لا ينقضي العجب من تعامل الحكومة الأمريكية مع موقع (ويكيليكس) ومؤسسه الأسترالي "جوليان آسانج"، فقبل أن ينشر الموقع وثائقه قامت وزارة الدفاع الأمريكية بعمل دعاية مجانية للموقع عندما حذرت المؤسسات الإخبارية على لسان المتحدث باسم البنتاجون "ديفيد لادان" من نشر وثائق أمريكية سرية يعتزم موقع (ويكيليكس) إفشاءها، وطالبته بكل أدب بإعادة الوثائق للحكومة الأمريكية.
بينما خسر بريطاني من قراصنة الكمبيوتر -اتُهم باختراق أنظمة الدفاع والفضاء الأمريكية- استئنافه ضد قرار ترحيله إلى الولايات المتحدة، حيث من الممكن أن يصدر حكم ضده بالسجن مدى الحياة.
و تأمل ردة فعل وزيرة الخارجية الأمريكية "هيلاري كلينتون" لما أثارت أحدث الوثائق التي تم الكشف عنها في موقع (ويكيليكس) غضبها، وقالت محذرةً من أن الاستمرار في نشر الوثائق يعرض حياة أشخاص للخطر.
إذاً الوثائق لا تعرض سمعة أمريكا للخطر وليس فيها أي تهديد لها بل لعدة أشخاص فقط!!
وأما نائب وزير الدفاع الأمريكي "ويليام لين" فقد قال للصحفيين أثناء زيارة قصيرة للعراق: "إذا كان شخص ما يقوم بعمل شيء يبدوا غير ملائم في المكان الموجود به، ويقوم بتحميل مئة ألف وثيقة، بينما هو في ركن غامض في البلاد عليك أن تذهب لتستفسر منه لماذا تفعل ذلك". يا سلام سلم! لماذا تفعل ذلك؟ نرجوك ونتوسل إليك أخبرنا لماذا تفعل ذلك؟؟
وحتى يتبين أن كلام نائب وزير الدفاع الأمريكي إنما هو لذر الرماد في العيون، فقد صرح هو نفسه أنه تم تحصين نحو خمسة عشر ألف موقع الكتروني عسكري خاص بالجيش الأمريكي، وأنها أصبحت تعمل بكامل طاقتها دون خوف من اختراقها.
وكان وزير الدفاع الأمريكي قد أمر بإنشاء وحدة جديدة في يونيو (2009م) لمواجهة التهديد المتزايد من الهجوم الالكتروني. وقال "الكولونيل ريفرز جونسون" المتحدث باسم قيادة أمن الشبكات والمعلومات: "إن (لين) أعلن أن الوحدة التي تتخذ من (فورت ميد) بولاية (ماريلاند) مقراً لها، جاهزة تماماً وتعمل وفق مذكرة صدرت في أكتوبر (2009م)".
المنشئات العسكرية محصنة تماماً من الاختراق، فكيف استطاع موقع (ويكيليكس) اختراقها؟ وهل يريدون منا أن نصدق أن جندياً- شاذ- لم يتجاوز الثالثة والعشرين من العمر هو المسئول عن تسريب هذا الكم الهائل من الوثائق؟.
وكانت مجلة (دير شبيجل) الألمانية قد أبدت حذراً شديداً حيال هذه الوثائق المسربة؛ لأنها لا تعلم الظروف التي تمكن فيها مخبر موقع ويكيليكس من نسخها، ولا إذا كانت الوثائق تمثل كامل المراسلات الدبلوماسية الصادرة أم أنها تقتصر على(وثائق مختارة بحسب معايير نجهلها؟).
استضافت قناة الجزيرة القطرية في مكتبها بلندن"جوليان آسانج" مؤسس موقع ويكيليكس، وكان المحاور الإعلامي القدير "أحمد منصور"-ومن يستمع أو يقرأ الحوار يتعجب من اللطف الذي تعامل به أحمد منصور مع ضيفه الأسترالي- والذي كانت أجوبته عامه وفيها كثير من اللف والدوران، وعدم الإجابة المباشرة على الأسئلة، ولا أعلم لماذا لم يحرج "أحمد منصور" ضيفه بالأسئلة كعادته مع ضيوفه؟ أم أن المخرج يريد ذلك؟!
ولما سأله "أحمد منصور" عن كيفية تحققه من مصداقية الوثائق وصحتها؟
أجاب: "نحن نتفحص من كثب المواد، ونتفحص حافز الشخص، ونقوم بشبه تحقيق قضائي وفي النهاية إن لم نكن متأكدين، فإننا ندعو المؤسسة التي قد يكون الشخص أتى منها ونقول: هل كتبتم مع هذا؟، عندما تعاملنا مع الاستخبارات الأميركية الإجابة كانت إما نعم أو لا أو ربما، ومرة فقط حصلنا على إجابة بلا وأحياناً حصلنا على إجابات بنعم، وأحياناً يقولون: لن نقول نعم أو لا، وعندما يقولون: نحن لن نخبركم إن كان هذا الأمر صحيحاً أو خطأ عندها ببساطة ننظر إلى الحقائق والمعطيات ما هي الحقائق التي تم الكشف عنها، ونسأل هل هو صحيح أنه في هذا اليوم بالتحديد أسقطتم قنبلة على مسجد أو ما شابه؟، ومن خلال دفع هذه الحقائق نحاول أن نحصل على هذه المعلومات لنعرف إن كانت صحيحة أو لا، ونحن لم نخطئ قط ولم يكن هناك زعم بأننا أخطأنا أبداً بشأن دقة المواد التي ننشرها". "فجوليان" يصرح أنه تعامل مع الاستخبارات الأمريكية بل ويسألهم عن الوثائق قبل أن ينشرها، وهم يجيبونه بنعم أم بلا، مما يعني أن هناك تعاون وتنسيق بينهم.
السؤال الذي يُطرح الآن: ما هي الفائدة التي ستجنيها الولايات المتحدة من تسريب هذه الوثائق؟
في يوم (16-11-1431م) نشر موقع المسلم مقالاً لمدير مركز الدراسات الإستراتيجية الأستاذ "طلعت رميح" قال فيه: "في مسألة تسريب كل هذا الكم من الوثائق السرية من السجل العسكري الأمريكي، فالأمر إذا تعرض للتمحيص يبدو صعب التصديق أو يستحيل استيعاب حدوثه.
فمن ناحية لم نر رد فعل أمريكياً على صعيد المؤسسة العسكرية يتناسب مع هذا الحدث الجلل، ومن ناحية ثانية لا يمكن تصور أن الأمور (سائبة) إلى هذا الحد في الحفاظ على الوثائق الأمريكية في ظل وجود قوانين سرية المعلومات وتحديد أزمان معينة للكشف عن الوثائق، كما أن الوثائق السرية جرى تسريبها من داخل جهة عسكرية معروف عنها الشدة والصرامة في الحفاظ على أسرارها.
الأمر لا يصدق، إذ نحن أمام مؤسسة عسكرية ما يميزها هو التقدم التقني والتكنولوجي -وخاصة في مجال المعلوماتية-، وهى ليست فقط -الجهة التي- اخترعت الانترنت الذي احدث هذا الانقلاب في الحياة الإنسانية بكافة جوانبها، بل هي الجهة التي تملك أعلى القدرات في مجال الحواسب الآلية وبرامجها، إذ هي تعتمد أساساً على تلك الحواسب والبرامج في تفوقها الدولي.
هي إذن عملية عسكرية مرتبة مدبرة ضمن فعاليات نشر ما تريد نشره القيادة الأمريكية، ومن خلال وسيلة أشد فعالية في تحقيق أهداف النشر، إذ لو نشرت تلك الوثائق في وسائل إعلامية أمريكية مباشرة لكان الأمر محل شكوك، أما نشرها في موقع مؤسس وينشر من خارج الولايات المتحدة، وإثارة الضجيج والرفض حول ما نشره، فهو في قلب الهدف تماماً.
ما نشهده بشان هذا الموقع، هو جزء من خطة إعلامية أمريكية لاستعادة السطوة الإعلامية الأمريكية من خلال وسائل الإعلام الحديثة، وأهمها الشبكة العنكبوتية التي نجحت مواقع دولية أخرى معادية للتوجه والدور والنفوذ الأمريكي في احتلال مساحات تأثير قوية فيها.
نحن أمام خطة أمريكية للسيطرة الإعلامية من خلال موقع ويكيليكس -ومواقع أخرى-، لتعالج انهيار تأثير الوسائل التقليدية (الصحف والمجلات وحتى سى إن إن)، إذ ضعف تأثير الإعلام الأمريكي، ولمعالجة ضعفه يجرى كل هذا الضجيج لتثبت موقع ويكيليكس كأحد المواقع التي تحقق نفاذاً للرؤى والسياسات الأمريكية، لكن دون مسئولية أمريكية مباشرة لا أكثر ولا اقل، وهذا نمط العمل الإعلامي في زمن العولمة، أو في زمن الإعلام الرمادي، القائم على قصص وحكايات وروايات الرأي والرأي الأخر، وهو النمط الأشد خطورة وفعالية في التأثير على المشاهد".
ومما يقوي طرح الأستاذ "طلعت رميح" ما ورد في التقرير التالي "أسهمت الوثائق التي كشف عنها موقع (ويكيليكس)، الشهير بنشر وثائق سرية، في ارتقائه آلاف المراتب على سلم الترتيب العالمي للمواقع الإلكترونية في غضون أسبوع وذلك رغم تعرضه للقرصنة أكثر من مرة.
وبينما كان ترتيب الموقع في الأسبوع الماضي يتخطى الـ (4000) بكثير، فإنه بمجرد إعلان القائمين عليه عزمهم نشر نحو ربع مليون برقية دبلوماسية أميركية حتى بدأ يتقدم شيئاً فشيئاً.
لكن الأيام الثلاثة التالية لنشره الوثائق الجديدة شهدت قفزات نوعية غير مسبوقة للموقع ليصل ترتيبه الخميس (2-12-2010م) وفقاً لموقع (أليكسا) المتخصص بترتيب المواقع، إلى المرتبة (1850) على مستوى العالم.
وتشير بيانات (أليكسا) إلى أن نسبة تقدم (ويكيليكس) عالمياً خلال الفترة الواقعة بين( 23 – 29) ديسمبر المنصرم بلغت (1910%)، وقد تكون هذه النسبة غير مسبوقة في تاريخ المواقع، بينما كانت نسبة تقدمه خلال الشهر الماضي كاملاً (167%)".
وتساءل الدكتور"أحمد يوسف الدعيج" في صحيفة الوطن الكويتية بتاريخ (29-11-2010م) قائلاً: "لا أحد يدري حقيقة هذا الـ(ويكليكس)!، هل من المعقول أن أمريكا بعظمتها وجبروتها وبطشها لا تستطيع أن توقف الـ(ويكليكس) وتسريباته التي بلغت ملايين الوثائق؟ أم أن الوثائق قام الأمريكان بتسريبها لهدف ما؟ أو بعبارة أدق: غضوا الطرف عن تسريبها مثلما فعلوا في أحداث الحادي عشر من سبتمر(2001م)، وإذا كان الأمر كذلك فلا شك في أن الهدف من تسريبها كبير جداً....".
كما قال أحد كتّاب وكالة البلقا الإخبارية "هشام إبراهيم الأخرس": "إن المتتبع للوثائق التي تنشر عبر موقع (وكيلكس) يتيقن تماماً بأن هناك رسالة تريد الولايات المتحدة إيصالها، وهذا كان واضح من التحذيرات التي أطلقها الساسة الأمريكيون قبل نشر الوثائق بأسبوع، وعمل هاله من الإثارة لجعل العالم كله يترقب نشر الوثائق. لا يمكن أن اقتنع بأن التكنولوجيا الأمريكية غير قادرة على منع موقع انترنت من نشر الوثائق وهي تملك سر الانترنت والقوة الكافية لإنهاء هذه المهزلة، ولست أنا من مروجي نظرية المؤامرة، لكن هنا شيء مختلف!!.
من الوثائق الغريبة أن أمير دولة قطر قال لأحد المسئولين الأمريكيين: "نحن نكذب عليهم وهم يكذبون علينا، -يقصد إيران-"، والغريب أن هذا المسئول قام بكتابة هذه الجملة وبعثها لواشنطن عبر فاكس سري للغاية، وتركوها في مستودع مهمل ليسرقها أحد العابرين ويتاجر فيها عبر سوق بيع الوثائق الجديد. أي منطق هذا؟ أي مستقبل ستجرنا إليه الولايات المتحدة؟"
وذكر الأستاذ "ممدوح إسماعيل" في مقال له بموقع قاوم الإلكتروني "وهنا نقف مع تهديد البنتاجون للموقع بعدم نشر تسريبات المستندات ومحوها، وإصرار الموقع على النشر ليقفز السؤال البديهي: من يتحدى البنتاجون بإمكانياته وسجل مخابراته -القذر- في العمليات السرية؟ وأي قوة تملكها إدارة الموقع؟
الإجابة عند المتابعين والسياسيين -أولي الفهم- تقول: أنه بلا شك أن الموقع يعمل لصالح جهة قوية ترغب في ترتيب أوراق وبلورة أحداث على الساحة السياسة العالمية والأمريكية خاصة وفق منظومة أهداف محددة؛ وإلا ما هي القوة الجبارة التي استطاعت اختراق البنتاجون بكل احتياطياته في الحفاظ على السرية، واستطاعت تسريب (490) ألف وثيقة؟؟.
وحتى نزيد في الشرح: المكان هو البنتاجون وليس مكتبة أو منزل تم اقتحام حاسبه بواسطة قرصان هاوي، وإذا تماشينا على فرض جدلي أن القرصان "الكويكسى" نجح في اختراق البنتاجون وسرب (90) ألف وثيقة خاصة بأفغانستان ثم البنتاجون هدد الموقع وانتبه للتسريبات، ألم يكن من باب أولى أن البنتاجون ينتبه لمكان الاختراق ويحصنه ويتتبع كيفية الاختراق ليمنعه؟!
ولكن هذا لم يحدث.. فبعد ثلاثة شهور خرج الموقع بتسريب أكبر لـ(400) ألف وثيقة خاصة بالعراق ليزداد الموقف وضوحاً أن البنتاجون مكان مفتوح وأن التسريب يخرج تحت أعين نافذين لهم مصالح يعملون وفق خطة ودعم دولي".
وبعد هذا كله ألا يحق لنا أن نصرخ بأعلى أصواتنا(لا تستغفلوا عقولنا).
المصدر : موقع الرحمة المهداة www.mohdat.com
بينما خسر بريطاني من قراصنة الكمبيوتر -اتُهم باختراق أنظمة الدفاع والفضاء الأمريكية- استئنافه ضد قرار ترحيله إلى الولايات المتحدة، حيث من الممكن أن يصدر حكم ضده بالسجن مدى الحياة.
و تأمل ردة فعل وزيرة الخارجية الأمريكية "هيلاري كلينتون" لما أثارت أحدث الوثائق التي تم الكشف عنها في موقع (ويكيليكس) غضبها، وقالت محذرةً من أن الاستمرار في نشر الوثائق يعرض حياة أشخاص للخطر.
إذاً الوثائق لا تعرض سمعة أمريكا للخطر وليس فيها أي تهديد لها بل لعدة أشخاص فقط!!
وأما نائب وزير الدفاع الأمريكي "ويليام لين" فقد قال للصحفيين أثناء زيارة قصيرة للعراق: "إذا كان شخص ما يقوم بعمل شيء يبدوا غير ملائم في المكان الموجود به، ويقوم بتحميل مئة ألف وثيقة، بينما هو في ركن غامض في البلاد عليك أن تذهب لتستفسر منه لماذا تفعل ذلك". يا سلام سلم! لماذا تفعل ذلك؟ نرجوك ونتوسل إليك أخبرنا لماذا تفعل ذلك؟؟
وحتى يتبين أن كلام نائب وزير الدفاع الأمريكي إنما هو لذر الرماد في العيون، فقد صرح هو نفسه أنه تم تحصين نحو خمسة عشر ألف موقع الكتروني عسكري خاص بالجيش الأمريكي، وأنها أصبحت تعمل بكامل طاقتها دون خوف من اختراقها.
وكان وزير الدفاع الأمريكي قد أمر بإنشاء وحدة جديدة في يونيو (2009م) لمواجهة التهديد المتزايد من الهجوم الالكتروني. وقال "الكولونيل ريفرز جونسون" المتحدث باسم قيادة أمن الشبكات والمعلومات: "إن (لين) أعلن أن الوحدة التي تتخذ من (فورت ميد) بولاية (ماريلاند) مقراً لها، جاهزة تماماً وتعمل وفق مذكرة صدرت في أكتوبر (2009م)".
المنشئات العسكرية محصنة تماماً من الاختراق، فكيف استطاع موقع (ويكيليكس) اختراقها؟ وهل يريدون منا أن نصدق أن جندياً- شاذ- لم يتجاوز الثالثة والعشرين من العمر هو المسئول عن تسريب هذا الكم الهائل من الوثائق؟.
وكانت مجلة (دير شبيجل) الألمانية قد أبدت حذراً شديداً حيال هذه الوثائق المسربة؛ لأنها لا تعلم الظروف التي تمكن فيها مخبر موقع ويكيليكس من نسخها، ولا إذا كانت الوثائق تمثل كامل المراسلات الدبلوماسية الصادرة أم أنها تقتصر على(وثائق مختارة بحسب معايير نجهلها؟).
استضافت قناة الجزيرة القطرية في مكتبها بلندن"جوليان آسانج" مؤسس موقع ويكيليكس، وكان المحاور الإعلامي القدير "أحمد منصور"-ومن يستمع أو يقرأ الحوار يتعجب من اللطف الذي تعامل به أحمد منصور مع ضيفه الأسترالي- والذي كانت أجوبته عامه وفيها كثير من اللف والدوران، وعدم الإجابة المباشرة على الأسئلة، ولا أعلم لماذا لم يحرج "أحمد منصور" ضيفه بالأسئلة كعادته مع ضيوفه؟ أم أن المخرج يريد ذلك؟!
ولما سأله "أحمد منصور" عن كيفية تحققه من مصداقية الوثائق وصحتها؟
أجاب: "نحن نتفحص من كثب المواد، ونتفحص حافز الشخص، ونقوم بشبه تحقيق قضائي وفي النهاية إن لم نكن متأكدين، فإننا ندعو المؤسسة التي قد يكون الشخص أتى منها ونقول: هل كتبتم مع هذا؟، عندما تعاملنا مع الاستخبارات الأميركية الإجابة كانت إما نعم أو لا أو ربما، ومرة فقط حصلنا على إجابة بلا وأحياناً حصلنا على إجابات بنعم، وأحياناً يقولون: لن نقول نعم أو لا، وعندما يقولون: نحن لن نخبركم إن كان هذا الأمر صحيحاً أو خطأ عندها ببساطة ننظر إلى الحقائق والمعطيات ما هي الحقائق التي تم الكشف عنها، ونسأل هل هو صحيح أنه في هذا اليوم بالتحديد أسقطتم قنبلة على مسجد أو ما شابه؟، ومن خلال دفع هذه الحقائق نحاول أن نحصل على هذه المعلومات لنعرف إن كانت صحيحة أو لا، ونحن لم نخطئ قط ولم يكن هناك زعم بأننا أخطأنا أبداً بشأن دقة المواد التي ننشرها". "فجوليان" يصرح أنه تعامل مع الاستخبارات الأمريكية بل ويسألهم عن الوثائق قبل أن ينشرها، وهم يجيبونه بنعم أم بلا، مما يعني أن هناك تعاون وتنسيق بينهم.
السؤال الذي يُطرح الآن: ما هي الفائدة التي ستجنيها الولايات المتحدة من تسريب هذه الوثائق؟
في يوم (16-11-1431م) نشر موقع المسلم مقالاً لمدير مركز الدراسات الإستراتيجية الأستاذ "طلعت رميح" قال فيه: "في مسألة تسريب كل هذا الكم من الوثائق السرية من السجل العسكري الأمريكي، فالأمر إذا تعرض للتمحيص يبدو صعب التصديق أو يستحيل استيعاب حدوثه.
فمن ناحية لم نر رد فعل أمريكياً على صعيد المؤسسة العسكرية يتناسب مع هذا الحدث الجلل، ومن ناحية ثانية لا يمكن تصور أن الأمور (سائبة) إلى هذا الحد في الحفاظ على الوثائق الأمريكية في ظل وجود قوانين سرية المعلومات وتحديد أزمان معينة للكشف عن الوثائق، كما أن الوثائق السرية جرى تسريبها من داخل جهة عسكرية معروف عنها الشدة والصرامة في الحفاظ على أسرارها.
الأمر لا يصدق، إذ نحن أمام مؤسسة عسكرية ما يميزها هو التقدم التقني والتكنولوجي -وخاصة في مجال المعلوماتية-، وهى ليست فقط -الجهة التي- اخترعت الانترنت الذي احدث هذا الانقلاب في الحياة الإنسانية بكافة جوانبها، بل هي الجهة التي تملك أعلى القدرات في مجال الحواسب الآلية وبرامجها، إذ هي تعتمد أساساً على تلك الحواسب والبرامج في تفوقها الدولي.
هي إذن عملية عسكرية مرتبة مدبرة ضمن فعاليات نشر ما تريد نشره القيادة الأمريكية، ومن خلال وسيلة أشد فعالية في تحقيق أهداف النشر، إذ لو نشرت تلك الوثائق في وسائل إعلامية أمريكية مباشرة لكان الأمر محل شكوك، أما نشرها في موقع مؤسس وينشر من خارج الولايات المتحدة، وإثارة الضجيج والرفض حول ما نشره، فهو في قلب الهدف تماماً.
ما نشهده بشان هذا الموقع، هو جزء من خطة إعلامية أمريكية لاستعادة السطوة الإعلامية الأمريكية من خلال وسائل الإعلام الحديثة، وأهمها الشبكة العنكبوتية التي نجحت مواقع دولية أخرى معادية للتوجه والدور والنفوذ الأمريكي في احتلال مساحات تأثير قوية فيها.
نحن أمام خطة أمريكية للسيطرة الإعلامية من خلال موقع ويكيليكس -ومواقع أخرى-، لتعالج انهيار تأثير الوسائل التقليدية (الصحف والمجلات وحتى سى إن إن)، إذ ضعف تأثير الإعلام الأمريكي، ولمعالجة ضعفه يجرى كل هذا الضجيج لتثبت موقع ويكيليكس كأحد المواقع التي تحقق نفاذاً للرؤى والسياسات الأمريكية، لكن دون مسئولية أمريكية مباشرة لا أكثر ولا اقل، وهذا نمط العمل الإعلامي في زمن العولمة، أو في زمن الإعلام الرمادي، القائم على قصص وحكايات وروايات الرأي والرأي الأخر، وهو النمط الأشد خطورة وفعالية في التأثير على المشاهد".
ومما يقوي طرح الأستاذ "طلعت رميح" ما ورد في التقرير التالي "أسهمت الوثائق التي كشف عنها موقع (ويكيليكس)، الشهير بنشر وثائق سرية، في ارتقائه آلاف المراتب على سلم الترتيب العالمي للمواقع الإلكترونية في غضون أسبوع وذلك رغم تعرضه للقرصنة أكثر من مرة.
وبينما كان ترتيب الموقع في الأسبوع الماضي يتخطى الـ (4000) بكثير، فإنه بمجرد إعلان القائمين عليه عزمهم نشر نحو ربع مليون برقية دبلوماسية أميركية حتى بدأ يتقدم شيئاً فشيئاً.
لكن الأيام الثلاثة التالية لنشره الوثائق الجديدة شهدت قفزات نوعية غير مسبوقة للموقع ليصل ترتيبه الخميس (2-12-2010م) وفقاً لموقع (أليكسا) المتخصص بترتيب المواقع، إلى المرتبة (1850) على مستوى العالم.
وتشير بيانات (أليكسا) إلى أن نسبة تقدم (ويكيليكس) عالمياً خلال الفترة الواقعة بين( 23 – 29) ديسمبر المنصرم بلغت (1910%)، وقد تكون هذه النسبة غير مسبوقة في تاريخ المواقع، بينما كانت نسبة تقدمه خلال الشهر الماضي كاملاً (167%)".
وتساءل الدكتور"أحمد يوسف الدعيج" في صحيفة الوطن الكويتية بتاريخ (29-11-2010م) قائلاً: "لا أحد يدري حقيقة هذا الـ(ويكليكس)!، هل من المعقول أن أمريكا بعظمتها وجبروتها وبطشها لا تستطيع أن توقف الـ(ويكليكس) وتسريباته التي بلغت ملايين الوثائق؟ أم أن الوثائق قام الأمريكان بتسريبها لهدف ما؟ أو بعبارة أدق: غضوا الطرف عن تسريبها مثلما فعلوا في أحداث الحادي عشر من سبتمر(2001م)، وإذا كان الأمر كذلك فلا شك في أن الهدف من تسريبها كبير جداً....".
كما قال أحد كتّاب وكالة البلقا الإخبارية "هشام إبراهيم الأخرس": "إن المتتبع للوثائق التي تنشر عبر موقع (وكيلكس) يتيقن تماماً بأن هناك رسالة تريد الولايات المتحدة إيصالها، وهذا كان واضح من التحذيرات التي أطلقها الساسة الأمريكيون قبل نشر الوثائق بأسبوع، وعمل هاله من الإثارة لجعل العالم كله يترقب نشر الوثائق. لا يمكن أن اقتنع بأن التكنولوجيا الأمريكية غير قادرة على منع موقع انترنت من نشر الوثائق وهي تملك سر الانترنت والقوة الكافية لإنهاء هذه المهزلة، ولست أنا من مروجي نظرية المؤامرة، لكن هنا شيء مختلف!!.
من الوثائق الغريبة أن أمير دولة قطر قال لأحد المسئولين الأمريكيين: "نحن نكذب عليهم وهم يكذبون علينا، -يقصد إيران-"، والغريب أن هذا المسئول قام بكتابة هذه الجملة وبعثها لواشنطن عبر فاكس سري للغاية، وتركوها في مستودع مهمل ليسرقها أحد العابرين ويتاجر فيها عبر سوق بيع الوثائق الجديد. أي منطق هذا؟ أي مستقبل ستجرنا إليه الولايات المتحدة؟"
وذكر الأستاذ "ممدوح إسماعيل" في مقال له بموقع قاوم الإلكتروني "وهنا نقف مع تهديد البنتاجون للموقع بعدم نشر تسريبات المستندات ومحوها، وإصرار الموقع على النشر ليقفز السؤال البديهي: من يتحدى البنتاجون بإمكانياته وسجل مخابراته -القذر- في العمليات السرية؟ وأي قوة تملكها إدارة الموقع؟
الإجابة عند المتابعين والسياسيين -أولي الفهم- تقول: أنه بلا شك أن الموقع يعمل لصالح جهة قوية ترغب في ترتيب أوراق وبلورة أحداث على الساحة السياسة العالمية والأمريكية خاصة وفق منظومة أهداف محددة؛ وإلا ما هي القوة الجبارة التي استطاعت اختراق البنتاجون بكل احتياطياته في الحفاظ على السرية، واستطاعت تسريب (490) ألف وثيقة؟؟.
وحتى نزيد في الشرح: المكان هو البنتاجون وليس مكتبة أو منزل تم اقتحام حاسبه بواسطة قرصان هاوي، وإذا تماشينا على فرض جدلي أن القرصان "الكويكسى" نجح في اختراق البنتاجون وسرب (90) ألف وثيقة خاصة بأفغانستان ثم البنتاجون هدد الموقع وانتبه للتسريبات، ألم يكن من باب أولى أن البنتاجون ينتبه لمكان الاختراق ويحصنه ويتتبع كيفية الاختراق ليمنعه؟!
ولكن هذا لم يحدث.. فبعد ثلاثة شهور خرج الموقع بتسريب أكبر لـ(400) ألف وثيقة خاصة بالعراق ليزداد الموقف وضوحاً أن البنتاجون مكان مفتوح وأن التسريب يخرج تحت أعين نافذين لهم مصالح يعملون وفق خطة ودعم دولي".
وبعد هذا كله ألا يحق لنا أن نصرخ بأعلى أصواتنا(لا تستغفلوا عقولنا).
المصدر : موقع الرحمة المهداة www.mohdat.com