قال فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -:
وشهر رجب هو أحد الأشهر الأربعة الحرم، والأشهر الأربعة الحرم هي: ذو القعدة، وذو الحجة، ومحرم، ورجب، كما قال - تعالى -: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ).
وقد ورد في هذا الشهر صلوات وأذكار لكنها ضعيفة لا تثبت بـها حجـة، ولا تثبت بـها سُنّـة وإذا ثبت ذلك فإنه لا يجوز للإنسان أن يقول: هذا شهرٌ محرم سأزيد فيه من صلاتي وسأزيد فيه من ذِكْرِي، وأزيد فيه من صيامي أو ما أشبه ذلك.
لمــاذا لا يجــوز؟
لأن النبي صلى الله عليه على آله وسلم أدرك هذا الشهر.
أليس كذلك؟
هل زاد فيه على غيره؟
لا.
إذا لم يزد فيه على غيره فليس من حقنا أن نقول إنه شهرٌ محرم نزيد فيه على غيره؛ لأننا نحن متّبعون ولسنا مبتدعين. ولو أن إنساناً اتّبع - فيما يتقرّب فيه إلى الله - اتّبع ذوقـه أو اتّبع رأيه لأصبح بلا دِيْن، لأنه إنما يتّبع هواه لقوله - تعالى -: (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).
إذاً علينا أن لا نخص شهر رجب إلا بما خصّـه الله به ورسوله، أنّه شهر محرم يتأكّد فيه اجتناب المحرمات، وأنه لا يحل فيه القتال مع الكفار، فإنه شهرٌ محرم، والأشهر الحُرُم لا قتال فيها إلا إذا بدؤونا بالقتال، أو كان ذلك سلسلة قتالية امتدّت إلى الشهر المحرم.
كذلك نحن الآن في النصف الأخير من شهر رجب مقبلون على شهر شعبان.
فهل لشهر شعبان مزيّـة على غيره؟
الجواب: نعـم، فيه مَزِيّـة على غيره في الصيام فقط، فإن النبي صلى الله عليه على آله وسلم كان يُكثر من صيامـه حتى كان يصومـه كلّه إلا قليلاً منه، فإكثار الصيام في شعبان من السُّـنّـة، أما في رجب فـلا.
انتهى كلامه - رحمه الله - وأسكنه فسيح جناته.
اللقاء الشهري رقم (40)
والله أعلم.