منتدي شباب إمياي

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدي شباب إمياي

مجلس الحكماء

التسجيل السريع

:الأســـــم
:كلمة السـر
 تذكرنــي؟
 
جهود الأمة في دفع الغربة Support


    جهود الأمة في دفع الغربة

    ابو انس
    ابو انس
    صاحب مكان
    صاحب مكان


    النوع : ذكر
    عدد المشاركات : 2689
    العمر : 57
    تاريخ التسجيل : 17/01/2010
    مزاجي النهاردة : جهود الأمة في دفع الغربة Pi-ca-10

    جهود الأمة في دفع الغربة Empty جهود الأمة في دفع الغربة

    مُساهمة من طرف ابو انس 18/5/2010, 6:55 am

    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الإسلام بدأ غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ، فطوبى للغرباء، قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: الذين يصلحون إذا فسد الناس) [رواه مسلم (389)].

    قال النووي: (قال القاضي: وظاهر الحديث العموم، وأن الإسلام بدأ في آحاد من الناس وقلة، ثم انتشر وظهر، ثم سيلحقه النقص والإخلال، حتى لا يبقى إلا في آحاد وقلة أيضًا كما بدأ) [شرح النووي على مسلم (2/177)].

    فعندما بدأ الإسلام بدأ غريبًا لم يكن معروفًا بين الناس، وآمن به في أول الأمر نفر قليل جدًا، ثم بدأ ينتشر حتى انتشر في الآفاق، وهو بعد هذا الانتشار سيعود غريبًا كما بدأ، غير أن هذه العودة ليست عودة فجائية، بمعنى أن يكون الإسلام ظاهرًا منتشرًا في الأرض، ثم يصير فجأة غريبًا بدون مقدمات، وإنما يعني أن يحدث ذلك عبر مقدمات تؤدي إلى نتائجها عبر مراحل زمنية متتالية، قد تطول وقد تقصر بحسب مدافعة المؤمنين لها.

    الغربة والتجديد:

    والغربة تعني اندراس الدين وخفاء التشريعات وانتشار الجهالات، ووظيفة التجديد والإصلاح القيام بمقاومة تلك الغربة، فطوبى للغرباء الذين يجددون الدين عند الناس، ويزيلون آثار الغربة فيصلحون أنفسهم بفقههم الصحيح للدين وعملهم به، ويقومون بذلك بين الناس، فإذا فسد الناس أصلحوا أنفسهم وأصلحوا غيرهم، وذلك لا ينقطع حتى يقبض الله - تعالى - كل نفس مؤمنة، وذلك بعد نزول المسيح عيسى بن مريم وقتل الدجال، فلا تقوم الساعة إلا على شرار الناس، وحتى لا يقال في الأرض: الله الله.

    وعلى ذلك فتجديد الدين يعمل في الاتجاه المضاد لغربة الدين، يقول ابن تيمية رحمه الله - تعالى -: (والتجديد إنما يكون بعد الدروس، وذلك هو غربة الإسلام) [مجموع الفتاوى (18/297)].

    علاقة الغربة بالإحياء العلمي: وللأمة على طول تاريخها جهود عظيمة في مقاومة الغربة التي كانت توجد بين كل فينة وأخرى، والتي كانت تشتد في أماكن دون أماكن، فحيث قوي العلماء والعلم كان تأثير الغربة ضعيفًا؛ لأن العلماء يجددون ويبينون الحق، وحيث ضعف العلماء وقل العلم كان تأثير الغربة شديدًا وقويًّا، حتى يصل الأمر إلى الجهل التام بفرائض الإسلام في الأزمنة المتأخرة.

    فعن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب، حتى لا يدري ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة، ويسري على كتاب الله في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية ويبقى طوائف من الناس: الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة: لا إله إلا الله فنحن نقولها)، فقال صلة بن زفر لحذيفة: ما تغني عنهم لا إله إلا الله وهو لا يدرون ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة فأعرض عنه حذيفة، فردها عليه ثلاثًا كل ذلك يعرض عنه حذيفة ثم أقبل عليه في الثالثة، فقال: يا صلة تنجيهم من النار تنجيهم من النار تنجيهم من النار) [رواه ابن ماجه (4049)، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه، (4039) ].

    جهود المصلحين الأوائل في دفع الغربة:

    والمقصود أن الغربة لا تستحكم إلى في آخر الزمان، وأما قبل ذلك فلا يزال الله يغرس غرسًا يستخدمهم في طاعته، فيزيلون الغربة، ويجددون الدين كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يزال الله يغرس في هذا الدين غرسًا يستعملهم في طاعته) [رواه ابن ماجه (8)، وحسنه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه، (8)].

    وأول ما ظهر من محاولات الغربة كان في زمن علي رضي الله عنه، حيث ظهرت بدعة الخوارج وبدعة الشيعة، لكن الله دفعها بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين هم أمان لهذه الأمة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (النجوم أمنة للسماء، فإذا ذهبت النجوم؛ أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي، فإذا ذهبت؛ أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي، فإذا ذهب أصحابي؛ أتي أمتي ما يوعدون) [رواه مسلم، (6629)]، قال النووي رحمه الله: (أتى أمتي ما يوعدون: معناه: من ظهور البدع والحوادث في الدين والفتن به) [شرح النووي على مسلم (16/83)].

    وتوالى بعد ذلك ظهور الخرق والفتق في الدين، فظهرت القدرية والمعتزلة والمرجئة، ثم الجهمية كما ظهر الكلام، لكن نظرًا لتوافر العلماء في تلك الأزمان، فقد كانت آثار الغربة محدودة، وعلى ذلك فأول صورة من صور التجديد المشروع هو ما قام به أهل العلم من حفظ العقيدة نقية من غير أن تختلط بها ضلالات وأهواء البشر، كما ظهرت الغربة في جانب الحكم، حيث تحول إلى حكم جبري، وقد حاول عمر بن عبد العزيز رحمه الله التجديد في هذا الجانب، كما ظهرت الغربة في السلوك والتعبد بظهور التصوف، وظهرت الغربة في طرق الاستدلال والاحتجاج بالنصوص بظهور الكلام، كما حدثت غربة التقليد والتعصب المذهبي.

    وفي كل غربة من هذه قام من وفقه الله - تعالى - للقيام بدوره في التجديد في هذا الجانب، فمنهم من وفق غاية التوفيق، ومنهم من استطاع بعض الشيء من ذلك ـ ولله في خلقه شئون ـ وليس المجددون أفضل حالًا من الأنبياء، فقد كان النبي يتبعه الرجل ويتبعه الرجلان ويتبعه الرهط، ومنهم من لا يتبعه أحد.

    جهود الصحوة الإسلامية المعاصرة:

    وفي عصرنا هذا تقوم الصحوة الإسلامية بمحاولات كثيرة للتجديد في جوانب كثيرة، فمن ذلك إحياء علم القراءات وحفظ النصوص الحديثية، وتمييز الصحيح من الضعيف، وإحياء فقه السياسة الشرعية، والبحث عن طرق النهوض بواقع الأمة، وإزالة تسلط الكافرين عليها، وإحياء جهاد الدفع وإحياء فقه جهاد الطلب، وإحياء الاجتهاد، ونبذ التعصب، والبحث في فقه النوازل، وإحياء فقه التراحم والتآلف والاجتماع والألفة بدلًا من الفرقة والقطيعة، وإحياء فقه الجهاد الفكري في منازلة الأفكار الباطلة المراد لها أن تغزو مجتمعات المسلمين، لتحل محل الشريعة الإسلامية، والجهود في ذلك متواصلة، والسعيد من وفقه الله - تعالى - فعمل على المشاركة في دفع الغربة، سالكًا في ذلك الطريق المستقيم، طريق التجديد المشروع وفق الضوابط الصحيحة.

      الوقت/التاريخ الآن هو 28/3/2024, 8:00 pm