:رأس الموضوع:
من غير عصبية ... أبو تريكة يقودنا باحترافية !!!
والان اترككم من المقال اتمني ان ينال على اعجابكم
كرة القدم لا تعتمد بالضرورة علي المهارة الفردية فقط بل تحتاج لقوة والسرعة وذكاء ودهاء، لكن قبل كل هذا تحتاج لأهم عامل مساعد لنجاح أي لاعب في العالم.
هذا العامل يختلف بنسب متفاوتة عن كل لاعبي العالم يسمي بالعامل النفسي أي "الثبات الانفعالي"، كثيراً ما فازت أندية ومنتخبات بكؤوس قارية وعالمية بفضل العامل النفسي، فلم يكن فوز اليونان بكأس أمم أوروبا 2004 بفضل مهارات لاعبيها الفردية التي هي دون أدنى شك لا تضاهي مهارات نجوم البرتغال الذي لعبوا تحت ضغوط جماهيرية كبيرة أثرت بالسلب علي مُجمل الأداء البرتغالي ليرفع أحفاد أرسطو وسقراط كأس أمم أوروبا لأول مرة في تاريخهم بفضل الثبات الانفعالي المتمثل في انعدام الضغط الإعلامي والجماهيري علي كاهل عناصر الفريق إضافة لهدوء أعصابهم أمام نجوم البرتغال المطالبون بالفوز بأي ثمن !.
قائد المغامرة اليونانية عام 2004 كان المدرب الألماني الشهير أوتو ريهاجل خريج معاهد الفلسفة وعلم النفس والذي أستطاع هيكلة الفريق اليوناني بأساليب عجز عنها كل من سبقوه، فقد كان اليونانيون يعيشون في وهم النجومية ويتكئون علي أطلال أحفادهم الفلاسفة دون أن يعملوا بنصائح الفيلسوف أرسطو المنادي بهدوء الأعصاب عند مناقشة المجادلون حتى ينتهي صراع النقاش بفوز الحق، ظن بعض لاعبو اليونان أنهم نجوم فوق العادة وكانت الصحافة اليونانية دائماً ما تسايرهم في هذه المعتقدات مما يؤدي دائماً لنكبات للكرة اليونانية، وعندما تقلد ريهاجل مهمة تدريب اليونان أبعد الإعلام عن منتخبه وأدخله في معسكرات مغلقة لا تنتهي وأشعرهم بأنهم ذاهبون للصعود للدور الثمانية فقط كأول إنجاز تحققه اليونان وبعد كل مباراة كان يقول ريهاجل أن لاعبوه فعلوا إنجاز وإذا خرجنا فيكفينا لما وصلنا له وإذا تقدمنا "خير وبركة"، لتنعكس بالإيجاب علي لاعبيه لتصبح أعصابهم مرنة غير مضغوطة، عكس الإنجليز الذين يعانوا علي الدوام من إعلامهم الذي لا يرحم بمطالبتهم بالعودة من كل بطولة بكأسها فضلا ً عن حضور عدد كبير جداً من جماهيرهم في أي مكان مما يثقل المسئولية علي عاتق لاعبين صغار السن لا يقودهم لاعباً أو مدرباً يفهم بأمور الثبات الانفعالي والهدوء النفسي الذي ينتج عنه دقة في التمرير والتسديد والتحرك، فقد سقط أفضل لاعبو العالم مهارة وقوة وسرعة في الوحل بسبب تسرعهم الناتج عن التضخيم الإعلامي والضغط الجماهيري مثيل دينيلسون أغلى لاعب في العالم 1997 والذي لم يفعل أي شيء للبرازيل هو ورونالدو وريفالدو في النهائي الأسود كما يطلقون عليه البرازيليون عام 1998 في فرنسا، لهذا دائماً ما يخسر الفريق المرشح لأن تعامل المرشح للفوز بالبطولات مع كلمة مرشح لا تكون واقعية غالباً !.
أساتذة علم النفس والفلسفة في أوروبا أبهروني بأدائهم وثقتهم وثقافتهم وحنكتهم التدريبية التي وصلت لحد التشبع بالاستراتيجيات الحربية، لدرجة أن أكثر من مدرب يعمل في حقل كرة القدم أطلق عليه كلمة فيلسوف، مثل مورينهو وريهاجل والحكيم أروجانيس ومارشيلو ليبي يوهان كرويف وديل بوسكي وغيرهم، لكن من أبهرني أضعافاً مضاعفة هو محمد أبو تريكة نجم النادي الأهلي المصري ومنتخب مصر !.
الكرة في الوطن العربي لا تعتمد إلا علي أربع عناصر مهمة جداً حينما يقع الاختيار علي أي موهبة جديدة، المهارة في المقام الأول ثم تأتي السرعة والقوة وعدد أهدافه في المباراة الواحدة، والعنصر الأخير لا يركز عليه خبراء اللعبة في مصر والوطن العربي بل يلقى الاهتمام الأكبر من الجماهير التي لا تنظر لمن يصنع الأهداف أو لمن يزيح الكرة من علي خط المرمي بل تهتف باسم صاحب الهدف وتنسى دور صانع الألعاب والمدافع وتهمل دور حارس المرمى بالكثير من الأوقات !.
رغم انبهاري بما يقوم به محمد أبو تريكة إلا أنه لم يصل لحد الاستغراب خاصة ً بعدما عرفت أنه خريج كلية الآداب جامعة القاهرة قسم فلسفة ، وجاءني يقين سأوضحه فيما بعد، أن أبو تريكة سيساهم بنسبة لا تقل عن 70% بصعود منتخب مصر لكأس العالم 2010 بعد غياب طويل عن أخر مشاركة لمصر عام 1990 في إيطاليا، فما كان ينقصنا هو الثبات الانفعالي والثقة في النفس والتي يبثها أبو تريكة بنفوس زملائه سواء في منتخب مصر أو مع النادي الأهلي !.
ماذا فعل أبو تريكة كي يصل الأمر لأقارنه وأضعه في خانة المقارنة النفسية العصبية مع أساتذتنا الأوروبيين ؟.
ما فعله أبو تريكة كثير جداً ولا يمكن لأحد أن يصدقه علي لاعب كرة قدم مصري أو حتى علي أي لاعب عربي في أي لعبة فردية أو جماعية !.
كثيراً ما يكون المصريين متفوقين بدنياً وفنياً ومهارياً علي خصومهم لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، الروح المعنوية والإعداد النفسي صفر ، عكس منافسه الذي لا يركز علي قوة ولا علي المهارة، بل يعتمد في المقام الأول علي استعداده النفسي وسرعة انقضاضه ولياقته للفوز، وهذا ما حدث بالفعل مع مصر في أكثر من مناسبة كالخسارة من الجزائر في كأس أفريقيا 2004 بتفوق عددي مصري وضغط لمدة 70 دقيقة متواصلة وفي النهاية حسين عيشو أحرز هدف الفوز للجزائر في أخر دقيقة بالمباراة وسط ذهول الجمهور التونسي وحتى معلق المباراة آنذاك عصام الشوالي، أيضاً الضغط الإعلامي علي المصرية نهلة رمضان بطلة العالم في رفع الأثقال كان له أثر سلبي بخروجها من منافسات أولمبياد أثينا 2004 علي الرغم من أن الصحافة العالمية رشحتها لأن تفوز بأكثر من ميدالية ذهبية، لكنها مع الأسف خرجت خالية الوفاض، لسوء إعدادها النفسي والعصبي وهذا ما أكدته نهلة بعد عودتها بخفي حنين من اليونان !.
أبو تريكة لاعب قوي وسريع، يتقن التحرك، يدقق في التمرير الأرضي، ويمتاز بالتسديد القوي من خارج المنطقة، كما أنه مراوغ ممتاز جداً، عبقري في كل لمسة يلمسها وكل تمريره يمررها، فأي كرة تخرج من قدميه كسم الثعبان مجرد توغله في عمق أي دفاع يستشري سمه وينتشر بسرعة البرق وينتج عنها أهدافاً غزيرة تحول المهاجم العقيم لمنتج سخي وفلافيو يفهمني جيداً !.
مصر مليئة بالمواهب الشبيهة لأبو تريكة أمثال حازم إمام ومحمد زيدان بل يفوق بعضهم مهارات أبو تريكة ويتميز البعض الآخر عنه بمميزات وصفات أخرى لا يتميز بها تريكة، لكن ما لا يتميز به أي لاعب مصري حالياً هو ثقافة أبو تريكة النفسية والعقلية، وهذه الثقافة ساهمت في إظهاره بأفضل صورة في أكثر من مناسبة، ففي الوقت الذي لملم الجميع أوراقه واستعدت بعثة الأهلي لحزم حقائبها موسم 2006 فاجأ أبو تريكة تونس بقذيفة مدوية هزت أفريقيا في الدقيقة 92 لتعلن عن احتفاظ الأهلي بلقبه الأفريقي للعام الثاني علي التوالي بالتغلب علي الصفاقسي في عقر داره، ولصبر أبو تريكة وإيمانه بقدراته وقدرات زملائه وثق أن الأمل لا يزال قائماً، فطيلة المباراة أبو تريكة يعاني الأمرين من بوجلبان والمدراسي وأنتظر كثيراً حتى سنحت له الفرصة للتسديد علي الطائر بقلب ميت لا يعرف الرحمة حينما تأتي الكرة علي وجه قدمه، وفي نفس الموسم توفي زميله محمد عبد الوهاب ليتغلب أبو تريكة علي أحزانه ويقود الفريق لانتصار هام علي الصفاقسي 2-1 في القاهرة ثم الفوز علي أسيك 2-0، وقد أهدى أبو تريكة هدفه في مرمي الصفاقسي للمرحوم عبد الوهاب بعد تسجيله من ضربة حرة مباشرة علي طريقة الموهوب عبد الوهاب !.
اللقطة التي لا يمكن لأحد نسيانها، أثناء تسديد أبو تريكة ضربة الجزاء الترجيحية الحاسمة التي أعلنت فوز مصر بكأس أمم أفريقيا، فلم يعقد أبو تريكة نفسه بحسابات لا ناقة لها ولا جمل أثناء تسديد الضربات الترجيحية، ودخل للضربة الحاسمة دون أن يعلم أنها الحاسمة ليسددها بقوة معلناً عن فوز مصر، وكانت ردة فعله جد غريبة فظهرت البراءة علي وجهه المسالم الهادئ وكأنه فعلا ً يجهل أن مصر بطلة أفريقيا بسببه، ليخلع قميصه مشهراً فانلته الداخلية التي كتب عليها نحن فداك يا رسول الله !.
التالته تابته، أكد أبو تريكة أنه نفسياً صافي وذهنياً أصفى، في الدور ربع النهائي من بطولة كأس مصر موسم 2006-2007 اهتزت كل القلوب المصرية بعدما تلقى نجم دفاع الأهلي محمد صديق ضربة قوية كادت تفقده حياته في أرض الملعب، ولأن اللاعب المصري لا يمتاز بصفات المحنك أبو تريكة خرج لاعبو الأهلي وفريق طلائع الجيش عن شعورهم لدرجة أن حسن مصطفي نجم وسط الأهلي طلب من جوزيه تغييره لأنه لا يحتمل أن يلعب وزميلا ً له في المستشفي معرض للموت، وكان طلائع الجيش متقدماً آنذاك 1-0، وكاد الأهلي أن يخسر بعد ما حدث لمحمد صديق، فمن الطبيعي أن يجتاح الخوف قلوب نجوم الأهلي ويخرجهم عن تركيزهم فيما تبقى من دقائق، لكنهم تغلبوا علي الاضطراب الطبيعي الذي ينال في الغالب من نفسية اللاعب المصري العربي الذي تسيطر عليه العاطفة، لكن أبو تريكة أبى أن تنال العاطفة منه ومن زملائه وقاد الفريق للفوز 3-1 ولعب بمزاج وكأنه تزوج قبل المباراة بأسبوع !!، أحرز هدف من ضربة خلفية مزدوجة وراوغ وناور بكل اقتدار، وكان نموذجاً للفصل بين الواقع الخارجي والملعب !.
دروس أبو تريكة يجب أن تدرس في كل الأكاديميات الكروية الرياضية ليستفيد منها الجميع، وإذا ما أستمر أبو تريكة بنثر ثقافته ومهاراته حتى موعد نهائيات كأس أمم أفريقيا 2008، سيقود مصر لا محالة لنهائيات كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا.
من غير عصبية ... أبو تريكة يقودنا باحترافية !!!
والان اترككم من المقال اتمني ان ينال على اعجابكم
كرة القدم لا تعتمد بالضرورة علي المهارة الفردية فقط بل تحتاج لقوة والسرعة وذكاء ودهاء، لكن قبل كل هذا تحتاج لأهم عامل مساعد لنجاح أي لاعب في العالم.
هذا العامل يختلف بنسب متفاوتة عن كل لاعبي العالم يسمي بالعامل النفسي أي "الثبات الانفعالي"، كثيراً ما فازت أندية ومنتخبات بكؤوس قارية وعالمية بفضل العامل النفسي، فلم يكن فوز اليونان بكأس أمم أوروبا 2004 بفضل مهارات لاعبيها الفردية التي هي دون أدنى شك لا تضاهي مهارات نجوم البرتغال الذي لعبوا تحت ضغوط جماهيرية كبيرة أثرت بالسلب علي مُجمل الأداء البرتغالي ليرفع أحفاد أرسطو وسقراط كأس أمم أوروبا لأول مرة في تاريخهم بفضل الثبات الانفعالي المتمثل في انعدام الضغط الإعلامي والجماهيري علي كاهل عناصر الفريق إضافة لهدوء أعصابهم أمام نجوم البرتغال المطالبون بالفوز بأي ثمن !.
قائد المغامرة اليونانية عام 2004 كان المدرب الألماني الشهير أوتو ريهاجل خريج معاهد الفلسفة وعلم النفس والذي أستطاع هيكلة الفريق اليوناني بأساليب عجز عنها كل من سبقوه، فقد كان اليونانيون يعيشون في وهم النجومية ويتكئون علي أطلال أحفادهم الفلاسفة دون أن يعملوا بنصائح الفيلسوف أرسطو المنادي بهدوء الأعصاب عند مناقشة المجادلون حتى ينتهي صراع النقاش بفوز الحق، ظن بعض لاعبو اليونان أنهم نجوم فوق العادة وكانت الصحافة اليونانية دائماً ما تسايرهم في هذه المعتقدات مما يؤدي دائماً لنكبات للكرة اليونانية، وعندما تقلد ريهاجل مهمة تدريب اليونان أبعد الإعلام عن منتخبه وأدخله في معسكرات مغلقة لا تنتهي وأشعرهم بأنهم ذاهبون للصعود للدور الثمانية فقط كأول إنجاز تحققه اليونان وبعد كل مباراة كان يقول ريهاجل أن لاعبوه فعلوا إنجاز وإذا خرجنا فيكفينا لما وصلنا له وإذا تقدمنا "خير وبركة"، لتنعكس بالإيجاب علي لاعبيه لتصبح أعصابهم مرنة غير مضغوطة، عكس الإنجليز الذين يعانوا علي الدوام من إعلامهم الذي لا يرحم بمطالبتهم بالعودة من كل بطولة بكأسها فضلا ً عن حضور عدد كبير جداً من جماهيرهم في أي مكان مما يثقل المسئولية علي عاتق لاعبين صغار السن لا يقودهم لاعباً أو مدرباً يفهم بأمور الثبات الانفعالي والهدوء النفسي الذي ينتج عنه دقة في التمرير والتسديد والتحرك، فقد سقط أفضل لاعبو العالم مهارة وقوة وسرعة في الوحل بسبب تسرعهم الناتج عن التضخيم الإعلامي والضغط الجماهيري مثيل دينيلسون أغلى لاعب في العالم 1997 والذي لم يفعل أي شيء للبرازيل هو ورونالدو وريفالدو في النهائي الأسود كما يطلقون عليه البرازيليون عام 1998 في فرنسا، لهذا دائماً ما يخسر الفريق المرشح لأن تعامل المرشح للفوز بالبطولات مع كلمة مرشح لا تكون واقعية غالباً !.
أساتذة علم النفس والفلسفة في أوروبا أبهروني بأدائهم وثقتهم وثقافتهم وحنكتهم التدريبية التي وصلت لحد التشبع بالاستراتيجيات الحربية، لدرجة أن أكثر من مدرب يعمل في حقل كرة القدم أطلق عليه كلمة فيلسوف، مثل مورينهو وريهاجل والحكيم أروجانيس ومارشيلو ليبي يوهان كرويف وديل بوسكي وغيرهم، لكن من أبهرني أضعافاً مضاعفة هو محمد أبو تريكة نجم النادي الأهلي المصري ومنتخب مصر !.
الكرة في الوطن العربي لا تعتمد إلا علي أربع عناصر مهمة جداً حينما يقع الاختيار علي أي موهبة جديدة، المهارة في المقام الأول ثم تأتي السرعة والقوة وعدد أهدافه في المباراة الواحدة، والعنصر الأخير لا يركز عليه خبراء اللعبة في مصر والوطن العربي بل يلقى الاهتمام الأكبر من الجماهير التي لا تنظر لمن يصنع الأهداف أو لمن يزيح الكرة من علي خط المرمي بل تهتف باسم صاحب الهدف وتنسى دور صانع الألعاب والمدافع وتهمل دور حارس المرمى بالكثير من الأوقات !.
رغم انبهاري بما يقوم به محمد أبو تريكة إلا أنه لم يصل لحد الاستغراب خاصة ً بعدما عرفت أنه خريج كلية الآداب جامعة القاهرة قسم فلسفة ، وجاءني يقين سأوضحه فيما بعد، أن أبو تريكة سيساهم بنسبة لا تقل عن 70% بصعود منتخب مصر لكأس العالم 2010 بعد غياب طويل عن أخر مشاركة لمصر عام 1990 في إيطاليا، فما كان ينقصنا هو الثبات الانفعالي والثقة في النفس والتي يبثها أبو تريكة بنفوس زملائه سواء في منتخب مصر أو مع النادي الأهلي !.
ماذا فعل أبو تريكة كي يصل الأمر لأقارنه وأضعه في خانة المقارنة النفسية العصبية مع أساتذتنا الأوروبيين ؟.
ما فعله أبو تريكة كثير جداً ولا يمكن لأحد أن يصدقه علي لاعب كرة قدم مصري أو حتى علي أي لاعب عربي في أي لعبة فردية أو جماعية !.
كثيراً ما يكون المصريين متفوقين بدنياً وفنياً ومهارياً علي خصومهم لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، الروح المعنوية والإعداد النفسي صفر ، عكس منافسه الذي لا يركز علي قوة ولا علي المهارة، بل يعتمد في المقام الأول علي استعداده النفسي وسرعة انقضاضه ولياقته للفوز، وهذا ما حدث بالفعل مع مصر في أكثر من مناسبة كالخسارة من الجزائر في كأس أفريقيا 2004 بتفوق عددي مصري وضغط لمدة 70 دقيقة متواصلة وفي النهاية حسين عيشو أحرز هدف الفوز للجزائر في أخر دقيقة بالمباراة وسط ذهول الجمهور التونسي وحتى معلق المباراة آنذاك عصام الشوالي، أيضاً الضغط الإعلامي علي المصرية نهلة رمضان بطلة العالم في رفع الأثقال كان له أثر سلبي بخروجها من منافسات أولمبياد أثينا 2004 علي الرغم من أن الصحافة العالمية رشحتها لأن تفوز بأكثر من ميدالية ذهبية، لكنها مع الأسف خرجت خالية الوفاض، لسوء إعدادها النفسي والعصبي وهذا ما أكدته نهلة بعد عودتها بخفي حنين من اليونان !.
أبو تريكة لاعب قوي وسريع، يتقن التحرك، يدقق في التمرير الأرضي، ويمتاز بالتسديد القوي من خارج المنطقة، كما أنه مراوغ ممتاز جداً، عبقري في كل لمسة يلمسها وكل تمريره يمررها، فأي كرة تخرج من قدميه كسم الثعبان مجرد توغله في عمق أي دفاع يستشري سمه وينتشر بسرعة البرق وينتج عنها أهدافاً غزيرة تحول المهاجم العقيم لمنتج سخي وفلافيو يفهمني جيداً !.
مصر مليئة بالمواهب الشبيهة لأبو تريكة أمثال حازم إمام ومحمد زيدان بل يفوق بعضهم مهارات أبو تريكة ويتميز البعض الآخر عنه بمميزات وصفات أخرى لا يتميز بها تريكة، لكن ما لا يتميز به أي لاعب مصري حالياً هو ثقافة أبو تريكة النفسية والعقلية، وهذه الثقافة ساهمت في إظهاره بأفضل صورة في أكثر من مناسبة، ففي الوقت الذي لملم الجميع أوراقه واستعدت بعثة الأهلي لحزم حقائبها موسم 2006 فاجأ أبو تريكة تونس بقذيفة مدوية هزت أفريقيا في الدقيقة 92 لتعلن عن احتفاظ الأهلي بلقبه الأفريقي للعام الثاني علي التوالي بالتغلب علي الصفاقسي في عقر داره، ولصبر أبو تريكة وإيمانه بقدراته وقدرات زملائه وثق أن الأمل لا يزال قائماً، فطيلة المباراة أبو تريكة يعاني الأمرين من بوجلبان والمدراسي وأنتظر كثيراً حتى سنحت له الفرصة للتسديد علي الطائر بقلب ميت لا يعرف الرحمة حينما تأتي الكرة علي وجه قدمه، وفي نفس الموسم توفي زميله محمد عبد الوهاب ليتغلب أبو تريكة علي أحزانه ويقود الفريق لانتصار هام علي الصفاقسي 2-1 في القاهرة ثم الفوز علي أسيك 2-0، وقد أهدى أبو تريكة هدفه في مرمي الصفاقسي للمرحوم عبد الوهاب بعد تسجيله من ضربة حرة مباشرة علي طريقة الموهوب عبد الوهاب !.
اللقطة التي لا يمكن لأحد نسيانها، أثناء تسديد أبو تريكة ضربة الجزاء الترجيحية الحاسمة التي أعلنت فوز مصر بكأس أمم أفريقيا، فلم يعقد أبو تريكة نفسه بحسابات لا ناقة لها ولا جمل أثناء تسديد الضربات الترجيحية، ودخل للضربة الحاسمة دون أن يعلم أنها الحاسمة ليسددها بقوة معلناً عن فوز مصر، وكانت ردة فعله جد غريبة فظهرت البراءة علي وجهه المسالم الهادئ وكأنه فعلا ً يجهل أن مصر بطلة أفريقيا بسببه، ليخلع قميصه مشهراً فانلته الداخلية التي كتب عليها نحن فداك يا رسول الله !.
التالته تابته، أكد أبو تريكة أنه نفسياً صافي وذهنياً أصفى، في الدور ربع النهائي من بطولة كأس مصر موسم 2006-2007 اهتزت كل القلوب المصرية بعدما تلقى نجم دفاع الأهلي محمد صديق ضربة قوية كادت تفقده حياته في أرض الملعب، ولأن اللاعب المصري لا يمتاز بصفات المحنك أبو تريكة خرج لاعبو الأهلي وفريق طلائع الجيش عن شعورهم لدرجة أن حسن مصطفي نجم وسط الأهلي طلب من جوزيه تغييره لأنه لا يحتمل أن يلعب وزميلا ً له في المستشفي معرض للموت، وكان طلائع الجيش متقدماً آنذاك 1-0، وكاد الأهلي أن يخسر بعد ما حدث لمحمد صديق، فمن الطبيعي أن يجتاح الخوف قلوب نجوم الأهلي ويخرجهم عن تركيزهم فيما تبقى من دقائق، لكنهم تغلبوا علي الاضطراب الطبيعي الذي ينال في الغالب من نفسية اللاعب المصري العربي الذي تسيطر عليه العاطفة، لكن أبو تريكة أبى أن تنال العاطفة منه ومن زملائه وقاد الفريق للفوز 3-1 ولعب بمزاج وكأنه تزوج قبل المباراة بأسبوع !!، أحرز هدف من ضربة خلفية مزدوجة وراوغ وناور بكل اقتدار، وكان نموذجاً للفصل بين الواقع الخارجي والملعب !.
دروس أبو تريكة يجب أن تدرس في كل الأكاديميات الكروية الرياضية ليستفيد منها الجميع، وإذا ما أستمر أبو تريكة بنثر ثقافته ومهاراته حتى موعد نهائيات كأس أمم أفريقيا 2008، سيقود مصر لا محالة لنهائيات كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا.