- همّ المذاكرة والدراسة:
كثير من فتيات الجامعة تعيش قي قلق دائم بسبب هم المذاكرة والدراسة دون أن يكون لديها نظام زمني وبرنامج عملي لدراستها وتحصيلها ثم تلقي اللوم على صعوبة الأسئلة أو ظلم الأساتذة!!
فغياب التنظيم للوقت - وربما بعض المشكلات الأسرية- يعوقها عن التحصيل والدراسة.
إن الخطوة الأولى في علاج هذه المشكلة هي معرفة السبب ثم وضع الحلول المناسبة، فالتنظيم بدل الفوضى، والمذاكرة الفورية بدل التأجيل إلى أيام الامتحان، ولاشك أن اللجوء إلى الله - تعالى -له دور كبير في تيسير الصعوبات.
5- همّ الوظيفة بعد التخرج:
هذا الهمّ يكبر في السنة الأخيرة من الجامعة فتبدأ الطالبة تتسـاءل: هل أجد وظيفة؟ وهل الوظيفة مناسبة؟ وأين ستكون الوظيفة؟ وإذا لم أجد وظيفة فماذا أفعل؟ وعلاج هذا الهمّ هو في أمور:
أ- تصحيح النية من الدراسة حتى لا يفوتها النفع في الدنيا والأجر في الآخرة.
ب- التفكير في الحاضر والاجتهاد في الاستفادة منه والتوكل على الله في تدبير المستقبل ((ومن يتوكل على الله فهو حسبه)).
ج- أن تفهم أن هناك وظائف أخرى خلقت لها المرأة، كوظيفة العبادة والاستخلاف، ووظيفة إنشاء البيت المسلم، وتربية الأجيال... بل إن مجرد الثبات على الإيمان والعمل الصالح من أعظم الوظائف الأساسية في الحياة.
أسلحة الفتــاة الجامعية لمعركة الحاضر و المستقبل:
السلاح الأول: الإيمان والثبات.
إن أعظم قيم الوجود هو الإيمان بالله - تعالى -، وليس الإيمان مجرد معلومات مجردة عن الأصول الستة يختزنها المسلم في ذاكرته.. ولكنه قوة دافعة للتغيير والثبات.. إن الإيمان حين يتمكن في القلب يحدث في كيان الإنسان زلزالاً يعيد صياغة شخصيته وأهدافه وسلوكه كما نلاحظ هذا في قصة سحرة فرعون الذين انحصرت أهدافهم في مكاسب مادية رخيصة، ولكنهم تغيروا بمجرد دخول الإيمان في قلوبهم ليتحول طموحهم أخروياً يتجاوز الحياة الدنيا ((فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا . إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر... ))
من خلال الإيمان يكتشف المسلم قيمته الحقيقية فتعظم ذاته وتهون كل الأشياء الأخرى حتى الحياة نفسها... وفي نفس الوقت يكتشف الإنسان ضآلته أمام ربه فيتخلص من مشاعر العجْب والكبر، وهكذا ندرك أن الإيمان من أقوى الأسلحة التي يواجه بها الإنسان معركة الحياة، ويزوده بالقوة والطمأنينة و السكينة أمام الأزمات.
وعلى سبيل المثال: قام فريق طبي في عيادات أكبر بمدينة ((بنما)) بولاية فلوريدا بأبحاث للتعرف على أثر القرآن في النفس، واستخدموا أجهزة معقدة لقياس التغيرات النفسية والجسدية، فاختاروا مجموعة من الناس منهم المسلم وغير المسلم، والعربي وغير العربي وقسموهم إلى ثلاث مجموعات.
المجموعة الأولى: يتلى عليها القرآن.
المجموعة الثانية: تقرأ عليها نصوص عربية غير قرآنية ولكن بنفس المعاني.
المجموعة الثالثة: لا يقرأ عليها شيء.
تم عمل هذه التجربة 85 مرة لكل مجموعة في نفس المكان والظروف والجلسة المريحة فكانت النتيجة مذهلة:
المجموعة الأولى لاحظوا عليها: تغيرات في التيار الكهربائي للعضلات، وتغيرات في الدورة الدموية وتغيرات في ضربات القلب وحرارة الجلد ونشاطاً في جهاز المناعة كما لاحظوا أثراً نفسياً مهدئاً في الجهاز العصبي بشكل عجيب حتى عند الذين لا يفهمون لغة القرآن.
وصدق الله إذ يقول: ((وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين))
إن الثبات على مبدأ الإيمان الحق من أهم المطالب في معركة الحياة، فالحياة ابتلاء لا تصفوا أيامها لأحد ولكن بالثبات يستطيع الإنسان أن يحقق كثيراً من أهدافه، بل يستطيع تغيير الآخرين بثباته على المبادئ الحقة، أما سمعتن أن طالبة أمريكية مسلمة كانت سبباً في إسلام ثلاثة من أساتذة الجامعة، وأربعة من زملائها الطلاب، بسبب ثباتها على مبدأ الحجاب رغم إيذاء بعض الأساتذة لها!!.
والأديبة المسلمة البوسنوية مليكة صالح بك أحبت الإسلام بلاحدود، وابتليت بسبب دينها وحجابها وفصلت من التدريس في الجامعة وسجنت في يوغوسلافيا الشيوعية سنتين ونصف... ولم يزدها كل ذلك إلا ثباتاً ويقيناً.
السلاح الثاني: التفاؤل والعزيمة.
لقد اكتشف الأطباء أن الدماغ ينتج بعض المواد التي تساعد على تسكين الآلام وتقوية الجهاز المناعي مثل الاندروفين والجاماجلوبين... وهذه المواد القابعة في الدماغ تعتمد جزئياً على أفكارك ومشاعرك وتوقعاتك، فالتفاؤل وحسن الظن بالله يحفز الدماغ على فرز كميات جيدة من هذه المواد بخلاف التشاؤم والإحباط فإنه يجعل الدماغ لا يفرز كمية كافية من هذه المواد.
فالأشخاص الذين يتمتعون بمشاعر إيجابية تفاؤلية يتمتعون بصحة جيدة بخلاف غيرهم، فالتفاؤل مصدر رائع وسبب قوي من أسباب الشفاء!! وتغيير توقعاتك من الاتجاه السلبي إلى الاتجاه الإيجابي يعزز من قدرات الإنسان النفسية والجسدية.
قال الشاعر:
أيّ هــذا الشـــاكي وما بك داءٌ
كن جميلا ترى الحياة جميلاً
وهذا التفاؤل كان من ملامح الشخصية النبوية فقد كان - صلى الله عليه وسلم - ((يعجبه الفأل الحسن)) وفي رواية الإمام أحمد: ((كان رسول الله عليه وسلم يتفاءل ولا يتطير)).
ولا يصلح للفتاة المسلمة أن تستسلم للشعور بالنقص أو التقصير، بل يجب أن يكون الشعر بالذنب والتقصير دافعاً لها للكمال والعزم على التغيير نحو الأفضل.
السلاح الثالث: العلم والثقافة.
في بعض الاستبانات أن ما تقرأه معظم فتيات الجامعة (95 %) لا يبلغ ثلاث صفحات يومياً تقريباً، وأكثرهن يقرأن في الصحف والمجلات والروايات فقط!! هذه كارثة ثقافية... لأنها تدلنا على المستوى الثقافي والعلمي لفتيات المستقبل ومربيات الجيل القادم!!
قال أحمد شوقي:
وإذا النساء نشأن في أمية *** رضع الرجال جهالةً وخمولاً
نحن في عصر العلم والمعلومات، ويمثل العلم سلاحاً فعالاً في قوة الأمم وصلاح المجتمعات، فكيف ننافس الأمم ونحقق طموحات الأمة بأناس أشبه بالأميين لا يقرؤون، وإذا قرؤوا فإنما يقرؤون الصحف والمجلات فقط.
يجب أن تحرص فتاة الجامعة على العلم والمعرفة، ويجب أن تدرك أن هذه الفترة الجامعية فرصة ذهبية لها لتقرأ وتتعلم، وربما لن تتاح لها الفرصة الكافية في المستقبل عندما تتزوج وتنشغل بتربية أطفالها وإدارة بيتها.
إن كثيراً من فتيات الجامعة يعانين من الأمية!! وليس المقصود الأمية الأبجدية التي وصلت في بعض البلاد العربية إلى 60 % و إنما المقصود الأمية الثقافية والفكرية التي من علاماتها ضعف المعلومات وكراهة القراءة وعدم القدرة على التفكير الموضوعي والحوار العلمي... إن أمة اقرأ لا تقرأ كما قال أحدهم: ((ما فائدة معرفة القراءة والكتابة لشخص لا يفتح كتاباً ولا يمسك قلماً)).
السلاح الرابع: الوعي بأهمية الوقت والحياة.
إن الفتاة التي لا تدرك أهمية الحياة، ولا تعرف قيمة الوقت، وتجهل أن الوقت هو الحياة، لا يمكن أن تنجح في مواجهة التحديات ولا يمكن أن تصنع لنفسها المستقبل المشرق.
وعند تأمل واقع فتيات الجامعة من خلال البرنامج اليومي لهن ندرك مدى الغبن الكبير الذي يعيشه بعض الفتيات كما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - في وصف مثل هذه الحالات: ((نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ)) فالمسألة مسألة غبن وهو أن يدفع الإنسان ماله ولا يأخذ شيئاً يساويه في المقابل.
إن عقارب الساعة لا ترجع إلى الوراء، وما ذهب من الزمن لا يعود ولو بذل صاحبه كنوز قارون في سبيل ذلك، ورحم لله الحسن البصري عندما قال: ((يا ابن آدم إنما أنت أيام كلما ذهب يوم ذهب بعضك)) ولو أردنا أن نكون أكثر تفصيلاً لقلنا: ((إنما أنت ثوان كلما ذهبت ثانية ذهب بعضك))
السلاح الخامس: الرفقـة الصالحة.
إن الرفقة من أشد العوامل تأثيراً في سلوك فتيات الجامعة، وكم من فتاة صالحة جادة صارت فتاة طالحة ومستهترة بالحياة، ومهملة لرسالة العلم، بسبب صديقاتها السيئات، وكم من فتاة ضعيفة الدين سيئة الخلق أصلحها الله وجعلها من المتميزات بسبب صديقة صالحة.
فإذا أردت أن تعرفي من تكونين في الحاضر والمستقبل فانظري إلى جلسائك وصديقاتك فإن الصاحب ساحب والمرء على دين خليله.
وأخيرا: مفهوم النجاح في الحياة: ((الأحلام لا تتحقق بالأحلام))
إن تحقيق الأهداف الكبيرة، والأحلام العريضة يحتاج إلى كل هذه الأسباب بالإضافة إلى الصبر وعنصر الوقت... وليس من سنن الله - تعالى - في المجتمع أن تتحقق المقاصد الكبرى خلال زمن يسير، ولكن وسائل الإعلام وبعض مراكز التربية تحاول أن تزرع في أجيالنا فكرة ((النجاح السريع)) في عالم الماديات فقط فتربي الناس على فكرة ((كيف تضع الثروة بسرعة)) ((اذهب للبحث عن الذهب)) و ((اربح المليون)) و ((وزنك ذهب)) فلم يعد الجيل المعاصر يحتمل مشواراً طويلاً بطيئاً فهو يريد بدل الدراسة الطويلة دورات سريعة ليدخل عالم الوظائف والأموال والأعمال والثروات، والنموذج الذي يراوده هو نموذج ((بيل غيتس)) ولهذا متى عجز عن تحقيق هذا النجاح السريع أصيب بالإحباط والشعور بالنقص وأعلن الحداد على موت أحلامه!!
وليس النجاح هو تحقيق أي هدف في الحياة و إلا لكان زعيم العصابة ناجحاً ولكان مهرب المخدرات ناجحاً.. ولكن من مفهوم النجاح وضروراته أن يكون الهدف صحيحاً نافعاً للنفس والمجتمع....
يجب أن تكون أهداف الفتاة الجامعية طموحة وعالية كطموح أم حرام بنت ملحان - رضي الله عنها - فإنها لم تحلم بالقصور الفخمة أو المراكب الفارهة أو الأرصدة المالية ولكنها رغبت في نصرة الإسلام ونشر رسالته في العالم بركوب البحار قال أنس - رضي الله عنه -: ((نام رسول الله عند أم حرام ثم استيقظ وهو يضحك فقالت: ما يضحكك يا رسول الله؟ قال: ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر ملوكاً على الأسرة قالت: فقلت: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم فدعا لها.. فركبت أم حرام البحر في زمن عثمان مع زوجها عبادة بن الصامت لفتح قبرص في خلافة عثمان فسقطت عن دابتها وماتت ودفنت هناك)).
فهل تدرك فتاة الجامعة أن الرسالة عظيمة والأمانة كبيرة وأنه لا مكان اليوم إلا لأصحاب الهمم العالية والطموحات البعيدة.
و رب العالمين