الدفن وطقوسه النصرانية في أمريكا
المُنْتَمُون إلى نظام الدفن في أمريكا أغنى الأغنياء، إن لم يكونوا أغنى الأمريكان على الإطلاق، يكلف الدفن في أمريكا ما بين خمسة آلاف دولار إلى خمسين ألف دولار، وجُلُّ الأمريكيين قادرون على تحمل هذه المبالغ، إلا أن في أمريكا من هو غير قادر على تحمل خمسمائة دولار، فضلا عن خمسة آلاف دولار، وجثث أمثال هؤلاء تحرق بالنار، وذلك بوضعها في فرن تحول الجثة إلى رماد خلال دقيقة واحدة أو أقل من ذلك.
ويستغرق دفن النصراني في أمريكا ما بين خمسة إلى سبعة أيام، ويكلف دفن الميت قرابة عشرة آلاف دولار في الأعم الأغلب، لذا نجد عجائز النصارى يتجهون إلى شركات التأمين على الحياة بعد سن الستين لتأمين نفقات الدفن، وجلهم يموت في المستشفيات، ثم تنقل جثثهم إلى فِيُوْنرَل هُوْم (بيت الجنازة)، وفيونرل هوم:عبارة عن مبنى كبير، خُصص جزء منه لتثليج الجثث، كما أن المبنى يحتوي على صالة كبيرة لأداء الطقوس الدينية، ويكون مجهزاً بمنصة عرض وكراسي لجلوس الحاضرين.
وفي فيونرل هوم غرفة خاصة لتجهيز الميت، قد جهزت بمواد كيماوية، تحفظ الميت من التعفن، وتُزِيل عنه الآثار الكريهة، لاسيما من الوجه ومجاري التنفس، ولا يكفن الميت، بل يلبسونه أفضل لباسه (بَدْلَة)، من البنطلون والشِرْت (القميص) الغامقين وربطة رقبة حمراء، ويوضع في جيبه منديل، وفي قلاب الشرت وردة، وفي قدميه الشراب والجزمة، وتوضع الجثة في صندوق (تابوت) جُهز لهذا الغرض من أقوى أنواع الخشب، فيصبح ثقيلاً يُحْمَل بالوِنْش (الرافعة)، ولا يستطيع البشر حمله، رُوعي عند صنعه رفاهية الميت من مرتبة أسفنجية مخملية من أسفل ومن الجوانب، ويقفل الصندوق على الجثة، ما عدا شباك صغير عند وجهها، ومثل ذلك يصنع بالأنثى النصرانية، يُزَال من وجهها آثار الذكورة، وتوضع المساحيق المطلوبة على وجهها، ويستغرق التجهيز يومين على أقل تقدير، ويوضع الصندوق في اليوم الثالث أو الرابع في مكان مرتفع لإلقاء نظرة الوداع، فيأتي المدعوون وقد ارتدوا أفضل ما يملكون من اللباس، كأنهم قادمون لتسلم أمر التوظيف، لا العزاء والمواساة، وقد حمل كل منهم باقة ورد يضعها بجوار الصندوق، ويسجل كلمته تجاه المتوفى في دفتر قد جهز لهذا الغرض، ولكل قادم مقعد خاص به، قد وضع عليه الإنجيل، ثم يأتي القسيس فيصعد المنصة، ويقرأ فقرات من الإنجيل، ثم يخاطب الجمهور بجمل مختصرة، وللغناء أهمية خاصة في الطقوس النصرانية الوداعية، وربما قام الحاضرون في صورة جماعية لينشدوا منظومة مذهبية، وترى من الحاضرين من يصعد المنصة لبيان ما يختلج في صدره تجاه المتوفى، فيبديه على الحاضرين، ويدعو له بنيل الجنة، ويكون جلوس الحاضرين في حفل الوداع مرتباً فيختص الصف الأول بأقرباء الميت، وقد ارتدوا البِدَل السوداء، ومثل ذلك النساء، بعد أن وضعن حجاباً من قماش أسود مخروم يشبه السلك على رؤوسهن، وإنك لتجد جوار فيونرل هوم مراكز متعددة تبلغ العشرات، تؤجر مثل هذه الملابس، فبعد الانتهاء من طقوس فيونرل هوم يؤخذ الصندوق للدفن، ويوضع في سيارة ليموزين سوداء، تختص بفيونرل هوم، يقوده سائق وقد ارتدى بدلة معينة بلون معين، ويستأجر أقرباء الميت أربعة أو خمسة ليموزينات باللون ذاته لمصاحبة الميت، يقودها سائقون وقد ارتدوا بدلاً معينة، وتسير هذه القافلة بسرعة بطيئة في صف واحد، بعد إضاءة الأنوار الرئيسية لسياراتهم، ولا تتوقف هذه القافلة عند الإشارات، بل تجد الشرطة قد نظمت لها المسير، وتُقَدِّمُ الشرطة هذه الخدمة مجاناً، دون رسوم أو ضرائب، وفي المقبرة شوارع رئيسية وشوارع فرعية مزفلتة، ووجودهما ضروري؛ لأن صندوق الميت ثقيل ثقلاً لا يستطيع البشر إنزاله، فَيُنَزَّلُ بواسطة الوِنْش، والونش يحتاج إلى مثل هذه الشوارع، وقبورهم تشبه قبور المسلمين.
ومن طقوس القبر أن أقرباء الميت يَتَقَدَّمون كل الطقوس، فيرفعون التابوت بواسطة الونش، وينزلونه إلى القبر، وتجد القسيس يقرأ أدعية ويرش الماء المعطر داخل القبر بعصاته الخاصة، الذي جلبه لهذا الغرض، ثم يُقفل القبر بغطاء إسمنتي غليظ، ويوضع الصليب عند رأسه، ويُزين القبر مرة أخرى بباقات الورود.
أضف إلى ذلك أن هناك شركات متخصصة مهمتها تقديم خدمة الورود إلى صاحب القبر كل يوم، أو كل أسبوع، أو كل شهر، أو كل ستة أشهر، أو كل سنة، مقابل مبلغ مادي معين، يدفعه أقرباء الميت، لذا تجد في المقابر الأمريكية ورودا يومية، وتجد جيران الميت قد جلبوا بعض الأطعمة مؤاساة لأهل الميت، والغريب في الأمر أنك ترى الحاضرين قد انقضوا على هذه الأطعمة كأنهم جياع منذ أسبوع، تجد أيديهم تمتد إلى اليمين واليسار والأمام كأنهم في أفريقيا الوسطى.
تلك هي الصورة الرئيسية للدفن النصراني في أمريكا، يأتي الناس للمواساة في أبهى حُلَّة، غير متأثرين بالوفاة، انقلبت فطرهم فلا تفرق بين الحزن والفرح؛ لإغراقهم في المادة والماديات.
ما أعظم الإسلام، وما أعظم أحكامه في الوفاة والدفن، يساير الفطرة البشرية ويواسيها، ويهيئها للقاء ربها، يُغْسل الميت غسل التنظيف، يكفن في كفن أشبه ما يكون بملابس المسافر، يأمر بالإسراع في الدفن، ويأمر المسلمين بتقديم الطعام إلى أهل المصاب ثلاثة أيام، ويحصر الحداد في ثلاثة أيام إلا للمرأة على زوجها.
أين هذه البساطة من تلك التكاليف الباهظة؟ لذلك تجد نسبة حرق الموتى في ازدياد في أمريكا، ففي عام 1980م كانت نسبة المحترقين 3%، بينما ارتفعت هذه النسبة إلى 12% في عام 1988م، أين الكرامة الإنسانية؟ لا وجود لها إلا في الإسلام، فالحي مكرم والميت مكرم، (حرمة الميت كحرمة الحي)
اللهم أهد البشرية إلى دينك إنك قادر حكيم.
والمصدر www.mohdat.com
المُنْتَمُون إلى نظام الدفن في أمريكا أغنى الأغنياء، إن لم يكونوا أغنى الأمريكان على الإطلاق، يكلف الدفن في أمريكا ما بين خمسة آلاف دولار إلى خمسين ألف دولار، وجُلُّ الأمريكيين قادرون على تحمل هذه المبالغ، إلا أن في أمريكا من هو غير قادر على تحمل خمسمائة دولار، فضلا عن خمسة آلاف دولار، وجثث أمثال هؤلاء تحرق بالنار، وذلك بوضعها في فرن تحول الجثة إلى رماد خلال دقيقة واحدة أو أقل من ذلك.
ويستغرق دفن النصراني في أمريكا ما بين خمسة إلى سبعة أيام، ويكلف دفن الميت قرابة عشرة آلاف دولار في الأعم الأغلب، لذا نجد عجائز النصارى يتجهون إلى شركات التأمين على الحياة بعد سن الستين لتأمين نفقات الدفن، وجلهم يموت في المستشفيات، ثم تنقل جثثهم إلى فِيُوْنرَل هُوْم (بيت الجنازة)، وفيونرل هوم:عبارة عن مبنى كبير، خُصص جزء منه لتثليج الجثث، كما أن المبنى يحتوي على صالة كبيرة لأداء الطقوس الدينية، ويكون مجهزاً بمنصة عرض وكراسي لجلوس الحاضرين.
وفي فيونرل هوم غرفة خاصة لتجهيز الميت، قد جهزت بمواد كيماوية، تحفظ الميت من التعفن، وتُزِيل عنه الآثار الكريهة، لاسيما من الوجه ومجاري التنفس، ولا يكفن الميت، بل يلبسونه أفضل لباسه (بَدْلَة)، من البنطلون والشِرْت (القميص) الغامقين وربطة رقبة حمراء، ويوضع في جيبه منديل، وفي قلاب الشرت وردة، وفي قدميه الشراب والجزمة، وتوضع الجثة في صندوق (تابوت) جُهز لهذا الغرض من أقوى أنواع الخشب، فيصبح ثقيلاً يُحْمَل بالوِنْش (الرافعة)، ولا يستطيع البشر حمله، رُوعي عند صنعه رفاهية الميت من مرتبة أسفنجية مخملية من أسفل ومن الجوانب، ويقفل الصندوق على الجثة، ما عدا شباك صغير عند وجهها، ومثل ذلك يصنع بالأنثى النصرانية، يُزَال من وجهها آثار الذكورة، وتوضع المساحيق المطلوبة على وجهها، ويستغرق التجهيز يومين على أقل تقدير، ويوضع الصندوق في اليوم الثالث أو الرابع في مكان مرتفع لإلقاء نظرة الوداع، فيأتي المدعوون وقد ارتدوا أفضل ما يملكون من اللباس، كأنهم قادمون لتسلم أمر التوظيف، لا العزاء والمواساة، وقد حمل كل منهم باقة ورد يضعها بجوار الصندوق، ويسجل كلمته تجاه المتوفى في دفتر قد جهز لهذا الغرض، ولكل قادم مقعد خاص به، قد وضع عليه الإنجيل، ثم يأتي القسيس فيصعد المنصة، ويقرأ فقرات من الإنجيل، ثم يخاطب الجمهور بجمل مختصرة، وللغناء أهمية خاصة في الطقوس النصرانية الوداعية، وربما قام الحاضرون في صورة جماعية لينشدوا منظومة مذهبية، وترى من الحاضرين من يصعد المنصة لبيان ما يختلج في صدره تجاه المتوفى، فيبديه على الحاضرين، ويدعو له بنيل الجنة، ويكون جلوس الحاضرين في حفل الوداع مرتباً فيختص الصف الأول بأقرباء الميت، وقد ارتدوا البِدَل السوداء، ومثل ذلك النساء، بعد أن وضعن حجاباً من قماش أسود مخروم يشبه السلك على رؤوسهن، وإنك لتجد جوار فيونرل هوم مراكز متعددة تبلغ العشرات، تؤجر مثل هذه الملابس، فبعد الانتهاء من طقوس فيونرل هوم يؤخذ الصندوق للدفن، ويوضع في سيارة ليموزين سوداء، تختص بفيونرل هوم، يقوده سائق وقد ارتدى بدلة معينة بلون معين، ويستأجر أقرباء الميت أربعة أو خمسة ليموزينات باللون ذاته لمصاحبة الميت، يقودها سائقون وقد ارتدوا بدلاً معينة، وتسير هذه القافلة بسرعة بطيئة في صف واحد، بعد إضاءة الأنوار الرئيسية لسياراتهم، ولا تتوقف هذه القافلة عند الإشارات، بل تجد الشرطة قد نظمت لها المسير، وتُقَدِّمُ الشرطة هذه الخدمة مجاناً، دون رسوم أو ضرائب، وفي المقبرة شوارع رئيسية وشوارع فرعية مزفلتة، ووجودهما ضروري؛ لأن صندوق الميت ثقيل ثقلاً لا يستطيع البشر إنزاله، فَيُنَزَّلُ بواسطة الوِنْش، والونش يحتاج إلى مثل هذه الشوارع، وقبورهم تشبه قبور المسلمين.
ومن طقوس القبر أن أقرباء الميت يَتَقَدَّمون كل الطقوس، فيرفعون التابوت بواسطة الونش، وينزلونه إلى القبر، وتجد القسيس يقرأ أدعية ويرش الماء المعطر داخل القبر بعصاته الخاصة، الذي جلبه لهذا الغرض، ثم يُقفل القبر بغطاء إسمنتي غليظ، ويوضع الصليب عند رأسه، ويُزين القبر مرة أخرى بباقات الورود.
أضف إلى ذلك أن هناك شركات متخصصة مهمتها تقديم خدمة الورود إلى صاحب القبر كل يوم، أو كل أسبوع، أو كل شهر، أو كل ستة أشهر، أو كل سنة، مقابل مبلغ مادي معين، يدفعه أقرباء الميت، لذا تجد في المقابر الأمريكية ورودا يومية، وتجد جيران الميت قد جلبوا بعض الأطعمة مؤاساة لأهل الميت، والغريب في الأمر أنك ترى الحاضرين قد انقضوا على هذه الأطعمة كأنهم جياع منذ أسبوع، تجد أيديهم تمتد إلى اليمين واليسار والأمام كأنهم في أفريقيا الوسطى.
تلك هي الصورة الرئيسية للدفن النصراني في أمريكا، يأتي الناس للمواساة في أبهى حُلَّة، غير متأثرين بالوفاة، انقلبت فطرهم فلا تفرق بين الحزن والفرح؛ لإغراقهم في المادة والماديات.
ما أعظم الإسلام، وما أعظم أحكامه في الوفاة والدفن، يساير الفطرة البشرية ويواسيها، ويهيئها للقاء ربها، يُغْسل الميت غسل التنظيف، يكفن في كفن أشبه ما يكون بملابس المسافر، يأمر بالإسراع في الدفن، ويأمر المسلمين بتقديم الطعام إلى أهل المصاب ثلاثة أيام، ويحصر الحداد في ثلاثة أيام إلا للمرأة على زوجها.
أين هذه البساطة من تلك التكاليف الباهظة؟ لذلك تجد نسبة حرق الموتى في ازدياد في أمريكا، ففي عام 1980م كانت نسبة المحترقين 3%، بينما ارتفعت هذه النسبة إلى 12% في عام 1988م، أين الكرامة الإنسانية؟ لا وجود لها إلا في الإسلام، فالحي مكرم والميت مكرم، (حرمة الميت كحرمة الحي)
اللهم أهد البشرية إلى دينك إنك قادر حكيم.
والمصدر www.mohdat.com