الدعوة السلفية .. وخفافيش الظلام
جمال سلطان
عندما كانت مصر تشهد موجة واسعة من أعمال العنف والتفجيرات في التسعينات من القرن الماضي ، أثناء المواجهات الدموية بين أجهزة الأمن وجماعات إسلامية مسلحة ، كانت مدينة الاسكندرية هي المدينة الكبيرة الوحيدة تقريبا التي كانت بمنأى عن تلك الأحداث العنيفة ، ولم تشهد طوال تلك السنوات الخطرة أي عمليات تفجير أو حتى اغتيالات مهمة ، وقتها لم يتوقف كثيرون ليحللوا دلالة تلكم الظاهرة الجزئية ، وبالتالي لم يتنبه الراصدون للحالة الإسلامية إلى حقيقة أن الوجود السلفي القوي والجماهيري في العاصمة الثانية لمصر كان هو صمام الأمان لها من أن تكون مسرحا لأعمال العنف والدم والعبث .
منذ تأسيس الخطاب السلفي في مصر وكان موقفه من العنف والأعمال المسلحة والجماعات المسلحة واضحا وضوح الشمس ، إدانة كل تلك التوجهات والعمل على تحصين الشباب الإسلامي من الوقوع أسرى لتلك النزعات ، وهناك تراث كبير وممتد من مقالات ومحاضرات لرموز التيار السلفي في الإسكندرية خاصة ، شاهد على هذا الوعي المبكر بمخاطر العنف والإرهاب والانفلات المسلح أو المواجهة المسلحة مع الدولة أو أي تنظيمات أو قوى أخرى ، والتأكيد الدائم على أن وظيفة الدعوة الإسلامية هي التربية ونشر العلم الديني والتصدي للبدع والخرافات إضافة إلى جوانب مما يتعلق بالرعاية الاجتماعية من باب الإسهام في "فعل الخيرات" بما يخفف على نسيج المجتمع ، وخاصة القطاع المهمش منه ، صعوبات الحياة وضغوطاتها ، كما كان لها بركة كبيرة في التقليل من مخاطر وباء المخدرات ومحاصرة اللاعبين فيه بل نجحت في تحويل كثير من محترفي البلطجة إلى أن يعودوا إلى حضن المجتمع والأخلاق والفضيلة بصورة مدهشة جدا.
وقد جلب ذلك الخطاب المعتدل والناضج للدعوة السلفية في الاسكندرية ، جلب لها انتقادات كثيرة من الجماعات الإسلامية التي كانت تنتهج العنف داخل مصر وخارجها ، وخاصة أنها كانت ـ وما زالت ـ تتشدد في موقفها ذلك إلى حد الابتعاد عن السياسة أصلا والشأن العام من جميع نواحيه ، فلا هي تهتم بالانتخابات بجميع صورها ولا تهتم بالعمل الحزبي أو التنظيمي بأي صورة من الصور ، وهو ما أختلف شخصيا معهم فيه ، كانت الدعوة السلفية في الإسكندرية ـ وما زالت ـ معنية بالتركيز على التعليم والحفاظ على القيم والأخلاق الإسلامية التي اندثر بعضها وهمش غيره بفعل الاغتراب والغز الفكري والقيمي الذي اخترق بلادنا على مدار قرنين ، وقد نجحت الدعوة السلفية بصبرها وتجاهلها نقد الناقدين في أن تحقق لنفسها وجودا لا تخطئه العين في مدن مصر المختلفة ، وخاصة في العاصمة الساحلية الجميلة ، الاسكندرية ، وتجاوب الناس معها بصورة كبيرة مما حقق لها ذلك الانتشار ي الجميل .
وكان لانتشار الخطاب السلفي والدعوة السلفية في الاسكندرية بركة كبيرة ، على مستويات عديدة ، منها العلمي والديني ، ومنها السلوكي ، حيث لا تخطئ عين الزائر للمدينة انتشار معالم الالتزام بالإسلام بين الرجال والنساء والشباب والشيوخ والفتيات والسيدات ، وهذا ما هيج على الدعوة السلفية كل كاره لعودة مصر إلى أخلاقها وقيمها الإسلامية الأصيلة التي احتضنتها لأكثر من ثلاثة عشر قرنا ، وكل غاضب من انتصار الفكر الإسلامي الأصيل ، وكل من يتصور الحضارة والحداثة في الميني جيب في الشوارع والبكيني على شواطئ الاسكندرية والحشيش والأفيون في مقاهيها وملاهيها ، ولطالما حرضوا الدولة ضد الدعوة السلفية وحرشوا بينها وبين الأجهزة الأمنية ، بادعاءات كاذبة وافتراءات لا أصل لها ، كنوع من الحرب القذرة ، بعد أن فشلوا في هزيمتها في مجال صراع العقل والهوية والضمير والحوار ، فلجأوا إلى الضرب في الظلام واختراع الأكاذيب .
وكان من أبرز بركات الدعوة السلفية على الاسكندرية تحصينها من أعمال العنف طوال سنوات التهابها ، ونادرا ما ينسب شاب إسلامي من أبناء المدينة إلى الأعمال المسلحة أو غير القانونية ، ومع ذلك لم تنأ الدعوة السلفية ورموزها من ضغوط أمنية لا مبرر لها إلا محاولة الاستجابة لحروب إعلامية وطائفية غير أخلاقية يحركها لوبي نافذ في بعض أجهزة الإعلام وأحزاب ذات تحالفات طائفية معروفة ، ووصلت الأمور إلى حد تحديد إقامة بعض الدعاة السلفيين ومنعهم من السفر إلى خارج المدينة إلا بتصريح !! ، فضلا عن منع كثيرين منهم من الخطابة أو التدريس في المساجد .
أقول هذا الكلام ، لكي يعود "المزورون" وخفافيش الظلام الفكري إلى جحورهم ، التي حاولوا الخروج منها أمس وأول أمس ، للهجوم على الدعوة السلفية ، استغلالا للحادث الإجرامي الأخير باتهامها بأن دعوتها تؤسس للعنف ، ولأن بعض شبابها غضب من إهانات طائفية وجهت ضد عقيدة المسلمين فتظاهروا غضبا بصورة سلمية ، ومع الأسف كان بعض "موظفي" الملياردير القبطي نجيب ساويرس ومستشاريه الإعلاميين قد تورطوا في كتابة هذا السفه في صحف حزبية وخاصة ، فالمسألة ليست من أجل تلك الحادثة ، وإنما من أجل ثأر فكري وأخلاقي قديم مع الدعوة السلفية ، ورغبة "المهزومين" فكريا وقيميا في تحقيق نصر مجاني رخيص عجزوا عن تحقيقه في منازلة إنسانية وعقلانية وأخلاقية متحضرة ومحترمة ونزيهة ، فلجأوا إلى أجهزة الأمن لتحريضها وتهييجها ضد هذه الدعوة المباركة .
جمال سلطان
عندما كانت مصر تشهد موجة واسعة من أعمال العنف والتفجيرات في التسعينات من القرن الماضي ، أثناء المواجهات الدموية بين أجهزة الأمن وجماعات إسلامية مسلحة ، كانت مدينة الاسكندرية هي المدينة الكبيرة الوحيدة تقريبا التي كانت بمنأى عن تلك الأحداث العنيفة ، ولم تشهد طوال تلك السنوات الخطرة أي عمليات تفجير أو حتى اغتيالات مهمة ، وقتها لم يتوقف كثيرون ليحللوا دلالة تلكم الظاهرة الجزئية ، وبالتالي لم يتنبه الراصدون للحالة الإسلامية إلى حقيقة أن الوجود السلفي القوي والجماهيري في العاصمة الثانية لمصر كان هو صمام الأمان لها من أن تكون مسرحا لأعمال العنف والدم والعبث .
منذ تأسيس الخطاب السلفي في مصر وكان موقفه من العنف والأعمال المسلحة والجماعات المسلحة واضحا وضوح الشمس ، إدانة كل تلك التوجهات والعمل على تحصين الشباب الإسلامي من الوقوع أسرى لتلك النزعات ، وهناك تراث كبير وممتد من مقالات ومحاضرات لرموز التيار السلفي في الإسكندرية خاصة ، شاهد على هذا الوعي المبكر بمخاطر العنف والإرهاب والانفلات المسلح أو المواجهة المسلحة مع الدولة أو أي تنظيمات أو قوى أخرى ، والتأكيد الدائم على أن وظيفة الدعوة الإسلامية هي التربية ونشر العلم الديني والتصدي للبدع والخرافات إضافة إلى جوانب مما يتعلق بالرعاية الاجتماعية من باب الإسهام في "فعل الخيرات" بما يخفف على نسيج المجتمع ، وخاصة القطاع المهمش منه ، صعوبات الحياة وضغوطاتها ، كما كان لها بركة كبيرة في التقليل من مخاطر وباء المخدرات ومحاصرة اللاعبين فيه بل نجحت في تحويل كثير من محترفي البلطجة إلى أن يعودوا إلى حضن المجتمع والأخلاق والفضيلة بصورة مدهشة جدا.
وقد جلب ذلك الخطاب المعتدل والناضج للدعوة السلفية في الاسكندرية ، جلب لها انتقادات كثيرة من الجماعات الإسلامية التي كانت تنتهج العنف داخل مصر وخارجها ، وخاصة أنها كانت ـ وما زالت ـ تتشدد في موقفها ذلك إلى حد الابتعاد عن السياسة أصلا والشأن العام من جميع نواحيه ، فلا هي تهتم بالانتخابات بجميع صورها ولا تهتم بالعمل الحزبي أو التنظيمي بأي صورة من الصور ، وهو ما أختلف شخصيا معهم فيه ، كانت الدعوة السلفية في الإسكندرية ـ وما زالت ـ معنية بالتركيز على التعليم والحفاظ على القيم والأخلاق الإسلامية التي اندثر بعضها وهمش غيره بفعل الاغتراب والغز الفكري والقيمي الذي اخترق بلادنا على مدار قرنين ، وقد نجحت الدعوة السلفية بصبرها وتجاهلها نقد الناقدين في أن تحقق لنفسها وجودا لا تخطئه العين في مدن مصر المختلفة ، وخاصة في العاصمة الساحلية الجميلة ، الاسكندرية ، وتجاوب الناس معها بصورة كبيرة مما حقق لها ذلك الانتشار ي الجميل .
وكان لانتشار الخطاب السلفي والدعوة السلفية في الاسكندرية بركة كبيرة ، على مستويات عديدة ، منها العلمي والديني ، ومنها السلوكي ، حيث لا تخطئ عين الزائر للمدينة انتشار معالم الالتزام بالإسلام بين الرجال والنساء والشباب والشيوخ والفتيات والسيدات ، وهذا ما هيج على الدعوة السلفية كل كاره لعودة مصر إلى أخلاقها وقيمها الإسلامية الأصيلة التي احتضنتها لأكثر من ثلاثة عشر قرنا ، وكل غاضب من انتصار الفكر الإسلامي الأصيل ، وكل من يتصور الحضارة والحداثة في الميني جيب في الشوارع والبكيني على شواطئ الاسكندرية والحشيش والأفيون في مقاهيها وملاهيها ، ولطالما حرضوا الدولة ضد الدعوة السلفية وحرشوا بينها وبين الأجهزة الأمنية ، بادعاءات كاذبة وافتراءات لا أصل لها ، كنوع من الحرب القذرة ، بعد أن فشلوا في هزيمتها في مجال صراع العقل والهوية والضمير والحوار ، فلجأوا إلى الضرب في الظلام واختراع الأكاذيب .
وكان من أبرز بركات الدعوة السلفية على الاسكندرية تحصينها من أعمال العنف طوال سنوات التهابها ، ونادرا ما ينسب شاب إسلامي من أبناء المدينة إلى الأعمال المسلحة أو غير القانونية ، ومع ذلك لم تنأ الدعوة السلفية ورموزها من ضغوط أمنية لا مبرر لها إلا محاولة الاستجابة لحروب إعلامية وطائفية غير أخلاقية يحركها لوبي نافذ في بعض أجهزة الإعلام وأحزاب ذات تحالفات طائفية معروفة ، ووصلت الأمور إلى حد تحديد إقامة بعض الدعاة السلفيين ومنعهم من السفر إلى خارج المدينة إلا بتصريح !! ، فضلا عن منع كثيرين منهم من الخطابة أو التدريس في المساجد .
أقول هذا الكلام ، لكي يعود "المزورون" وخفافيش الظلام الفكري إلى جحورهم ، التي حاولوا الخروج منها أمس وأول أمس ، للهجوم على الدعوة السلفية ، استغلالا للحادث الإجرامي الأخير باتهامها بأن دعوتها تؤسس للعنف ، ولأن بعض شبابها غضب من إهانات طائفية وجهت ضد عقيدة المسلمين فتظاهروا غضبا بصورة سلمية ، ومع الأسف كان بعض "موظفي" الملياردير القبطي نجيب ساويرس ومستشاريه الإعلاميين قد تورطوا في كتابة هذا السفه في صحف حزبية وخاصة ، فالمسألة ليست من أجل تلك الحادثة ، وإنما من أجل ثأر فكري وأخلاقي قديم مع الدعوة السلفية ، ورغبة "المهزومين" فكريا وقيميا في تحقيق نصر مجاني رخيص عجزوا عن تحقيقه في منازلة إنسانية وعقلانية وأخلاقية متحضرة ومحترمة ونزيهة ، فلجأوا إلى أجهزة الأمن لتحريضها وتهييجها ضد هذه الدعوة المباركة .