عناصر الموضوع
- · تآمُر المنافقين على دين الله قديم حديث
- · عبث وتلبيس منظَّم
- · مخاطر المؤامرة وخيمة
- · تفنيد الشبهات وبيان الحق واجب شرعي له نتائجه
- · القول بإباحة الغناء ظهر بموضة عصرية
- · كُتَّاب ومفتون تجديديون
- · لا كلام حول الخلاف السائغ
- · حكم الغناء والمعازف في الكتاب والسنة
- · فتاوى السلف لا تصادم النصوص الشرعية
- · شبهة داحضة
- · جواز ضرب الطبل في الحرب قولٌ لا وجه له
- · مشغولون عن كبار العلماء بتلميع الشواذّ
- · الخطة يهودية نصرانية ومنفذها الأذيال
- · الحق أبلج والباطل لجلج
- · هذه أقوال السلف في الغناء والمعازف.. فمن نتَّبع؟!
- · ديننا الإسلامي سيبقى عزيزاً
إن ، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:
تآمُر المنافقين على دين الله قديم حديث
فإن دين الله عزيز، وهو يستحق منَّا كل اهتمام وتعلُّم وفهم ومنافحة ودفاع؛ لأنه أغلى ما عندنا وأعزّ ما لدينا في هذه الدنيا.
وهذا الدين يشتمل على أحكام الله ورسوله التي جاءت في كتاب ربنا وسنة نبينا محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم -.
ولقد كانت أحكام الشريعة هدفاً لأعداء الدين باستمرار، فالحلال والحرام يغيرون عليها بالسهام تشكيكاً وتحريفاً، تغييراً وتبديلاً، طعناً واستهزاءً، سخرية وإعمالاً للباطل فيها.
عبث وتلبيس منظَّم
عباد الله:
لقد كثر العبث من أهل النفاق في هذه الأيام بأحكام الحلال والحرام، ولكن مما يميز حملتهم الأخيرة على أحكام الدين أموراً منها:
أولاً: أنهم يحتاجون فيها إلى سند شرعي، ولقد علم المنافقون بأنهم لا بصورهم وأشكالهم ولا بأقلامهم وأسمائهم يستطيعون الاختراق العميق، فلا بد لهم من أُناس ظاهرهم وشكلهم، وربما تخصصهم وشهاداتهم وتصنيفهم عند الناس أنهم من أهل الدين، فيستعملونهم في الاختراق عندما يستكتبون هؤلاء ويستدرجونهم طمعاً أو خوفاً، وبشتى الوسائل والأساليب الماكرة لتصريحات فيها مخالفة لكلام علماء الإسلام في الحلال والحرام.
ثانياً: تتميز الحملة الأخيرة في التشكيك في الدين والطعن في أحكام الحلال والحرام بأنها جاءت بعد رحيل ثلة مهمة جداً من علماء الإسلام ممن كان لهم وزن في الساحة الإسلامية في عالم الفتوى، وكان لهم رسوخ قدم وتاريخ عريق في الدعوة إلى الله وعالم الفتوى، وكان لهم شهرة وفضل منتشر، وقد أطبق على فضلهم وتواترت الأمة على الإشادة بهم، وتلقَّت فتاويهم بالقبول، فبعد رحيلهم ارتفعت العقائر - عقيرة هذا وعقيرة هذا - بالمخالفة لمسلكهم ومنهجهم وفتاويهم.
ثالثاً: تأتي هذه الحملة منظمة بحيث لا يكاد يسكت واحدٌ من طعنٍ في حكم من الأحكام إلا ويخرج الآخر في نسقٍ متوالٍ يشعرك بمدى التنظيم لهذه المؤامرة النفاقية على الأحكام الشرعية، وهي أحد بنود المؤامرة على الإسلام ككُل.
رابعاً: أن هذه الحملة يرافقها إذاعة وشيوع بفعل الوسائل الحديثة ضمن الخطة المنظمة للنيل من أحكام الإسلام، فيقوم المنافقون في وسائلهم وأقلامهم ومقالاتهم - صورة وصوتاً ونصاً - بنقل تصريحات هؤلاء المنحرفين - جزئياً أو كلياً - بشأن حكم من الأحكام الشرعية ليشكِّكوا العامة الذين ألِفوا من علمائهم أحكاماً معينة ومضوا عليها واشتهرت بينهم، وسارت فيهم، فالمخالف من العامة لأحكام العلماء في ذاته يعرف أنه يعمل معصية، فهو يقول: أنا وإن دخَّنت فإني أعلم أن التدخين حرام، وأني عاصٍ لله، واسأل الله التوبة، وكذلك الذي يستمع الموسيقى والغناء، وكذلك الذي يأخذ الربا، ونحو ذلك، فهو يعلم من أحكام العلماء أن هذا حرام، وقد استقر ذلك في نفسه، فهو إن خالف يخالف وفي نفسه أنه عاصٍ، ومثل هذا ربما تكون توبته قريبة فيرجع إلى الحق ولو بعد حين، فقد ينزل به مرض، أو يرى رؤيا، أو يأتيه واعظ، أو يهتدي من أهله مهتدٍ فينصحه، أو تحصل له قصة أو موقف يكون فيه هدايته، وشأنه قريب؛ لأنه يعلم الحكم الشرعي وقد استقر في نفسه الحكم الشرعي ومضى على ذلك، فهو عاجلاً أو آجلاً تدركه التوبة إلا من لم يشأ الله له ذلك فيموت على المعصية لكنه يعتقد بالتحريم، فهذه قضية مهمة - أن يلقى الله وهو معتقد بالتحريم - فهو يقول في نفسه: اللهم هذا دينك، وهذا حكمك، غلبتني شهوتي، ووقعت في المعصية، فأمره إلى الله، لكن بعد الحملات الجديدة في الطعن في قضايا الحلال والحرام والتشكيك فيها صارت القضية عند الجيل الجديد - الذي لا يعرف العلماء القدامى أشدّ وأخطر -؛ لأنهم يقولون: أفتى فيها فلان، وسمته أنه من المفتين حيث قُدِّم إلينا على أنه مفتٍ، ويلبس لباس أهل العلم، وأنت يا أبي عندك الشيخ فلان الذي مات، والعالم فلان الذي رحل، وأنا عندي الشيخ فلان الذي أراه على الشاشة، والعلامة فلان الذي يظهر في الساحة، فجيلكم له علماء وجيلنا له علماء، وبالتالي لا تنكروا علينا أننا لا نتبع علماءكم!
مخاطر المؤامرة وخيمة
وهذه القضية أيها الإخوة جد خطيرة، أعني عندما ينشأ نشءٌ في الإسلام على هذه التيارات الجديدة، والانحرافات الجديدة، والأطروحات الجديدة، والتحريفات في الأحكام المستجدة.
ولا شك أن هذه قضية خطيرة جداً، فمن تأمل ما يمكن أن يؤول إليه الأمر في المستقبل بالنسبة لأبنائنا وبناتنا سيدرك الخطر الكبير خصوصاً أن منهم من يبتعث إلى الخارج فينقطع عن العالم الإسلامي، ويدخل في معترك جديد، ودوامة جديدة، ولا يكاد يسمع قال الله، قال رسوله، ولا يكاد يسمع أذاناً ولا تلاوة.
تفنيد الشبهات وبيان الحق واجب شرعي له نتائجه
نحن نعلم أن الله - عز وجل - مظهر دينه وأنه - سبحانه وتعالى - سيظهر الحق ((وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ))(سورة الصف:8)، لكن علينا أن نعمل، وأن نبيِّن، ونرد وندافع، ونوضح ونفنِّد الشبهات، ولذلك إذا ظهر من يطعن في أحكام الحجاب، أو الاختلاط، والغناء أو المعازف، أو الربا ونحو ذلك من الحملات الواضحة التي تتوالى وتطَّرد فلا بد أن يبين له بالدليل الشرعي.
وهذه الهجمات بالمناسبة يمكن أن تكون نافعة من جهة استعادة الوعي بالحكم الشرعي، ومن خلال المزيد من الاطلاع على الأدلة الواردة في هذا الحكم أو ذاك، وأيضاً من خلال إنعاش الذاكرة بسماع ما في كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - عن هذا الحكم الذي طعن فيه الطاعنون، قال الله تعالى: ((وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ))(سورة البقرة:216)، وقال تعالى: ((فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا))(سورة النساء:19) لذلك وإن كرهنا هذا الهجوم على الأحكام لكننا يمكن أن نتلمس من ورائه خيراً من خلال قيام أهل الحق بإعلان الحق مرة أخرى وثالثة ورابعة وخامسة، ومن خلال سرد الأدلة والآيات والأحاديث وكلام العلماء في الموضوع، والرد على الشبهات وترسيخ القضية، فربما تكون العودة إلى هذا الحكم - بهذه الطريقة، وفي هذه الآونة، وفي ظل هذه الظروف - أرسخ في النفوس وأعمق من مجرد تقليد أو متابعة عامَّة للعلماء كانت عند البعض في مرحلة سابقة.
القول بإباحة الغناء ظهر بموضة عصرية
تميزت الحملة الأخيرة بشراسة متناهية ووقاحة أيضاً، فالذين كانوا يتكلمون في الغناء والمعازف من قبل ربما لم يكن يجرؤ أحدهم أن يقول: إن الغناء بأي صوت جائز حتى لو كان بأصوات النساء البالغات، ولو قيل له: أيجوز ما يُصنع على الفيديو كليب بالمغنية الفلانية والمغنية الفلانية؟ لقال: أنا لا أقصد أن أصل إلى هذه الدرجة، أي أنه يمكن أن يتكلم ويعبث ضمن معازف من نوع معين، أو صوت من نوع معين، لكن لم تصل القضية إلى درجة الوقاحة بحيث يقال: الغناء مباح بكل صوت كان، وبأي أداة كانت، أعني أن هذه الإطلاقات بهذه الصراحة لم تكن معهودة من قبل.
كُتَّاب ومفتون تجديديون
استطاع أهل النفاق أن يوظفوا - بسوء نية أو بحسن نية من قِبَل بعض الناس - من يمدهم أو يقوم لهم بأبحاث فيها بعض المستندات التي تبدو شرعية للعامة - وهي عبارة عن شبهات ليس إلا - كي تبيح الحرام الذي يريدون المناداة به.
وبالمناسبة لا تكاد تجد فرقاً في كلام أهل النفاق ومسانديهم الجدد ممن يسمون أحياناً بالإسلام التنويري، أو الإسلام العلماني أو التجديديون أو الليبروإسلاميون الذين يجمعون بين الليبرالية والإسلام بجمع خطير جداً؛ لأن هذان الضدان لا يجتمعان أصلاً، لكن هكذا اقتضت الخطة الغربية للإسلام - اليهودية النصرانية الجديدة - وهي إيجاد توليفة من الإسلام والليبرالية للخروج بمولود مشوه كسيح - هو آيل للموت إن شاء الله - لهذا الإسلام الليبرالي المزعوم، فالمؤامرة الجديدة واضحٌ أن فيها استئجار أقلام ودفع أناس للكتابة بآيات وأحاديث ونقولات هي عبارة عن شبهات؛ وذلك بأن تكون تلك الأدلة غير صحيحة أصلاً، أو أنها لا تدل على المعنى الذي قصدوه أصلاً - يعني ليس هذا مراد الله ومراد رسوله منها أساساً - وهذا هو تحريف اليهود، لأن تحريف اليهود كان في اللفظ - حطَّة حنطة - وكان في المعنى أيضاً عندما حرفوا التفسير، فهو إما تحريف لفظي أو تحريف في قضية المعنى، أو عبارة عن شبهات وإيرادات عقلية من عقول مريضة فيها انحرافات.
لا كلام حول الخلاف السائغ
ونحن - أيها الأخوة - بهذا الكلام نستثني المسائل الخلافية الاجتهادية التي صار فيها خلاف بين الصحابة، أو التابعين، أو الأئمة الأربعة، ومن مضى من أهل العلم، فمثلاً: مسألة مسّ المرأة، ومسّ الذكر، وخروج الدم هل ينقض الوضوء أم لا؟ هذه ليست داخلة في كلامنا أصلاً، لأن هذه المسائل خلافية، ثم إنك لا تجد هؤلاء يدندنون حول هذا النوع من المسائل؛ فهذه المسائل لا تهم أهل العلمنة والنفاق أصلاً؛ لأنها لا تخدم مصالحهم، أما الربا، والطعن في أحكام المعازف والغناء ونحوها فهذه أمور تهدم النفوس وتلقي فها أنواعاً من الخنا والاستعداد لتلقي المعصية، وتدمر الأخلاق، وتدمر العفة، وتكون بوابة إلى الفواحش، وتصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وهكذا، فهذه مسائل تخدم أهدافهم.
حكم الغناء والمعازف في الكتاب والسنة
ومن الأطروحات المتأخرة جداً القول بإباحة الغناء بكل صوت وبكل آلة، ومعلوم أن الغناء والمعازف أمران مختلفان ولكنهما يقترنان، فالغناء بالصوت والمعازف بالآلة، قال الله تعالى: ((وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ))(سورة لقمان:6)، قال حبر الأمة ابن عباس - رضي الله عنهما -: "هو الغناء" ويقصد به الصوت، وفسر بعضهم لهو الحديث بالمعازف فقال مجاهد: "اللهو الطبل"، ومنهم من جمع بينهما في التفسير كما قال الحسن البصري: "نزلت هذه الآية في الغناء والمزامير" وهذا التفسير أشمل.
قال ابن القيم - رحمه الله -: "ويكفي تفسير الصحابة والتابعين للهو الحديث بأنه الغناء، فقد صح ذلك عن ابن عباس وابن مسعود - رضي الله تعالى عنهما -"، وقال ابن القيم - رحمه الله - أيضاً: "قال أبو الصهباء سألت ابن مسعود عن قوله تعالى: ((وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ))(سورة لقمان:6) فقال: "والله الذي لا إله غيره هو الغناء" يرددها ثلاث مرات، وصحّ عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أيضاً أنه الغناء.
ولهو الحديث الباطل في هذه الآية واضح أنه في مقابل ما جاء في الآية الأخرى، أعني قول الله تعالى: ((اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ))(سورة الزمر:23).
قال ابن كثير - رحمه الله - في قوله تعالى: ((وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ))(سورة لقمان:6): "عطف بذكر حال الأشقياء الذين أعرضوا عن الانتفاع بسماع كلام الله وأقبلوا على استماع المزامير والغناء بالألحان وآلات الطرب"[تفسير ابن كثير].
وقال الواحدي: أكثر المفسرين على أن المراد بلهو الحديث الغناء، ويدخل في هذا كل من اختار اللهو والغناء والمزامير والمعازف على القرآن.
وقال الله - سبحانه وتعالى -: ((وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ))(سورة الإسراء:64) قال المفسرون: إن صوت الشيطان الذي يستجلب به أولياءه هو الغناء.
وقال الله - سبحانه وتعالى - لكفار العرب وقريش: ((أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ* وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ* وَأَنتُمْ سَامِدُونَ))(سورة النجم:59-61)، قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: "السمود الغناء في لغة حمير، يقال: اسمدي لنا يعني غني"، وقال - رضي الله عنه -: "كانوا إذا سمعوا الغناء تغنوا" يعني كانوا يرفعون صوتهم بالغناء إذا سمعوا صوت القرآن ليصدوا أنفسهم عنه.
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيضاً: ((ليكوننَّ من أمتي أقوام يستحلُّون الحر والحرير والخمر والمعازف)) وهذا واضح في التحريم؛ لأنه عطفها على الخمر، وعلى الحر - الذي هو الزنا - وعلى الحرير - المحرم على الرجال - أي أنه لما كانت هذه الأشياء محرمة - كما هو معلوم - وعطف عليها المعازف بالذكر دلَّ ذلك تحريمها أيضاً.
فتاوى السلف لا تصادم النصوص الشرعية
قال شيخ الإسلام بن تيمية: "والمعازف هي آلات اللهو عند أهل اللغة، وهذا اسم يتناول هذه الآلات كلها" يعني أياً كانت، سواء ما يُضرب به، أو ينفخ فيه، أو يُعزف عليه.
وعن نافع - رحمه الله -: سمع ابن عمر مزماراً، قال فوضع أصبعيه على أذنيه ونأى عن الطريق، وقال لي: "يا نافع هل تسمع شيئاً؟" قلت لا، قال: فرفع أصبعيه من أذنيه وقال: "كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فسمع مثل هذا فصنع مثل هذا"[رواه أبو داود وهو حديث صحيح].
وسُئل مالك - رحمه الله - عن هذه القضية فقال: إذا الْتذَّه وجب عليه أن يغلق أذنيه، أو أن يتقدم، أو أن يتأخر، فإذا لم يلتذَّه فلا يجب عليه إغلاق أذنيه حينئذ، ويحمل فعل ابن عمر - رضي الله عنه - على الاستحباب؛ لأنه لم يأمر نافعاً بذلك.
وفرق بين السماع والاستماع، فإن كنت ماشياً في الطريق، أو تكون في مكان فيرتفع صوت موسيقي فلا يجب عليك إغلاق الأذنين إذا كنت مجرد سامع ولم تصل إلى مرتبة الاستماع، أما الاستماع فهو تقصد السماع.
والإمام مالك - رحمه الله - قصد بفتواه ألا يصل ذلك الصوت إلى قلب السامع؛ لأن اللذة مستقرها في القلب.
قال القاسم - رحمه الله -: "الغناء من الباطل"، وقال الحسن - رحمه الله -: "إن كان في الوليمة لهوٌ فلا دعوة لهم" يعني يسقط حقهم في الإجابة.
ومذهب الأئمة الأربعة أن آلات اللهو كلها حرام -كما ثبت في البخاري فيمن يستحل الحرى والحرير والخمر والمعازف - وقد ثبت في الحديث أن قوماً من هذه الأمة يبيتون على لهو ولعب وخمر ومعازف يمسخهم الله قردة وخنازير.
ونص الحنفية - رحمهم الله - في كتبهم على أن السماع فسق، كما نصوا هم وغيرهم على أن المستمع المتقصد تُرد شهادته.
وكلام مالك - رحمه الله - المتقدم نصُّه عند سؤال السائل عن ضرب الطبل والمزمار ينالك سماعه وتجد له لذة في طريق أو مجلس قال: "فليقم إذا التذَّ لذلك، إلا أن يكون جلس لحاجة، أو لا يقدر أن يقوم - يعني إن كان يسمعه من بعيد وليس شيئاً حاضراً أمامه - قال: وأما الطريق فليرجع أو يتقدم، وقال - رحمه الله -: إنما يفعله عندنا الفساق.
قال ابن عبد البر: "من المكاسب المجمع على تحريهما الربا، ومهور البغايا، والسحت، والرشا، وأخذ الأجرة على النياحة والغناء، وعلى الكهانة وإدعاء الغيب وأخبار السماء، وعلى الزمر واللعب الباطل كله".
والمقصود بأخبار السماء الكُهان الذين يدعون علم الغيب، والذين يوحون إلى أوليائهم في الأرض من العرَّافين ليخبروا الناس بأشياء من المغيبات، ويفتنوهم عن دينهم، وكثيراً ما يأخذون المال على ذلك.
قال ابن القيم - رحمه الله - في بيان مذهب الشافعي: "وصرح أصحابه العارفون بمذهبه بتحريم الغناء وأنكروا على من نسب إليه حلّه"، وقال صاحب كفاية الأخيار: "ولا يسقط عنه الإنكار بحضور فقهاء السوء فإنهم مفسدون للشريعة".
إذن: فقهاء السوء معروفون من قديم وقد كانوا يحضرون بعض المجالس إرضاء لبعض الناس، أو أنهم من أصحاب الهوى الذين يحضرون ليلتذُّون بذلك السماع.
وقال عبد الله بن الإمام أحمد: سألت أبي عن الغناء فقال: الغناء ينبت النفاق في القلب، ثم ذكر قول مالك: "إنما يفعله عندنا الفساق".
وقال ابن قدامة: "الملاهي ثلاثة أضرب: محرم، وهو ضرب الأوتار والنايات والمزامير كلها، والعود والطنبور والمعزفة والرباب ونحوها، فمن أدام استماعها رُدت شهادته.
وقال أيضاً: وإذا دُعي إلى وليمة فيها منكر كالخمر والزمر فأمكنه الإنكار حضر وأنكر؛ لأنه يجمع بين واجبين، وإن لم يمكنه لا يحضر.
قال الطبري - رحمه الله -: "فقد أجمع علماء الأمصار على كراهة الغناء والمنع منه" والمقصود بالكراهة هنا التحريم كما صرحوا في مواضع أخرى، وقد قال الله تعالى: ((كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيٍّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا))(سورة الإسراء:38) ومن المكروهات المعنية بالآية قتل الأولاد، فهي للتحريم بلا شك.
ومعلوم أن بعض العلماء يطلقون لفظ الكراهة ويريدون به التحريم، ويطلق بعضهم لفظ الكراهة ويريدون به مقابل الاستحباب، ومنهم من يطلق لفظ الكراهة التحريمية تفريقاً لها عن الكراهة الأخرى التي لا تصل إلى درجة التحريم.
وقال أبو الفرج: قال القفَّال: "لا تقبل شهادة المغني والرقاص"، وقال أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: لا يجوز صنع آلات الملاهي، وقال: آلات الملاهي مثل الطنبور يجب إتلافها عند أكثر الفقهاء، وهو مذهب مالك وأشهر الروايتين عند أحمد - رحمه الله تعالى -.
وقال ابن المنذر: اتفق العلماء على المنع من إجارة الغناء والنوح - يعني النائحة والنياحة - وقال: "أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إبطال النائحة والمغنية"، وقال شيخ الإسلام: "والمعازف خمر النفوس تفعل بالنفوس أعظم مما تفعل حميا الكؤوس" أي الخمر.
وأخرج ابن أبي شيبة - رحمه الله - أن رجلاً كسر طنبوراً لرجل فخاصمه إلى شريح يعني القاضي فلم يضمنه شيئاً، يعني لو كانت مباحة لضمنه القيمة ولألزمه بدفع ثمن ما أتلفه كما هي القاعدة في ضمان المتلفات، فلما لم يضمِّنه عرفنا أن هذه لا حرمة لها، وبالتالي فإن من أتلفها لا يغرم قيمتها.
وقال البغوي - رحمه الله -: "فإذا طمست الصور وغُيرّت آلات اللهو عن حالتها فيجوز بيع جواهرها وأصولها فضة كانت أو حديداً أو خشباً أو غيرها".
إذن: يجوز بيع خشب العود - مثلاً - ثم إن قوله هذا بعد قوله: "فإذا طمست الصور وغيرّت آلات اللهو عن حالتها" يعني أن آلة اللهو أصبحت مادة خام وليست آلة لهو، لكن يستثنى من هذا الفعل الدف بغير خلخال في الأعياد والنكاح للنساء كما دلت على ذلك السنة الصحيحة.
نسأل الله - عز وجل - أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، أقول قولي هذا، واستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لم يتخذ صاحبة ولا ولداً، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله الذي دعا إلى الله ولم يشرك به أحداً، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
شبهة داحضة
عباد الله:
يحاول الطاعنون في الأحكام الشرعية إيراد الإيرادات، وإطلاق الشبهات، والتشويش على الأحكام الشرعية، كما فعلوا في حديث الجاريتين في قول عائشة - رضي الله عنها - لما دخل عليها أبوها في العيد وعندها جاريتان تغنيان بما تقاولت به الأنصار يوم بُعاث، فقال أبو بكر - رضي الله عنه -: "أبمزمار الشيطان في بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟
وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معرضاً بوجهه عنهما مقبلاً بوجهه الكريم إلى الحائط، فقال: ((دعهما يا أبا بكر فإن لكل قوم عيداً وهذا عيدنا أهل الإسلام)).
والملاحظ أولاً: أن الحادثة ليس فيها معازف أصلاً، ومن زعم أن فيها معازف فليأت بالدليل.
ثانياً: أنها كانت في غناء جاريتين - يعني صغيريتين - وعائشة كانت تدخل عليها البنات من سنها وما قاربه، ونحن نقول: إن غناء البنات الصغيرات جائز، خصوصاً إذا كان في العيد، وهذا ثالثاً.
رابعاً: أن يكون بكلام مباح؛ فهاتان البنتان الصغيرتان كانتا تغنيان بدون معازف وبكلام مباح كما يدل على ذلك قوله: "بما تقاولت به الأنصار يوم بُعاث"، والذي تقاولت به الأنصار يوم بُعاث إنما كان شعراً عربياً، ولم يكن ألفاظ الحب والغرام ووصف العاشق والمعشوقة، وحاشا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقرَّ معزافاً يضرب بحضرته، أو يقر غناء نساء أجنبيات بالغات بحضرته، أو يقر كلاماً فاحشاً يغنَّى بحضرته.
فالمسألة سهلة إذن حيث صارت غناء بنتين صغيرتين بكلام مباح في يوم عيد مع عائشة، والنبي - عليه الصلاة والسلام – كان مولياً ظهره إلى الحائط أصلاً، فليس هو المقصود بهذا، وفرق كبير بين هذا وبين القول بغناء النساء البالغات بكلام الحب والغرام مع المعازف في غير العيد، فشتان بين هذا وهذا، ويتضح بذلك بطلان ما استدل به هؤلاء.
جواز ضرب الطبل في الحرب قولٌ لا وجه له
وقد استثنى بعضهم الطبل في الحرب وألحق به بعض المعاصرين الموسيقى العسكرية، ولا وجه لهذا البتة لأمور:
أولها: أنه تخصيص لأحاديث التحريم بدون مخصص، وإلا فهاتِ دليلاً على استثناء الطبل، هل ضرب أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بالطبل في يوم بدر؟ هل ضربوا بالطبل في يوم أحد؟ هل ضربوا بالطبل في الخندق؟ هل ضربوا بالطبل في فتح مكة؟ هل ضربوا بالطبل في حنين؟ هل ضربوا بالطبل في تبوك؟ هات دليلاً يستثني ذلك؟!
ثانيها: أن المشروع للمسلمين في المعارك ذكر الله وليس ضرب الطبل، قال الله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيرًا))(سورة الأنفال:45) وشتان بين هذا وهذا، ثم إذا كانت القضية أن يضرب المسلمون بالطبول فعند الكفار طبول أكبر، لو كانوا يعقلون.
مشغولون عن كبار العلماء بتلميع الشواذّ
عباد الله:
ما ضلَّ قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل والدجل أيضاً، وما يقوله هؤلاء اليوم هو جدل ودجل، حيث يجادلون بالباطل ليدحضوا به الحق، ومقالات المنافقين في الجرائد هي عبارة عن مجادلة بالباطل ليدحضوا بها الحق، وواضح جداً فرح المنافقين بكل لسان شاذ يخرج عن كلام العلماء، ويرد على العلماء، ويخالف العلماء.
واضح أن المنافقين لا يثنون على أهل العلم الراسخين الذين عرفناهم، ولا يشيدون بهم ولا ينقلون فتاواهم، فهل تراهم في مقالاتهم الأخيرة؟ هل فتحت جريدة فوجدت أن هؤلاء المنافقين إذا كتبوا يشيدون بالعلماء الكبار الذين رحلوا إلى الله ومن بقي على إثرهم وطريقتهم ومنهجهم؟ لا، هل ينقلون فتاواهم في تحريم شيء؟
لا، إذن: هم ينقلون فتاوى من؟ ويحتفون بكلام من؟
ينقلون ويحتفون بكلام من يخالف الراسخين في العلم، والله يقول: ((إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء))(سورة فاطر:28) فهؤلاء الذين يخشون الله، والذين يقولون كلمة الحق، والذين يصدعون بالأحكام الشرعية: قال الله، قال رسوله، لا ينقل لهم المنافقون نقولاً ولا كلاماً، لكن يفرحون وينقلون ويحتفون بكلام من خالفهم من الشاذين ممن يريد شهرة، أو يريد أن يلفت إليه الأنظار، أو يريد شيئاً طمعاً، أو يريد إرضاءً للبشر ومخالفة لرب البشر، أو من يكون ضعيف العقل ضعيف الحكمة - أما ضعيف العلم فهذه مفروغ منها - فالمنافقون يحتفون بهؤلاء الشاذين، ويحتفون بولد شيخ منحرف، وأخو شيخ منحرف، وواحد من أسرة علم منحرف، فيصدرونهم، ويجعلون لهم مقابلات في ظلمات بعضها فوق بعض، هكذا يقومون باستقطابهم وتلميعهم، وهذا هو شأن التحالف بين المنافقين والشاذين في الأشياء العلمية من خلال الاصطياد في الماء العكر، وتعكير الجو، والتلبيس على الناس بجعل العامة يقولون: احترنا! لا ندري أين الصواب! هؤلاء المشايخ مختلفين! الأحكام لُبِّست علينا! إذا كنت تقول: هذا حرام فهناك من يقول: هذا حلال! وهكذا.
الخطة يهودية نصرانية ومنفذها الأذيال
إن القضية هي خطة للتلبيس وإثارة الشبهات والشكوك حول الأحكام الشرعية التي استقرت عند العامة، وهذه الخطة لتشكيك الناس في دين الله هي خطة يهودية نصرانية بلا شك، وينفذها أعوانهم وأزلامهم وأتباعهم المنافقون الذين يسيرون على منوالهم والذين يتسابقون في إرضائهم، وهذه قضية واضحة جداً، بل هي أوضح من أن تحتاج إلى بيان، وقد صار عامة الناس يدركها ويدرك أبعادها، وصاروا يعرفون ويميزون عندما يقرؤون أن هذه القضية وراءها كذا ووراءها كذا، ولم تعد تخفى على صاحب عقل، أو صاحب لبٍّ أو صاحب ذكاء أو إنصاف؟
الحق أبلج والباطل لجلج
إن آيات الله - تبارك وتعالى - وأحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - تستقر في نفوس المؤمنين فيذعنون له - و - فالحق أبلج، والباطل لجلج، فالمسلم الذي يسمع حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين، صوت عند مصيبةٍ خمشِ وجوه وشقِ جيوب، ورنة شيطان))[رواه الترمذي وهو حديث حسن] يعرف ما هي رنة الشيطان؛ إذ ماذا يمكن أن يفهم من لفظة "رنة الشيطان" غير الغناء!
قال ابن القيم - رحمه الله -: "فانظر إلى هذا النهي المؤكد بتسمية صوت الغناء صوتاً أحمقاً، ولم يقتصر على ذلك حتى وصفه بالفجور، ولم يقتصر على ذلك حتى سماه رنَّة الشيطان".
وجاء في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - "أنه نهى عن الخمر والميسر والكوبة والغبيراء"، والغبيراء نوع من المسكر، والكوبة الطبل، قال الخطابي في "المعالم": "ويدخل في معناه كل وتر ومزهر ونحو ذلك من الملاهي.
وعن عمران بن حصين - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف)) فقال رجل من المسلمين: يا رسول الله، ومتى ذلك؟ قال: ((إذا ظهرت القينات والمعازف وشربت الخمور))[رواه الترمذي وهو حديث صحيح].
والقينات هنّ المغنيات، وقد ظهرن، بل ظهورهن واضح جداً الآن في الجوالات، وفي السنترالات، وفي المطاعم، وفي الأماكن العامة، وفي الإذاعات، وفي القنوات، وفي الشبكات.
هذه أقوال السلف في الغناء والمعازف.. فمن نتَّبع؟!
ومن أقوال الصحابة في الغناء والمعازف قول ابن مسعود - رضي الله عنه -: "الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل"، ومرَّ ابن عمر - رضي الله عنهما - بجارية صغيرة تغني فقال: "لو ترك الشيطان أحداً لترك هذه"، وقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: "الدف حرام، والمعازف حرام، والكوبة حرام، والمزمار حرام".
وعن أم علقمة أن بنات أخي عائشة خفضن - يعني اختتن - فقيل لعائشة: يا أم المؤمنين، ألا ندعو لهن من يلهيهن؟ - يعني عن ألم الختان - قالت: بلى، قال: فأرسلوا إلى فلان المغني فأتاهم - هذا مغنٍّ جاء ليغني بالصوت بدون معازف - فمرت به عائشة - رضي الله عنها - وهو في البيت فرأته من بعيد يتغنى ويحرك رأسه طرباً، وكان ذا شعر كثير، فقالت عائشة - رضي الله عنها -: "أفٍّ، شيطان، أخرِجُوه أخرِجوه" فأخرجوه[رواه البيهقي وهو حديث حسن].
وكتب عمر بن العزيز - رحمه الله - في رسالة إلى عمر بن الوليد: "وإظهارك المعازف والمزمار بدعة في الإسلام، ولقد هممت أن أبعث إليك من يجز جمَّتك جمة السوء" يعني الشعر الكثيف الذي على رأسه.
وكتب عمر بن عبد العزيز أيضاً بنفسه إلى مؤدب أولاده يقول: "وليكن أول ما يعتقدون من أدبك بغض الملاهي التي بدؤها من الشيطان وعاقبتها سخط الرحمن، فإنه بلغني عن الثقات من أهل العلم أن حضور المعازف واستماع الأغاني واللهج بها ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء العشب"، وحذَّر يزيد بن الوليد بني أمية من سبب من أسباب زوال ملكهم وهو هذه القضية.
عباد الله:
تتابعت أقوال المذاهب الأربعة وغيرهم على أن هذا محرم، وقد اجمعوا على ذلك، ولا يخالف في هذا إلا سقطة أو شذوذ، فإذن: القضية واضحة ومعروفة.
ديننا الإسلامي سيبقى عزيزاً
ونعيد التأكيد على أن الحرب على الأحكام الآن والتشكيك في المسلمات التي استقرت عند العامة من أقوال علمائهم السابقين ومن ساروا على طريقهم قائمة بهذا التتابع باستئجار ناس عندهم مسحة شرعية، وعبر استكتابات فيها تشويش وإثارة شبهات بذكر أدلة غير صحيحة، أو ليس المراد منها ما يقرّرون، وهكذا الحرب قائمة بإطلاق التصريحات والاحتفاء بها وإعلانها، فهذا كله ضمن المخطط في التشويش على دين الناس، لكن أن عامة المسلمين أوعى وأذكى وأفهم من أن تمر عليهم مثل هذه المؤامرة، فهذه المؤامرة ستنقضي – بإذن الله - كما انقضت غيرها ولا يضر الإسلام - ولله الحمد - كيد الأعداء بل سيبقى الدين عزيزاً شامخاً، ((وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)) (سورة الصف:8).
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز أهل الإسلام يا رب العالمين، وارفع لواء السنة في العالمين، وأنصر من حمل الدين.
اللهم إنا نسألك يوماً قريباً تعز فيه دينك وأولياءك وحزبك يا رب العالمين، اللهم من أراد ديننا بسوء فامكر به، اللهم من أراد ديننا بسوء فاقمعه واخذله، اللهم إنا نسألك النصر العاجل لأهل الإسلام، ونسألك الأمن لبلادنا وبلاد المسلمين، اللهم من أراد بلدنا بسوء فامكر به وابطش يا رب العالمين، اللهم من أراد أمننا وإيماننا بسوء فاخذله واقطع دابره، اللهم إنا نسألك الثبات حتى نلقاك، اللهم أحسن خاتمتنا، واغفر ذنوبنا، واقض ديوننا، واهدِ ضالَّنا، واشف مرضانا، وارحم موتانا، يا أرحم الراحمين.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، و رب العالمين.