اللعب على "السلفيين"!!
المصدر موقع الرحمة المهداة ركن المقالات www.mohdat.com
المعلومة الخطيرة التي كشفت عنها صحيفة المصريون أمس من أن منشيء صفحة "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" المنسوبة إعلاميا إلى حزب النور السلفي هو شاب مسيحي ، أراد أن يورط التيار السلفي في حرج مع المجتمع وقواه السياسية ، هذه الواقعة تفتح ملفا بالغ الخطورة من المنتظر أن يتفاعل في الأسابيع المقبلة ، خاصة وقد بدت بعض معالمه تتضح من خلال تسريبات في صحف معادية للتيار الإسلامي ومواقع عديدة على الشبكة العنكبوتية "انترنت" تنشر وقائع غريبة وشاذة وتنسبها إلى السلفيين .
الموقف الذي افتعله الشاب المسيحي ليس من المستبعد أبدا أن يكون بتنسيق مع آخرين ، نشطاء أو إعلاميين ، لتصنيع حملة إعلامية تشوه التيار السلفي وتكسر من صعوده المفاجئ في الانتخابات الأخيرة ، والحقيقة أن الفترة الأخيرة تشهد الكثير من اللعب والتمثيل والذي يصل إلى مستوى من السذاجة والفضائحية غير مسبوق ، كما رأينا في واقعة اختلاق قصة تهديد بعض الإعلاميين بالقتل من خلال رسائل موبايل مجهولة ، ثم اكتشف الناس بعد ذلك أن "الملعوب" تم بالترتيب بين إعلامي وسائقه .
التسريبات خلال اليومين الماضيين تشير إلى أن عددا من القوى والنشطاء دعوا إلى تنفيذ خطة "اختراق" الحالة السلفية ، عن طريق الدفع ببعض الفتيات أو السيدات لارتداء النقاب ، وبعض البلطجية إلى إطلاق اللحى وارتكاب تجاوزات عنيفة في الشارع تحت ستار حض الناس على الفضيلة ومنع المنكرات ، وستكون هناك كاميرات جاهزة للتصوير ، وصحف تنسق على مدار الساعة التقاط المشاهد وبثها مباشرة عبر مواقعها الالكترونية ثم عبر صفحاتها المطبوعة في اليوم التالي ، وسنسمع كثيرا خلال الأيام المقبلة عن حركات مصطنعة مثل هذه .
وهذا المخطط الذي وصلتني بعض معالمه يستدعي أمرين ، الأول من قبل الأحزاب والقوى الإسلامية كافة ، وخاصة الأحزاب المنتمية إلى التيار السلفي ، بأن تبادر بكشف الغطاء السياسي والاجتماعي والديني عن هؤلاء المخربين ، كما فعلت مع صاحب "ملعوب" صفحة الأمر بالمعروف ، وأن تعلن براءتها بكل حسم ووضوح من هذه الممارسات ، الأمر الآخر أن تطالب سلطات الدولة بمواجهة هذه الخطط والسلوكيات المنتظرة بكل حسم وإنفاذ القانون ضد أي شخص أو سيدة ترتكب مثل هذه السلوكيات أيا كانت الصفة التي ينتحلها مرتكب هذا العمل .
مصر مقبلة على مرحلة جديدة من تاريخها ، تختلف الحركة السياسية فيها اختلافا جذريا عن كل ما عرفته طوال ستين عاما مضت ، وهي ـ بكل تأكيد ـ مرحلة حصاد نضال شعب بكل قواه السياسية لحقوقه ـ التي طالما حرم منها ـ في الحرية والأمن والكرامة والمشاركة في صنع واقعه ومستقبله ، ولكنها أيضا مرحلة تستدعي من كل التيارات دفع ضريبة لهذا النصر وهذا النجاح وتلك النقلة التاريخية ، وعلى الجميع أن يكون مستعدا لدفع تلك الضريبة بدون تأفف أو مكابرة ، وعلينا أن لا نجزع كثيرا من "حيل" الصراع السياسي والضرب تحت الحزام ، فهذا جزء من ضريبة التحول الديمقراطي ، ولكنها ـ في النهاية ـ ضريبة رمزية نتحملها في طريق صناعة مجتمع جديد ، وهو أجمل وأفضل بكل تأكيد مما عاشته الأجيال السابقة .