دهنـوها أخضـر
--------------------------------------------------------------------------------
هل تعلمون نظرية العيش الفينو؟؟
إنها النظرية التى يقوم عليها نظام الحكم في مصر، ولها أصول قديمة، ونظراً للحداثة والعولمة، فقد تم تسميتها بالعيش الفينو لمجاراة روح العصر
أصل هذه النظرية، هي أن الحكومة عندما أرادت رفع سعر رغيف العيش الفينو من 10 قروش إلى 20 قرشاً، أوحى إليها الشيطان (كالعادة) -كما أوحى لحيي بن أخطب في أيام الجاهلية تماماً- ، أوحى إليها بأن تقوم المخابز بإنتاج رغيف (شكله حلو وبسمسم) بجوار الرغيف المعصص المعضم الحالي، وتعلن المخابز أن هذا الرغيف نوع من تحسين الخدمة للأغنياء القادرين على الدفع، وفي نفس الوقت تعلن الحكومة أنه لا ارتفاع في اسعار العيش الفينو أبدا مراعاة لظروف محرومي الدخل
*******
ويمر الوقت، وتجد أن الناس بدأت تقارن بين الرغيفين، وتفضل أن تشترى الرغيف المحسن، فالرغيف المحسن (تمنه فيه)، والبريزة الزيادة مش هتفرق أوي كده، وتمر الأيام، وتذهب للمخبز لشراء الرغيف القديم، فتجد أن المخبز أصبح يتأخر في إخراجه، لأن الطلب زائد على الرغيف المحسن، وتمر الأيام، وتجد أن رغيف الفينو القديم قد اختفى كلياً من المخابز، فتضطر مغلوباً على أمرك أن تشتري رغيف الفينو المحسن. وما هي إلا شهور قليلة، ويختفى السمسم من على الرغيف، وأيام بعدها وتدريجيا، يبدأ حجم الرغيف في التقلص حتى يصل إلى نفس حجم الرغيف القديم المعضم في خلال شهور قليلة من بداية التحسين
إلا أن الشئ الوحيد الذي لا يتقلص هو سعره الذي زاد بنسبة مائة في المائة
وهكذا، تنجح الحكومة في مخططها الشيطاني البرئ لرفع الأسعار دون أن يشعر المواطن بالخدعة، وإن كنت أظن أن أغلب المصريين يعلمون أنها خدعة ولكنهم بتحركون بمبدأ: هنعمل إيه يعني.. الله يخرب بيتهم
*******
و طبعاً، لأن (ملة الحكومة واحدة)، ولأن الحكومة تتحرك نحو العبور والمستقبل بفضل القيادة الحكيمة، فلا تستغرب أن تجد أن كل الوزارات تنتهج نفس نهج نظرية العيش الفينو، وأنها هي النظرية الغالبة في كل مظاهر حياتنا والتى تتحرك تبعاً لتحركات القيادة الحكيمة
ومن أهم هذه الوزارات التى تطبق النظرية بحذافيرها، وزارة النقل والمواصلات، والتى قامت بتنفيذ عدة مشروعات مواصلاتية قائمة على هذه النظرية، فقد قامت بعمل أتوبيسات موازية للأتوبيسات القديمة تحت عنوان الخدمة المميزة، ثم الغت الأتوبيسات القديمة، مع عدة تغييرات في أرقام ومسارات الأتوبيسات، مع تنوع التذاكر داخل الأتوبيس الواحد تبعاً للمسافة، ثم شراء شحنة أتوبيسات بشكل آخر، ناهية عن أتوبيسات الخدمة الليلية
ثم كانت الفاجعة الأخيرة، بنزول الأتوبيسات الخضراء المرسيدس وبأسعار خاصة جدأ لخدمة الشعب (بالمناسبة تغاضيت عن ذكر الأتوبيسات المكيفة رأفةً بحالكم)، وقد تزامن نزول هذه الأتوبيسات مع السماح لبعض الشركات الخاصة بأداء نفس الخدمة من خلال ميني باصات خضراء وبأسعار موزاية تقريباً لأسعار هيئة النقل العام، ليغني كل المصريين، الحياة بقى لونها أخضر، والعيشة هتبقى فل، وتحيا مصر
*******
ولأن نظرية العيش الفينو، لا تزال تسيطر على عقلية الوزارات المصرية، فقد قررت هيئة النقل العام عمل حركة ظريفة جداً، فبدلاً من التخلص من الطاقم القديم من الأتوبيسات، وملء الفراغ بالأتوبيسات المرسيدس، أو على الأقل ترك الأتوبيسات القديمة في حالها لخدمة محرومي الدخل، قامت الوزارة بدلاً من ذلك بدهن أتوبيساتها القديمة باللون الأخضر، وطبعاً لأنى متأكد أن اللون الأخضر ليس الهدف منه الحفاظ على البيئة أو توفير بيئة صالحة لحياة طحلب الحلزون المكركر المائي..