الحوار مع الأبناء رغبة واستعداد من كلا الطرفين.
المشكلات والمعوقات التي تقف حجر عثرة في طريق هذا الحوار,كما عبر عنها الأبناء والآباء يمكن تصنيفها الى :
* ثقافة الأب
فقد يجهل الأب ثقافة مجتمعه,فهو لم يتجاوز المرحلة السنية التي كان يعيشها,ويخضع تفسيراته لهذه الرؤية المحدودة,ولايقبل غيرها.
أو يجهل الأب ثقافة المرحلة السنية التي يعيشها ابنه ومتطلباتها,أو اعتقاد الابن بأن طريقة تفكير والده,واختلاف طبيعة المشكلات التي
يمر بها الأبناء الآن عن المشكلات التي مر بها الآباء.
وقد لايلم الوالد بالموضوعات التي تسيطر على اهتمام أولادهوالأمر الذي يدعو كل أب الى أن يساير ابناءه,ويقترب من تفكيرهم,ويتعرف على
ميولهم واتجاهاتهم وطموحاتهم,حتى لايشعر الابن ان حواره مع أبيه يسير في طريق مسدود.
* طريقة التعبير عن الخلاف في وجهات النظر بين الزوجين:
لن تتفق آراء الأب والأم في المنزل في كل شيء,والخلاف بينهما مثمر في استفادة الأبناء من هذا الخلاف,إذ عن طريق هذا الخلاف يتعرف الأبناء
على وجهة نظر ومنطق كل طرف,وينتقل إليهما بصورة مبسطة مشروعية الاختلاف للوصول الى وجهة نظر صحيحة.
ولكن طريقة الاختلاف هي التي نقصدها,والتي ينبغي أن تبتعد عن تسفيه كل طرف لوجهات نظر الطرف الآخر,أوعدم الإنصات لها.
* ضعف الثقة:
تعد الثقة التي بين الآباء والأبناء هي الأرضية المشتركة التي ينشأ عليها الحوار الفعال,فإذا تسرب الى الابن أن والديه لايثقان في
تصرفاته توقف الحوار تلقائياً,وأحس الابن بعدم الراحة في الحديث معهما.
وتنشأ هذه المشكلة من المتابعة الزائدة,وافتراض كذبه,والتجسس عليه,وعدم احترام خصوصيته واستقلاليته.
* عدم الاقتناع بما يقوله الأب:
عبر بعض الأبناء عن ذلك بقوله: (لعدم التوافق بيننا وبين الآباء),وعبر بعضهم : ( لعدم الاقتناع ),وآخرون : ( لعدم الانسجام الفكري ).
* أبي لاينصت إلي
الإنصات الى الأبناء أحد أبرز مقومات الحوار الفعال مع الأبناء,وبإنعدامه ينعدم الحوار,ووجوده يغري الأبناء على الحديث,ومانقصده هنا
هو الإنصات الواعي,ومشاركة الابن الحديث عن طريق هذا الإنصات العملي.
* لايستمعون الى الكلام:
ابنائي لايستمعون الى حديثي,أي لاينفذون ما أمر به,وهذا يؤدي الى توقف الحوار..وكأننا نقرن هنا بين الاستماع وبين التنفيذ,ولكن الأليق
ان نسأل أبناءنا :لماذا لم ينفذوا ما اتفقنا عليه؟
هل طبيعة الموضوعات والأشياء المطلوبة تفوق إمكاناتهم؟ أم أنها لاتناسب تفكيرهم؟ حتى تتوافر لدينا الخبرات التراكمية في طبيعة
الموضوعات التي نتحاور معهم فيها مستقبلاً.
* إخفاق الأبناء:
فرضت علينا ظروف,منها أن نخوض بأبنائنا سباقاً في التعليم يلهث فيه معنا الأبناء بشكل قد يتناقص مع إمكانياتهم وظروفهم وقدراتهم,وقد
يخفق الأبناء في هذا السباق,ولايصلون الى مانود,أو يحصلون على درجات منخفضة,ويكثر اللوم والعتاب,ثم يتوقف الحديث,لأننا لم نشأ تحويل
طبيعة الموضوع,وصممنا على موضوع معين قد لاتسعف قدرات ابنائنا تحقيقه.
لذلك – عزيزي الأب – لاتكن تقليدياً,تخلص من ضغوط المجتمع والواقع,وانظر لكل فرد من أبنائك على أنه نسيج وحده,واكتشف نقاط
تميزه,وحاول أن تشير إليها دائماً,فقد تحفزه هذه النقاط للتغلب على نقاط ضعفه,وسيحب الحديث معك في الموضوعات التي يشعر بتميزه فيها.
* ضغوط العمل والحياة:
نحن لانتحدث مع أبينا,إذ إننا نجده دائماً مشغولاً بعمله,ونستسهل الحديث مع الأم,ونتركه لانشغاله ومايسببه هذا الانشغال من عصبية
وغضب,وكذلك تحمله للمشكلات المنزلية والمعيشية.
* تصميم الأب على رأيه:
لايحب الأبناء ان يدخلوا في حوار يعلمون أن نهايته قسرهم على وجهة نظر معينة,يصر فيها الأب على رأيه,وأنه هو الذي سينفذ في
النهاية,فلا جدوى من النقاش.
لذا ينبغي ان يكون الأب صبوراً,ويتعامل مع آراء أبنائه بهدوء,ولاضير ان ينتهي الى آرائهم إذا وجد فيها الصوابوولم تلحق بهم الضرر.
* عدم التزامنا بآداب الحوار:
ينصرف بعض الآباء عن الحديث عن الحوار مع أبنائهم,لعدم التزام الأبناء بآداب الحديث,مثل :التطرق الى موضوعات فرعية,وعدم الإنصات الى
الأب أو الأم أثناء الحوار,وإصرار الأبناء على آرائهم.
وينبغي على الأب أن يتمهل ويعلم أبناءه كيف ينصتون,وكيف يتحدثون ويلتزمون بأدب الحوار,ولا يمل من التوجيه المستمر المتأني في هذا
الاطار,وألا يتعجل أن يكون الأبناء على الصورة التي وصل هو إليها,إذ إن للزمن وللوقت حكمة,(الوقت – كما يقولون – جزء من العلاج).
* عدم قدرة الأب على إجراء حوار فعال مع أبنائه:
فإذا كان الأب لم يتعلم بعد مهارة الحوار مع أبنائه توقف الحوار,وأصبح حواراً موسمياً,فقد يكثر الأب الحديث مع أبنائه مستعملاً الأسئلة
المغلقة التي لاتشجع الابن على أن يفضي بمكنونات صدره,أو أن يتعمد السخرية من أبنائه,وملاحقتهم بالكلمات النابية الجارحة التي توقف
مجرى الحوار بينهم,أو أن يصر على فتح حوار في موضوع لايناسب الوقت طرحه,فبعض الوقت أيمن من بعضه.
ومن الحكمة إرجاء بعض الموضوعات الى الوقت الذي يرغب فيه الأبناء,أو التسرع في الحكم على الأشياء بالشكل الذي يحكم من خلاله الابن على
الأب بأنه غير موضوعي وغير منصف,أو الحديث المباشر في بعض الموضوعات,إذ إن بعض الموضوعات يستطيع الأب أن يصل الى مراده في التعرف
عليها من خلال الحوار غير المباشر.
* إحساس الأب بعدم جدوى الحوار:
كثيراً ماينشغل أبناؤنا بأشياء أخرى ويعزفون عن الحوار معنا,مثل: اللعب,أو الترفيه,من ثم يشعر الأب بعدم جدوى الحوار,وينبغي أن
يتنبه الأب لذلك,وألا يتدخل أو يطرح موضوعات للحوار إلا إذا كان الوقت مناسباً,والابن راغباً في الحديث,أو قد يشارك الأب أبناءه
ألعابهم,وأثناء اللعب والانسجام يفتح الأب الحوار بصورة غير مباشرة,وينبغي هنا أن يتحين الأب الفرصة التي تصنعها المواقف أو التي
يرغبها الابن.