الشيخ همام بن يوسف بن احمد بن محمد بن همام أبن أبو صبيح سيبة الهواري , هو شيخ العرب , وزعيم الصعيد المصري , فــــ ...
يُحكَى أن في 1709 م / 1121 هــ وُلِد الولد الأول للشيخ يوسف بن أحمد , زعيم قبائل
الهوارى القادمة من المغرب العربي المنحدرة من سلالة الشيخ . هوار بن المثني الزعيم
اليمني من بلاد حمير , تلك القبيلة التي أتت مع الفتح العربي لمصر وجاءت واستقرت في
سوهاج وقنا وأسيوط ( صعيد مصر ) , وظلوا فيها حتى قيام الخلافة الفاطمية التي تعاهدوا
معها , والتي بسقوطها , وبقيام الخلافة الأيوبية , ارتحلوا إلى المغرب حيث يقطن الفاطميون
وظلوا هنالك قرنين من الزمان , ليحنوا مجددا إلى أرض مصر وترابها , فيعودوا ويستقروا
وكان هذا في عهد المماليك الشراكسة ,
أنا : وعادوا إلى صعيد مصر مجدداً ؟
العم مصطفى : لا وإنما كانت وجهتم الأولى إلى محافظة البحيرة ( شمال مصر )
ومنها تم نفيهم إلى الصعيد ( جنوب مصر – حيث أسيوط وسوهاج وقنا وأسوان ) ,
أنا : وماذا حدث فيما بعد ؟
العم مصطفى : وبتولي المماليك لزمام الحكم , كانت قد بدأت مصر تعاني من الفساد
والظلم والاستبداد , وفي كل عهد مملوك منهم , لم تكن لتسلم من ويلاته أو ظلمه ,
ولكن وفي فترة ما , كانت مصر والعرب أجمعين تمر بمرحلة مخاض صعبة وغريبة جدا
ففي الشمال كان مملوك شركسي من أصول مسيحية يُدعَى على بك الكبير يطمع في تولي
منصب شيخ البلد ( آنذاك كان ذلك المنصب بمثابة زعيم دولة ) , وعلى الجهة الأخرى
كان الشيخ همام بن يوسف الهواري يستعد لتولي منصب شيخ العرب ,
وبالفعل كانت سنة 1767 هي فاتحة خير لكلاهما , فـــ...
علي بك الكبير يستولي على زمام الأمام الأمور ويصبح شيخ البلد بدءا من أقصى شمال مصر
حتى مدينة بني سويف .
والشيخ همام يصبح شيخ العرب وينشئ دولة داخل دولة , ولكنها دولة مصرية عربية
صعيدية تمتد حدودها من المنيا حتى منطقة الشلال بأسوان متخذا فرشوط عاصمة لها , وليس هذا فحسب , بل وأمد دولته بكل المظاهر والهيئات التي توحي باستقلال دولته عن دولة علي بك , فكما قال الجبرتي الذي كان له صولات وجولات في الكتابة عن هذا الرجل العظيم :
" وقد أدى النظام الذي وضعه الشيخ همام للأمن والعناية التي كان يبذلها لصيانة الترع والجسور إلى ازدهار الزراعة وتحقيق الرخاء للأهالي " ولعل من أشهر المظاهر التي
كانت تتسم بها قبائل الهوارى , جلسات الصلح العربية العرفية , حيث يجتمع الشيخ همام
بالأعيان ووجهاء البلدة والطرفان المتخاصمان ويبدأ في نقاش حل للمشكلة التي أمامهم
( حتى أنه كانت النارجيلة أحد الطقوس الخاصة لدى الكبار منهم ) باختصار , الصعيد
كان ينعم برخاء وسلام لا مثيل له في فترة الشيخ همام .
أنا : ( أبتسم ) جميل جداً , ولكن حتى الآن لم أعرف ما هو السر وراء تلك المشاعر
الغريبة التي نتحدث عنها ؟
العم مصطفى : للأسف الكرسي وأطماعه أنسدل بغشاوته على بصيرة على بك ,
وحفزته على قرار التخلص من أعداءه كما ظن له , وكان مسعاه الأول هو ...
التخلص من الشيخ همام الهوارى .
أنا : ماذا ؟ كيف ؟
العم مصطفى : مؤامرة ككثير من المؤامرات الدنيئة أطاحت بهذا الفارس الهمام ,
حينما أتفق علي بك الكبير مع أحد أعوانه الأنذال محمد بك أبو الدهب ( حيث أنه
تخلى عنه بعد ذلك وأتفق مع العثمانيين ضده ) في الإيقاع بشيخ العرب همام ,
وذلك عن طريق استمالة إسماعيل بن عبد الله أبن عم همام وإغراءه بتولي منصب
رئاسة الصعيد , وما أن علم همام الهواري بالأمر , تقدم بجيوشه , أمام جيوش
على بك الكبير , ودارت رحى المعركة في أسيوط في يونيو 1769 , ومُني الهواري
بالهزيمة ,
الذي بدوره يقرر بأن لا ينتهي النهاية المعتادة في القصص أو الروايات
حيث أنه يرحل فوق حصانه بعيداً في الصحراء , لتودعه العيون باكية دماً , والصدور
تزفر حرقة ووجع , والنفوس تتقلب متأججة فوق نار الألم ,
ويكون 7 يونيو 1769 هو يوم رحيل شيخ العرب ورمز الجولة والكرم لدى الصعيد
ولدى أهل الجنوب أجمعين .
أنا : (صامت )
العم مصطفى : أأدركتِ الآن ما هو سر تلك المشاعر الغريبة التي تحدثتِ عنها ؟
أنا : في الحقيقة , أنا أدركت شيئاً آخر تماماً , أدركت سر الاعتزاز والصبر ,
سر الكرم والشهامة , سر شيخ العرب همام الهوارى .
يُحكَى أن في 1709 م / 1121 هــ وُلِد الولد الأول للشيخ يوسف بن أحمد , زعيم قبائل
الهوارى القادمة من المغرب العربي المنحدرة من سلالة الشيخ . هوار بن المثني الزعيم
اليمني من بلاد حمير , تلك القبيلة التي أتت مع الفتح العربي لمصر وجاءت واستقرت في
سوهاج وقنا وأسيوط ( صعيد مصر ) , وظلوا فيها حتى قيام الخلافة الفاطمية التي تعاهدوا
معها , والتي بسقوطها , وبقيام الخلافة الأيوبية , ارتحلوا إلى المغرب حيث يقطن الفاطميون
وظلوا هنالك قرنين من الزمان , ليحنوا مجددا إلى أرض مصر وترابها , فيعودوا ويستقروا
وكان هذا في عهد المماليك الشراكسة ,
أنا : وعادوا إلى صعيد مصر مجدداً ؟
العم مصطفى : لا وإنما كانت وجهتم الأولى إلى محافظة البحيرة ( شمال مصر )
ومنها تم نفيهم إلى الصعيد ( جنوب مصر – حيث أسيوط وسوهاج وقنا وأسوان ) ,
أنا : وماذا حدث فيما بعد ؟
العم مصطفى : وبتولي المماليك لزمام الحكم , كانت قد بدأت مصر تعاني من الفساد
والظلم والاستبداد , وفي كل عهد مملوك منهم , لم تكن لتسلم من ويلاته أو ظلمه ,
ولكن وفي فترة ما , كانت مصر والعرب أجمعين تمر بمرحلة مخاض صعبة وغريبة جدا
ففي الشمال كان مملوك شركسي من أصول مسيحية يُدعَى على بك الكبير يطمع في تولي
منصب شيخ البلد ( آنذاك كان ذلك المنصب بمثابة زعيم دولة ) , وعلى الجهة الأخرى
كان الشيخ همام بن يوسف الهواري يستعد لتولي منصب شيخ العرب ,
وبالفعل كانت سنة 1767 هي فاتحة خير لكلاهما , فـــ...
علي بك الكبير يستولي على زمام الأمام الأمور ويصبح شيخ البلد بدءا من أقصى شمال مصر
حتى مدينة بني سويف .
والشيخ همام يصبح شيخ العرب وينشئ دولة داخل دولة , ولكنها دولة مصرية عربية
صعيدية تمتد حدودها من المنيا حتى منطقة الشلال بأسوان متخذا فرشوط عاصمة لها , وليس هذا فحسب , بل وأمد دولته بكل المظاهر والهيئات التي توحي باستقلال دولته عن دولة علي بك , فكما قال الجبرتي الذي كان له صولات وجولات في الكتابة عن هذا الرجل العظيم :
" وقد أدى النظام الذي وضعه الشيخ همام للأمن والعناية التي كان يبذلها لصيانة الترع والجسور إلى ازدهار الزراعة وتحقيق الرخاء للأهالي " ولعل من أشهر المظاهر التي
كانت تتسم بها قبائل الهوارى , جلسات الصلح العربية العرفية , حيث يجتمع الشيخ همام
بالأعيان ووجهاء البلدة والطرفان المتخاصمان ويبدأ في نقاش حل للمشكلة التي أمامهم
( حتى أنه كانت النارجيلة أحد الطقوس الخاصة لدى الكبار منهم ) باختصار , الصعيد
كان ينعم برخاء وسلام لا مثيل له في فترة الشيخ همام .
أنا : ( أبتسم ) جميل جداً , ولكن حتى الآن لم أعرف ما هو السر وراء تلك المشاعر
الغريبة التي نتحدث عنها ؟
العم مصطفى : للأسف الكرسي وأطماعه أنسدل بغشاوته على بصيرة على بك ,
وحفزته على قرار التخلص من أعداءه كما ظن له , وكان مسعاه الأول هو ...
التخلص من الشيخ همام الهوارى .
أنا : ماذا ؟ كيف ؟
العم مصطفى : مؤامرة ككثير من المؤامرات الدنيئة أطاحت بهذا الفارس الهمام ,
حينما أتفق علي بك الكبير مع أحد أعوانه الأنذال محمد بك أبو الدهب ( حيث أنه
تخلى عنه بعد ذلك وأتفق مع العثمانيين ضده ) في الإيقاع بشيخ العرب همام ,
وذلك عن طريق استمالة إسماعيل بن عبد الله أبن عم همام وإغراءه بتولي منصب
رئاسة الصعيد , وما أن علم همام الهواري بالأمر , تقدم بجيوشه , أمام جيوش
على بك الكبير , ودارت رحى المعركة في أسيوط في يونيو 1769 , ومُني الهواري
بالهزيمة ,
الذي بدوره يقرر بأن لا ينتهي النهاية المعتادة في القصص أو الروايات
حيث أنه يرحل فوق حصانه بعيداً في الصحراء , لتودعه العيون باكية دماً , والصدور
تزفر حرقة ووجع , والنفوس تتقلب متأججة فوق نار الألم ,
ويكون 7 يونيو 1769 هو يوم رحيل شيخ العرب ورمز الجولة والكرم لدى الصعيد
ولدى أهل الجنوب أجمعين .
أنا : (صامت )
العم مصطفى : أأدركتِ الآن ما هو سر تلك المشاعر الغريبة التي تحدثتِ عنها ؟
أنا : في الحقيقة , أنا أدركت شيئاً آخر تماماً , أدركت سر الاعتزاز والصبر ,
سر الكرم والشهامة , سر شيخ العرب همام الهوارى .