بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله تعالى نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا أما بعد:
روي الإمام البخاري في صحيحه من حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "من يقل على ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار" وقال صلى الله عليه وسلم "إن كذباً على ليس كَكَذِبٍ على أحدٍ ، فمَن كَذَبَ عليَّ متعمداً فليتبوَّأ مقعده من النار". رواه مسلم وغيره.
والناظر إلى كلام أغلب الناس من دعاة ووعاظ وغيرهم من العامة تجده يتساهل أشد التساهل في إلقاء أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم غير عابئ بمدى صحة هذا الكلام متناسيا أو ناسيا الوعيد الذي توعده النبي صلى الله عليه وسلم لمن افترى عليه الكذب .
والجميع يعلم ما لهذه الأحاديث من آثار مدمرة على المجتمع لاسيما إن كان الحديث في مسائل العقيدة ، فإن الوضاعين والكذابين من أصحاب الملل المنحرفة الزائغة عن النهج السليم نهج النبي الكريم و أصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين – قد تجرؤا على شرع الله وحدوده وعلى سنة نبيه فوضعوا الدسائس التي تنتصر وتدعوا لمذاهبهم من أقوالهم وحدثوا بها الناس وادعوا كذبا وزورا أنها من كلام سيد المرسلين.
وعلى هذا فإني أحذر نفسي وإخواني من التحديث بحديث عن رسول الله إلا بعد التأكد منه (قدر المستطاع) حتى لا نقع فيما يغضب الله ورسوله .فمن دعي إلى بدعة ورذيلة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ، فلقد عمت البلوى وادلهمت الخطوب على أمة الإسلام من كل حدب وصوب ومما يفرى الأكباد أننا نحن شباب المسلمين صرنا معاول هدم لثوابت الدين (حتى ولو كانت النوايا صالحة)وما ذلك إلا لقلة العلم وانتشار الجهل.فالنية الصالحة لا تصلح العمل الفاسد ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم.
ومن هذا المنطلق ومن مبدأ الصحابي الجليل "حذيفة بن اليمان " رضي الله عنه والذي قال :كان الناس يسألون النبي صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني . من هذا المنطلق فإني قد نويت وبحول الله تعالى وقوته أن أبدأ في سرد عدد من الأحاديث الموضوعة أو الضعيفة المنتشرة والمشتهرة على ألسنة الناس والوعاظ والدعاة مبينا حالها وحال رواتها معتمدا في ذلك على الله تعالى ثم على عدد من الكتب والمراجع والتي من أشهرها كتاب (سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها على الأمة) لفضيلة العلامة الأمام الألباني رحمه الله تعالى .
والله الهادي والموفق.
ونبدأ بإذن الله تعالى بالحديث الأول :
* ( من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعدا )
قال الإمام الألباني : باطل
وهو مع اشتهاره على الألسنة لا يصح من قبل إسناده ، ولا من جهة متنه . أما إسناده فقد أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3 / 106 / 2 مخطوطة الظاهرية ) والقضاعي في " مسند الشهاب " ( 43 / 2 ) وابن أبي حاتم كما في " تفسير ابن كثير " ( 2 / 414 ) و" الكواكب الدراري " ( 83 / 2 / 1 ) من طريق ليث عن طاووس عن ابن عباس .
وهذا إسناد ضعيف من أجل ليث هذا - وهو ابن أبي سليم - فإنه ضعيف ، قال الحافظ ابن حجر في ترجمته من " تقريب التهذيب " : صدوق اختلط أخيرا ولم يتميز حديثه فترك .
وبه أعله الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 1 / 134 ) .
وقال شيخه الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " ( 1 / 143 ) : إسناده لين .
وجملة القول أن الحديث لا يصح إسناده إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإنما صح من قول ابن مسعود والحسن البصري ، وروي عن ابن عباس . ولهذا لم يذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في " كتاب الإيمان " ( ص 12 ) إلا موقوفا على ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما
وأما متن الحديث فإنه لا يصح ، لأن ظاهره يشمل من صلى صلاة بشروطها وأركانها بحيث أن الشرع يحكم عليها بالصحة وإن كان هذا المصلي لا يزال يرتكب بعض المعاصي ، فكيف يكون بسببها لا يزداد بهذه الصلاة إلا بعدا ؟ ! هذا مما لا يعقل ولا تشهد له الشريعة ، ولهذا تأوله شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله :
وقوله " لم يزدد إلا بعدا " إذا كان ما ترك من الواجب منها أعظم مما فعله ، أبعده ترك الواجب الأكثر من الله أكثر مما قربه فعل الواجب الأقل .
وهذا بعيد عندي ، لأن ترك الواجب الأعظم منها معناه ترك بعض ما لا تصح الصلاة إلا به كالشروط والأركان ، وحينئذ فليس له صلاة شرعا ، ولا يبدو أن هذه الصلاة هي المراده في الحديث المرفوع والموقوف ، بل المراد الصلاة الصحيحة التي لم تثمر ثمرتها التي ذكرها الله تعالى في قوله : { إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر } ( العنكبوت : 45 ) وأكدها رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قيل له : إن فلانا يصلي الليل كله فإذا أصبح سرق ! فقال : " سينهاه ما تقول أو قال : ستمنعه صلاته " .
رواه أحمد والبزار والطحاوي في " مشكل الآثار " ( 2 / 430 ) والبغوي في حديث علي بن الجعد ( 9 / 97 / 1 ) وأبو بكر الكلاباذي في " مفتاح معاني الآثار " ( 31 / 1 / 69 / 1 ) بإسناد صحيح من حديث أبي هريرة
فأنت ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن هذا الرجل سينتهي عن السرقة بسبب صلاته - إذا كانت على الوجه الأكمل طبعا كالخشوع فيها والتدبر في قراءتها - ولم يقل : إنه " لا يزداد بها إلا بعدا " مع أنه لما ينته عن السرقة.
ولذلك قال عبد الحق الإشبيلي في " التهجد " ( ق 24 / 1 ) : يريد عليه السلام أن المصلي على الحقيقة المحافظ على صلاته الملازم لها تنهاه صلاته عن ارتكاب المحارم والوقوع في المحارم .
فثبت بما تقدم ضعف الحديث سندا ومتنا والله أعلم.
وللأحاديث بقية إن شاء الله.
إن الحمد لله تعالى نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا أما بعد:
روي الإمام البخاري في صحيحه من حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "من يقل على ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار" وقال صلى الله عليه وسلم "إن كذباً على ليس كَكَذِبٍ على أحدٍ ، فمَن كَذَبَ عليَّ متعمداً فليتبوَّأ مقعده من النار". رواه مسلم وغيره.
والناظر إلى كلام أغلب الناس من دعاة ووعاظ وغيرهم من العامة تجده يتساهل أشد التساهل في إلقاء أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم غير عابئ بمدى صحة هذا الكلام متناسيا أو ناسيا الوعيد الذي توعده النبي صلى الله عليه وسلم لمن افترى عليه الكذب .
والجميع يعلم ما لهذه الأحاديث من آثار مدمرة على المجتمع لاسيما إن كان الحديث في مسائل العقيدة ، فإن الوضاعين والكذابين من أصحاب الملل المنحرفة الزائغة عن النهج السليم نهج النبي الكريم و أصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين – قد تجرؤا على شرع الله وحدوده وعلى سنة نبيه فوضعوا الدسائس التي تنتصر وتدعوا لمذاهبهم من أقوالهم وحدثوا بها الناس وادعوا كذبا وزورا أنها من كلام سيد المرسلين.
وعلى هذا فإني أحذر نفسي وإخواني من التحديث بحديث عن رسول الله إلا بعد التأكد منه (قدر المستطاع) حتى لا نقع فيما يغضب الله ورسوله .فمن دعي إلى بدعة ورذيلة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ، فلقد عمت البلوى وادلهمت الخطوب على أمة الإسلام من كل حدب وصوب ومما يفرى الأكباد أننا نحن شباب المسلمين صرنا معاول هدم لثوابت الدين (حتى ولو كانت النوايا صالحة)وما ذلك إلا لقلة العلم وانتشار الجهل.فالنية الصالحة لا تصلح العمل الفاسد ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم.
ومن هذا المنطلق ومن مبدأ الصحابي الجليل "حذيفة بن اليمان " رضي الله عنه والذي قال :كان الناس يسألون النبي صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني . من هذا المنطلق فإني قد نويت وبحول الله تعالى وقوته أن أبدأ في سرد عدد من الأحاديث الموضوعة أو الضعيفة المنتشرة والمشتهرة على ألسنة الناس والوعاظ والدعاة مبينا حالها وحال رواتها معتمدا في ذلك على الله تعالى ثم على عدد من الكتب والمراجع والتي من أشهرها كتاب (سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها على الأمة) لفضيلة العلامة الأمام الألباني رحمه الله تعالى .
والله الهادي والموفق.
ونبدأ بإذن الله تعالى بالحديث الأول :
* ( من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعدا )
قال الإمام الألباني : باطل
وهو مع اشتهاره على الألسنة لا يصح من قبل إسناده ، ولا من جهة متنه . أما إسناده فقد أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3 / 106 / 2 مخطوطة الظاهرية ) والقضاعي في " مسند الشهاب " ( 43 / 2 ) وابن أبي حاتم كما في " تفسير ابن كثير " ( 2 / 414 ) و" الكواكب الدراري " ( 83 / 2 / 1 ) من طريق ليث عن طاووس عن ابن عباس .
وهذا إسناد ضعيف من أجل ليث هذا - وهو ابن أبي سليم - فإنه ضعيف ، قال الحافظ ابن حجر في ترجمته من " تقريب التهذيب " : صدوق اختلط أخيرا ولم يتميز حديثه فترك .
وبه أعله الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 1 / 134 ) .
وقال شيخه الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " ( 1 / 143 ) : إسناده لين .
وجملة القول أن الحديث لا يصح إسناده إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإنما صح من قول ابن مسعود والحسن البصري ، وروي عن ابن عباس . ولهذا لم يذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في " كتاب الإيمان " ( ص 12 ) إلا موقوفا على ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما
وأما متن الحديث فإنه لا يصح ، لأن ظاهره يشمل من صلى صلاة بشروطها وأركانها بحيث أن الشرع يحكم عليها بالصحة وإن كان هذا المصلي لا يزال يرتكب بعض المعاصي ، فكيف يكون بسببها لا يزداد بهذه الصلاة إلا بعدا ؟ ! هذا مما لا يعقل ولا تشهد له الشريعة ، ولهذا تأوله شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله :
وقوله " لم يزدد إلا بعدا " إذا كان ما ترك من الواجب منها أعظم مما فعله ، أبعده ترك الواجب الأكثر من الله أكثر مما قربه فعل الواجب الأقل .
وهذا بعيد عندي ، لأن ترك الواجب الأعظم منها معناه ترك بعض ما لا تصح الصلاة إلا به كالشروط والأركان ، وحينئذ فليس له صلاة شرعا ، ولا يبدو أن هذه الصلاة هي المراده في الحديث المرفوع والموقوف ، بل المراد الصلاة الصحيحة التي لم تثمر ثمرتها التي ذكرها الله تعالى في قوله : { إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر } ( العنكبوت : 45 ) وأكدها رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قيل له : إن فلانا يصلي الليل كله فإذا أصبح سرق ! فقال : " سينهاه ما تقول أو قال : ستمنعه صلاته " .
رواه أحمد والبزار والطحاوي في " مشكل الآثار " ( 2 / 430 ) والبغوي في حديث علي بن الجعد ( 9 / 97 / 1 ) وأبو بكر الكلاباذي في " مفتاح معاني الآثار " ( 31 / 1 / 69 / 1 ) بإسناد صحيح من حديث أبي هريرة
فأنت ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن هذا الرجل سينتهي عن السرقة بسبب صلاته - إذا كانت على الوجه الأكمل طبعا كالخشوع فيها والتدبر في قراءتها - ولم يقل : إنه " لا يزداد بها إلا بعدا " مع أنه لما ينته عن السرقة.
ولذلك قال عبد الحق الإشبيلي في " التهجد " ( ق 24 / 1 ) : يريد عليه السلام أن المصلي على الحقيقة المحافظ على صلاته الملازم لها تنهاه صلاته عن ارتكاب المحارم والوقوع في المحارم .
فثبت بما تقدم ضعف الحديث سندا ومتنا والله أعلم.
وللأحاديث بقية إن شاء الله.