اريد أن تعرف قصتي مع سارة... إنها قصة مؤثرة
للغاية... تعلمت منها أنا شخصياً دروس كثيرة في الحياة ...
علمتني سارة ألا أحكم على الناس بشكلها أو بمظهرها..
علمتني سارة أن الناس بداخلهم حب للإيمان عظيم و عميق مهما ظهر عكس ذلك..
و علمتني سارة حب الله لعباده
إليكم قصة سارة...
بقلمالاستاذ * الدكتور
عمرو خالد
قصتي .... أختكم سارة
هذه قصة سارة كما حكتها بنفسها ولكن بلغتنا .... فلقد كانت عربيتها رحمها
الله بسيطة ... في محاولة أن نوصل لكل الناس .. كيف كانت حياة سارة ...
وكيف أنها عاشت حياتها الحقيقية مع الإيمان لمدة 3 أسابيع فقط .. حتى
اختارها الله سبحانه إلى جواره ...
هذه هي القصة وندعو الله أن تصل لقلب كل من يريد العودة إلى طريق الله ...
فالطريق مفتوح أمامه ... فهو طريق الحق ... ... الرحمن ... سبحانه
هذه قصتي .. أنا سارة ... ولكن هل من متدبر ... هل من مدكر؟
وتبدأ القصة:
أتصور أن هذه آخر مرة قد أمسك فيها قلما لأكتب ... وأنا في هذا الركن
الهادئ من المسجد.
والبداية من هناك .. من لبنان .. لم أعد أذكر عن طفولتي الكثير .. بيت جدي
.. أهلي .. أقاربي .. في المدرسة أدخل حصة الدين مع المسلمين وفي البيت
علقت أمي صليبا كبيرا فوق فراشي .. كنت أعرف أني مسلمة و لكني لم أعرف لذلك
معني
حين وطئت أقدامنا نيوزلندا ... كنت سعيدة جدا .. طفلة في العاشرة تجد
نفسها تنطلق في ساحات رحبة .. جميلة .. متطورة.و بدأت بذور مراهقتي تنبت في
أبهة الطبيعة .. واكتشفت أني جميلة .. بل فاتنة .. وتهافت الفتيان في
المدرسة لمصادقتي .. والفوز برضائي .. كان جمالي سلاح بتار حصلت به علي كل
ما أردت إلا الأسرة.
فقد انفصل أبي عن أمي .. ثم تزوج كل منهما ثم رحلا كليهما و تركاني وحيدة
وشعرت بغصة لفَت روحي لفترة ولكنى نفضتها عن نفسي و بدأت حياتي الحقيقة.
كان علي أن أعمل لأعول نفسي .. وكان جمالي مفتاح لكثير من الأعمال والكلمات
العربية القليلة التي أعرفها تعطيني دلالا ونعومة تفتقدها الأستراليات ومن
بين الشباب الذين حاموا حولي اخترته .. كان شابا وسيما يافعا تصادقنا
وعشنا معا .. كان رفيقي وحبيبي وصديقي وشعرت معه بدفء المشاركة ووهج
المغامرة.
وذات ليلة وبينما وأنا في عملي في أحد البارات .. اقترح علي أحد الزبائن أن
أدخل مسابقة الجمال المحلية والتي كان واثقا من فوزي بتاجها .وسرحت بخيالي
لبعيد .. لو فزت ,سيؤهلني ذلك للمسابقة الوطنية ثم قد أحمل تاج الكون علي
رأسي .. من يدري؟ .. كانت فكرة مثيرة .. وكافأت الرجل بسخاء جعله يزداد
تأكدا أن هذا الجسد الجميل يستحق أن يتوج علي العالم عنوانا للأنوثة والحب.
ودخلت المسابقة وفزت فيها فعلا ... وأصبحت أشهر فتاة في البلدة وأصبحت كل
أيامي وليالي صاخبة .. يصحبني فيها كل الناس فأظل أشرب وألهو وأتلذذ بكل
متعة ممكنة .. أو غير ممكنة.شعرت أن الجميع يحسدونني علي ما عندي و أنا
عندي الكثير بل وينتظرني ما هو أكثر و كان صديقي دائما معي.وتنوعت الأعمال
التي أقوم بها .. فلم أعد فتاة البار فقط بل نجحت في
الحصول علي عقد للإعلانات .. كما صرت فتاة الغلاف الأكثر إثارة .. وتفنن
المصورون في إبراز مكنونات جمالي و تلاعبوا بأوضاع جسدي حتى تذهب صورتي بلب
من يراني ... وجري المال في يدي بوفرة ..
وأتاحت لي الشهرة التعرف علي شخصيات كثيرة في هذا المجتمع .. ولأنهم قاموا
بنشر تفصيلات كثيرة عن حياتي منها أن أصولي عربية من لبنان اتصلت بي أسر
أسترالية من أصل لبناني واحتفوا بي .. و كنت أجد في صحبتهم شيئا جميلا بل
ورائعا لا أجده في مكان آخر رغم أن البيوت والناس لا تختلف كثيرا عن
الآخرين ... ربما كان عبق الماضي ورائحة الوطن ..
كانت الأسر بعضها مسلم والآخر مسيحي وأنا لا إلي هؤلاء ولا إلي هؤلاء ولم
يكن ذلك يمثل لي أي مأزق .. وكل أسرة تشعر أني منها ربما لأني مسلمة الاسم
مسيحية الأم.
هل كان هذا اليوم حقيقيا .. أم أنني تخيلته .. كنت مدعوة علي العشاء لدي
أحد الأسر اللبنانية الصديقة .. أسرة مسلمة كنت أكرهم وأحبهم في آن واحد
كنت أختنق في بيتهم .. حيث لا أستطيع أن أصطحب صديقي .. ولكني كنت أرتاح
بينهم راحة غريبة.
وفي هذه الليلة نويت أن أكل وأنزل فورا لأعود لحبيبي فقد وعدته بليلة من
ليالي العمر وطلبت منه تجهيز كل شيء لحين عودتي .
وجلسنا إلي الطعام ..وهم يحدثونني عن لبنان وعن أهمية أن أتعلم العربية
وأتابع أخبار الوطن .. وأنا لا أسمع بل أبتسم في بلاهة جميلة .. وحتى
يثبتوا وجهة نظرهم فتحوا التلفاز علي الفضائية اللبنانية وتوالت التعليقات و
الضحكات و أنا أزفر غيظا وأحاول جر عقارب الساعة لأرحل ..وكانت
البرامج تجري أمامي علي الشاشة و أنا أنظر بلا أذن وأسمع بلا عقل ولكن
صمتهم المفاجئ من حولي جعلني أنتبه للشاشة .. شاب يتحدث .. التفت إلي جارتي
وسألتها قالت هذا الداعية عمرو خالد يتكلم في الدين .. وفي رأسي سقطت
الفكرة بسرعة .. أنا مالي ومال الدين .. وأي دين هذا؟ .. أنا أريد أن أنهي
هذه الجلسة الفاترة لأنهل من البحر الدافئ .. ولكن الترجمة الإنجليزية
للكلمات صفعتني، .. هذا الشاب يتحدث عن العفة .. العفة .. ما هذا؟ كلمة
جديدة ..غريبة لها وقع شاذ على أذني ...ما الذي دفعني
إن الملم ثيابي حولي وكأني عارية وهو يراني؟؟؟ لست أدري وجدت أنفاسي تتلاحق
وقلبي تضطرب دقاته ... العفة .. معني لم أسمع به من قبل ولكنه جميل ..
نظيف ..طاهر .. بريء .. وأنا لست كذلك .. أنا لست عفيفة .. بل أنا قذرة
ملوثة .. حاولت أن أنفض رأسي وأستأذن وأهرب ولكن شيء ما سمرني في مقعدي ..
شيء ما جعلني أستمع للنهاية .. وأبكي .. وأبكي .. وأبكي ويعلو صوت بكائي ..
ونحيبي ولم أعد أشعر بشيء ولا بأحد .. أنا قذرة عاصية .. بلا دين ولا هوية
..أنا جسد ممتهن لا عفة له ولا شرف أنا سأحترق في النار .. لن ينفعني
جمالي ولن يقبلني الله به .. الله ..
لماذا لم أتذوق طعم الكلمة من قبل .. أن لها معاني عميقا قوية علي اللسان
وفي الأذن وعلي القلب.
لم أعد أدري كيف وصلت إلي منزلي ولا من الذي كان هناك .. أنا أذكر فقط
جلوسي أمام شاشة الكمبيوتر .. كنت قد التقطت عنوان موقع الداعية .. ودخلت
إليه .. وظللت أحاول القراءة .. ولكن الحروف خانتني فكتبت إليه - أخي
الأكبر -أول رسالة في حياتي أسال فيها عن الله ؟عن ديني؟.. عن ربي ؟.. عن
حياتي ؟.. وبكل خجل أسأل هل من الممكن أن يتقبلني الله وأكون
مسلمة؟ .. تصورت انه لن يرد فقد صارحته بكلمات قليلة بحقيقتي وقلت في نفسي
سيحتقرني ويتقزز منى ولو وصلتني إجابة ستكون: من فضلك لا تراسلينا ثانية .
ولكنه رد على وأكثر من ذلك ....
أريد أن أجد ما أعبر به لقد قال لي إن الله ممكن أن يقبلني ..بل وممكن أن
أفوز بالجنة وأصبح مسلمة طاهرة عفيفة ..وقال لي إن هذه ليست مجاملة من عنده
بل آية في القرآن :معناها لا تقنطوا أو تيأسوا من رحمة الله وبكيت ..أصبحت
دموعي هي سلاحي وتوبتي وندمى ..تمنيت أن أظل أبكي حتى أغتسل وأتطهر واسمع
هاتف السماء يقول لي قد قبلناك
أصبح الكمبيوتر صديقي ورفيقي ورسائلي إلي موقعك عوني وذخري
وحين حصلت علي رقم هاتفك كانت أول مرة في حياتي أسمع من يبدأني بالسلام
عليكم ويحييني ويرحب بي .لم أكن أعرف عن ديني كل هذه الرقة وحسن المعاملة
أشعرتني زوجتك أني شخصية هامة جدا وأنكما
كنتما تنتظران مكالمتي ..أنا ..بعد كل ما كان منى.. وقبل أن تناولك زوجتك
السماعة كانت كل جوارحي قد هدأت و انفك تلعثم لساني..
ووصلتني أشرطة القرآن .. وظللت أسمعها و أسمعها وأترك صوت القارئ يصدع في
زوايا روحي ..أغترف من هذا المنهل الذي لا ينضب و تجتاحني السكينة والسعادة
..
وبدأت أحفظ القرآن لأول مرة في حياتي .. وحفظت سورة النبأ مع الفاتحة لأصلي
بهما .. بدأت أصلي .. وأصلي وكأنني أعوض كل ما فات وأدخر لما لن أناله في
اليوم الآتي.. كيف حرمني أهلي من كل ذلك ..كيف لم يشعروا هم أيضا بجمال
لحظات السجود بين يدي الخالق ..وكأني تائهة ارتمى على أعتاب البيت ..أدق
بابا اعرف انه سينفتح وسأجد داخله الآمان ..والعطاء .... نصيحتي إن كان لي
أن انصح رغم خبرتي القليلة لكل مسلم ..
صلى ..صلوا ..... صدقوني ليس ارق ولا ابلغ من الصلاة مناجاة لله
هل أصف نظرات الرعب من الزملاء والزميلات في الجامعة حين دخلت الفصل يلفني
حجاب كبير وملابس فضفاضة .. لم يعرفني أحد في البداية ولكن شهقاتهم و
تحلقهم حولي جعلاني أراهم للمرة الأولي .. من هؤلاء ؟كيف كنت أحيا معهم؟؟
كانت عيونهم زجاجية فارغة .... وعلى الوجوه خليط من مشاعر أحلاها بغيض ..ما
هذه المنافسة والمطاحنة المحمومة التي كنت أعيش فيها ؟ مساكين بلا إله
يعبد ولا ملجأ يحتموا به
وبدأت أحفظ سورة يوسف- النبي العفيف - وتحرقني دموعي بين السطور ..
تدعوه سيدة البيت وتتوعده بالويل والثبور وعظائم الأمور وهو يفضل السجن على
المعصية والحبس على الخيانة ..... ما أجمل ربى .... لا تضحكوا منى إن الله
جميل ... كريم ..وأنا أحببت الله من كل قلبي ولذلك أطعته
يا رب أردت أن أعوض سني عمري التائهة و أعمل لخدمة دينك و إعلاء كلمتك ..
ولكن لن يكون إلا ما أردت ... و ها أنا ذا اليوم الخميس في المسجد أصلي و
أدعو فغدا سأستسلم ليد جراح المخ والأعصاب ليزيل ورما سرطانيا بذر بذوره في
رأسي.
ربي ...إذا قبضت روحي فاقبضي وأنت عني راضي .. وإذا أرسلتني فأعني علي خدمة
دينك و أسألكم جميعا الدعاء .
للغاية... تعلمت منها أنا شخصياً دروس كثيرة في الحياة ...
علمتني سارة ألا أحكم على الناس بشكلها أو بمظهرها..
علمتني سارة أن الناس بداخلهم حب للإيمان عظيم و عميق مهما ظهر عكس ذلك..
و علمتني سارة حب الله لعباده
إليكم قصة سارة...
بقلمالاستاذ * الدكتور
عمرو خالد
قصتي .... أختكم سارة
هذه قصة سارة كما حكتها بنفسها ولكن بلغتنا .... فلقد كانت عربيتها رحمها
الله بسيطة ... في محاولة أن نوصل لكل الناس .. كيف كانت حياة سارة ...
وكيف أنها عاشت حياتها الحقيقية مع الإيمان لمدة 3 أسابيع فقط .. حتى
اختارها الله سبحانه إلى جواره ...
هذه هي القصة وندعو الله أن تصل لقلب كل من يريد العودة إلى طريق الله ...
فالطريق مفتوح أمامه ... فهو طريق الحق ... ... الرحمن ... سبحانه
هذه قصتي .. أنا سارة ... ولكن هل من متدبر ... هل من مدكر؟
وتبدأ القصة:
أتصور أن هذه آخر مرة قد أمسك فيها قلما لأكتب ... وأنا في هذا الركن
الهادئ من المسجد.
والبداية من هناك .. من لبنان .. لم أعد أذكر عن طفولتي الكثير .. بيت جدي
.. أهلي .. أقاربي .. في المدرسة أدخل حصة الدين مع المسلمين وفي البيت
علقت أمي صليبا كبيرا فوق فراشي .. كنت أعرف أني مسلمة و لكني لم أعرف لذلك
معني
حين وطئت أقدامنا نيوزلندا ... كنت سعيدة جدا .. طفلة في العاشرة تجد
نفسها تنطلق في ساحات رحبة .. جميلة .. متطورة.و بدأت بذور مراهقتي تنبت في
أبهة الطبيعة .. واكتشفت أني جميلة .. بل فاتنة .. وتهافت الفتيان في
المدرسة لمصادقتي .. والفوز برضائي .. كان جمالي سلاح بتار حصلت به علي كل
ما أردت إلا الأسرة.
فقد انفصل أبي عن أمي .. ثم تزوج كل منهما ثم رحلا كليهما و تركاني وحيدة
وشعرت بغصة لفَت روحي لفترة ولكنى نفضتها عن نفسي و بدأت حياتي الحقيقة.
كان علي أن أعمل لأعول نفسي .. وكان جمالي مفتاح لكثير من الأعمال والكلمات
العربية القليلة التي أعرفها تعطيني دلالا ونعومة تفتقدها الأستراليات ومن
بين الشباب الذين حاموا حولي اخترته .. كان شابا وسيما يافعا تصادقنا
وعشنا معا .. كان رفيقي وحبيبي وصديقي وشعرت معه بدفء المشاركة ووهج
المغامرة.
وذات ليلة وبينما وأنا في عملي في أحد البارات .. اقترح علي أحد الزبائن أن
أدخل مسابقة الجمال المحلية والتي كان واثقا من فوزي بتاجها .وسرحت بخيالي
لبعيد .. لو فزت ,سيؤهلني ذلك للمسابقة الوطنية ثم قد أحمل تاج الكون علي
رأسي .. من يدري؟ .. كانت فكرة مثيرة .. وكافأت الرجل بسخاء جعله يزداد
تأكدا أن هذا الجسد الجميل يستحق أن يتوج علي العالم عنوانا للأنوثة والحب.
ودخلت المسابقة وفزت فيها فعلا ... وأصبحت أشهر فتاة في البلدة وأصبحت كل
أيامي وليالي صاخبة .. يصحبني فيها كل الناس فأظل أشرب وألهو وأتلذذ بكل
متعة ممكنة .. أو غير ممكنة.شعرت أن الجميع يحسدونني علي ما عندي و أنا
عندي الكثير بل وينتظرني ما هو أكثر و كان صديقي دائما معي.وتنوعت الأعمال
التي أقوم بها .. فلم أعد فتاة البار فقط بل نجحت في
الحصول علي عقد للإعلانات .. كما صرت فتاة الغلاف الأكثر إثارة .. وتفنن
المصورون في إبراز مكنونات جمالي و تلاعبوا بأوضاع جسدي حتى تذهب صورتي بلب
من يراني ... وجري المال في يدي بوفرة ..
وأتاحت لي الشهرة التعرف علي شخصيات كثيرة في هذا المجتمع .. ولأنهم قاموا
بنشر تفصيلات كثيرة عن حياتي منها أن أصولي عربية من لبنان اتصلت بي أسر
أسترالية من أصل لبناني واحتفوا بي .. و كنت أجد في صحبتهم شيئا جميلا بل
ورائعا لا أجده في مكان آخر رغم أن البيوت والناس لا تختلف كثيرا عن
الآخرين ... ربما كان عبق الماضي ورائحة الوطن ..
كانت الأسر بعضها مسلم والآخر مسيحي وأنا لا إلي هؤلاء ولا إلي هؤلاء ولم
يكن ذلك يمثل لي أي مأزق .. وكل أسرة تشعر أني منها ربما لأني مسلمة الاسم
مسيحية الأم.
هل كان هذا اليوم حقيقيا .. أم أنني تخيلته .. كنت مدعوة علي العشاء لدي
أحد الأسر اللبنانية الصديقة .. أسرة مسلمة كنت أكرهم وأحبهم في آن واحد
كنت أختنق في بيتهم .. حيث لا أستطيع أن أصطحب صديقي .. ولكني كنت أرتاح
بينهم راحة غريبة.
وفي هذه الليلة نويت أن أكل وأنزل فورا لأعود لحبيبي فقد وعدته بليلة من
ليالي العمر وطلبت منه تجهيز كل شيء لحين عودتي .
وجلسنا إلي الطعام ..وهم يحدثونني عن لبنان وعن أهمية أن أتعلم العربية
وأتابع أخبار الوطن .. وأنا لا أسمع بل أبتسم في بلاهة جميلة .. وحتى
يثبتوا وجهة نظرهم فتحوا التلفاز علي الفضائية اللبنانية وتوالت التعليقات و
الضحكات و أنا أزفر غيظا وأحاول جر عقارب الساعة لأرحل ..وكانت
البرامج تجري أمامي علي الشاشة و أنا أنظر بلا أذن وأسمع بلا عقل ولكن
صمتهم المفاجئ من حولي جعلني أنتبه للشاشة .. شاب يتحدث .. التفت إلي جارتي
وسألتها قالت هذا الداعية عمرو خالد يتكلم في الدين .. وفي رأسي سقطت
الفكرة بسرعة .. أنا مالي ومال الدين .. وأي دين هذا؟ .. أنا أريد أن أنهي
هذه الجلسة الفاترة لأنهل من البحر الدافئ .. ولكن الترجمة الإنجليزية
للكلمات صفعتني، .. هذا الشاب يتحدث عن العفة .. العفة .. ما هذا؟ كلمة
جديدة ..غريبة لها وقع شاذ على أذني ...ما الذي دفعني
إن الملم ثيابي حولي وكأني عارية وهو يراني؟؟؟ لست أدري وجدت أنفاسي تتلاحق
وقلبي تضطرب دقاته ... العفة .. معني لم أسمع به من قبل ولكنه جميل ..
نظيف ..طاهر .. بريء .. وأنا لست كذلك .. أنا لست عفيفة .. بل أنا قذرة
ملوثة .. حاولت أن أنفض رأسي وأستأذن وأهرب ولكن شيء ما سمرني في مقعدي ..
شيء ما جعلني أستمع للنهاية .. وأبكي .. وأبكي .. وأبكي ويعلو صوت بكائي ..
ونحيبي ولم أعد أشعر بشيء ولا بأحد .. أنا قذرة عاصية .. بلا دين ولا هوية
..أنا جسد ممتهن لا عفة له ولا شرف أنا سأحترق في النار .. لن ينفعني
جمالي ولن يقبلني الله به .. الله ..
لماذا لم أتذوق طعم الكلمة من قبل .. أن لها معاني عميقا قوية علي اللسان
وفي الأذن وعلي القلب.
لم أعد أدري كيف وصلت إلي منزلي ولا من الذي كان هناك .. أنا أذكر فقط
جلوسي أمام شاشة الكمبيوتر .. كنت قد التقطت عنوان موقع الداعية .. ودخلت
إليه .. وظللت أحاول القراءة .. ولكن الحروف خانتني فكتبت إليه - أخي
الأكبر -أول رسالة في حياتي أسال فيها عن الله ؟عن ديني؟.. عن ربي ؟.. عن
حياتي ؟.. وبكل خجل أسأل هل من الممكن أن يتقبلني الله وأكون
مسلمة؟ .. تصورت انه لن يرد فقد صارحته بكلمات قليلة بحقيقتي وقلت في نفسي
سيحتقرني ويتقزز منى ولو وصلتني إجابة ستكون: من فضلك لا تراسلينا ثانية .
ولكنه رد على وأكثر من ذلك ....
أريد أن أجد ما أعبر به لقد قال لي إن الله ممكن أن يقبلني ..بل وممكن أن
أفوز بالجنة وأصبح مسلمة طاهرة عفيفة ..وقال لي إن هذه ليست مجاملة من عنده
بل آية في القرآن :معناها لا تقنطوا أو تيأسوا من رحمة الله وبكيت ..أصبحت
دموعي هي سلاحي وتوبتي وندمى ..تمنيت أن أظل أبكي حتى أغتسل وأتطهر واسمع
هاتف السماء يقول لي قد قبلناك
أصبح الكمبيوتر صديقي ورفيقي ورسائلي إلي موقعك عوني وذخري
وحين حصلت علي رقم هاتفك كانت أول مرة في حياتي أسمع من يبدأني بالسلام
عليكم ويحييني ويرحب بي .لم أكن أعرف عن ديني كل هذه الرقة وحسن المعاملة
أشعرتني زوجتك أني شخصية هامة جدا وأنكما
كنتما تنتظران مكالمتي ..أنا ..بعد كل ما كان منى.. وقبل أن تناولك زوجتك
السماعة كانت كل جوارحي قد هدأت و انفك تلعثم لساني..
ووصلتني أشرطة القرآن .. وظللت أسمعها و أسمعها وأترك صوت القارئ يصدع في
زوايا روحي ..أغترف من هذا المنهل الذي لا ينضب و تجتاحني السكينة والسعادة
..
وبدأت أحفظ القرآن لأول مرة في حياتي .. وحفظت سورة النبأ مع الفاتحة لأصلي
بهما .. بدأت أصلي .. وأصلي وكأنني أعوض كل ما فات وأدخر لما لن أناله في
اليوم الآتي.. كيف حرمني أهلي من كل ذلك ..كيف لم يشعروا هم أيضا بجمال
لحظات السجود بين يدي الخالق ..وكأني تائهة ارتمى على أعتاب البيت ..أدق
بابا اعرف انه سينفتح وسأجد داخله الآمان ..والعطاء .... نصيحتي إن كان لي
أن انصح رغم خبرتي القليلة لكل مسلم ..
صلى ..صلوا ..... صدقوني ليس ارق ولا ابلغ من الصلاة مناجاة لله
هل أصف نظرات الرعب من الزملاء والزميلات في الجامعة حين دخلت الفصل يلفني
حجاب كبير وملابس فضفاضة .. لم يعرفني أحد في البداية ولكن شهقاتهم و
تحلقهم حولي جعلاني أراهم للمرة الأولي .. من هؤلاء ؟كيف كنت أحيا معهم؟؟
كانت عيونهم زجاجية فارغة .... وعلى الوجوه خليط من مشاعر أحلاها بغيض ..ما
هذه المنافسة والمطاحنة المحمومة التي كنت أعيش فيها ؟ مساكين بلا إله
يعبد ولا ملجأ يحتموا به
وبدأت أحفظ سورة يوسف- النبي العفيف - وتحرقني دموعي بين السطور ..
تدعوه سيدة البيت وتتوعده بالويل والثبور وعظائم الأمور وهو يفضل السجن على
المعصية والحبس على الخيانة ..... ما أجمل ربى .... لا تضحكوا منى إن الله
جميل ... كريم ..وأنا أحببت الله من كل قلبي ولذلك أطعته
يا رب أردت أن أعوض سني عمري التائهة و أعمل لخدمة دينك و إعلاء كلمتك ..
ولكن لن يكون إلا ما أردت ... و ها أنا ذا اليوم الخميس في المسجد أصلي و
أدعو فغدا سأستسلم ليد جراح المخ والأعصاب ليزيل ورما سرطانيا بذر بذوره في
رأسي.
ربي ...إذا قبضت روحي فاقبضي وأنت عني راضي .. وإذا أرسلتني فأعني علي خدمة
دينك و أسألكم جميعا الدعاء .