لاأدعي بداية التخصص في مجال القانون ، لأبداء فتوي او قصور هنا او هناك
في القانون او طريقة تطبيقه .. ولكن القاعدة القانونية الاشهر هي ان
القانون خلق ليكسر (للخروج عنه) .. او هكذا دوما الصراع بين العاملين في
حقل القانون والقضاء ..القانون يوضع في ظروف معينة لتنظيم عملية ما ويستمد
قوته من الدستور واغلب القوانين عادة لها لائحة تفسيرية .. لتفسير ما قد
يلتبس علي المختص في بعض مواده ..
القانون ليس نص ثابت ، ولكن يجب ان يعدل عند الضرورة لما قد يعتريه من
قصور في بعض مواده لتفادي ثغرة هنا او هناك .. او لكونه اصبح غير صالح مع
العصر الحالي خاصة ان بعض القوانين اصبحت ارث تاريخي تتعارض ظروف العمل به
حاليا عن الوقت الذي شرع فيه ..نأخذ مثال مثلا علي قانون تنظيم الاتصالات
في مصر .. محظور استخدام هاتف منزلي لاسلكي ذو مدي وتردد عالي .. بل ان
مصلحة الجمار لها الحق في مصادرة اي جهاز تليفون لاسلكي يدخل مصر .. حتي لا
يستخدم في التنصت او التداخل مع موجات الشرطة والجيش الللاسلكية !! رغم ان
التطور التقني وفتح مجال الاتصالات اللاسلكية ومنح رخص لشركات الاتصالات
لإستخدام الهواء .. وعدم تداخل الموجات اللاسلكية .. احال مثل تلك القوانين
للتقاعد وما ينبثق منها من لوائح وقوانين اخري
جهاز الفيديو لازال في عرف الجمارك المصرية ووفق لوائحها هو سلعة
استهلاكية تدخل في شريحة جمركية عالية .. رغم انه تقاعد عن الاستخدام خاصة
وانه الان بالامكان ان توفر جهاز فيديو وكاميرا ديجيتال ..إلخ في التليفون
المحمول او اللابتوب الشخصي .. تطورت التقنية ولكن لم يطرأ اي تطور علي
ترسانة القوانين العاطلة عن العمل هي ولوائحها بعد انتفاء الغرض منه ..
لكون اي قانون يجب ان يستمد قوته من الشرعية ولايخالف مواد الدستور !!.
فنستهل اي قانون باسم الشعب .. كشخصية اعتبارية ، ويجب ان يكون متوافق و لا
يتعارض مع اي قوانين صادرة في نفس الخصوص اما مكمل لها او يحيلها للتقاعد
ليحل محلها .. لذا يأتي ذكر الافتتاحة ” بعد الطلاع علي الدستور والقانون
كذا لسنة كذا … ألخ” كمدخل واستهلال لبدأ سرد مواد القانون والتي يجب ان لا
تتعارض مع بعضها البعض او مع مواد اخري في القوانين ذات العلاقة او ان
لايخالف الدستور .. اذن نحن بصدد آلية لخلق قانون كوحدة مكملة لترسانة آخري
من القوانين التي تعمل مع بعضها البعض في اتساق متوافق مع الدستور ؟ لماذا
..لإحكام التحكم والسيطرة في امور تنظيمية تهدف صالح المجتمع وصيانته.
يمكن تصنيف مواد القانون هنا لمجموعات تتثمل في التالي
- الحق الانتخابي: من له حق الانتخاب (3 مواد)
- الجدول الانتخابي : ما يخص حصر وتنقية الجداول التي لهم حق الانتخاب
(19 مادة)- تنظيم عملية الانتخاب : كيفية التنفيذ وآلياتها (3 مواد )
- الجهة المنظمة للانتخابات: الهيكل التنظيمي لتلك الجهة وصلاحياتها (4
مواد)- الدعاية الانتخابية : تنظيم الدعاية الانتخابية ( 8 مواد )
- عملية الاقتراع وفرز الاصوات : الكيفية والآلية (13 مادة )
- اعلان النتيجة : (مادتين)
- الطعون الانتخابية (مادتين)
- الجرائم الانتخابية : وتحتوي علي (20 مادة)
- احكام أخري (ختامية ) : ( 3 مواد)
عند تناول الباب الاول فيمن يحق له الانتخاب .. يحدد القانون كل مصري لغ
من العمر 18 عاما يمكن ان يباشر حقه في ابداء الرأي والانتخاب .. وهو
بطبيعة الحال ووفق القانون يجب ان يكون مصري حامل لهوية او بطاقة شخصية وله
رقم
قومي وحيد يمكن به انجاز كافة تعاملاته مع الجهات الرسمية والحكومية
والبنيكة ..إلا ان القانون اغفل ان الرقم القومي هو اكثر صدقية واعتمادية
عليه في التحقق من هوية الناخب .. وعدم التلاعب في كشوف الناخبين ..
ندرك انه في السابق كانت البطاقة الانتخابية ضرورة لتحديد الدائرة
الانتخابية مثلا حسب السكن او المنطقة المتواجد بها الناخب حتي لا يمكنه من
يعطي صوته في اكثر من مكان عمدا وهو ما يجرمه القانون في باب الجرائم
الانتخابية ..
ولكن بعد ان تدخلت التقنية المعلوماتية في اصدار الرقم القومي لكل مواطن
مصري بلغ 18 عاما .. بل ان البطاقة ذاتها يمكن ان تستخدم في تحديد هوية
المرء عبر بياناتة المسجلة بصورة مشفرة لا يقرأها غير ماسح ضوئي ..
البيانات الموجودة علي البطاقة عبارة عن كود يأخذ شكل اعمدة – يسمي Barcode
كما هو متوفر في تسعير السلع او المنتجات وهناك نمط آخر عبارة عن نغبشة
علي شكل متناثر في رقعة مستطيلة بيضاء يستطع الباركود ريدير قرائتها واعطاء
الرقم القومي او الرقم المرجعي له الذي بناء عليه يمكن ان يسترجع كافة
بيانات الشخص من قاعدة البيانات الخاصة بالاحوال المدنية .. تلك القاعدة
البيانية المؤسسة علي ان تحفظ رقم وحيد لا يتكرر خاص بكل مواطن مصري حي
مسجل له هذا الرقم القومي ..
السؤال هنا لما لا يعمم استخدام بطاقة الرقم القومي دون الدخول في مسألة
اخري افرد لها القانون العديد من الاجراءات كما وردت في الباب الثاني
الخاص بكشوف الناخبين والتي يمكن ان تختزل بصورة كبيرة وتكون الناتجة اكثر
دقة عن الطرق التقليدية اليدوية .. التي كانت تستخدم من قبل ومثار شكوك في
عدم دقة تلك الكشوف ..
فيما بعد سنلقي الضوء ببساطة الفكرة في استخدام الرقم القومي لتحسين
اداء العملية الانتخابية .. لكن بعد ان نتوقف لحظة عند مادة المنع لكل
مواطن لا يحق له الانتخاب خاصة من يعمل في مؤسسات القوة او السلطة
التنفيذية مثل الجيش والمخابرات والشرطة تحديدا .. وكذلك كل من يعمل في
السلطة القضائية من قضاة ووكلاء نيابة ..
وفق للدستور فكل مصري يعمل في هذه الوظائف ينتقص حقه بما
يخالف الدستور ، ولا اتفهم ما هي الاسباب المانعة لبعض المصريين وتمييزهم
حسب الوظيفة في ان يمتنع عن ابداء رأيه في اختيار من يمثله في مجلس محلي او
نيابي او رئاسي !!
الكشوف الانتخابية
في الباب الثاني المختص بتنقية واعداد الكشوف الانتخابية ..من واقع
استمارات الرقم القومي !! هكذا ينص القانون ولكنه لا يحدد الكيفية ولماذا
يتم تكرار العملية في اعداد كشوف وجداول هي متوفرة بالاحوال المدنية يفرد
لها القانون حوالي 19 مادة تنظيمية يسرد فيها الموارد المالية والهيكل
التنظيمي للقائمين علي اعداد الكشوف التي هي معدة سلفا !! .
اتصور ونحن في القرن الحادي والعشرون وكل
فرد يحمل بطاقة بها رقمه القومي ان يذهب لمكان الاقتراع ليجد ماكينة تشبه
ماكينة سحب الاموال البنكية Kiosk , ATM ويعمل مسح لبطاقته المدنية عبر
ماسح ضوئي فيتعرف البرنامج علي الشخص ويعرض رقمه القومي الذي معه .. وبعد
ذلك ينتقل به لعرض صفحة الاقتراع ليختار من يريد ترشيحه ” هذه الطريقة تم
استخدامها في انتخابات فرنسا الاخيرة التي فاز فيها ساركوزي” عبر استخدام
جهاز معد لذلك يسهل عملية الفرز الالكتروني بصورة سريعة ويوفر كافة الاعمال
الخاصة بالاعداد المسبق للتصويت من تنقية كشوف وغيره ..
او يمكن ان نستخدم اجهزة كمبيوتر متصلة بقواعد بيانات الاحوال المدنية
.. لتسجيل حضور الناخب بعد ان يتم ادخال رقمه القومي عن طريق المسح الضوئي ،
وبعدها يتم طباعة استمارة التصويت مرقمة ومشفر عليها رقم الناخب القومي
علي ان يتم طباعة الاستمارة علي ورق مكربن من 3 نسخ .. يقوم بتسويدها
الناخب نفسه كالمعتاد في الاقتراع السري .. وبعد ذلك يتم وضع النسخة الاولي
– بيضاء في الصندوق الانتخابي .. واخري تسلم حمراء لجهة محايدة تراقب
الانتخابات ممثلة يمثلها المجتمع المدني وثالثة صفراء يحتفظ بها الناخب معه
.
عند الفرز واعلان النتيجة .. يجب ان يضاهي النتيجة بين الصندوق ذو
النسخة البيضاء مع الصندوق المشرف عليه المجتمع المدني – الحمراء .. وان
كان هناك اختلاف في النتيجة يمكن اعادة لانتخابات في تلك الدائرة او
المحافظة .. او حصر البطاقات الصفراء التي مع الناخب لمضاهاتها مع نتيجة
الصندوقين الاولين .. للتحقق من النتيجة في حالة الطعون ..
الرقابة والوصاية المتسلسلة تحقق امرين .. جدية الفرز ودقته في جميع
الصناديق .. وغلق باب التزوير لكون من يردي ان يزور او يتلاعب لن يستطيع ان
يتلاعب في كافة الصناديق !!!.
تبقي اماكن التكدس والزحام علي اماكن الاقتراع وكيفية تنظيمها .. والتي
يمكن ان تختزل ايضا باستخدام الرقم القومي .. حيث ان تركيبة الرقم القومي
من 14 رقم بهما رقمين مخصصين لتحديد محل الميلاد – المحافظة والحي وبيانات
السكن وفق البيانات المسجلة .. يمكن بناء عليها استخراج المرشحين المحتملين
في الانتخابات المحلية او البرلمانية بناء علي تلك البيانات الخاصة بحامل
الرقم القومي .. وحينها امام تطبع علي استمارات الاقتراع .. او يتم عرضها
علي شاشات الحاسب التي تعمل باللمس ليختار الناخب مرشحه ..
بعض المواد في القانون معطلة مثل اتاحة فرصة التصويت للمصريين بالخارج
.. او من يعملوا علي سفن ..إلخ وذلك لصعوبة الانتقال بالخارج وتحديد مواقع
الانتخاب والاقتراع .. ولذلك هي مواد مقحمة نظريا ولكن واقع الحال يقر
باستحالة تنفيذها .. كما حدث في انتخابات التشريعية والرئاسية في عام 2005 و
2006 .
إلا ان ميكنة الاقتراع وتوفره بضمانات السرية والمراقبة المتسلسلة عبر
التصويت الالي او اليدوي .. يمكن ان تحل مشاكل عديدة تصاحب عملية التصويت
!!
الصوت الانتخابي احق بان يأمن ونتحقق من صحة العملية الانتخابية ، اكثر
من تأمين عملية تجارية او عقد بيع وشراء .. بحفنة جنيهات .. حفظ الحقوق
المادية يعلو عليها حفظ الحقوق السياسية وحق البيعة لتولي امر المصريين
اجدر من ان ننتبه له ونصونه من التلاعب بارادة الامة ..