القائل: "فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ".
والقائل: "فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا".
وصلى الله وسلم على نبينا القائل: "كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى. قيل: ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى". والقائل: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد".
وفي رواية لمسلم: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد".
ورحم الله مالكاً القائل: "لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها".
أما بعد:
أولاً: فقد ورد في فضل سورة الكهف ما يأتي:
1.خرج مسلم في صحيحه5 عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عُصِم من الدجال" وفي رواية: "من آخر الكهف".
2. وعن النواس بن سمعان - رضي الله عنه - يرفعه: "فمن أدركه ـ يعني الدجال ـ فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف"6.
3. وعن البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال: "بينما رجل يقرأ سورة الكهف، إذ رأى دابته تركض، فنظر، فإذا مثل الغمامة ـ أو السحابة ـ فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له؟! فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: تلك السكينة نزلت مع القرآن ـ أو نزلت على القرآن ـ"7.
4. روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة، سطع له نور من تحت قدمه إلى عَنَان السماء يضيء به يوم القيامة، وغفر له ما بين الجمعتين"8.
قال ابن القيم بعد إيراده هذا الحديث: "وذكره سعيد بن منصور من قول أبي سعيد الخدري وهو أشبه"9.
فقد رجح الموقوف على أبي سعيد المعروف، وأبو سعيد - رضي الله عنه - لا يقول مثل هذا الكلام من عنده ما لم يكن سمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد أشار إلى ذلك محققاً الكتاب.
ثانياً: قراءة سورة الكهف جماعة ليلة الجمعة ويومها
لم يثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وصحبه الكرام، والسلف العظام، والأئمة المفتدى بهم أنهم كانوا يقرأون سورة الكهف أو بعضها جماعة ليلة الجمعة أو يومها ولا بعضاً منها.
فالخير كل الخير في الاتباع والشر الذي ليس بعده شر في الابتداع، ورحم الله مالكاً حيث كان كثيراً ما يردد:
وخير أمور الدين ما كان سنة *** وشر الأمور المحدثـات البدائع
وعليه فعلينا أن نكتفي بحفظ وقراءة ما صح به الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من سورة الكهف فنسلم ولا نتعدى ذلك بقراءتها جماعة لعدم وجود الدليل على ذلك من صاحب الشريعة لأن العبادات توقيفية.
والله نسأل أن يرينا وجميع إخواننا المسلمين الحق حقاً ويرزقنا إتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وأن يؤلف بين قلوبنا، وينزع عنها الغل والحسد والضغائن إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله وسلم على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه الطاهرين الطيبين وعلى من اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم يا أرحم الراحمين.