بين جحيم الدنيا وجحيم الآخرة !
أ. عادل عبد الله هندي .
جلست أستمع إلى كلمات واعظ المسجد، وهو يخَوِّف الناس من جحيم الآخرة: "النار... وما أدراك ما النار؟!! فيها....، وبها....." وهكذا: ظل الواعظ يحكي وبكيت وبكى الناس من حولي، وتأثرنا بكلماته.
لكني تفكرت قليلاً:
• هل هذا الجحيم في الدار الآخرة يعادله جحيم في الدنيا ؟!!
• ما الذي يمكن أن نسميه جحيما هنا في دار الدنيا ؟!!
لم أجد أخطر من جحيم الهُمُوم !!
تحيط الإنسان من جميع جوانبه.
تعلمه الكسل، وهى التي تقعده عن العمل.
تبث في النفس أكثر دركات معاني السلبية.
تُذْهِب عن الإنسان أرقى معاني درجات الجدية.
تجده كئيباً، حزيناً، مسروقاً وقته في التفكير، جسمه نحيل، وعقله هزيل، وإيمانه مهزوز.
إنه جحيم الهموم... وما أدراك ما الهموم؟!!
إنها العدو القاتل، والسُّمُّ المُهْلِك، إنها نذير شؤم في الحياة، ينغص الأفراح، ويكثر الأحزان، ويقلل البسمة، ويزيد الكآبة، والسؤال: كيف نحول هذا الجحيم إلى جنة ونعيم؟!!
يقول الله تعالى:
• {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (سورة النحل: 97).
• {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} (سورة طه: 124).
• {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} (سورة الأنعام: 122).
كثير أمثال هذه الآيات: التي تتحدث عن الهموم والراحة، وعن الظلمة والنور، وعن الأحزان والسرور، وعن الإيمان والكفر، وعن الأفراح والأتراح، وعن الحياة الطيبة والحياة الخبيثة.
كلها متضادات، تشغل بال الكثيرين، لكن أخطرها –كما قلنا- الهموم.، فتارة تجد هذا همه الولد، وهذا همه الزوجة، وتلك همها شاب يخرج معها يلاعبها ويضاحكها، وهذا همه المال، وذاك همه المنصب والجاه والتسلط على رقاب الناس، وهذه همها أن تكون ممثلة أو راقصة، ولكن هذا همه أن يدخل جنة الله.
تختلف الهموم حسب التربية والتوجهات، وحسب فهم طبيعة الدنيا وطبيعة لماذا خُلِق الإنسان؟!! فهمك هو ما أهمك!!
ورسولنا –صلى الله عليه وسلم- يتحدث عن الهموم:
• {عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ تَعِسَ وَانْتَكَسَ وَإِذَا شِيكَ فَلَا انْتَقَشَ} (رواه البخاري/ 2673). وفي حديث آخر: أن من جعل دنياه هى همه فرقت عليه الحياة ومزقت أهدافه، وعلى كل: فلن يأخذ منها إلا ما قدر له فيها.
والعلاج موجود في كتاب الله وسنة رسول الله، ومن بين وسائل تحويل هذا الجحيم إلى نعيم:
1) الإيمان أعظم علاج للهموم والأحزان، فأنت بدون الله لا شيئ، وإذا كنت معه فلا تخف من أي شيئ!
2) الصلوات تبث فيها شكواك وتذهب بها همك، تعينك على الآلام، تشعرك بأنك لست بمفردك، تحفزك على العمل والإقدام، فمن تواضع بها لعظمة ربه ألبسه حلل الأمن والأمان.
3) الدعاء والتضرع (فإنه قريب) يجيب دعوة المضطر والمهموم إذا دعاه ولجأ إليه.
4) الإحساس بآلام وهموم الآخرين، ومن رأى هم غيره هانت عليه همومه، ومن شاهد آلام الغير أحس بعظمة الخير الذي هو فيه.
5) عليك بقراءة ورد ثابت من كتابك المقدس (أقصد: القرآن) فقراءته فرح وسرور، وتدبره إذهاب للأحزان، وسلوة للمهموم، والقرآن رسالة ربك إليك، ويكلمك وتكلمه، تحدثه ويحدثك، تشكو إليه فيصرف عنك ما شكوت.
6) الصحبة الصالحة: تعينك على إزالة سدود الدنيا بهمومها، وتجعلك في مكان آمن من كايد الشيطان الرجيم.
وهكذا يتحول الجحيم إلى جنة ونعيم، فالإيمان والصلاة والطاعة والدعاء والقرآن والتوكل على الله، والنظر إلى هموم الآخرين للتسلية، ولزوم صحبة صالحة، كلها معينات ومحفزات لطرد شبح الهموم من حياتنا والتلذذ بما في الدنيا من نعيم ولذائذ طيبة، إنها محفزات لإذهاب نار الهموم وتبديلها جنة وروح وريحان، وسعادة وأمن واطمئنان.، فبين جحيم الدنيا وجحيم الآخرة شعرة .. هى شعرة الإيمان بالله.
وفقنا الله وإياكم إلى كل خير وبر، ورزقنا الأمن والأمان والسلامة والاطمئنان، وأسكنا وإياكم جنته في الدنيا والآخرة.
أ. عادل عبد الله هندي .
جلست أستمع إلى كلمات واعظ المسجد، وهو يخَوِّف الناس من جحيم الآخرة: "النار... وما أدراك ما النار؟!! فيها....، وبها....." وهكذا: ظل الواعظ يحكي وبكيت وبكى الناس من حولي، وتأثرنا بكلماته.
لكني تفكرت قليلاً:
• هل هذا الجحيم في الدار الآخرة يعادله جحيم في الدنيا ؟!!
• ما الذي يمكن أن نسميه جحيما هنا في دار الدنيا ؟!!
لم أجد أخطر من جحيم الهُمُوم !!
تحيط الإنسان من جميع جوانبه.
تعلمه الكسل، وهى التي تقعده عن العمل.
تبث في النفس أكثر دركات معاني السلبية.
تُذْهِب عن الإنسان أرقى معاني درجات الجدية.
تجده كئيباً، حزيناً، مسروقاً وقته في التفكير، جسمه نحيل، وعقله هزيل، وإيمانه مهزوز.
إنه جحيم الهموم... وما أدراك ما الهموم؟!!
إنها العدو القاتل، والسُّمُّ المُهْلِك، إنها نذير شؤم في الحياة، ينغص الأفراح، ويكثر الأحزان، ويقلل البسمة، ويزيد الكآبة، والسؤال: كيف نحول هذا الجحيم إلى جنة ونعيم؟!!
يقول الله تعالى:
• {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (سورة النحل: 97).
• {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} (سورة طه: 124).
• {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} (سورة الأنعام: 122).
كثير أمثال هذه الآيات: التي تتحدث عن الهموم والراحة، وعن الظلمة والنور، وعن الأحزان والسرور، وعن الإيمان والكفر، وعن الأفراح والأتراح، وعن الحياة الطيبة والحياة الخبيثة.
كلها متضادات، تشغل بال الكثيرين، لكن أخطرها –كما قلنا- الهموم.، فتارة تجد هذا همه الولد، وهذا همه الزوجة، وتلك همها شاب يخرج معها يلاعبها ويضاحكها، وهذا همه المال، وذاك همه المنصب والجاه والتسلط على رقاب الناس، وهذه همها أن تكون ممثلة أو راقصة، ولكن هذا همه أن يدخل جنة الله.
تختلف الهموم حسب التربية والتوجهات، وحسب فهم طبيعة الدنيا وطبيعة لماذا خُلِق الإنسان؟!! فهمك هو ما أهمك!!
ورسولنا –صلى الله عليه وسلم- يتحدث عن الهموم:
• {عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ تَعِسَ وَانْتَكَسَ وَإِذَا شِيكَ فَلَا انْتَقَشَ} (رواه البخاري/ 2673). وفي حديث آخر: أن من جعل دنياه هى همه فرقت عليه الحياة ومزقت أهدافه، وعلى كل: فلن يأخذ منها إلا ما قدر له فيها.
والعلاج موجود في كتاب الله وسنة رسول الله، ومن بين وسائل تحويل هذا الجحيم إلى نعيم:
1) الإيمان أعظم علاج للهموم والأحزان، فأنت بدون الله لا شيئ، وإذا كنت معه فلا تخف من أي شيئ!
2) الصلوات تبث فيها شكواك وتذهب بها همك، تعينك على الآلام، تشعرك بأنك لست بمفردك، تحفزك على العمل والإقدام، فمن تواضع بها لعظمة ربه ألبسه حلل الأمن والأمان.
3) الدعاء والتضرع (فإنه قريب) يجيب دعوة المضطر والمهموم إذا دعاه ولجأ إليه.
4) الإحساس بآلام وهموم الآخرين، ومن رأى هم غيره هانت عليه همومه، ومن شاهد آلام الغير أحس بعظمة الخير الذي هو فيه.
5) عليك بقراءة ورد ثابت من كتابك المقدس (أقصد: القرآن) فقراءته فرح وسرور، وتدبره إذهاب للأحزان، وسلوة للمهموم، والقرآن رسالة ربك إليك، ويكلمك وتكلمه، تحدثه ويحدثك، تشكو إليه فيصرف عنك ما شكوت.
6) الصحبة الصالحة: تعينك على إزالة سدود الدنيا بهمومها، وتجعلك في مكان آمن من كايد الشيطان الرجيم.
وهكذا يتحول الجحيم إلى جنة ونعيم، فالإيمان والصلاة والطاعة والدعاء والقرآن والتوكل على الله، والنظر إلى هموم الآخرين للتسلية، ولزوم صحبة صالحة، كلها معينات ومحفزات لطرد شبح الهموم من حياتنا والتلذذ بما في الدنيا من نعيم ولذائذ طيبة، إنها محفزات لإذهاب نار الهموم وتبديلها جنة وروح وريحان، وسعادة وأمن واطمئنان.، فبين جحيم الدنيا وجحيم الآخرة شعرة .. هى شعرة الإيمان بالله.
وفقنا الله وإياكم إلى كل خير وبر، ورزقنا الأمن والأمان والسلامة والاطمئنان، وأسكنا وإياكم جنته في الدنيا والآخرة.