قال تعالى {ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن الله غنى حميد * وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بنى لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم * ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله فى عامين أن اشكر لى ولوالديك إلى المصير * وإن جاهداك على أن تشرك بى ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما فى الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلى ثم إلى مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون * يا بنى إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن فى صخرة أو فى السموات أو فى الأرض يأتى بها الله إن الله لطيف خبير* يا بنى أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور *ولا تصعر خدك للناس ولا تمش فى الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور * واقصد فى مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير}.
هو سيدنا لقمان بن باعور بن ناحور بن تارح، وقيل هو ابن أخت سيدنا أيوب عليه السلام، وقيل بل ابن خالته.
وكان نوبيا من أهل أيلة، وكان رجلا صالحا ذا عبادة وعبارة وحكمة عظيمة، ويقال كان قاضيا فى زمن سيدنا داود عليه السلام.
وعن سيدنا عبد الله بن عباس رضى الله عنهما قال: كان عبدا حبشيا نجارا، وعن سعيد بن المسيب قال: كان لقمان من سودان مصر ذو مشافر أعطاه الله الحكمة.
وجاء رجل أسود إلى سعيد بن المسيب يسأله فقال له سعيد لا تحزن من أجل أنك أسود فإنه كان من أخير الناس ثلاثة من السودان، بلال، ومهجع مولى عمر، ولقمان الحكيم كان أسود نوبيا ذا مشافر.
وقد أتى رجل إلى سيدنا لقمان وهو فى مجلس أناس يحدثهم فقال له ألست الذى كنت ترعى معى الغنم فى مكان كذا وكذا؟ قال نعم، قال فما بلغ بك ما أرى؟ قال صدق الحديث والصمت عما لا يعنينى، وفى رواية أخرى قال قدر الله وأداء الأمانة وصدق الحديث وترك ما لا يعنينى.
وقد وقف رجل على سيدنا لقمان الحكيم وقال له: أنت لقمان عبد بنى النحاس؟ قال نعم، قال فأنت راعى الغنم الأسود؟ قال أما سوادى فظاهر فما الذى يعجبك من أمرى؟ قال وطء الناس بساطك وغشيهم بابك ورضاهم بقولك، قال يا ابن أخى إن صنعت ما أقول لك كنت كذلك، قال ما هو؟ قال لقمان: غضى بصرى وكفى لسانى وعفة مطمعى وحفظى فرجى وقيامى بعدتى ووفائى بعهدى وتكرمتى ضيفى وحفظى جارى وتركى ما لا يعنينى فذاك الذى صيرنى كما ترى.