لا شك أن الفرحة التي تعلو الوالدين حين كتب عقدهما بادئ حياتهما فرحة قد تسمى فرحة العمر، وهكذا حين يأتي الابن الأولى ذكراً أو أنثى فتلكم الفرحة تتكرر وتعزز وهكذا سنة الحياة، غير أن هناك ثمة أمر مهم قد يخفى على البعض، وهو هل الأفراح ستستمر في الآخرة أم لا؟ نسأل الله ذلك.. ومن الدواعم لتكرار هذه الفرحة، واستغلال المواسم في دعم الأبناء لذلك هو موسم شهر رمضان المبارك.. فهو فرصة لتعويض ما سلف، والادخار والمتاجرة فيما بقي، وإليك بعض الأفكار..
1-صلاة الجماعة
تربية الابن على صلاة الجماعة من الضرورات المهمة، فحين يؤذن تقوم وهو معك، ومن ثم الجلوس في المسجد وهو بجانبك، مع مراعاة مرحلته العمرية فمنهم من يستطيع المكث كثيراً، ومنهم من لا يستطيع، ومنهم من له القدرة في المضي لوحده وغيره يحتاج لمساعدة في إيقاظه، وهكذا.
2-الصوم
ونقصد التعويد عليه وهذا لمن لم يبلغ سن التكليف وقد ثبت عن بعض السلف أنهم كانوا يصومون أبناءهم(فيما دون العاشرة) ويشغلونهم باللعب من العهن(الصوف) في عاشوراء، ورمضان من باب أولى.
3-الرحمة والتواضع
وذلك بالعطف على المساكين، ومد يد العون لهم، والقعود والإفطار معهم بصحبة الابن.
4-حفظ الوقت
وذلك باستغلاله في البيت، وفي الخارج، وعدم الإكثار من النزول للسوق.. ومحاولة ترتيب الأمور والأولويات أمامه..
5-المدرسة القرآنية(تدبر وحفظ)
إقامة مدرسة قرآنية للأبناء بالمنزل للتلاوة، أو للتدبر، ويستفاد من جوال التدبر (الناشئ)، ومحاولة تعظيم الله في قلوبهم وعرض شيء من السير والقصص عليهم، وربطها بالله، والتعريض على الجنة، وبر الوالدين، وصلة الرحم، وغيرها من الآداب.
6-درس أو موضوع تربوي
ويقرأ من أي كتاب فيه أحاديث أو موعظة أو حِكَم أو قصة أو غيرها، وإن كان هناك قصص فيتم إلقاءها بدون قراءة حتى لا تسبب شيئا من الملل.
*هذه أفكار لاستغلال هذا الشهر في تربية الأبناء (ذكوراً وإناثاً على حد سواء) والارتقاء بهم خاصة في هذا الشهر الكريم، وأتمنى ألا تقف الأفكار والتجارب إلى هنا، فالحكمة ضالة المؤمن.
الأسرة الرمضانية.. مع الأقارب
قال الله - تعالى -: ( فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم * أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم).
بعد النظر في هذه الآية العظيمة يتبن لنا خطر قطع الرحم، وقد عده الله من الإفساد في الأرض.
وقد قالت خديجة رضي الله عنها- للنبي - صلى الله عليه وسلم -مطمئنة له بعد نزول الوحي عليه وقد كان خائفاً: (( كلا والله إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق)) وهذه مآثره - عليه الصلاة والسلام - قبل الإسلام فكيف ببعده.
وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( إن الله خلق الخلق، حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك، قالت: بلى، قال: فذاك لك، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فاقرؤوا إن شئتم: (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم)).
نعم إن رمضان فرصة لوصل الأرحام ووأد باب الهجران والخلاف، وتغيير معالم الجاهلية الظلماء في طريق أبنائنا، إذا علم هذا كان بالإمكان ألا يخرج رمضان ولك رحم مقطوع، وليكن أحد شعاراتك إن أردت.
الأسرة الرمضانية.. مع الزوجة
قال - تعالى -: ( وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقاً نحن نرزقك والعاقبة للتقوى) الله أكبر لو فطن بني قومي لآي القرآن وتعدد دعوته وتعدد ثناءه لمن يأمر أهله بالخير والصلاة.. أليس الله القائل: ( يا أيها الذين آمنوا قو أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة)
إن الزوجة حق في الزوج.. أن يبصرها ويؤدبها ويأمرها بالخير، وفي الحديث: ((أن الله يعجب من الرجل ينضح في وجه زوجه الماء ليوقظها للقيام))، ومن هذا سأعلق على نقطتين..
الأولى: شهر استهلاك أم شهر إمساك
وقد فهم بعض المؤمنين من أن رمضان فرصة لأنواع الأطعمة والأشربة، فامتلأت بيوتهم بالأصناف والأطباق، وأصبح الصيام اسما لا معنى، وأصبح المعيار الذي يحكم على الزوجة من خلاله هو إتقانها للطهي وبراعتها في التحضير، بل حق أن يسمى الزوج مسؤول التشغيل والصيانة، والزوجة مسؤولة المخزون، وذلك من جراء النظرة الخاطئة لهذا الشهر الكريم، وحذار أحبتي من مخالفة مقاصد هذا الشهر.
الثانية: ( وأمر أهلك بالصلاة.. ) الآية
هنا بيت القصيد، نعم نريد من الزوج والزوجة أيضاً التعاون على القيام، وعلى الصيام الصحيح، ونريد منهم تذكير بعض بالورد اليومي للقرآن، وبأذكار اليوم والليلة، ونريد منهم ألا ينسيا بعضاً بالدعاء في مواطن الإجابة، ونريد منهم من ينضح في وجه الآخر الماء ليستيقظ للقيام..
ونريد منهم أن يخرجوا لنا مفاجآت ربانية روحانية في حياة الصاحين، وليكونوا مثلاً صالحاً للآخرين.