أنْ تَلِد الأمَةُ رَبَّتَها اختلف العلماء في معنى ذلك على أربعة أقوال : القول الأول : قال الخطابي : معناه : اتساع الإسلام واستيلاء أهله على بلاد الشرك وسبي ذراريهم ، فإذا ملك الرجل الجارية واستولدها كان الولد منها بمنزلة ربها ، لأنّه ولد سيدها ، قال النووي وغيره : إنه قول الأكثرين ، واعترض الحافظ ابن حجر على ذلك فقال : لكن في كونه المراد نظر ؛ لأن استيلاء الإماء كان موجوداً حين المقالة ، والاستيلاء على بلاد الشرك وسبي ذراريهم واتخاذهم سراري وقع أكثره في صدر الإسلام ، وسياق الكلام يقتضي الإشارة إلى وقوع مالم يقع مما سيقع قرب قيام الساعة . القول الثاني : إن تبيع السادة أمهات أولادهم ويكثر ذلك فيتداول الملاك المستولدة حتى يشتريها ولدها ، ولا يشعر بذلك . القول الثالث : قال النووي : لا يختص شراء الولد أمه بأمهات الأولاد ، بل يتصور في غيرهن بأن تلد الأمة حراً من غير سيدها بوطء شبهةٍ ، أو رقيقاً بنكاح ، أو زنا ، ثم تباع الأمة في الصورتين بيعاً صحيحاً ، وتدور في الأيدي حتى يشتريها ابنها أو ابنتها . القول الرابع : أن يكثر العقوق في الأولاد فيُعامل الولد أمه معاملة السيد أمته من الإهانة بالسب والضرب والاستخدام ، فأطلق عليه ربها مجازاً لذلك ، أو المراد بالرب المربي فيكون حقيقة . والراجح - والله أعلم - القول الرابع ، وهو الذي رجحه الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " 1/162-163 عقب الحديث ( 50 ) ، وقال بعد أن ذكر الترجيح : (( ولأن المقام يدل على المراد حالة تكون مع كونها تدل على فساد الأحوال مستغربة ، ومحصلة الإشارة إلى أن الساعة يقرب قيامها عند انعكاس الأمور . بحيث يصير المربى مربياً ، والسافل عالياً ، وهو مناسب لقوله في العلامة الأخرى : (( أن تصير الحفاة ملوك الأرض )) )) . |