قال -تعالى-: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الحَقِّ وَلاَ يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ).
عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: "ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله بهذه الآية إلا أربع سنين، فجعل ينظر بعضنا إلى بعض ويقول: ما أحدثنا؟!"، قال الحسن: " استبطأهم، وهم أحب خلقه إليه"،وروي أن المزاح والضحك كثر في أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما ترفهوا بالمدينة فنزلت الآية.
قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "إن الله استبطأ قلوب المؤمنين فعاتبهم على رأس ثلاث عشرة سنة من نزول القرآن"، وقيل: نزلت في المنافقين، وقيل أيضا: هذا الخطاب لمن آمن بموسى وعيسى، ولم يؤمن بمحمد صلى الله عليهم وسلم؛ لأنه قال عقيب هذا: (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ) أي: ألم يأن للذين آمنوا بالتوراة والإنجيل أن تلين قلوبهم للقرآن، وألا يكونوا كمتقدمي قوم موسى وعيسى، إذ طال عليهم الأمد بينهم وبين نبيهم فقست قلوبهم، وفي الآيات نهي عن التشبه بأهل الكتاب من اليهود والنصارى، وزجر عن الكفر والمعاصي وكل أسباب قسوة القلوب (وَلاَ يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ)
قال محمد ابن كعب: " كان الصحابة بمكة مجدبين، فلما هاجروا أصابوا الريف والنعمة، ففتروا عما كانوا فيه، فقست قلوبهم، فوعظهم الله، فأفاقوا"، وقال مالك: "بلغني أن عيسى -عليه السلام- قال لقومه: لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فتقسوا قلوبكم، ولا تنظروا في ذنوب الناس كأنكم أرباب، وانظروا فيها، أو قال في ذنوبكم كأنكم عبيد، فإنما الناس رجلان: معافى، ومبتلى، فارحموا أهل البلاء، واحمدوا الله على العافية".
وقد جعل الله كتابه شفاء لما في الصدور، وهدى ورحمة للمؤمنين وقال -سبحانه-: (لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا القُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)، فإذا شكوت يوما قسوة قلبك فلذ بالذكر، واطلع في القبور، واشهد الموتى، وأكثر من ذكر هاذم اللذات، واعلم أن الله قادر على إحياء قلبك بعد مواته، وقد فتح أمامك أبواب الرجاء فقال -سبحانه-: (اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا)، فاضرع إليه -سبحانه-، وتذكر أن هذه الآيات كانت سبباً في توبة الفضيل بن عياض وعبد الله ابن المبارك -رحمهما الله-، فإن عبد الله ابن المبارك لما سئل عن بدء زهده قال: " كنت يوما مع إخواني في بستان لنا، وذلك حين حملت الثمار من ألوان الفاكهة، فأكلنا وشربنا حتى الليل فنمنا، وكنت مولعاً بضرب العود والطنبور، فقمت في بعض الليل فضربت بصوت يقال له: راشين السحر، وأراد سنان يغني، وطائر يصيح فوق راسي على شجرة، والعود بيدي لا يجيبني على ما أريد، وإذا به ينطق كما ينطق الإنسان ويقول: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الحَقِّ)، قلت بلى والله، وكسرت العود، وصرفت من كان عندي، فكان هذا أول زهدي وتشميري" ذكره القرطبي.
وأما الفضيل بن عياض، فكان سبب توبته أنه عشق جارية فواعدته ليلاً، فبينما هو يرتقي الجدران إليها إذ سمع قارئا يقرأ: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ)، فرجع القهقرى وهو يقول: قد آن، فآواه الليل إلى خربة وفيها جماعة من السائلة، وبعضهم يقول لبعض: إن فضيلاً يقطع الطريق، فقال الفضيل: أواه، أراني بالليل أسعى في معاصي الله، وقوم من المسلمين يخافونني، اللهم إني قد تبت إليك، وجعلت توبتي جوار بيتك الحرام"
عباد الله: آن للقلوب أن تخشع، وللعيون أن تدمع.
عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: "ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله بهذه الآية إلا أربع سنين، فجعل ينظر بعضنا إلى بعض ويقول: ما أحدثنا؟!"، قال الحسن: " استبطأهم، وهم أحب خلقه إليه"،وروي أن المزاح والضحك كثر في أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما ترفهوا بالمدينة فنزلت الآية.
قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "إن الله استبطأ قلوب المؤمنين فعاتبهم على رأس ثلاث عشرة سنة من نزول القرآن"، وقيل: نزلت في المنافقين، وقيل أيضا: هذا الخطاب لمن آمن بموسى وعيسى، ولم يؤمن بمحمد صلى الله عليهم وسلم؛ لأنه قال عقيب هذا: (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ) أي: ألم يأن للذين آمنوا بالتوراة والإنجيل أن تلين قلوبهم للقرآن، وألا يكونوا كمتقدمي قوم موسى وعيسى، إذ طال عليهم الأمد بينهم وبين نبيهم فقست قلوبهم، وفي الآيات نهي عن التشبه بأهل الكتاب من اليهود والنصارى، وزجر عن الكفر والمعاصي وكل أسباب قسوة القلوب (وَلاَ يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ)
قال محمد ابن كعب: " كان الصحابة بمكة مجدبين، فلما هاجروا أصابوا الريف والنعمة، ففتروا عما كانوا فيه، فقست قلوبهم، فوعظهم الله، فأفاقوا"، وقال مالك: "بلغني أن عيسى -عليه السلام- قال لقومه: لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فتقسوا قلوبكم، ولا تنظروا في ذنوب الناس كأنكم أرباب، وانظروا فيها، أو قال في ذنوبكم كأنكم عبيد، فإنما الناس رجلان: معافى، ومبتلى، فارحموا أهل البلاء، واحمدوا الله على العافية".
وقد جعل الله كتابه شفاء لما في الصدور، وهدى ورحمة للمؤمنين وقال -سبحانه-: (لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا القُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)، فإذا شكوت يوما قسوة قلبك فلذ بالذكر، واطلع في القبور، واشهد الموتى، وأكثر من ذكر هاذم اللذات، واعلم أن الله قادر على إحياء قلبك بعد مواته، وقد فتح أمامك أبواب الرجاء فقال -سبحانه-: (اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا)، فاضرع إليه -سبحانه-، وتذكر أن هذه الآيات كانت سبباً في توبة الفضيل بن عياض وعبد الله ابن المبارك -رحمهما الله-، فإن عبد الله ابن المبارك لما سئل عن بدء زهده قال: " كنت يوما مع إخواني في بستان لنا، وذلك حين حملت الثمار من ألوان الفاكهة، فأكلنا وشربنا حتى الليل فنمنا، وكنت مولعاً بضرب العود والطنبور، فقمت في بعض الليل فضربت بصوت يقال له: راشين السحر، وأراد سنان يغني، وطائر يصيح فوق راسي على شجرة، والعود بيدي لا يجيبني على ما أريد، وإذا به ينطق كما ينطق الإنسان ويقول: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الحَقِّ)، قلت بلى والله، وكسرت العود، وصرفت من كان عندي، فكان هذا أول زهدي وتشميري" ذكره القرطبي.
وأما الفضيل بن عياض، فكان سبب توبته أنه عشق جارية فواعدته ليلاً، فبينما هو يرتقي الجدران إليها إذ سمع قارئا يقرأ: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ)، فرجع القهقرى وهو يقول: قد آن، فآواه الليل إلى خربة وفيها جماعة من السائلة، وبعضهم يقول لبعض: إن فضيلاً يقطع الطريق، فقال الفضيل: أواه، أراني بالليل أسعى في معاصي الله، وقوم من المسلمين يخافونني، اللهم إني قد تبت إليك، وجعلت توبتي جوار بيتك الحرام"
عباد الله: آن للقلوب أن تخشع، وللعيون أن تدمع.