هل تتصور أن مبارك يمكن أن يوجه ضربة استباقية، من أى نوع،
للمشير طنطاوى الآن، قبل أن يحضر للشهادة فى قضية مقتل الثوار؟.. وهل تصدق
الأنباء التى ذكرت أن سوزان مبارك تهدد بتقديم سيديهات جنسية للحكام
والملوك العرب، فى حال الحكم على زوجها الرئيس؟.. وهل تصدق ما قاله محامى
مبارك بأن المشير صاحب قرار قطع الاتصالات أثناء الثورة؟!
لا
مبارك يريد توجيه ضربة استباقية للمشير، ولا سوزان لديها سيديهات كانت
تتفرج عليها، وهى الآن تستخدمها كسلاح ضد الحكام العرب.. كل هذا كلام..
مبارك يعامل معاملة الرؤساء الموجودين فى السلطة.. يعيش فى جناح رئاسى فى
شرم، ويعيش فى جناح رئاسى فى المركز الطبى العالمى.. وينتقل بالطائرة
الخاصة، ويحاكم فى محكمة مكيفة الهواء، ترد الروح.. نايم وممدد!
إذن
هو كلام محامين، يريدون تبرئة موكلهم، ولو أدى ذلك إلى تشويه الجميع.. فلا
أحد معصوم.. أو هو كلام الغرقى، يتعلقون بقشاية.. يتصورون أن المشير يمكن
أن يرفض طلب الحضور للشهادة.. ويتصورون أنه يملك أدلة تبرئة مبارك، صاحب
الفضل عليه.. هم يلعبون على العلاقة بين الرئيس والمشير.. ويلعبون على
عواطف الرأى العام.. ساعة تروح وساعة تيجى!
فهل
تكون المحكمة ساحة لإفشاء أسرار الثورة؟.. هل نسمع من المشير تفاصيل ما
جرى؟.. هل نسمع من الرئيس نفسه، أو من محاميه أسراراً لم تذع من قبل؟.. هل
يحدث نوع من التهدئة أو الصفقة؟.. هل كان تسريب ما قيل عن قطع الاتصالات
مقصوداً؟.. هل هى محاولات يائسة لتخريب العلاقة بين الجيش والشعب؟.. هل هى
مهاترات كما وصفها المصدر العسكرى؟!
أتصور
أن هناك من كان يعتقد أن ظهور الرئيس المخلوع على سرير طبى سيكون له أثر
كبير فى الشارع المصرى، وأن هيئة الدفاع كانت تريد أن تستثمر ظهوره، فلم
تفلح.. وتبين أن الرأى العام لم يتعاطف معه بالدرجة التى تصورتها هيئة
الدفاع، وتصورتها أسرته.. وبالتالى اتجهت الأنظار إلى اللعب فى مناطق
أخرى.. منها توجيه اتهامات للمشير وللقوات المسلحة!
المحاكمة
ليست عادية، فهى محاكمة رئيس ومحاكمة نظام.. ويخطئ من يتصور أنها قد تمر
بهذا الهدوء.. فقد تطول كثيراً.. وقد تتعرض لأسماء وتتعرض لأسرار.. لكن
المؤكد أن الانطباع الأول لم يكن فى صالح مبارك، فلم يحدث التعاطف
الجماهيرى.. بالعكس هناك من تحدث عن ضرورة محاكمته ولو مات.. وهؤلاء يعودون
بذاكرتهم إلى الديكتاتور البريطانى كرومويل!
ذكرنى
المهندس الاستشارى إبراهيم القرضاوى بأغرب محاكمة فى التاريخ لرأس دولة
عظمى، حوكم ميتاً وأدين.. ثم أخرجت جثته، وقطعت رقبته، ونقل من مقبرته..
حدث هذا فى أكبر دولة ديمقراطية، وهى المملكة المتحدة.. أما من أدين فهو
أوليفر كرومويل، الذى هزم جيوش الملكيين، وأعلن الجمهورية عام 1653، ما
يعنى أننا لابد أن نحاكم مبارك، ليس على سرير، ولكن حتى لو مات!
أن الرأى العام لم يتعاطف مع الرئيس المتهم.. وإن جاء على سرير طبى..
بالعكس فقد طالب البعض بمحاكمته وإن مات، على غرار كرومويل.. فماذا يفعل
المشير طنطاوى للرئيس؟.. وماذا يفيد تهديد سوزان للملوك العرب بالسيديهات
الجنسية؟.. إن صحت الاتهامات هنا والاتهامات هناك.. أظن أن ما يحدث محاولات
يائسة للفرعون، عندما أدركه الغرق