![]() * ثم يتجه المسلم إلى الصفا ، ويستحب له أن يقرأ إذا قرب منه قوله تعالى : { إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوْ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ } 20. ويقول ( نبدأ بما بدأ الله به ) ثم يستحب له أن يرقى على الصفا فيستقبل القبلة ويرفع يديه [ كما في صورة 5 ] ، ويقول – جهراً - : ( الله أكبر الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، لا إله إلا الله وحده ، أنجز وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ) ثم يدعو – سراً – بما شاء ، ثم يعيد الذكر السابق ، ثم يدعو ثانية ثم يعيد الذكر السابق مرة ثالثة ولا يدعو بعده 21. * ثم ينزل ويمشي إلى المروة ، ويسن له أن يسرع في مشيه فيما بين العلمين الأخضرين في المسعى ، فإذا وصل المروة استحب له أن يرقاها ويفعل كما فعل على الصفا من استقبال القبلة ورفع اليدين والذكر والدعاء السابق . وهكذا يفعل في كل شوط . أما في نهاية الشوط السابع من السعي فإنه لا يفعل ما سبق . * ليس للسعي ذكر خاص به . ولكن يشرع للمسلم أن يذكر الله ويدعوه بما شاء ، وإن قرأ القرآن فلا حرج . * يستحب أن يكون المسلم متطهراً أثناء سعيه . * إذا أقيمت الصلاة وهو يسعى فإنه يصلي مع الجماعة ثم يكمل سعيه . * ثم إذا فرغ المسلم من سعيه فإنه يحلق شعر رأسه أو يقصره ، والتقصير هنا أفضل من الحلق ، لكي يحلق شعر رأسه في الحج . * لابد أن يستوعب التقصير جميع أنحاء الرأس ، فلا يكفي أن يقصر شعر رأسه من جهة واحدة . * المرأة ليس عليها حلق ، وإنما تقصر شعر رأسها بقدر الأصبع من كل ظفيرة أو من كل جانب ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( ليس على النساء حلق إنما على النساء التقصير )22 . * ثم بعد الحلق أو التقصير تنتهي أعمال العمرة ، فيحل المسلم إحرامه إلى أن يحرم بالحج في يوم ( 8 ذي الحجة ) . إذا كان يوم ( 8 ذي الحجة ) وهو المسمى يوم التروية أحرم المسلم بالحج من مكانه الذي هو فيه وفعل عند إحرامه بالحج كما فعل عند إحرامه بالعمرة من الاغتسال والتطيب و .... الخ ، ثم انطلق إلى منى فأقام بها وصلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ، يصلي كل صلاة في وقتها مع قصر الرباعية منها ( أي يصلي الظهر والعصر والعشاء ركعتين ) . |
* فإذا طلعت شمس يوم ( 9 ذي الحجة وهو يوم عرفة ) توجه إلى عرفة ، ويسن له أن ينزل بنمرة ( وهي ملاصقة لعرفة ) [ كما في صورة 6 ]، ويبقى فيها إلى الزوال ثم يخطب الإمام أو من ينوب عنه الناسَ بخطبة تناسب حالهم يبين لهم فيها ما يشرع للحجاج في هذا اليوم وما بعده من أعمال ، ثم يصلي الحجاج الظهر والعصر قصراً وجمعاً في وقت الظهر ، ثم يقف الناس بعرفة ، وكلها يجوز الوقوف بها إلا بطن عُرَنة ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( عرفة كلها موقف وارفعوا عن بطن عُرَنة )23 ، ولكن يستحب للحاج الوقوف خلف جبل عرفة مستقبلاً القبلة [ كما في صورة 7 ]، لأنه موقف النبي صلى الله عليه وسلم 24، إن تيسر ذلك . ويجتهد في الذكر والدعاء المناسب ، ومن ذلك ما ورد في قوله صلى الله عليه وسلم : ( خير الدعاء دعاء يوم عرفة ، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير ) 25. ![]() |
االتروية : سمي بذلك لأن الناس كانوا يتروون فيه من الماء ، لأن منى لم يكن بها ماء ذلك الوقت بطن عُرَنة : وهو وادي بين عرفة ومزدلفة [ كما في صورة 6 ] جبل عرفة : ويسمى خطأ ( جبل الرحمة ) وليست له أي ميزة على غيره من أرض عرفة ، فينبغي عدم قصد صعوده أو التبرك بأحجاره كما يفعل الجهال . | ![]() |
* يستحب للحاج أن يكون وقوفه بعرفة على دابته ، لأنه صلى الله عليه وسلم وقف على بعيره 26، وفي زماننا هذا حلت السيارات محل الدواب ، فيكون راكباً في سيارته ، إلا إذا كان نزوله منها أخشع لقلبه . * لا يجوز للحاج مغادرة عرفة إلى مزدلفة قبل غروب الشمس . * فإذا غربت الشمس سار الحجاج إلى مزدلفة بسكينة وهدوء وأكثروا من التلبية في طريقهم ، فإذا وصلوا مزدلفة صلوا بها المغرب ثلاث ركعات والعشاء ركعتين جمعاً ، بأذان واحد ويقيمون لكل صلاة ، وذلك عند وصولهم مباشرة دون تأخير ( وإذا لم يتمكنوا من وصول مزدلفة قبل منتصف الليل فإنهم يصلون المغرب والعشاء في طريقهم خشية خروج الوقت ) . ثم يبيت الحجاج في مزدلفة حتى يصلوا بها الفجر ، ثم يسن لهم بعد الصلاة أن يقفوا عند المشعر الحرام مستقبلين القبلة ، مكثرين من ذكر الله والدعاء مع رفع اليدين ، إلى أن يسفروا – أي إلى أن ينتشر النور – [ أنظر صورة 6 ] لفعله صلى الله عليه وسلم 27. * يجوز لمن كان معه نساء أو ضَعَفة أن يغادر مزدلفة إلى منى إذا مضى ثلثا الليل تقريباً ، لقول ابن عباس رضي الله عنهما : ( بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في الضَعَفة من جمع بليل ) 28 . * مزدلفة كلها موقف ، ولكن السنة أن يقف بالمشعر الحرام كما سبق ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( وقفت هاهنا ومزدلفة كلها موقف ) 29 . ثم ينصرف الحجاج إلى منى مكثرين من التلبية في طريقهم ، ويسرعون في المشي إذا وصلوا وادي مُحَسِّر ، ثم يتجهون إلى الجمرة الكبرى ( وهي جمرة العقبة ) ويرمونها بسبع حصيات ( يأخذونها من مزدلفة أو منى حسبما تيسر ) كل حصاة بحجم الحمص تقريباً [ كما في صورة 8 ] |
![]() | المشعر الحرام : وهو الآن المسجد الموجود بمزدلفة ( كما في صورة 6 ) جمع : جمع هي مزدلفة ، سميت بذلك لأن الحجاج يجمعون فيها صلاتي المغرب والعشاء . وادي مُحَسِّر : وهو وادي بين منى ومزدلفة ( كما في صورة 6 ) وسمي بذلك لأن فيل أبرهة حَسَرَ فيه ، أي وقف ، فهو موضع عذاب يسن الإسراع فيه . |
يرفع الحاج يده عند رمي كل حصاة قائلاً : ( الله أكبر ) ، ويستحب أن يرميها من بطن الوادي ويجعل مكة عن يساره ومنى عن يمينه [ كما في صورة 9] ، لفعله صلى الله عليه وسلم 30. ولا بد من وقوع الحصى في بطن الحوض – ولا حرج لو خرجت من الحوض بعد وقوعها فيه – أما إذا ضربت الشاخص المنصوب ولم تقع في الحوض لم يجزئ ذلك . * ثم بعد الرمي ينحر الحاج ( الذي من خارج الحرم ) هديه ، ويستحب له أن يأكل منه ويهدي ويتصدق . ويمتد وقت الذبح إلى غروب الشمس يوم ( 13 ذي الحجة ) مع جواز الذبح ليلاً ، ولكن الأفضل المبادرة بذبحه بعد رمي جمرة العقبة يوم العيد ، لفعله صلى الله عليه وسلم . ( وإذا لم يجد الحاج الهدي صام 3 أيام في الحج ويستحب أن تكون يوم 11 و 12 و 13 و 7 أيام إذا رجع إلى بلده ) . | ![]() |
ثم
بعد ذبح الهدي يحلق الحاج رأسه أو يقصر منه ، والحلق أفضل من
التقصير ، لأنه صلى الله عليه وسلم دعا للمحلقين بالمغفرة 3 مرات
وللمقصرين مرة واحدة 31.
*
بعد رمي جمرة العقبة والحلق أو التقصير يباح للحاج كل شيء حرم عليه
بسبب الإحرام إلا النساء ، ويسمى هذا التحلل ( التحلل الأول ) ، ثم
يتجه الحاج – بعد أن يتطيب – إلى مكة ليطوف بالكعبة طواف الإفاضة
المذكور في قوله تعالى : { ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم
وليَطوّفوا بالبيت العتيق }
32.
لقول عائشة رضي الله عنها : ( كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه
وسلم لحله قبل أن يطوف بالبيت )
33
، ثم يسعى بعد هذا الطواف سعي الحج .
وبعد هذا الطواف يحل للحاج كل شيء حرم عليه بسبب الإحرام حتى
النساء ، ويسمى هذا التحلل ( التحلل التام ) .
*
الأفضل للحاج أن يرتب فعل هذه الأمور كما سبق ( الرمي ثم الحلق أو
التقصير ثم الذبح ثم طواف الإفاضة ) ، لكن لو قدم بعضها على بعض
فلا حرج .
*
ثم يرجع الحاج إلى منى ليقيم بها يوم ( 11 و 12 ذي الحجة بلياليهن
) إذا أراد التعجل ( بشرط أن يغادر منى قبل الغروب ) ، أو يوم ( 11
و 12 و 13 ذي الحجة بلياليهن ) إذا أراد التأخر ، وهو أفضل من
التعجل ، لقوله تعالى { فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر
فلا إثم عليه لمن اتقى }34.
ويرمي في كل يوم من هذه الأيام الجمرات الثلاث بعد الزوال
35
مبتدئاً بالصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى ، بسبع حصيات لكل جمرة ، مع
التكبير عند رمي كل حصاة .
ويسن له بعد أن يرمي الجمرة الصغرى أن يتقدم عليها في مكان لا
يصيبه فيه الرمي ثم يستقبل القبلة ويدعو دعاء طويلاً رافعاً يديه
[ كما في صورة 10 ]
، ويسن أيضاً بعد أن يرمي الجمرة الوسطى أن يتقدم عليها ويجعلها عن
يمينه ويستقبل القبلة ويدعو دعاء طويلاً رافعاً يديه
[ كما في صورة 10]
أما الجمرة الكبرى ( جمرة العقبة ) فإنه يرميها ولا يقف يدعو ،
لفعله صلى الله عليه وسلم ذلك
36.

*بعد
فراغ الحاج من حجه وعزمه على الرجوع إلى أهله فإنه يجب عليه أن
يطوف ( طواف الوداع ) ثم يغادر مكة بعده مباشرة ، لقول ابن عباس
رضي الله عنهما : ( أمِر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت ، إلا أنه
خُفف عن المرأة الحائض ) 37
، فالحائض ليس عليها طواف وداع .
*
مسائل متفرقة :
* يصح حج الصغير الذي لم
يبلغ ، لأن امرأة رفعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم صبياً فقالت :
يا رسول الله ألهذا حج ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : ( نعم ، ولك
أجر ) 38،
ولكن لا تجزئه هذه الحجة عن حجة الإسلام ، لأنه غير مكلف ، ويجب
عليه أن يحج فرضه بعد البلوغ .
*
يفعل ولي الصغير ما يعجز عنه الصغير من أفعال الحج ، كالرمي ونحوه
.
*
الحائض تأتي بجميع أعمال الحج غير أنها لا تطوف بالبيت إلا إذا
انقطع حيضها و اغتسلت ، ومثلها النفساء .
*
يجوز للمرأة أن تأكل حبوب منع العادة لكي لا يأتيها الحيض أثناء
الحج .
*
يجوز رمي الجمرات عن كبير السن وعن النساء إذا كان يشق عليهن ،
ويبدأ الوكيل برمي الجمرة عن نفسه ثم عن موُكله . وهكذا يفعل في
بقية الجمرات .
*
من مات ولم يحج وقد كان مستطيعاً للحج عند موته حُج عنه من تركته ،
وإن تطوع أحد أقاربه بالحج عنه فلا حرج .
*
يجوز لكبير السن والمريض بمرض لا يرجى شفاؤه أن ينيب من يحج عنه ،
بشرط أن يكون هذا النائب قد حج عن نفسه .
*
محظورات الإحرام :
لا يجوز للمحرم أن يفعل هذه
الأشياء :
1-
أن يأخذ شيئاً من شعره أو أظافره .
2-
أن يتطيب في ثوبه أو بدنه .
3-
أن يغطي رأسه بملاصق ، كالطاقية
والغترة ونحوها .
4-
أن يتزوج أو يُزَوج غيره ، أو يخطب .
5-
أن يجامع .
6-
أن يباشر ( أي يفعل مقدمات الجماع من اللمس والتقبيل ) بشهوة .
7-
أن يلبس الذكر مخيطاً ، وهو ما فُصّل على مقدار البدن أو العضو ،
كالثوب أو الفنيلة أو السروال ونحوه ، وهذا المحظور خاص بالرجال –
كما سبق - .
8-
أن يقتل صيداً برياً ، كالغزال والأرنب والجربوع ، ونحو ذلك .
*
من فعل شيئاً من هذه المحظورات جاهلاً أو ناسياً أو مُكرهاً فلا
إثم عليه ولا فدية .
*
أما من فعلها متعمداً – والعياذ
بالله – أو محتاجاً لفعلها : فعليه أن يسأل العلماء ليبينوا له ما
يلزمه من الفدية .
*
تنبيه : من ترك شيئاً من
أعمال الحج الواردة في هذه المطوية فعليه أن يسأل العلماء ليبينوا
له ما يترتب على ذلك .
والله أعلم وصلى
الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
راجعها فضيلة
الشيخ العلامة
عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين