مبارك والثورة الثانية والحسم
جاءت رسالة مبارك المسجلة التى اذيعت عبر قناة العربية بتاريخ 10 ابريل مفاجأة للكثيريين ولكنها لم تكن مفاجأة لى فقد توقعت ظهور له ومؤامرات لاتنتهى فالمتابع لحسنى مبارك منذ توليه السلطة فى اكتوبر 81 يعلم أن مبارك ماكر ويخطط بخبث وخدع الكثيريين على مدار حكمه
فقد ظن البعض فى بداية حكمه أنه لايفهم وأطلق عليه البعض أوصافا ساخرة تعبيرا عن ذلك الاستيعاب الضعيف ، وظل البعض ينتقدونه فى عدم فهمه وادراكه ووعيه السياسى ولكنه ظل محتفظاً بقبضته فى حكم مصر رغم كل أنواع المعارضة فلعب بالسياسيين وجمعهم فى اتحاد لمواجهة الإسلاميين وعصف بمن خرج على حكمه أن جعله منفرداً وحيداً مثل حزب العمل ولم يتركه إلا مدمر وفى بداية حكمه ترك الجماعات الاسلامية ثم نصب للجهاد والجماعة الاسلامية كمين العنف فجعلهم يدروون فى دائرة لاتنتهى الا بالقتل أو السجن أو الهروب ولم يترك غيرهم من الجماعات حتى استطاع أن يصل بفريق منهم بالقهر للتسبيح بحمده أو الإنسحاب من الحياةوفتح أكبر عدد من المعتقلات شهدته مصر فى تاريخها كله وأعدم (مائة)أكبر عدد من الإسلاميين فى عشر سنوات وسجن مايقرب من مائة ألف وقتل فى الشوارع والحقول حوالى ألف وجعل الإعتقال كالحكم بالمؤبد رغم أنف القضاء وكل قواعد العدالة فى العالم واستطاع بخبثه وطغيانه أن ينتزع موافقة من الاخوان على حكمه ثم مالبث أن انقض عليهم كا الذئب المفترس وجعلهم يدرون فى دائرة الاتهامات ونفيها وسكتت مصر تحت حكم القهر والطغيان
وفى حكم طغيان حسنى مبارك لم يترك شخص رفع بصره فى وجهه أو تكلم بكلمة أو عرف عنه أنه له عقل أو عنده رغبة فى قول لا إلا وسحقه(مثل الكفراوى والجنزورى وغيرهم كثيرون ) ولم يبق معه إلا من استخدمهم كالأحذية ولم يرفعوا أعينهم فى عينه قط وكان كلما قرأ أفكارهم بالتجسس عليهم وجد أنها تسبح بحمده مثل زكريا عزمى وصفوت
البعض يقول أن مبارك استمر فى حكم مصر بالقهر وزبانية أمن الدولة والظلم والإرهاب نعم هذا حقيقى ولكنه كان يدير ذلك كله بشيطنة جعلت ابليس يتركه ولايوسوس له
وعندما قامت الثورة فى 25 يناير حاول سحقها ففشل وحاول الإلتفاف عليها كثيراًحتى آخر لحظة كل يوم له خطة وطريقة فى الخبث حتى يوم الخميس السابق عن التنحى كان يتآمر حتى اشتد الأمر وعلم أن مصر فاقت وانتبهت من غيوببتهاوأيقن أن وقوفه أمام الثورة معناه مذابح لانهاية لها ولن تتركه إلا بقتله هو وأولاده) فآثر أن ينسحب بهدوء مع خبث الإحتفاظ بكل قوته ماله وحراسته وعلاقاته وكان قرار تخليه عن السلطة للمجلس الأعلى خبيث فترك البلاد فى مشكلة دستورية وترك الحكم فى يد قريبة منه وعندما رأى جدية المجلس الأعلى فى الإيمان بالثورة استعمل نفوذه العربى والغربى ووجهه ضد الثورة من أول يوم حتى بعد رحيله عمل على استغلال علاقاته بالعرب والغرب
ولم يكن مبارك بعيداً عن قتل المتظاهرين ولاموقعة الجمل فطريقته فى الحكم جعلت كل الوزراء ومن حوله سكرتارية مرتعشة ولم يسكت أو يصمت انما أبقى على شفيق وأدخل الجمل معه وأبقى الحزب الوطنى ووتلاعب بالإعلام حتى التغيرات الأخيرة لم تحقق تغيير مهم فكلهم من بقايا النظام الا مارحم فرئيس مجلس ادارة الجمهورية الجديد شقيق سكرتير حسنى مبارك وهكذا ظل مبارك يتآمر سواء بنفسه أوبواسطة جمال أو صفوت ولكنه لم يكن بعيداً مطلقاً
فرغم أن الثورة حققت انجازات قوية على الأرض و وتغيرت خريطة مشاهد كثيرة فى الحياة فى مصر لكن أيتام مبارك ظلوا على الوفاء له وآخر ذلك مايتردد فى كثير من الأماكن فى مصر عن عودة أمن الدولة بثوب آخر وتردد مقولة أن أيام مبارك أفضل من تلك الفوضى وقد سمعتها بنفسى وانتقدت قائلها وفهمت من أين تترد الكلمة ولكن الشاهد أن مبارك لم يسكت حتى وصلنا إلى أحداث ليلة ميدان التحرير وأعقبه ظهوره بتسجيل صوتى تم اعداده بدقة قانونية وبلغة خبيثة تعمل على اللعب على أوتار العاطفة عن الشعب المصرى وتحريك الكتلة الحرجة ورفع نبرة انتمائه للمؤسسة العسكرية ولإظهار فقره (أفقره الله حتى لايجد الجعضيض )وهو أسلوب مقصود للضغط على المجلس الأعلى المتهم بالتباطؤ فى محاكمة حسنى مبارك فأسرع مبارك بالضغط عليه عبر بعض الدول وعبر تهديد غير مباشر بإعلان قدرته على التواجد مع الرأى العام واثارته وتحريك كتلة ساكنة وهى لعبة خبيثة ..لكن الشاهد رغم مايوجه للمجلس الاعلى من نقد أنه مدرك لكل خيوط مايحدث فى مصر ومدرك لمكامن القوة عند كل طرف ويعمل على التحرك الهادىء وهو تحرك يتنافى مع حسم الثورة ومتطلبات الحسم مع المجرمين لكنه أحياناً مع احسان الظن بالمجلس مطلوب ولكن إلى وقت وأعتقد أنه حان الوقت للحسم ولامجال للتمهل مطلقاً والتمهل يفتح باب النقد الشديد للمجلس
فمبارك يعمل على تحريك ثورة مضادة سواء بنفسه أوبغيره ولايخفى أن له كلاب أكلت كثيراً من العظام التى كان يقذفها لهم فأصبح عندهم سعار والتمهل معهم خطر على مصر وعلى الثورة وانجازاتها
وإن لم يحسم المجلس بسبب رؤية عنده وأسرار يعلمها فلابد للثورةأن تحسم الأمر وتدرك أن الثورة فى خطر ولابد من اتحاد كآفة فصائل الثورة وجمع كل قوى الشعب وقد أصبحت الثورة أقوى بعد مارأى الساكتين انجازاتها فانضموا إليها
والحسم يحتاج ثورة ثانية تتحرك سريعاً بآليات متنوعة كى يدرك مبارك ومن معه الفشل المحتوم والتحرك نحو شرم الشيخ بمليونية مهم لكن أيضاً التحرك بمليونيات ترفض عودة الظلم ومحاكمة مبارك فى كل محافظة مهم أيضاً والباب مفتوح لكل اجتهاد حتى يعلم المجلس أن الشعب كله معه فلايتردد من الحاق مبارك الى حكومة طرة ويبقى أخيراً أننى اتهم مبارك بمحاربة الإسلام والعمالة لليهود والأمريكان وتضييع ثروات مصر وأنتظر ماهدد به أن يلاحقنى قانونياً
ممدوح اسماعيل محام وكاتب
عضو مجلس النقابة العامة للمحامين مقرر اللجنة العامة لحقوق الانسان