ثلث الفساد المالي مركزه الوطن العربي، ونصفه في العالم الإسلامي، هذا ما قاله تقرير منظمة الشفافية العالمية الصادر قبل أيام، فقد جاء في التقرير أن حجم الفساد المالي في العالم يقدر بألف بليون دولار، منها ثلاثمائة بليون في الوطن العربي وحده، أي أن حجم الفساد المالي في الوطن العربي يساوي ثلث الفساد العالمي، فإذا أضفنا حجم الفساد في الدول القائمة في العالم الإسلامي الأخرى فإن حجم الفساد في العالم الإسلامي يتجاوز نصف الفساد العالمي، والفساد المقصود في هذا التقرير ينحصر في سوء استعمال الوظيفة في القطاع العام من أجل تحقيق مكاسب شخصية. فكيف لو تحدث التقرير عن أنواع الفساد الأخرى الأخلاقية والبيئية والإدارية والتعسف في استغلال السلطة ومواقع المسؤولية والاجتماعية وحتى الذائقة الفنية والأدبية ؟!.
صحيح أن التقرير أشار إلى ان الفساد عالمي، وهو في الدول المتقدمة والمتخلفة، وإن كان في الدول المتخلفة أشد وطأة، وأرقامه تصيب بالرعب والغثيان، فأبعد دولة عربية عن الفساد وهي عُمان تقع في المنزلة الثامنة والعشرين، ومما يؤسف له أن من اكثر الدول فساداً في العالم السودان والصومال حيث تحتلان المرتبة 144 من أصل 159 دولة شملها التقرير، وأرقام بقية الدول العربية تقف في مكان متقدم في عالم الفساد.
الناظر خلف هذه الأرقام يقرأ أن الفساد ظاهرة في العالم الإسلامي ومنه العربي، ولا نستغرب إذا ما قرأنا تعقيبا أن الفساد متجذر في الثقافة الإسلامية وإلا هل يعقل أن يكون هذا الحضور الطاغي للفساد دون أن يستند إلى ثقافة توجهه؟!.
كان الفساد المالي أول المظاهر الاقتصادية السلبية التي عالجها الإسلام منذ بداياته، فشن حربا لا هوادة فيها على الاستغلال والاستعباد وتطفيف الميزان والغش والاحتكار والسرقة والرشوة والربا والسرقة والاغتصاب، ومن ثم التعدي على المال العام وغير ذلك، واستمر في محاربة الفساد بكل أشكاله وألوانه ومن طرق مكافحة الإسلام للفساد : ـ
1) وضع التشريعات القانونية التي تمنع كل مظاهر الفساد المالي، فحرم السرقة، فقال تعالى:" السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم " وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق ، فلهم النار يوم القيامة"، وهناك الكثير من الأدلة الشرعية المحرمة للغش والرشوة والاحتكار والاختلاس وغيرها.
2) جعل العقوبات الشديدة لمن مارس هذه التعديات على أموال الآخرين الخاصة والعامة فكان حد السرقة القاسي والمؤلم لمن تمتد يده على اموال الآخرين عقوبة له وعظة وعبرة لمن تسول نفسه له بأخذ المال الحرام .
3) ربط الرهبة من الله تعالى والخوف منه بعدم الإقدام على ممارسة الفساد المالي ، فلم تأت التشريعات والقوانين جافة على شكل مواد قانونية وحسب ، بل رافق النص التشريعي ترغيب بالحلال وتحذير من الحرام والإقدام عليه .
4) جعل الإسلام المجتمع بكل مؤسساته وتكويناته قائماً على مراقبة الأداء العام وتعقب المفسدين من خلال مؤسسة الحسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فجعل الإسلام لكل فرد لاحظ فسادا ، وأدرك مفسدين أن يقيم ضدهم قضية حسبة لدى المحاكم المختصة ، شريطة توفر الدليل الصحيح، إن هذا السور الواقي، من شأنه حراسة المال العام من أن تمتد إليه يد المفسدين.
5) عندما يُفَعَّل الشعار الإسلامي المعروف "من أين لك هذا " يكون للدولة الحق في محاسبة إي موظف أو مسؤول بدت عليه علامات النعمة المفاجئة أو المستغربة ورحم الله ذلك الأعرابي الذي وقف للفاروق قائلاً لا سمع ولا طاعة ، من أين لك هذا الثوب الطويل وقد أعطيت كل واحد من الرعية ثوباً لا يكاد يكفيه من تلك الأثواب التي جاءت لبيت مال المسلمين!. ورحم الله الفاروق الذي قال بعد أن وضح للأعرابي من أين حصل على الزيادة في ثوبه:" لا خير فيكم إن لن تقولوها، ولا خير فينا إن لم نسمعها".
6) لم يكتف الإسلام بوضع التشريعات، بل عمد إلى أمور أخرى تمنع الفساد، منها إشاعة العدل وتساوي الفرص بين أفراد الرعية مما يمنع الرشوة والمحسوبية والواسطة والشعور بالقهر، وبالتالي تمتد اليد إلى ما حرم الله، هذا العدل هو الذي جعل عمر بن عبد العزيز يبحث عن الفقراء والمحتاجين ليعطيهم من أموال الزكاة فلم يجد أحداً يستحق أخذ الصدقة. لماذا؟ لأن العدل أقنعهم والمساواة أشبعتهم.
7) حرص الإسلام على إشباع الحاجات الأساسية للإنسان من مأكل ومشرب وملبس ومسكن وعلاج وتعليم، وأجبر الإسلام الدولة على القيام بواجبها في هذه الناحية، وأوجب على أصحاب الحاجة مطالبة الدولة بإشباع حاجاتهم الأساسية هذه إشباعاً يمنع عنهم ذل السؤال. بل وأوجب على الأغنياء والأقرباء القادرين النفقة على المحتاجين والعمل على سد حاجاتهم.
8) إن ما يدفع الفساد المالي والإداري إقامة المشاريع المنتجة النافعة التي تعمل على نهضة الأمة وتقدمها المادي من ناحية ، وتعمل على تجفيف منابع الفقر والبطالة من جهة أخرى .
9) رغَّب الإسلام بالزهد، وأن لا يطمع الإنسان فيما بين أيدي الناس من متاع "لا تمدن عينك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى"
10) إشاعة ثقافة العيب والحرام من شأنها منع المفسدين من التباهي بفسادهم وطول أيديهم ، فإن تغير المفاهيم لدى البعض جعلهم يرون في التطاول على مصالح الأمة وثرواتها " ذكاء وشطارة ".
11) لقد أوصل تجار المسلمين القدماء رسالة الإسلام بكل نقائها وصفائها إلى دول وعوالم كثيرة ، ودخل الناس في دين الله أفواجاً بعد أن رأوا أمانتهم وصدقهم ونظافة ألسنتهم وحسن تعاملهم، وبعد أن لمس الأهالي أن هؤلاء التجار هم أصحاب رسالة ودعوة في الدرجة الأولى، حدث ذلك في دول تعد اليوم من أكبر الدول القائمة في العالم الإسلامي مثل: اندونيسيا، ماليزيا، الفلبين، ودول كثيرة في أواسط إفريقيا.
غني عن القول أن محاربة الفساد والقضاء على المفسدين ستدفع الأمة دفعاً إلى عالم النهضة والتقدم، فهذه الملايين التي تذهب عن طريق الفساد إلى جيوب حفنة من المتنفذين والمسؤولين وكبار الموظفين كفيلة بإقامة المصانع والمزارع التي تجعلنا سادة أنفسنا وتخلصنا من هيمنة الآخرين الاقتصادية علينا وما يتبع تلك الهيمنة من هيمنات أخرى سياسية واجتماعية وتعليمية في شتى الصعد. وكما نُشر في جريدة الغد في 9/12/2005 فإن حجم الأموال المنهوبة بسبب الفساد سنوياً يكفي لتوفير 20 مليون فرصة عمل جديدة في الوطن العربي، وسيزيد دخل الفرد بمعدل 986 دولار سنوياً. فأي آفاق للنهوض والتنمية سيفتحها قمع الفساد ونظافة اليد والنزاهة.
كما أن سوء التنفيذ والذي من شأنه إضاعة أموال الأمة هو مظهر خطير جداً من مظاهر الفساد المالي حتى ولو لم تصل الأموال المهدورة هنا إلى جيوب المتنفذين.
صحيح أن التقرير أشار إلى ان الفساد عالمي، وهو في الدول المتقدمة والمتخلفة، وإن كان في الدول المتخلفة أشد وطأة، وأرقامه تصيب بالرعب والغثيان، فأبعد دولة عربية عن الفساد وهي عُمان تقع في المنزلة الثامنة والعشرين، ومما يؤسف له أن من اكثر الدول فساداً في العالم السودان والصومال حيث تحتلان المرتبة 144 من أصل 159 دولة شملها التقرير، وأرقام بقية الدول العربية تقف في مكان متقدم في عالم الفساد.
الناظر خلف هذه الأرقام يقرأ أن الفساد ظاهرة في العالم الإسلامي ومنه العربي، ولا نستغرب إذا ما قرأنا تعقيبا أن الفساد متجذر في الثقافة الإسلامية وإلا هل يعقل أن يكون هذا الحضور الطاغي للفساد دون أن يستند إلى ثقافة توجهه؟!.
كان الفساد المالي أول المظاهر الاقتصادية السلبية التي عالجها الإسلام منذ بداياته، فشن حربا لا هوادة فيها على الاستغلال والاستعباد وتطفيف الميزان والغش والاحتكار والسرقة والرشوة والربا والسرقة والاغتصاب، ومن ثم التعدي على المال العام وغير ذلك، واستمر في محاربة الفساد بكل أشكاله وألوانه ومن طرق مكافحة الإسلام للفساد : ـ
1) وضع التشريعات القانونية التي تمنع كل مظاهر الفساد المالي، فحرم السرقة، فقال تعالى:" السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم " وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق ، فلهم النار يوم القيامة"، وهناك الكثير من الأدلة الشرعية المحرمة للغش والرشوة والاحتكار والاختلاس وغيرها.
2) جعل العقوبات الشديدة لمن مارس هذه التعديات على أموال الآخرين الخاصة والعامة فكان حد السرقة القاسي والمؤلم لمن تمتد يده على اموال الآخرين عقوبة له وعظة وعبرة لمن تسول نفسه له بأخذ المال الحرام .
3) ربط الرهبة من الله تعالى والخوف منه بعدم الإقدام على ممارسة الفساد المالي ، فلم تأت التشريعات والقوانين جافة على شكل مواد قانونية وحسب ، بل رافق النص التشريعي ترغيب بالحلال وتحذير من الحرام والإقدام عليه .
4) جعل الإسلام المجتمع بكل مؤسساته وتكويناته قائماً على مراقبة الأداء العام وتعقب المفسدين من خلال مؤسسة الحسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فجعل الإسلام لكل فرد لاحظ فسادا ، وأدرك مفسدين أن يقيم ضدهم قضية حسبة لدى المحاكم المختصة ، شريطة توفر الدليل الصحيح، إن هذا السور الواقي، من شأنه حراسة المال العام من أن تمتد إليه يد المفسدين.
5) عندما يُفَعَّل الشعار الإسلامي المعروف "من أين لك هذا " يكون للدولة الحق في محاسبة إي موظف أو مسؤول بدت عليه علامات النعمة المفاجئة أو المستغربة ورحم الله ذلك الأعرابي الذي وقف للفاروق قائلاً لا سمع ولا طاعة ، من أين لك هذا الثوب الطويل وقد أعطيت كل واحد من الرعية ثوباً لا يكاد يكفيه من تلك الأثواب التي جاءت لبيت مال المسلمين!. ورحم الله الفاروق الذي قال بعد أن وضح للأعرابي من أين حصل على الزيادة في ثوبه:" لا خير فيكم إن لن تقولوها، ولا خير فينا إن لم نسمعها".
6) لم يكتف الإسلام بوضع التشريعات، بل عمد إلى أمور أخرى تمنع الفساد، منها إشاعة العدل وتساوي الفرص بين أفراد الرعية مما يمنع الرشوة والمحسوبية والواسطة والشعور بالقهر، وبالتالي تمتد اليد إلى ما حرم الله، هذا العدل هو الذي جعل عمر بن عبد العزيز يبحث عن الفقراء والمحتاجين ليعطيهم من أموال الزكاة فلم يجد أحداً يستحق أخذ الصدقة. لماذا؟ لأن العدل أقنعهم والمساواة أشبعتهم.
7) حرص الإسلام على إشباع الحاجات الأساسية للإنسان من مأكل ومشرب وملبس ومسكن وعلاج وتعليم، وأجبر الإسلام الدولة على القيام بواجبها في هذه الناحية، وأوجب على أصحاب الحاجة مطالبة الدولة بإشباع حاجاتهم الأساسية هذه إشباعاً يمنع عنهم ذل السؤال. بل وأوجب على الأغنياء والأقرباء القادرين النفقة على المحتاجين والعمل على سد حاجاتهم.
8) إن ما يدفع الفساد المالي والإداري إقامة المشاريع المنتجة النافعة التي تعمل على نهضة الأمة وتقدمها المادي من ناحية ، وتعمل على تجفيف منابع الفقر والبطالة من جهة أخرى .
9) رغَّب الإسلام بالزهد، وأن لا يطمع الإنسان فيما بين أيدي الناس من متاع "لا تمدن عينك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى"
10) إشاعة ثقافة العيب والحرام من شأنها منع المفسدين من التباهي بفسادهم وطول أيديهم ، فإن تغير المفاهيم لدى البعض جعلهم يرون في التطاول على مصالح الأمة وثرواتها " ذكاء وشطارة ".
11) لقد أوصل تجار المسلمين القدماء رسالة الإسلام بكل نقائها وصفائها إلى دول وعوالم كثيرة ، ودخل الناس في دين الله أفواجاً بعد أن رأوا أمانتهم وصدقهم ونظافة ألسنتهم وحسن تعاملهم، وبعد أن لمس الأهالي أن هؤلاء التجار هم أصحاب رسالة ودعوة في الدرجة الأولى، حدث ذلك في دول تعد اليوم من أكبر الدول القائمة في العالم الإسلامي مثل: اندونيسيا، ماليزيا، الفلبين، ودول كثيرة في أواسط إفريقيا.
غني عن القول أن محاربة الفساد والقضاء على المفسدين ستدفع الأمة دفعاً إلى عالم النهضة والتقدم، فهذه الملايين التي تذهب عن طريق الفساد إلى جيوب حفنة من المتنفذين والمسؤولين وكبار الموظفين كفيلة بإقامة المصانع والمزارع التي تجعلنا سادة أنفسنا وتخلصنا من هيمنة الآخرين الاقتصادية علينا وما يتبع تلك الهيمنة من هيمنات أخرى سياسية واجتماعية وتعليمية في شتى الصعد. وكما نُشر في جريدة الغد في 9/12/2005 فإن حجم الأموال المنهوبة بسبب الفساد سنوياً يكفي لتوفير 20 مليون فرصة عمل جديدة في الوطن العربي، وسيزيد دخل الفرد بمعدل 986 دولار سنوياً. فأي آفاق للنهوض والتنمية سيفتحها قمع الفساد ونظافة اليد والنزاهة.
كما أن سوء التنفيذ والذي من شأنه إضاعة أموال الأمة هو مظهر خطير جداً من مظاهر الفساد المالي حتى ولو لم تصل الأموال المهدورة هنا إلى جيوب المتنفذين.