"عفروتو" والدكتور مصطفى محمود! ـ فراج إسماعيل
((( من صحيفة المصريون )))
لو سألت أحدا اليوم، وزيرا أو خفيرا، حامل دكتوراه أو حامل إعدادية، عن ما
يعرفه عن "عفروتو" والدكتور مصطفى محمود، لأجابك فورا: الأول نجم، نراه في
الفضائيات ونقرأه في الصحف، أما الثاني فمن هو؟!
"عفروتو" هو لاعب كرة
قدم صغير، ظهر منذ أيام فقط في بطولة كأس العالم للشباب، سجل هدفا في أول
مباراة، وآخر في المباراة الثانية، ووصفه المعلق بأنه "مخاوي اتنين جن"
و"أهدافه عفاريتي"!
وقامت القنوات الفضائية بزيارة الحي الشعبي
المتواضع الذي يسكن فيه، لتغطي فرحة الأهل والجيران، ويقول أحدهم "لا
مؤاخذة في الكلمة.. خلعت ملط وجريت في الشارع من الفرحة"!
هذا كل سجل
"عفروتو" في الدنيا وصفحات كتابه، ومع ذلك فهو يبز عالما جليلا كبيرا، كان
الملايين ينتظرون برنامجه "العلم والايمان" في التليفزيون المصري في
ثمانينيات القرن الماضي، يتركون أعمالهم ومشاغلهم ليسمعوا شرحه الوافي
وعلمه الغزير عن آيات الرحمن في الكون.
لم يكن أحد مهتما بمسلسل ولا
بصراع بين الدراما الشامية والخليجية من جانب والمصرية من جانب آخر، ولا
بأي من سواقط الاهتمامات وتفاهاتها التي غرقنا فيها وأغرقنا معنا أجيال
المستقبل!
من فرط التجاهل والاهمال الذي يواجهه الدكتور مصطفى محمود،
ظننت أنه ربما انتقل إلى رحاب ربه بعد التدهور الخطير في صحته مؤخرا، وأن
أحدا من الصحفيين أو الاعلاميين في القنوات الفضائية لم يكرمه الله بخبر
واحد من عدة كلمات، اعتقادا بأنه مجهول لا يهم الناس!
صدقت ظني فسألت
أحد الزملاء المهتمين في القاهرة، ففوجئت بأنه لا يعلم أيضا، لكنه قرأ
خبرا يتيما منذ أيام في "المصري اليوم" بأن صحته وصلت إلى مرحلة حرجة دفعت
أسرته لنقله للمستشفى الملحق بمسجده في "المهندسين".
وقالت ابنته "أمل"
إن الأطباء منعوا زيارته إلا لأسرته، علاوة على أنه لم يعد هناك من يسأل
عنه سوى زميل دراسته الدكتور على بدران، كما انقطع عنه مجموعة الصيادلة
الذين كانوا دائمي الاتصال به.
حركته أصبحت محدودة جدا – والكلام منسوب لأمل – ولا تتجاوز بضع خطوات داخل حجرته ويحتاج لآخرين لمساعدته.
كتب
مصطفى محمود بأسلوبه الجميل العميق ولغته الراقية ومجالات كتاباته التي لا
يجيد التحدث فيها غيره، كانت رفيقة الكثيرين من أجيالنا، لا زالت تؤانس
مكتبتي وتحتل مكانها الأثير، تحمل صفحاتها عناء قراءتي لها مرات عديدة، في
كل مرة أشعر كأني أقرأها لأول مرة، وكأنها خارجة لتوها من المطبعة.
هل
يؤاخذ مصطفى محمود على أنه لم يختر طريق "عفروتو" وطوى أيام عمره متفكرا
دارسا في ملكوت الله، يقدم للبشرية نتاج علمه الغزير، فوقف به قطار الزمن
في محطة الجاحدين الجهلاء العاجزين عن فهم غير الكرة والغناء والمسلسلات؟!
لو
قدر له أن يكون ممثلا أو مغنيا، هل كان سيقضي أيامه الحالية وحيد المرض،
يعد أنفاسه الأخيرة بمفرده، بلا مؤنس له إلا أقرب الأقربين من أسرته..
هل
كانت الدولة ستضن عليه بعلاج في الخارج، أو على الأقل سيستكثر عليه وزير
الصحة نقله إلى مستشفاه الراقي في 6 اكتوبر، وهو ما اختص به الممثل الراحل
أحمد زكي عليه رحمة الله؟!
((( من صحيفة المصريون )))
لو سألت أحدا اليوم، وزيرا أو خفيرا، حامل دكتوراه أو حامل إعدادية، عن ما
يعرفه عن "عفروتو" والدكتور مصطفى محمود، لأجابك فورا: الأول نجم، نراه في
الفضائيات ونقرأه في الصحف، أما الثاني فمن هو؟!
"عفروتو" هو لاعب كرة
قدم صغير، ظهر منذ أيام فقط في بطولة كأس العالم للشباب، سجل هدفا في أول
مباراة، وآخر في المباراة الثانية، ووصفه المعلق بأنه "مخاوي اتنين جن"
و"أهدافه عفاريتي"!
وقامت القنوات الفضائية بزيارة الحي الشعبي
المتواضع الذي يسكن فيه، لتغطي فرحة الأهل والجيران، ويقول أحدهم "لا
مؤاخذة في الكلمة.. خلعت ملط وجريت في الشارع من الفرحة"!
هذا كل سجل
"عفروتو" في الدنيا وصفحات كتابه، ومع ذلك فهو يبز عالما جليلا كبيرا، كان
الملايين ينتظرون برنامجه "العلم والايمان" في التليفزيون المصري في
ثمانينيات القرن الماضي، يتركون أعمالهم ومشاغلهم ليسمعوا شرحه الوافي
وعلمه الغزير عن آيات الرحمن في الكون.
لم يكن أحد مهتما بمسلسل ولا
بصراع بين الدراما الشامية والخليجية من جانب والمصرية من جانب آخر، ولا
بأي من سواقط الاهتمامات وتفاهاتها التي غرقنا فيها وأغرقنا معنا أجيال
المستقبل!
من فرط التجاهل والاهمال الذي يواجهه الدكتور مصطفى محمود،
ظننت أنه ربما انتقل إلى رحاب ربه بعد التدهور الخطير في صحته مؤخرا، وأن
أحدا من الصحفيين أو الاعلاميين في القنوات الفضائية لم يكرمه الله بخبر
واحد من عدة كلمات، اعتقادا بأنه مجهول لا يهم الناس!
صدقت ظني فسألت
أحد الزملاء المهتمين في القاهرة، ففوجئت بأنه لا يعلم أيضا، لكنه قرأ
خبرا يتيما منذ أيام في "المصري اليوم" بأن صحته وصلت إلى مرحلة حرجة دفعت
أسرته لنقله للمستشفى الملحق بمسجده في "المهندسين".
وقالت ابنته "أمل"
إن الأطباء منعوا زيارته إلا لأسرته، علاوة على أنه لم يعد هناك من يسأل
عنه سوى زميل دراسته الدكتور على بدران، كما انقطع عنه مجموعة الصيادلة
الذين كانوا دائمي الاتصال به.
حركته أصبحت محدودة جدا – والكلام منسوب لأمل – ولا تتجاوز بضع خطوات داخل حجرته ويحتاج لآخرين لمساعدته.
كتب
مصطفى محمود بأسلوبه الجميل العميق ولغته الراقية ومجالات كتاباته التي لا
يجيد التحدث فيها غيره، كانت رفيقة الكثيرين من أجيالنا، لا زالت تؤانس
مكتبتي وتحتل مكانها الأثير، تحمل صفحاتها عناء قراءتي لها مرات عديدة، في
كل مرة أشعر كأني أقرأها لأول مرة، وكأنها خارجة لتوها من المطبعة.
هل
يؤاخذ مصطفى محمود على أنه لم يختر طريق "عفروتو" وطوى أيام عمره متفكرا
دارسا في ملكوت الله، يقدم للبشرية نتاج علمه الغزير، فوقف به قطار الزمن
في محطة الجاحدين الجهلاء العاجزين عن فهم غير الكرة والغناء والمسلسلات؟!
لو
قدر له أن يكون ممثلا أو مغنيا، هل كان سيقضي أيامه الحالية وحيد المرض،
يعد أنفاسه الأخيرة بمفرده، بلا مؤنس له إلا أقرب الأقربين من أسرته..
هل
كانت الدولة ستضن عليه بعلاج في الخارج، أو على الأقل سيستكثر عليه وزير
الصحة نقله إلى مستشفاه الراقي في 6 اكتوبر، وهو ما اختص به الممثل الراحل
أحمد زكي عليه رحمة الله؟!