أصبحت المصالح الخاصة للعضو المنتسب إلي أي حزب هي التي تحكم علاقته بهذا الحزب.. ولم يعد للانتماء أية قيمة.. بل لم يعد هناك أي انتماء إذا تعارضت المصلحة مع قرارات الحزب.
هذا ما أفرزته انتخابات مجلس الشعب التي انتهت بالأمس.. ولم يقتصر هذه الظاهرة علي حزب دون الآخر.. بل شملت كل الأحزاب التي كان لها صوت مسموع في هذه الانتخابات.
لو بدأنا بالحزب الوطني باعتباره حزب الأغلبية سوف نجد عدداً من أعضائه الذين لم يتم ترشيحهم من قبل المجمعات الانتخابية يرفضون الالتزام بما ارتآه الحزب. وقرروا ترشيح أنفسهم كمستقلين ضاربين بنتيجة هذه المجمعات عرض الحائط.. وهذا يعني إلغاء أو علي الأقل ضعف مبدأ الانتماء.
وكأن لسان حال العضو يقول: أنا عضو في الحزب مادمت مستفيداً.. أما إذا لم استفد فلا يلزمني الحزب في أي شيء.
وهذه الظاهرة بدت بوضوح في مرشحي حزب الوفد والإخوان المسلمين في انتخابات الإعادة التي جرت بالأمس.. فرغم إعلان الوفد وجماعة الإخوان المسلمين انسحابهما من الانتخابات إلا أن مرشحيهما الذين شعروا أن أمامهم فرصة نجاح رفضوا الالتزام بمبدأ الانسحاب وقرروا المضي في الانتخابات.
وهذا يؤكد أيضاً غلبة مبدأ المصلحة الخاصة علي المصلحة العامة للحزب.. وإذا كان هذا أمراً وارداً بالنسبة للأحزاب. فإنه أمر غريب بالنسبة لجماعة الإخوان المحظورة التي تدعي تماسك أعضائها وأن المبدأ العام يغلب المصلحة الخاصة.
ولذلك لم يكن غريباً في انتخابات الإعادة أن يدعي بعض مرشحي الحزب الوطني في الدوائر المفتوحة علي بعضهم البعض أن هناك تدخلاً في اللجان لصالح أحد المرشحين علي حساب الآخر.
بل إن أحد مرشحي الحزب الوطني في محافظة الدقهلية- كما ذكرت الصحف القومية- انسحب من الانتخابات احتجاجاً علي أن هناك عملية تدخل في كل اللجان ضده لصالح مرشح حزب التجمع.
لقد انتهت الانتخابات بالأمس وطويت صفحتها بحلوها ومرها وكانت- في رأيي- الانتخابات الأكثر إثارة في تاريخ الانتخابات المصرية. والأكثر جدلاً حول نزاهتها أو عدم نزاهتها.. ورغم كل ذلك سينعقد المجلس قريباً في دورته الجديدة وكأن شيئاً لم يكن.
وكلنا نترقب كيف سيكون أداء المجلس الجديد.. وكلنا أيضاً يترقب كثرة الطعون علي هذه الانتخابات وكثرة الأحكام القضائية.. ولمن تكون "الغلبة".. وهل هي لكلمة القضاء أو لسيد قراره.