لواقع أن نقص إمدادات المياه العذبة هو مشكلة يعاني منها سكان مصر حاليًا من قبل التغيرات المناخية؛ فحصة المواطن المصري من موارد المياه العذبة حاليًا لا تتجاوز 750 مترًا مكعبًا سنويًّا، بينما الحد العالمي الأدنى لحصة الفرد هو 1000 متر مكعب سنويًّا، طبقًا لما أعلنته الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
وهو ما يعني أن نصيب الفرد المصري أصبح تحت خط الفقر في الوقت الحالي، فما بالنا في عام 2050م؛ حيث يتوقع أن يصل عدد سكان مصر إلى 160 مليونًا بزيادة قدرها 80 مليون نسمة؛ إن معنى ذلك أن حصة الفرد في مصر سوف تتضاءل تدريجيًّا إلى 375 مترًا مكعبًا سنويًّا خلال العقود الأربعة القادمة حتى بافتراض عدم وجود تغيرات مناخية واستمرار حصة مصر من نهر النيل دون نقص خلال القرن الواحد والعشرين.
وهذه المعدلات تعد كارثة في حد ذاتها بسبب زيادة عدد السكان ومن ثم زيادة النشاط الزراعي من جهة، وثبات حصة مصر من مياه نهر النيل والتي لم تتجاوز 55,5 مليار متر مكعب (طبقًا لاتفاقية الانتفاع بمياه النيل عام 1959) من جهة أخرى.
فالنشاط الزراعي يستهلك نحو 97% من مياه النيل، والأنشطة الزراعية الجديدة طبقًا للخطة الزراعية للدولة تتطلب التوسع زراعيًّا بمساحة 3,4 ملايين فدان جديدة حتى عام 2017م، منها 540 ألف فدان مزمع استكمال استصلاحهم في توشكى حيث تستهلك وحدها نحو 5 مليارات متر مكعب مياه سنويًّا يتم سحبهم من بحيرة السد؛ وبهذا يكون جملة المطلوب لاستكمال الخطة الزراعية حتى عام 2017 نحو 34 مليار متر مكعب من المياه.
وعلى الرغم من أن التخطيط الحكومي يشمل استخدام مياه الأمطار بمقدار مليار متر مكعب بالإضافة إلى 7,5 مليارات متر مكعب يتم سحبها من رصيد المياه الجوفية، إلا أن سحب المياه الجوفية بمعدلات سنوية تفوق معدلات التغذية التي لا تتجاوز 2.5 مليار متر مكعب سنويًّا يعجل بنفاد المخزون المائي، خاصة أن مخزون الوادي الجديد من المياه الجوفية يمثل في غالبيته مياه محفوظة وليست متجددة.
وبينما تخصص الحكومة المصرية نحو 3,7 مليارات دولار سنويًّا (نحو 20 مليار جنيه) على مشروعاتها الكبرى في إصلاح الأراضي وتأهليها للزراعة، بينما يستمر إنشاء العشوائيات السكنية دون توقف على الأرضي الزراعية الخصبة بعد تبويرها، وتتآكل أراضي مصر الخصبة في شمال الدلتا بسبب زيادة نسب التملح وزيادة معدلات النحر سنويًّا نتيجة توقف الإمداد بطمي النيل والمعادن المغذية للتربة بعد إنشاء السد العالي.
كما أن هناك جزءًا كبيرًا من الأراضي الزراعية بالوادي الجديد، والدلتا لا تستقبل ما يكفيها من مياه الري؛ فالمياه لا تصل إلى نهايات الترع بسبب عدم وجود قوة دفع لمياه النيل نتيجة تقليص كمية المياه التي تضخ في المجرى أمام السد العالي بحيث لم تعد تتجاوز 25% من كميتها قبل إنشاء السد العالي.
كذلك فإن هناك عشرات الآلاف من الأفدنة بمحافظة البحيرة تعرضت للبوار في الأراضي الخصبة المنخفضة؛ وذلك بسبب مياه الرشح المنصرفة من الأراضي الصحراوية المستصلحة حديثًا في النوبارية والبستان، وهذه الأراضي أعلى منسوبًا من أراضي الدلتا في الدلنجات وحوش عيسى، والسبب في ذلك هو مخالفة المزارعين القائمين على الأراضي المستصلحة لتعليمات الري بالتنقيط، ولكنهم غمروا الأرض بالمياه؛ مما تسبب في تسرب مياه الصرف، وتطبيل الأراضي المزروعة في منخفضات الدلتا، أيضًا تأثرت زراعة قصب السكر بصعيد مصر نتيجة عدم استقبالها ما يكفيها من مياه الري.
ومن جهة أخرى فإن الكيان الصهيوني يساعد حاليًا إثيوبيا على بناء العديد من السدود على النيل الأزرق بغرض توفير المياه لزراعة أراضي الحبشة الخصبة، وسوف تؤثر هذه المشروعات على مصر بمقدار 9 مليارات متر مكعب سنويًّا، وإثيوبيا مقتنعة (بدوافع صهيونية) أنها صاحبة الحق في استغلال الأمطار الموسمية كما أعلن المندوب الإثيوبي في "مؤتمر المياه" المنعقد بالقاهرة؛ ولذلك فإن إثيوبيا لن تقبل أن يبقى نصيب مصر 85% من مياه نهر النيل الواردة من إثيوبيا ولا يكون نصيب دولة المصدر من هذه المياه سوى 1% إلى الأبد.
كما أشار المندوب الإثيوبي إلى أن الصهاينة يعرضون شراء الماء منها كدولة منبع ثم تدفع لمصر كدولة مصب نظير 4 سنتات أمريكية لكل متر مكعب من المياه؛ وهو ثمن أقل بكثير من تحلية مياه البحر التي تتكلف 1,5 دولار لكل متر مكعب، ولا ننسى أيضًا أن إثيوبيا عبرت عن استيائها من تنفيذ مشروع توشكى، واتهمت مصر بأنها لا تهتم بمطالب واحتياجات دول أعالي النيل من المياه اللازمة لمشروعاتهم التنموية، بل ذهبت أبعد من هذا حين طالبت مصر بتعديل اتفاقية 1959م المنعقدة بين مصر والسودان.
نضيف إلى ذلك توقف العمل في مشروع قناة جونجلي الذي يهدف إلى تأمين تدفق نحو 7 مليارات متر مكعب من المياه من خلال مرحلتين تقسم مناصفة بين مصر والسودان، وهذا المشروع كان يمثل مقدمة لمشروعات مماثلة للمحافظة على مياه النيل كمشروع مستنقعات مشار ومستنقعات بحر الغزال، وهي مشروعات قائمة كلها في جنوب السودان تعمل على تجميع عدد كبير من المتفرعات النيلية الضيقة لتصبح فرعًا واحدًا متسعًا، وتوفر نحو 11 مليار متر مكعب أخرى (4 مليارات متر مكعب في مستنقعات مشار و7 مليارات متر مكعب في مستنقعات بحر الغزال).
وهو ما يعني أن نصيب الفرد المصري أصبح تحت خط الفقر في الوقت الحالي، فما بالنا في عام 2050م؛ حيث يتوقع أن يصل عدد سكان مصر إلى 160 مليونًا بزيادة قدرها 80 مليون نسمة؛ إن معنى ذلك أن حصة الفرد في مصر سوف تتضاءل تدريجيًّا إلى 375 مترًا مكعبًا سنويًّا خلال العقود الأربعة القادمة حتى بافتراض عدم وجود تغيرات مناخية واستمرار حصة مصر من نهر النيل دون نقص خلال القرن الواحد والعشرين.
وهذه المعدلات تعد كارثة في حد ذاتها بسبب زيادة عدد السكان ومن ثم زيادة النشاط الزراعي من جهة، وثبات حصة مصر من مياه نهر النيل والتي لم تتجاوز 55,5 مليار متر مكعب (طبقًا لاتفاقية الانتفاع بمياه النيل عام 1959) من جهة أخرى.
فالنشاط الزراعي يستهلك نحو 97% من مياه النيل، والأنشطة الزراعية الجديدة طبقًا للخطة الزراعية للدولة تتطلب التوسع زراعيًّا بمساحة 3,4 ملايين فدان جديدة حتى عام 2017م، منها 540 ألف فدان مزمع استكمال استصلاحهم في توشكى حيث تستهلك وحدها نحو 5 مليارات متر مكعب مياه سنويًّا يتم سحبهم من بحيرة السد؛ وبهذا يكون جملة المطلوب لاستكمال الخطة الزراعية حتى عام 2017 نحو 34 مليار متر مكعب من المياه.
وعلى الرغم من أن التخطيط الحكومي يشمل استخدام مياه الأمطار بمقدار مليار متر مكعب بالإضافة إلى 7,5 مليارات متر مكعب يتم سحبها من رصيد المياه الجوفية، إلا أن سحب المياه الجوفية بمعدلات سنوية تفوق معدلات التغذية التي لا تتجاوز 2.5 مليار متر مكعب سنويًّا يعجل بنفاد المخزون المائي، خاصة أن مخزون الوادي الجديد من المياه الجوفية يمثل في غالبيته مياه محفوظة وليست متجددة.
وبينما تخصص الحكومة المصرية نحو 3,7 مليارات دولار سنويًّا (نحو 20 مليار جنيه) على مشروعاتها الكبرى في إصلاح الأراضي وتأهليها للزراعة، بينما يستمر إنشاء العشوائيات السكنية دون توقف على الأرضي الزراعية الخصبة بعد تبويرها، وتتآكل أراضي مصر الخصبة في شمال الدلتا بسبب زيادة نسب التملح وزيادة معدلات النحر سنويًّا نتيجة توقف الإمداد بطمي النيل والمعادن المغذية للتربة بعد إنشاء السد العالي.
كما أن هناك جزءًا كبيرًا من الأراضي الزراعية بالوادي الجديد، والدلتا لا تستقبل ما يكفيها من مياه الري؛ فالمياه لا تصل إلى نهايات الترع بسبب عدم وجود قوة دفع لمياه النيل نتيجة تقليص كمية المياه التي تضخ في المجرى أمام السد العالي بحيث لم تعد تتجاوز 25% من كميتها قبل إنشاء السد العالي.
كذلك فإن هناك عشرات الآلاف من الأفدنة بمحافظة البحيرة تعرضت للبوار في الأراضي الخصبة المنخفضة؛ وذلك بسبب مياه الرشح المنصرفة من الأراضي الصحراوية المستصلحة حديثًا في النوبارية والبستان، وهذه الأراضي أعلى منسوبًا من أراضي الدلتا في الدلنجات وحوش عيسى، والسبب في ذلك هو مخالفة المزارعين القائمين على الأراضي المستصلحة لتعليمات الري بالتنقيط، ولكنهم غمروا الأرض بالمياه؛ مما تسبب في تسرب مياه الصرف، وتطبيل الأراضي المزروعة في منخفضات الدلتا، أيضًا تأثرت زراعة قصب السكر بصعيد مصر نتيجة عدم استقبالها ما يكفيها من مياه الري.
ومن جهة أخرى فإن الكيان الصهيوني يساعد حاليًا إثيوبيا على بناء العديد من السدود على النيل الأزرق بغرض توفير المياه لزراعة أراضي الحبشة الخصبة، وسوف تؤثر هذه المشروعات على مصر بمقدار 9 مليارات متر مكعب سنويًّا، وإثيوبيا مقتنعة (بدوافع صهيونية) أنها صاحبة الحق في استغلال الأمطار الموسمية كما أعلن المندوب الإثيوبي في "مؤتمر المياه" المنعقد بالقاهرة؛ ولذلك فإن إثيوبيا لن تقبل أن يبقى نصيب مصر 85% من مياه نهر النيل الواردة من إثيوبيا ولا يكون نصيب دولة المصدر من هذه المياه سوى 1% إلى الأبد.
كما أشار المندوب الإثيوبي إلى أن الصهاينة يعرضون شراء الماء منها كدولة منبع ثم تدفع لمصر كدولة مصب نظير 4 سنتات أمريكية لكل متر مكعب من المياه؛ وهو ثمن أقل بكثير من تحلية مياه البحر التي تتكلف 1,5 دولار لكل متر مكعب، ولا ننسى أيضًا أن إثيوبيا عبرت عن استيائها من تنفيذ مشروع توشكى، واتهمت مصر بأنها لا تهتم بمطالب واحتياجات دول أعالي النيل من المياه اللازمة لمشروعاتهم التنموية، بل ذهبت أبعد من هذا حين طالبت مصر بتعديل اتفاقية 1959م المنعقدة بين مصر والسودان.
نضيف إلى ذلك توقف العمل في مشروع قناة جونجلي الذي يهدف إلى تأمين تدفق نحو 7 مليارات متر مكعب من المياه من خلال مرحلتين تقسم مناصفة بين مصر والسودان، وهذا المشروع كان يمثل مقدمة لمشروعات مماثلة للمحافظة على مياه النيل كمشروع مستنقعات مشار ومستنقعات بحر الغزال، وهي مشروعات قائمة كلها في جنوب السودان تعمل على تجميع عدد كبير من المتفرعات النيلية الضيقة لتصبح فرعًا واحدًا متسعًا، وتوفر نحو 11 مليار متر مكعب أخرى (4 مليارات متر مكعب في مستنقعات مشار و7 مليارات متر مكعب في مستنقعات بحر الغزال).